في زيارة هي الأولى من نوعها، وصل البابا فرنسيس عصر يوم الخميس إلى البحرين، في زيارة تستمر أربعة أيام، يلتقي خلالها بملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وكبار المسؤولين والدبلوماسيين.

والزيارة هي الأولى للحبر الأعظم إلى المملكة الخليجية الصغيرة، يخصص الجزء الأكبر منها للتأكيد على أهمية الحوار بين الأديان، وكانت طائرة البابا قد وصلت إلى قاعدة الصخير الجوية في منطقة العوالي في جنوبي البحرين، عند الساعة 16:40 بالتوقيت المحلي (13,40بتوقيت غرينتش).

البابا يعتزم خلال زيارته التي تستمر حتى الأحد إلقاء سبعة خطابات، على أن يشارك بشكل خاص في ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، الذي افتُتح أعماله صباح الخميس.

البحرين أكدت إن منتدى الأديان الذي تستضيفه خلال زيارة البابا يهدف إلى “تعزيز قيم السلام والتسامح“، بما في ذلك الحوار لتعزيز التعايش، في حين كان البابا قد قال في منشور على تويتر، الأربعاء الماضي، “أغادر غدا (الخميس) في رحلة رسولية إلى مملكة البحرين، رحلة تحت راية الحوار. سأشارك في منتدى يركز على حاجة الشرق والغرب الملحّة من أجل التقارب بينهما لخير التعايش الإنساني

حول رسائل هذه الزيارة التاريخية، أكد “مجلس الشورى” البحريني أن زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، سيكون لها أثر كبير في مستقبل العلاقات وتحقيق التقارب بين الأديان، على مستوى العالم، وستسهم في تحقيق العدالة الإنسانية وتعزز ازدهار شعوب العالم انطلاقا من البحرين، وبعزم ورؤية ملك البحرين، وبروح الإنسان البحريني وتاريخه في التعايش والتسامح.

اقرأ/ي أيضا: ملفات ساخنة في حقيبة نتنياهو.. أبرز سمات المرحلة المقبلة؟

زيارة البابا من وجهة نظر المسلمين

عضو “مجلس الشورى” ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس أحمد الحداد، وصف الزيارة بأنها تأتي تتويجا للعلاقات الطيبة بين بابا الفاتيكان وملك البحرين، كما أن الاستجابة السريعة لبابا الفاتيكان للدعوة تأتي نظرا للمبادرات الإنسانية العالمية التي تعلنها مملكة البحرين، وتنفيذا للمشروع الإصلاحي الراسخ والمعزز للتعايش وقبول الآخر.

كما أن الزيارة تعكس مدى الدور الذي تقوم به البحرين في العالم، من حيث النشاطات الإنسانية، إضافة إلى ما قدمته من مبادرات كان أبرزها تدشين “إعلان مملكة البحرين” لتعزيز الحريات الدينية والذي يمثل مرحلة جديدة من العمل الوطني بصيغة دولية، تجعل البحرين نموذجا يحتذى به في هذا المجال، بحسب جهاد عبد الله الفاضل، رئيسة لجنة الخدمات بـ “مجلس الشورى

الفاضل لفتت أيضا إلى أن، أهمية الزيارة ودلالاتها تقترن بزيارة شيخ الأزهر أحمد الطيب، للمملكة وكعادته في زيارات ودية وحميمة تواصلت منذ سنوات، فيما أشارت للمؤتمر الذي سينعقد خلال الزيارة ويلتقي فيه قطبا الدين الإسلامي والمسيحي في العالم تحت مظلة بحرينية، ليتم وضع أسس متطورة لوأد الصراعات الطائفية التي تدمي قلب العالم وتؤثر على حياة ملايين البشر في مختلف المناطق.

الفاضل تعتقد أيضا، أن الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس وشيخ الأزهر ورموز الأديان والطوائف الأخرى واجتماعهم في البحرين، سيمثل مرحلة جديدة للسلام الدولي تنطلق من قلب البلد.

على الجانب الأخر، قال تقرير نشرته “بي بي سي” حول الزيارة، كان من ثابت في مسيرة البابا فرنسيس منذ توليه منصبه عام 2013، فهو ذلك الإصرار على كسر حواجز لم يسبق لأحد بموقعه أن كسرها، وبناء جسور لم يسبق للكنيسة الكاثوليكية أن بنتها تجاه المسلمين.

اقرأ/ي أيضا: مساع أميركية لتمديد الهدنة اليمنية.. هل تنجح؟

رسائل زيارة البابا إلى البحرين

التقرير لفت إلى أن استجابة الفاتيكان لدعوة البحرين لا يبدو خيارا عبثيا أو مجانيا، فالبحرين لعبت دورا محوريا في تاريخ المسيحية في منطقة الخليج، إذ كانت قرية سماهيج في جزيرة المحرق، مقرا للمقعد الأسقفي لكنيسة المشرق خلال القرن الخامس للميلاد، بحسب المراجع التاريخية.

مملكة البحرين تتطلع لإرساء مكانة متقدمة لها على خريطة الحوار العالمي بين الأديان، ولا داعي للقول أن استقبال رأس الكنيسة الكاثوليكية، في دولة خليجية، أمر نادر الحدوث.

البحرين بدأت عمليا بتعبيد الطريق بذلك الاتجاه، منذ الإعلان عن تشييد كاتدرائية “سيدة العرب“، أكبر صرح مسيحي في الجزيرة العربية، كدليل على رغبة السلطات بمنح أتباع الديانات كافة حق ممارسة شعائرهم في العلن، وفقا لـ “بي بي سي

وسط ذلك، ومع عشرات الآلاف من المسيحيين المهاجرين المقيمين في البحرين، من مختلف الطوائف المسيحية، في مقدمتها الأرثوذكسية، والإنجيلية، والكاثوليكية، يشير التقرير إلى أن هدف الزيارة، هو التأكيد على حسن العلاقة مع العالم الإسلامي وعلى القيم التي أراد البابا ترسيخها بعد توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر في الإمارات عام 2019، إذ زار المغرب في العام نفسه، والعراق عام 2021، وكازاخستان قبل أسابيع، والآن البحرين.

إضافة إلى تلك الأهمية، حسب “بي بي سي“، أن الرسالة التي أراد أن يوجهها البابا بزيارته إلى البحرين، خيار جيد، لأنها بلد صغير، وليست قوة كبرى، وتقع على تقاطع طرق بين لاعبين مهمين في المنطقة، هما إيران والسعودية، إلى جانب تركيبتها السكانية التي تجعلها مكانا مهما لمناقشة قضايا مثل واقع العلاقة بين السنة والشيعة.

ما علاقة زيارة البابا بالتغير المناخي؟

علاوة على ذلك، البابا يريد تقديم رسالة تشجيع للمسيحيين البحرينيين على الرغم من عددهم القليل جدا، ومعظمهم الآن مقيمون في البلاد من الجاليات الأجنبية، مفادها أنهم جزء مهم من الكنيسة وغير منسيين.

من أبرز محطات الزيارة إلى البحرين، لقاء البابا فرنسيس من جديد بشيخ الأزهر، حيث تبين الـ “بي بي سي” في تقريرها، أن الصداقة الفريدة بين البابا والإمام الطيب أحد المحفزات التي أدت لقبول البابا الدعوة البحرينية، خصوصا أن “مجلس حكماء المسلمين” الذي يترأسه شيخ الأزهر، أحد الأطراف الأساسية المنظمة لملتقى الحوار إلى جانب الشركاء من مملكة البحرين

بيد أن التقرير يلفت إلى نقطة مهمة جدا، هي أن النقطة الأبرز في اللقاء ستكون استكمال البابا والإمام نقاشهما حول تغيير المناخ، وربما يصدر عنهما نداء أو رسالة لقمّة شرم الشيخ حول المناخ، تدعو الدول الكبرى للالتزام بتعهداتها ومسؤولياتها.

تتواصل استعدادات مصر لاستضافة قمة المناخ كوب 27، المقرر عقدها في مدينة شرم الشيخ في السادس من الشهر الجاري، إذ يلتقي المسؤولون المصريون نظراءهم المختصين بالعمل المناخي حول العالم.

اقرأ/ي أيضا: “اتفاق تيغراي”.. إثيوبيا نحو السلام؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.