في أعقاب الحرب التي اندلعت في قطاع غزة إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة “حماس” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، تم تسجيل ارتفاع مطّرد في حوادث “الإسلاموفوبيا” في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، الأمر الذي خلق مخاوف بين المسلمين الأميركيين من موجة مماثلة من العداء التي شاهدوها بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر في عام 2001، ممّا دفع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى الإعلان عن وضع استراتيجية جديدة شاملة لمناهضة الإسلاموفوبيا.

هذا وتواجه الإدارة الأميركية شكوكا من كثيرين في المجتمع الأميركي المسلم بشأن دعمها القوي للهجوم العسكري الإسرائيلي على “حماس” في غزة.

مناهضة الإسلاموفوبيا

في السياق، تستعد إدارة بايدن، لإعلان وضع استراتيجية وطنية للتصدي لـ “الإسلاموفوبيا”، وفق ما قال أشخاص مطلعون على الأمر لوكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، قبل يومين. وقال الأشخاص المطلعون إن إعلان البيت الأبيض كان من المتوقع صدوره الأسبوع الماضي، عندما عقد بايدن اجتماعا مع قادة مسلمين، لكنه تأجل.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير في بيان إن “الرئيس بايدن ترشح لمنصب الرئاسة لاستعادة روح أمّتنا. وهو واضح بشكل لا لبس فيه: لا مكان للكراهية في أميركا ضد أي كان. نقطة على السطر”، مضيفة “لفترة طويلة، المسلمون في أميركا، وأولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم مسلمون، مثل العرب والسيخ، عانوا من عدد غير متناسب من الهجمات التي تغذيها الكراهية وغيرها من حوادث التمييز”.

من مظاهرة ضد الإسلاموفوبيا بهولندا- “أرشيف رويترز”

البيت الأبيض بيّن أنه سيتم تطوير هذه الاستراتيجية بالتنسيق مع الجاليات المعنية. وخصّت جان-بيير بالذكر ما وصفته بالقتل “الهمجي” لصبي أميركي من أصل فلسطيني يبلغ ستة أعوام في ضواحي شيكاغو مؤخرا، في واقعة ربطتها الشرطة بالنزاع الدائر بين إسرائيل و”حماس”.

من جانبها، أعلنت كامالا هاريس، نائبة الرئيس جو بايدن، وضع استراتيجية وطنية لـ “مناهضة الإسلاموفوبيا”، بحسب ما نشرته على حسابها في منصة “أكس” (تويتر سابقا).

هاريس، اعتبرت أن “مواجهة الكراهية هي أولوية وطنية “، مضيفة: “أعلن عن أول استراتيجية وطنية في البلاد لمكافحة الإسلاموفوبيا، يُعد هذا الإجراء أحدث خطوة للأمام في عملنا لمكافحة موجة الكراهية في أميركا”.

هذا وأطلقت الحكومة الأميركية بالفعل خطة لمكافحة معاداة السامية في أنحاء البلاد. والوعد باتخاذ خطوة مماثلة لحماية الجالية المسلمة ليس جديدا، ولكن يبدو أن إعلان الأربعاء يشير إلى زخم جديد في هذه الفترة المشحونة.

تصاعد حوادث الكراهية

في المقابل، ارتفعت حوادث الكراهية المعادية لليهود والمسلمين في الولايات المتحدة ودول أخرى منذ هجوم “حماس” على إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص واحتجاز مئات الرهائن. وكان من أبرز الهجمات حادثة مقتل الطفل، وديع الفيومي، 6 سنوات، وإصابة والدته في هجوم يقول الادعاء إنه كان مدفوعا بـ “الإسلاموفوبيا”.

وقال بايدن آنذاك في أعقاب الهجوم “هذه جريمة كراهية مروّعة، وليس لها مكان في الولايات المتحدة، وتتعارض مع قيمنا الأساسية”، وفق تقارير صحفية عدة.

كما وأظهرت أرقام جديدة للشرطة أن جرائم الكراهية المعادية للسامية ومعاداة العرب والمسلمين ارتفعت بشكل كبير في مدينتي نيويورك ولوس أنجليس منذ بدء الحرب في غزة. وتظهر البيانات في أكبر مدينتين في البلاد أن الصراع في الشرق الأوسط يتزامن مع تصاعد أعمال العنف ضد الأميركيين اليهود والأميركيين العرب، في أعقاب زيادة جرائم الكراهية على المستوى الوطني.

وارتفع عدد جرائم الكراهية المعادية للسامية في مدينة نيويورك من 16 بالمئة في أيلول/ سبتمبر إلى 69 بالمئة في تشرين الأول/ أكتوبر، بزيادة أكثر من 330 بالمئة، وفقا لمراجعة بيانات شرطة نيويورك التي أجراها “مركز دراسة الكراهية والتطرف” في جامعة ولاية كاليفورنيا، سان فرانسيسكو.

بحسب التعريف الدولي لمصطلح “إسلاموفوبيا”، هو “الخوف والتحيز والكراهية تجاه المسلمين، والذي يدفع إلى الاستفزاز والعداء والتعصب عن طريق التهديد والمضايقة والإساءة والتحريض والترهيب للمسلمين وغير المسلمين”.

يشير المصطلح إلى أن التهديد والمضايقة قد تتم عبر الإنترنت أو في المجال العام، ويرتبط بدافع من العِداء المؤسسي والأيديولوجي والسياسي والديني، كما أنه يصل إلى حد العنصرية البنيوية والثقافية، ويستهدف رموزا وعلامات تخص المسلمين، وفق تقرير لقناة “الحرة” الأميركية.

ويحدد مصطلح الإسلاموفوبيا كراهية الإسلام على أنها شكل من أشكال العنصرية، إذ يُنظر إلى الدين والتقاليد والثقافة الإسلامية على أنها “تهديد” للقيم الغربية. ويقول خبراء إن الإسلاموفوبيا تخلق فهما مشوَّها للإسلام والمسلمين، وتجمع بين العداء الديني والعنصري.

لكن في العموم، لا يوجد تعريف موحّد أو متّفق عليه لمصطلح “الإسلاموفوبيا”. وبشكل أكثر تحديدا، لا يوجد تعريف قانوني يصف العداء الموجه ضد المسلمين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات