بعد الهجمات المباغتة التي شنّتها حركة “حماس” في قطاع غزة على إسرائيل قبل نحو أسبوع، كان من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية بفرض عقوبات على “حماس” وقياداتها، وهو ما سيحدث على ما يبدو، إذ تستعد واشنطن لفرض عقوبات جديدة ضد عدد من قادة الحركة.

وزارة الخزانة الأميركية بدأت العمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص لتنفيذ العقوبات الحالية، وفرض عقوبات جديدة، وفقا لما نقله موقع “أكسيوس” عن مسؤولين أميركيين، اليوم الأربعاء.

عقوبات ضد “حماس”

طبقا لتقرير الموقع الأميركي، فإن واشنطن ستعلن عن عقوبات جديدة ضد عدد من قادة “حماس”، الأسبوع الجاري، وذلك في إطار الرّد الأميركي على هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الذي نفّذته الحركة، المصنّفة إرهابية، على إسرائيل.

كتائب القسام الجناح العسكري التابع لـ”حماس”- “إنترنت”

وبحسب ما أفاده المسؤولون فإنه من المرجح أن تكون مجموعة العقوبات التي تم فرضها، الأسبوع الجاري، هي الدفعة الأولى من عدّة جولات قادمة، طبقا للموقع الأميركي الذي أشار إلى أن “حماس” تعتمد على الشبكات المالية العالمية لتمويل عملياتها، التي تتمركز خارج قطاع غزة، لذلك تهدف العقوبات إلى تعطيل تدفق هذه الأموال.

وفي حين أن قادة “حماس” ليس لديهم أصول في الولايات المتحدة، فإن العقوبات ستزيد الضغط على بعض الدول التي تستضيفهم، مثل قطر. وتستخدم الحركة المدعومة من إيران، المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية لجمع التبرعات ونقل الأموال حول العالم منذ سنوات، بحسب الموقع.

الوزارة الأميركية تعتمد جزئيا على التعاون من الحكومات الأجنبية والقطاع الخاص للمساعدة في الكشف عن النشاط المالي المشبوه لـ”حماس”. وهنا أوضح وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، أمام “مؤتمر ديلويت” لمكافحة غسيل الأموال في نيويورك، يوم أمس الثلاثاء، أن وزارته عملت على تعطيل عمليات تمويل “حماس” على مدى العقدَين الماضيين. وألمح إلى أن ما تقوم به وزارة الخزانة حاليا كان قد خُطّط للقيام به في المستقبل.

كما أردف نيلسون، أن “تعطيل عمليات تمويل حماس ليس جديدا بالنسبة لنا، لقد كانت هذه أولوية بالنسبة للخزانة منذ عقود”، مضيفا أن “حماس” تحصل أيضا على عائدات من المحافظ الاستثمارية السّرية وشبكة الأصول العالمية التي تُقدّر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.

ما تداعيات ذلك؟

في سياق تداعيات هذه العقوبات على “حماس” وقادتها، فإنها ستضر حتما بالحركة ونشاطها وتحرّكاتها، خاصة أنها كانت تعاني أصلا من نقص في التمويل، حتى اجتذبتها إيران لدعمها مؤخرا، وفق العديد من التحليلات.

وبالنظر إلى أن إيران كانت تقف وراء هجوم “حماس” على إسرائيل، بحسب ما صرّح به العديد من المسؤولين الغربيين، جمّدت واشنطن 6 مليارات دولار كانت خاضعة للعقوبات، مقابل إطلاق طهران سراح 5 أميركيين كانوا محتجزين في إيران، فمن المحتمل أن تكون هذه العقوبات تمهيدا لسلسلة من العقوبات، تشمل العديد من الفصائل والميليشيات الموالية لإيران، وقد تكون هناك عقوبات جديدة على الأخيرة أيضا.

بمعنى آخر فإن العقوبات ضد “حماس” أو “حزب الله” اللبناني أو “الحوثيين” وأي ميليشيا موالية لإيران وأجندتها، يعني أنها موجّهة بشكل غير مباشر إلى إيران ومشاريعها العدائية في المنطقة، ويبدو أن الدول الغربية ولا سيما واشنطن، ستنفّذ استراتيجيات جديدة لعزل إيران أكثر مما هي عليه.

كذلك، إعلان عقوبات جديدة ضد أذرع وحلفاء إيران، مثل “حماس”، قد تكون بمثابة رسالة واضحة لطهران، مفادها أن أنشطتها وتحركاتها العدائية عبر ميليشياتها بالمنطقة لن يكسبها سوى المزيد من العزل ولن تتوقف العقوبات ضدها، بل ستزيد حدّتها.

حرب العملات المشفرة

بعد هجوم “حماس” على إسرائيل، أعلنت الأخيرة أن وحدة الأمن السيبراني في منظمة “لاهف 433” التابعة للشرطة الإسرائيلية جمّدت حسابات بالعملات المشفرة تخصّ “حماس”. وأفاد بيان للشرطة الإسرائيلية، وفق “تايمز أوف إسرائيل”، بأن الحركة الفلسطينية المسلحة تستخدم هذه الحسابات لتمويل نفسها منذ اجتاح مقاتلوها المواقع الإسرائيلية المحاذية للقطاع.

وطبقا لما نقله موقع “المجلة” عن بيان للشرطة الإسرائيلية، فإن المنظمة، التي يعني اسمها “الشَّفرة” ويعود تأسيسها إلى عام 2008 وتُعتبَر النسخة الإسرائيلية من مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي “إف بي آي”، بالتعاون مع وزارة الدفاع الإسرائيلية ووكالة الأمن الداخلي الإسرائيلية “شين بيت” ووكالات استخبارية محلية أخرى، لإغلاق قنوات تستخدمها “حماس” وغيرها من حركات حليفة لها في تمويل نفسها من طريق العملات المشفرة.

وأفاد البيان، وفق الصحيفة الإسرائيلية، بأن البورصة العالمية للعملات المشفرة، “باينانس”، تعاونت مع إسرائيل في تحديد مواقع الحسابات المعنية وإغلاقها. كذلك تعاونت “لاهف 433” مع الشرطة البريطانية لإغلاق حساب معني بحملتها في مصرف “باركليز” البريطاني.

يسلّط الخبر عن وقف هذه التحويلات بالعملات المشفرة الضوء على جهود قديمة ومستمرة تبذلها الولايات المتحدة وإسرائيل، لقطع التمويل الأجنبي عن “حماس” وحليفيها حركة “الجهاد الإسلامي” و”حزب الله” اللبناني.

وبحسب “وول ستريت جورنال“، تلقّت هذه الحركات الموالية لإيران، خلال السنة أموالا “كبيرة الأحجام” من خلال تحويلات بالعملات المشفرة، واستندت الصحيفة الأميركية في تقريرها إلى أوامر أصدرتها الحكومة الإسرائيلية وتقارير لمحللين لحركات سلاسل الكتل المعنية، أو مجموعات “البلوك تشاين”، وهي قواعد بيانات موزعة تشكل سجلات متنامية الأحجام، تغطي في هذه الحالة المعاملات المرصودة.

وكانت “أسوشيتد برس”، أوردت في حزيران/يونيو الماضي تقريرا نقلت فيه عن الحكومة الإسرائيلية إعلانها مصادرة عملات مشفرة تساوي قيمتها ملايين الدولارات من حسابات تتلقى أموالا أو ترسلها من “حزب الله” اللبناني و”فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني”.

وشدد خبراء في العملات المشفرة تحدثت إليهم “وول ستريت جورنال” على أن ما صادرته إسرائيل من أموال موجّهة إلى الحركات الثلاث لا يمثل على الأرجح سوى غيض من فيض ما تلقّته، ولم يتضح، وفق الصحيفة، مقدار الأموال المتلقاة المستخدمة في تمويل عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها “حماس” 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

بالتالي، ليس من المستبعد أن تشمل العقوبات الأميركية الحالية أو المقبِلة مسألة تقييد هذه الفصائل المسلحة من العملات المشفرة، مما سيضر بها بشكل كبير، خاصة وأن إيران هي المموّل الرئيسي للحركة، حيث تقدّم لها نحو 100 مليون دولار سنويا، وبالتالي عرقلة وسدّ منبع تلو الآخر سيكون مفيدا في تقييد أنشطة إيران وحلفائها وأذرعها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات