في خطوة مفاجئة، أكد “الكرملين”، مساء الإثنين، إجراء محادثات روسية – أميركية في تركيا، بالتزامن مع محاولات واشنطن دفع أوكرانيا للتفاوض مجددا في ظل الانكسارات الميدانية المتتالية لموسكو.

تأكيد “الكرملين”، جاء بعد أن كشفت صحيفة “كوميرسانت” الروسية عن وصول مدير المخابرات الروسية الخارجية سيرغي ناريشكين، إلى العاصمة التركية التي برزت كوسيط رئيسي خلال الأزمة الأوكرانية؛ حيث استضافت أيضا في أواخر مارس، محادثات بين روسيا وأوكرانيا.

موسكو أعلنت بشكل مباشر خلال الأيام الماضية، عدم وجود أي مشاكل أمام التفاوض والحوار بشرط إثبات أوكرانيا حسن النوايا، ومع التأكيدات الروسية على الانفتاح على أميركا، فأن ذلك يفتح الباب أمام سيناريو انتهاء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وسط ذلك أعلن “البيت الأبيض”، أن رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية سيحذر نظيره الروسي من عواقب استخدام أسلحة نووية خلال لقائهما في أنقرة، وسط ترجيحات بوجود رغبة لدى جميع الأطراف بعدم إطالة أمد المعارك في أوكرانيا.

التّوقعات تتحدث عن أن الموقف الأميركي في الانخراط في محادثات مع موسكو، جاء بعد التأكد من أن روسيا قد تلقت الدرس بشكل جيد، لما تسبب لها غزوها لأوكرانيا من انتكاسات عسكرية واقتصادية.

وهو ما يعزز موقف كييف، بمطالبتها بعد التفاوض مع الجانب الروسي قبل خروج الجيش الروسي من الأراضي الأوكرانية، وتقترب تلك الرواية إلى حدّ كبير من الترجيحات التي تشير إلى أن روسيا باتت على قناعة بضرورة وقف المعارك، وهو ما تجلى في انسحاب القوات الروسية من الضفة الغربية لنهر خيرسون، أهم وأكبر المواقع التي أعلنت موسكو ضمها في خطوة لم يُعترف بها دوليا.

اقرأ/ي أيضا: تحديات التغير المناخي.. ما هو هدف الـ 1.5 درجة مئوية الذي يحذر علماء من تجاوزه؟

تسوية مجهولة في الأفق

بالتالي، الجميع يبحث عن تسوية لهذا الصراع، خاصة موسكو التي باتت في حيرة من أمرها؛ بخاصة مع العقوبات الغربية التي فرضت عليها، بيد أنه حتى الآن لا يبدو واضحا الآلية والكيفية اللازمتين للتسوية.

تقارير تحدثت على أن انخراط روسيا في محادثات مع واشنطن في وقت لا تزال تتكبد فيه المزيد من الخسائر، هو رسالة واضحة إلى كل المجتمع الدولي بأنها مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة من أجل الخروج من هذا المعترك الذي وضعت نفسها فيه.

الدخول في مفاوضات مع الغرب في وقت كان الرئيس بوتين، يرفض ذلك بشكل علني، ولا يكف عن توجيه الاتهامات إلى الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها. يأتي ذلك بعد أن فشلت روسيا في إعادة رسم خارطة جديدة من التحالفات، إذ إنه لم ينضج حتى الآن موقف الكثير من اللاعبين الدوليين، كالعالم العربي وتركيا والصين والهند وباكستان وإيران.

مديرا الاستخبارات الأميركية والروسية عقد اجتماعا نادرا، في تركيا جددت خلاله واشنطن تحذيرها لموسكو من أي استخدام للسلاح النووي في حربها بأوكرانيا وأثارت ملف مواطنيها المحتجزين في روسيا.

مدير وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي آي” والسفير الأميركي السابق لدى موسكو وليام بيرنز، نقلا إلى نظيره الروسي سيرغي ناريشكين رسالة تحذّر من “عواقب استخدام روسيا أسلحة نووية ومخاطر التصعيد على الاستقرار الاستراتيجي، وفق ما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض”.

المصدر نفسه شدد على أن بيرنز لا يجري مفاوضات من أي نوع ولا يبحث تسوية للحرب في أوكرانيا، مضيفا أنه تم إبلاغ الأوكرانيين مسبقا بالاجتماع. كما ناقش المسؤول الكبير مع نظيره الروسي قضية المواطنين الأميركيين المعتقلين في روسيا، في إشارة خصوصا إلى بطلة كرة السلة بريتني غرينير والعسكري السابق بول ويلان.

اقرأ/ي أيضا: عقوبات أميركية على شبكات التكنولوجيا.. الجيش الروسي يخسر داعميه؟

محادثات لخفض التوتر

بالمقابل، نقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم “الكرملين” دميتري بيسكوف قوله: “نؤكد أن محادثات روسية – أميركية تجري اليوم في أنقرة“، مشيرا إلى أنها جاءت “بمبادرة من الجانب الأميركي“، فيما رفض الإدلاء بأي تفاصيل في شأن فحوى المناقشات.

من جهتها، أكدت الرئاسة التركية، أن “تركيا استضافت في وقت سابق لقاء بين مديري جهازي الاستخبارات الأميركية والروسية“، ويأتي الاجتماع في أنقرة في لحظة فارقة في حرب روسيا على أوكرانيا، بعد انسحاب القوات الروسية الأسبوع الماضي من مدينة خيرسون.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثار قلقا دوليا عندما لمّح إلى السلاح النووي في خطاب متلفز في 21 أيلول/سبتمبر الماضي، قائلا إنه مستعد لاستخدام كل الوسائل في ترسانته في مواجهة الغرب.

ومن ذلك الحين عملت الولايات المتحدة وحلفاؤها علنا وسرا على تحذير روسيا، بما في ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيره الروسي سيرغي شويغو.

رغم الحرب، يشدد المسؤولون الأميركيون على أن الولايات المتحدة وروسيا تحافظان على “قنوات اتصال” منذ بدء الهجوم الروسي في 24 شباط/فبراير المنصرم، بما في ذلك عبر السفارة الأميركية في موسكو، لنقل رسائل وفي ما يتعلق بعلاقاتهما الثنائية.

صفقة تبادل محتجزين

يشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن، أعرب الأربعاء الماضي، عن أمله في أن يكون الرئيس الروسي أكثر استعدادا لمناقشة تبادل سجناء مع الولايات المتحدة. وقال في مؤتمر صحافي غداة انتخابات منتصف الولاية، “آمل الآن بعدما انتهت الانتخابات أن يكون بوتين قادرا على النقاش معنا، وأن يكون مستعدا للبحث بجدية أكبر في صفقة تبادل سجناء“.

وحكم على نجمة كرة السلة للسيدات بريتني غرينر، بالسجن تسع سنوات بتهمة “تهريب المخدرات” بعدما أوقفت في شباط/فبراير في مطار بموسكو وبحوزتها سيجارة إلكترونية تحوي سائل القنب، ونقلت أخيرا إلى سجن لم يحدد. وأشارت واشنطن مراراً إلى أنها قدمت لروسيا “عرضا مهما” للإفراج عن الرياضية والعسكري السابق بول ويلان، لكنها لم تتلق ردا عليه حتى الآن.

وفق مصادر دبلوماسية روسية، فإن تبادل السجناء المحتمل قد يشمل بريتني غرينر وتاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت، المحتجز في الولايات المتحدة، إذ يقضي عقوبة بالسجن لمدة 25 عاما، وأجرى الروس والأميركيون في الماضي عمليات تبادل سجناء عدة.

المحادثات الروسية – الأميركية لاقت ترحيبا أممي، حيث أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالتقارير التي تتحدث عن عقد مسؤولين أميركيين وروس مباحثات في العاصمة التركية أنقرة، وقال في مؤتمر صحافي عقده في بالي الإندونيسية، على هامش قمة مجموعة العشرين، إن هذه المباحثات خطوة إيجابية للغاية وتطور مهم من أجل المستقبل.

أنطونيو غوتيريش، أوضح خلال حديثه أن الأمم المتحدة “ليست طرفا” في المباحثات بين المسؤولين الروس والأميركيين. فيما أعرب عن أمله في تمديد مبادرة نقل الحبوب عبر البحر الأسود وإزالة العقبات أمام تحقيق ذلك، قبل انتهاء صلاحية الصفقة في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.

اقرأ/ي أيضا: بعد فوزه في الانتخابات.. هل ينجح لولا دا سيلفا بإدارة ملفات البرازيل الداخلية والخارجية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة