الانسداد السياسي هو الأقوى في العراق، والخلاص منه يبدو أنه لن يتحقق إلا بكسر العظم بين “التيار” و”الإطار”، غير أن أربيل ترى عكس ذلك، فما الذي طرحته وحذرت منه؟

رئيس إقليم كردستان، نيحرفان بارزاني بحث الوضع السياسي والأزمة الراهنة في العراق، اليوم الأربعاء، مع واشنطن، عبر استقباله مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، باربارا ليف، إضافة للسفيرة الأميركية لدى بغداد، ألينا رومانوسكي.

بارزاني أكد للدبلوماسية الأميركية، حسب بيان لمكتبه الإعلامي، على أن مشاكل العراق لن تحل بتهميش أي قوة أو طرف سياسي ويجب أن تتوصل مكونات العراق من خلال الحوار والتفاهم إلى أسلوب للتعايش بينها.

وأشار بارزاني، إلى أن حل مشاكل أربيل-بغداد ووجود قوانين لتوزيع العائدات وللنفط والغاز، المفتاح لحل مشاكل العراق واستتباب الأمن والاستقرار في البلاد.

الحل بالحوار

خلال لقاء بارزاني وليف، جرى التباحث حول علاقات العراق وإقليم كردستان مع الدول المجاورة، والأوضاع الداخلية لإقليم كردستان وأهمية وحدة صف الأطراف الكردستانية، والأوضاع في المنطقة بصورة عامة.

كما شدّد رئيس إقليم كردستان، على أن العراق بحاجة إلى الحوار والتفاهم بين الأطراف السياسية والمكونات، وإلى مساعدة الدول الصديقة لدفعه نحو إنهاء الأزمة الراهنة.

من جهتها، نقلت ليف عن الرئيس الأميركي جو بايدن، تأكيد التزام أميركا بعلاقاتها مع العراق وإقليم كردستان، والدعم الكامل لاستتباب الأمن والاستقرار السياسي في العراق، بحسب البيان.

وتأتي زيارة ليف إلى أربيل، ضمن جولتها المكوكية في العراق، في محاولة منها لدفع الفرقاء السياسيين بالعراق لحل الأزمة السياسية الراهنة بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”، بعد لقائها بعدة قيادات ومسؤولين عراقيين.

وفي 30 تموز/ يوليو الماضي، اشتدّت الأزمة السياسية العراقية، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

عنف مسلّح

العاصمة العراقية بغداد، شهدت في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام آنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

وتأتي الأزمة السياسية العراقية، نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

استمرار الأزمة

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.