صفعة جديدة تلقاها تنظيم “داعش” الإرهابي، إذ لم تكد أن تمر تسعة أشهر على تنصيب زعيم التنظيم الملقب بـ”أبو الحسن القرشي”، حتى أعلن التنظيم مقتله، أمس الأربعاء ليلحق بسابقيه.

إعلان مقتل زعيم التنظيم وتعيين آخر جديد، ليكون ثالث قائد للتنظيم في 2022، اعتبره متابعون بأنه “سيؤثر معنويا على أفراد التنظيم”. حيث قال متحدث باسم “داعش”، إن “الهاشمي، وهو عراقي، قُتل في معركة، دون أن يوضح تاريخ وفاته أو ملابساتها”، وأضاف المتحدث، في رسالة صوتية، أن الزعيم الجديد للتنظيم هو “أبو الحسين الحسيني القرشي”.

لم يفصح المتحدث عن تفاصيل بشأن الزعيم الجديد، لكنه قال إنه جهادي “مخضرم”، ودعا جميع الجماعات الموالية للتنظيم إلى مبايعته.

بينما لم يحدد مكان أو تاريخ مقتله، قال الجيش الأميركي، في بيان، إن “العملية التي قادت لمقتل زعيم التنظيم، نفذتها فصائل مسلحة تابعة للمعارضة السورية في محافظة درعا، في منتصف تشرين أول/أكتوبر الماضي دون مشاركة أي قوات أميركية”.

التنظيم كان قد أعلن عن زعيمه، “أبو الحسن الهاشمي القرشي”، في شهر آذار/مارس الماضي، من خلال رسالة صوتية مسجلة نُشرت عبر الإنترنت، وذلك بعد أسابيع من مقتل زعيمه “أبو إبراهيم القرشي” في شباط/ فبراير الماضي، الذي خلف “أبو بكر البغدادي” في عام 2019.

تأثير معنوي

قتل أي زعيم لن يقضي على “داعش”، لأن هناك تراتبية في تولية القيادات، بحسب حديث الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، ماهر فرغلي، لـ”الحل نت”، التأثير فقط معنوي ويمكن أن يجري صراع داخلي وإعادة هيكلة بسبب تنوع الأفكار داخل التنظيم والصراع الفكري القديم بين التيارات المختلفة، وقد يؤثر على بعض الأفرع. إضافة إلى أنه من الواضح أن جُلّ قيادات “داعش” موجودون في سوريا، والدليل مقتل كل القادة الكبار هناك.

التنظيم رغم الهزة الإدارية الكبيرة التي سيعاني منها، إلا أنه قادر على التماسك، وفق فرغلي، لكن ثمة تكلفة كبيرة جدا عليهم بناء على مقتل القائد.

تنظيم “داعش” يعتبر نفسه دولة وأن زعيمه هو خليفة، ويجب أن يكون معلوما ثم تأتي مبايعات الولايات، لذلك جاء الإعلان عن مقتل زعيمه الجديد سريعا، وهذا من فقه التنظيم، بحسب فرغلي.

ضربات متتالية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أعن في أواخر 2019 تشرين أول/أكتوبر، مقتل زعيم تنظيم “داعش” حينذاك، أبو بكر البغدادي، في عملية عسكرية أميركية في سوريا، ما مثّل ضربة قوية للتنظيم آنذاك.

الرئيس الأميركي جو بايدن، أعلن في شباط/فبرير الماضي، أن قوات العمليات الخاصة قامت بهجوم استهدف “أبو إبراهيم القرشي”، زعيم تنظيم “داعش”، وقُتل 13 شخصا في غارة على مدينة إدلب في شمال سوريا.

قد يهمك: “البنتاغون” يعلن مقتل زعيم “داعش” في سوريا

“البيت الأبيض” استهداف ماهر العقال، أحد أبرز الشخصيات في تنظيم “داعش”، في حزيران/يوليو الماضي، والذي عمل على بناء شبكات التنظيم خارج العراق وسوريا، قبل أن يقُتل في غارة أميركية بطائرة مسيّرة شمال غربي سوريا، وهو أحد أبرز خمسة قادة من قيادات التنظيم.

هل يؤثر مقتل “أبو الحسن القرشي” على التنظيم؟

القيادة مكون مهم من مكونات تماسك أي تنظيم، بحسب حديث مدير مركز دراسات الإسلام السياسي الصحفي مصطفى حمزة، لـ”الحل نت”، ومقتل هذه القيادة يؤثر سلبا على تماسك التنظيم، لكن في حالة تنظيم “داعش” وغيره من التنظيمات المسلحة، يكون التأثير أقل بكثير بسبب توقعهم لغياب القيادة بسبب الوقوع في يد الأجهزة الأمنية بالقبض عليه، أو بتصفيته أثناء معركة من المعارك، وبالتالي يكون هناك قيادات بديلة دائما.

التنظيم وقوته سيتأثر بالملاحقات المتواصلة لقياداته التي فُقِد ثلاثة منها في وقت قياسي، ولكن هذا التأثير لا يعني بحال من الأحوال نهاية التنظيم، فقد اعتادت هذه التنظيمات على فَقْدِ قياداتها منذ “أبو مصعب الزرقاوي” مرورا ببن لادن والظواهري والبغدادي وغيرهم، وفق حمزة.

“داعش” يعاني بالفعل من أزمات كثيرة إلى جانب مقتل قياداته، بحسب حمزة، ومنها فقد مناطق سيطرته الرئيسية وفشل نظرية التمركز والتمدد، التي تعتمد على تمركز التنظيم في منطقة جغرافية والتمدد من خلالها للتوسع في المناطق المحاورة.

عام صعب على “داعش”

“التنظيم بات أكثر هشاشة الآن ويواجه انقسامات”، هكذا علقت مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، في تقرير لها في شباط/فبراير الماضي، على حال التنظيم بعد مقتل خليفة البغدادي، “أبو إبراهيم القرشي”.

المجلة الأميركية ذكرت حينها أن “داعش” شهد عاما صعبا بالرغم من أننا ما زلنا في بدايته؛ فبعدما كان أنصار التنظيم يهللون عند الاقتحام الكبير لأحد السجون في شمال شرق سوريا، سرعان ما علموا بعد أيام بأن زعيمهم، “أبو إبراهيم الهاشمي”، قُتل خلال غارة جريئة للعمليات الخاصة الأميركية.

اقرأ أيضا: معلومات جديدة يكشفها “الحل نت” عن ماهر العقال زعيم “داعش” في سوريا

تقرير صدر في شباط/فبراير الماضي، عن “فريق متابعة العقوبات” التابع لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، عن القلق من تنامي قوة “داعش” بعدة أقاليم في وسط إفريقيا وعودة ظهوره في أفغانستان، مع مغادرة القوات الأميركية.

في العراق وسوريا حتى رغم أن التنظيم كان ينفّذ عمليات حرب عصابات، لا تزال هناك انقسامات سياسية وطائفية صارخة، ومناطق ريفية تواجه ضغط تغير المناخ، وصعوبات اقتصادية بعد جائحة “كورونا”، ويمكن أن يغذي كل ذلك عودة “داعش”. لكن مع مقتل “القرشي”، يبدو احتمال العودة الجادة للتنظيم في أي وقت قريب أقل ترجيحا.

انشقاقات داخلية

فيما يتعلق بالانشقاقات الداخلية التي تصيب التنظيم، يقول الباحث المتخصص في الحركة الإسلامية والجماعات المتشددة جمعة محمد لهيب، لـ”الحل نت، إن “التنظيم بات أصغر من قضية الانشقاق، حيث بات عبارة عن مجموعات ذئاب منفردة في غالبه، وبالتالي فمن العسير أن ينشق بعضهم”. أما الصراعات المختلفة فهي عبارة عن تكهنات بسبب الحالة الإنغلاقية للتنظيم، رغم أن الخلاف بين العراقيين والأجانب في “مجلس الشورى” والذي يُترجم بتأخر تعيين خليفة جديد بدل الهاشمي تُعتبر دليلا.

نهاية التنظيم لا يراها لهيب، في المستقبل المنظور لعدة أسباب، منها بناء التنظيم بعد خسارته خلافته في العراق وسوريا على العيش تحت الأرض، وبالتالي يصعب متابعة ذلك، إن لم يظهر شيء على السطح مع غياب المعلومة في داخله، والتي إن صدرت، فإنها ستصدر لمخابرات دولة قوية تحتكرها.

أيضا تفريخ التنظيم لعناصر مؤمنون بسرديته الدينية، وبالتالي فالفكر يصعب مجابهته بغير الفكر، إذ كلما خفتت القوة العسكرية سنرى هؤلاء العناصر متجمعين ليعيدوا الكرّة، على حد وصفه.

قد يهمك: لماذا تأخر تنظيم “داعش” بالإعلان عن زعيمه الجديد؟

لن تؤثر عملية الاغتيال على الخطط الاستراتيجية، لأنها في الأصل متوجهة للعمل التحت أرضي، ولعدم الظهور واحتلال مناطق وإعلان الخلافة فيها، هذه الخطة يصعب تجاوزها على الأقل في المرحلة القادمة، مهما حصلت هزات ضد التنظيم.

تعامل “داعش” مع مقتل قائدها، بحسب لهيب، سيكون بتشديد القبضة وقصرها، وهذا جيد على المدى الطويل في إنهاك التنظيم، ولكنه لن يكون مؤثرا على المدى القصير، مالم يحصل شيء في الإقليم يفتح للتنظيم فوهة فوق السطح يتمددون بها، سواء في إفريقيا أو في الشرق السوري.

من هو “أبو الحسن الهاشمي القرشي “؟

“أبو الحسن الهاشمي القرشي”، هو عراقي الجنسية، وأعلن التنظيم في 10 مارس/آذار، تنصيبه خلفا لـ”أبو إبراهيم القرشي”، بعد مقتل زعيم التنظيم القرشي بـ 40 يوما، بعملية أمنية أميركية في الأراضي السورية، في 3 فبراير/شباط الماضي، عملا بوصيته بحسب رسالة من التنظيم.

لأبو الحسن؛ كنية ثانية هي “زيد العراقي”، نسبة لجنسيته، ولعمله السابق في التنظيم، كأمير لـ “ديوان التعليم” حصل على لقب “أستاذ داعش”. كان من قيادات الصف الأول في التنظيم الذين بقوا على قيد الحياة، وكونه من “الأمراء العراقيين” فقد كان مقربا من زعيمه الأول، “أبو بكر البغدادي”، ويتمتع بنفوذ كبير حتى قبل توليه قيادة “داعش”.

شغل “أبو الحسن” قبل توليه قيادة التنظيم، وديوان التعليم، بعدة مناصب بينها أمير ما يسمى بـ”ديوان القضاء والمظالم”، كما عمل مسؤولا عما يسمى بـ”إمارة المكتب المركزي لمتابعة الدواوين الشرعية”.

من يخلفه؟

كعادة التنظيم الإرهابي حال اعترافه بمقتل زعيمه إعلان خليفته، والذي أكد اختيار “أبو الحسين الحسيني القرشي” زعيما جديدا للتنظيم.

ويضفي التنظيم إلى قادته لقب “القرشي”، لإضفاء شرعية على اختياره، لأنه بحسب مبادئ “داعش” وعقيدته فإنه يشترط فيمن يتولى زعامة التنظيم أن يكون “قرشيا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.