في إطار الهبوط التدريجي بعد الارتفاع القياسي الذي شهده العراق لأسعار صرف الدولار منذ أواخر العام الماضي، تواصل أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، تراجعها منذ صباح أمس الأحد، لتصل إلى أدنى مستوياتها في البورصة الرئيسية بالعاصمة بغداد وأربيل عاصمة إقليم كوردستان.

حتى إغلاق سوق الصرف أمس الأحد، سجلت أسعار الدولار تراجعا وصل إلى 1440 دينار عراقي لكل دولار واحد، بعد أن كان شبه مستقر طيلة الأشهر الماضية عند سعر 1520 دينار لكل دولار وبعد أن ارتفع مطلع العام الحالي إلى 1770 دينار، مسجلا ارتفاعا بـ 35 نقطة عن السعر الرسمي عندما كان 1420 دينار لكل دولار.

متداولون أفادوا بأن أسعار البيع والشراء انخفضت في محال الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد، حيث بلغ سعر البيع 145000 دينار لكل 100 دولار، بينما بلغت أسعار الشراء 143000 دينار لكل 100 دولار، في حين انخفض سعر الدولار أيضا في عاصمة إقليم كردستان أربيل، ليبلغ سعر البيع 142250 دينارا، والشراء 141250 دينارا مقابل كل 100 دولار.

نتيجة طبيعية للمعالجات الحكومية

المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، علق على استمرار انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازي، وقال في تصريحات صحفية لوكالة “شفق نيوز” المحلية، إن انخفاض سعر صرف الدولار في السوق الموازي، وبدء زحفه بالتقارب نحو السعر الرسمي للصرف يرجع بالأساس الى نجاح السياسة النقدية لـ “البنك المركزي” العراقي، بشكل خاص ودور السياسات الحكومية الساندة بشكل عام على التعاطي الايجابي والفعال في تلبية الطلب على العملة الأجنبية.

اقرأ/ي أيضا: يغلبها الحُب.. دراما رمضان العراق تسرق الأضواء

صالح بيّن، أن تسهيل وتحسين إجراءات التحويلات الخارجية الضرورية، وبيع الدولار النقدي من خلال قنوات الامتثال الدولية التي تكيف إليها الوسط التجاري الأهلي وعموم المستفيدين من النقد الأجنبي في بلادنا بشكل متسارع، ذلك بعدما غدت إجراءات الامتثال الدولي اليوم أكثر مرونة وأكثر شفافية واوسع حوكمة.

فيما أضاف، تؤازرها في الوقت نفسه احتياطيات كبيرة بالعملة الأجنبية التي هي الأعلى في تاريخ البلاد المالي، فجميع هذه العوامل أخذت تقلص تدريجيا الفجوة بين السعرَين، منوّها إلى أن، مبيعات نافذة العملة الأجنبية بلغت اليوم مستوياتها العالية في فرض الاستقرار وتعقيم السيولة.

ذلك جاء بعد أن استمر الدينار العراقي بالتذبذب مقابل الدولار ما بين الانخفاض على نحو غير مسبوق منذ عام 2004 وبين ارتفاع جزئي، لينخفض اليوم الاثنين إلى قرابة 14300 دينارا لكل 100 دولار، في وقت يبيعه فيه “البنك المركزي” الدولار بـ 1310 دينارا لكل دولار.

تأثيرات الدولار على حياة المواطنين

ذلك كان قد انعكس بشكل سريع على حركة السوق، حيث ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية وتم تسجيل ركود اقتصادي، الأمر الذي ترك الحكومة أمام حرج كبير، لاسيما أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني كان قد انتقد في مرات عديدة قبل توليه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إقدام حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي على رفع سعر الصرف الرسمي من 1182 إلى 1460 دينارا للدولار في ديسمبر/كانون الأول 2020.

عملية بيع وشراء الدولار في الصيرفات العراقية/ إنرنت + وكالات

على وقع ذلك، كان رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، قد حث “البنك المركزي” العراقي، على التدخل للسيطرة على تقلبات سعر صرف الدولار، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المضاربات غير القانونية، موجها باتخاذ جملة إجراءات من شأنها أن تسهّل على المواطنين الحصول على الدولار.

اقرأ/ي أيضا: تقارب الرياض وطهران.. إذعان سعودي لواقع حال النفوذ الإيراني؟

ضمن عملية تدارك الارتفاع الكبير في سعر الدولار من قبل الحكومة العراقية، صادق مجلس الوزراء العراقي في شباط/فبراير الماضي، على قرار بتعديل سعر صرف الدولار إلى ما يعادل 1300 دينار، من 1460 دينارا حاليا، غير أن أسعار الدولار بقيت مرتفعة مقابل السعر الرسمي.

ما وراء ارتفاع أسعار الدولار

يربط العديد من المراقبين للشأن الاقتصادي العراقي ما يجري بضعف السياسات النقدية في البلاد، وسيطرة جهات حزبية وأخرى مسلحة على السوق المالية، وتهريب العملة الصعبة إلى الخارج، مع تحكم شركات معينة تعمل بمجالات الحوالات الخارجية في سعر الدولار من خلال ما توصف بـ”حرب المضاربات”.

في الواقع، يرتبط تقلب الدينار ببدء امتثال العراق لبعض معايير نظام التحويلات الدولي “سويفت” الذي بات ينبغي على المصارف العراقية تطبيقه منذ منتصف تشرين الأول/نوفمبر للوصول إلى احتياطات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة.

ليتمكن العراق من الوصول إلى تلك الاحتياطات التي تبلغ 100 مليار دولار، عليه حاليا التماشي مع نظم تتطلب الالتزام بأحكام مكافحة غسيل الأموال العالمية، وأحكام مكافحة تمويل الإرهاب، وتلك المرتبطة بالعقوبات، كالمطبقة على إيران وروسيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات