للوهلة الأولى، ربما، يبدو أن النقيضين لا يتقاطعان وأن الخصمين لا يلتقيان. لكن “قد يجمع الله الشتيتَين بعدما يظنّان كل الظنّ أن لا تلاقيا”. فالعبارة الشعرية المنسوبة للشاعر العربي قيس بن الملوّح تتطابق بالكلية على العلاقة بين “الإخوان” و”إيران الملالي”. فهي علاقة قديمة ولها جذور كما بينهما مشتركات وتقاطعات فكرية نظرية بل وسياسية عملية، وكل ذلك مع الخلاف الذي يتبدى على السطح من ناحية أن أحدهما يمثّل التيار السّني والآخر يمثّل التيار الشيعي.

فالإسلام السياسي بنسختيه وكافة جماعاته وتنظيماته تنهل من مرتكزات تبدو مستقرة وواحدة، وتجمعهما أهداف متطابقة، ويتم الاعتماد على الاستراتيجيات ذاتها. وهنا لا فرق بين الاختلافات الأيدولوجية الطفيفة أو العقائدية أو التباين في مستوى التشدّد وزعم السلمية والإصلاح وعدم اللجوء للسلام. حيث إن كل تلك المزاعم تبدو مناورات للتخفّي حتى الوصول لمرحلة ما يُعرف بـ”التمكين” السياسي التي تجمع عليها التيارات الإسلاموية من دون استثناء.

“حماس” تستعين طوال الوقت بفكرة المظلومية التاريخية وعلى النحو الذي له صلة أو يخدم القضية الفلسطينية، من وجهة نظرهم، بينما تحاول تفخيخ الشعور الديني من خلال تثبيت سرديات العِداء بين المسلمين واليهود.

فمثلاً، في ظل الصراع والحرب الدائرة من دون هوادة في قطاع غزة بعد الهجوم المباغت الذي نفذته حركة “حماس” ضد إسرائيل، تجتمع “حماس” وجناحها العسكري (كتلة سنّية سياسية وعسكرية) مع حزب الله (الشيعي المدعوم من إيران)، ثم تلتقي تنظيمات شيعية في العراق وسوريا واليمن في غرفة عمليات مشتركة بلبنان مع تنظيم “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، وهي الأخرى سنّية مع ممثل سنّي آخر عسكري هو “قوات فجر” التابعة للجماعة الإسلامية (فرع جماعة الإخوان المسلمين بلبنان). تتحالف إيران التي يصطف فيها المرشد الإيراني وقادة “حماس” مع قوى إقليمية لها مركزيتها السّنية مثل قطر وتركيا.

ولا يُعد هذا التحالف والعمل المشترك سوى تعبير مباشر عن جملة مصالح سياسية وإقليمية، لا تؤثر فيها الاختلافات الأيديولوجية التي تبدو ظاهرياً تباعدٌ بين الأطراف وبعضها.

غير أن هذا العمل يكشف عن بعض الإغراءات السياسية الدعائية التي تستثمرها تلك القوى لحصد التأييد الشعبي، وتعبئة المواطنين، باعتبار أن تحرّكاتهم الميدانية وتصعيدها السياسي أو العسكري هو “بطولة” أو “كفاح” من أجل الوصول إلى القدس وتحريرها، وردّ الحقوق التاريخية لأصحابها، وفي المحصلة دفاعٌ عن المقدسات بكل ما تخفيه هذه الكلمة من معاني تفاقم طاقة الغضب في شعور المدنيينَ تحت وطأة ظلم حقيقي، لكن هذا التيار لا يمثّله بقدر ما يسعى لتوظيفه البراغماتي سعياً لأهداف خاصة تخصّ طموحه في الحكم والنفوذ والثروة، وبما يضمن استمرار الأوضاع كما هي.

استعانة “حماس” بفكرة المظلومية

حركة “حماس” تستعين طوال الوقت بفكرة المظلومية التاريخية وعلى النحو الذي له صلة أو يخدم القضية الفلسطينية، من وجهة نظرهم، بينما تحاول تفخيخ الشعور الديني من خلال تثبيت سرديات العِداء بين المسلمين واليهود “خيبر خيبر يا يهود شعب محمد سوف يعود”.

الفلسطينيون على مذبح شعارات “حماس” السياسية والأيديولوجية-“الصورة من الإنترنت”

وهنا يصبح الصراع ليس سياسياً وليس في الحاضر وفي صورته المعاصرة، إنّما هو صراع تاريخي قديم وله صفة دينية مقدّسة. أي أمة في مقابل أمة (إسلام ويهودية). وذلك بما يعمّق الصراع ويجعل الطرف الإسلاموي يواصل الموت و”الاستشهاد” ليستعجل النصر “الإلهي” المحتوم، كما في السرديات الراديكالية. هذا ما تفعله طهران التي تتبنى في تحركاتها الإقليمية وانخراطها الميداني في الصراعات الممتدة بالمنطقة بسوريا ولبنان فضلاً عن اليمن وحتى بالقضية الفلسطينية مبدأ “نصرة المستضعفين”.

وفي حين أن إيران بالمناطق التي تمتد فيها نفوذ وكلائِها بين سوريا والعراق واليمن وغزة، لم تغيّر الأحوال على أي نحوٍ متقدم، كما لم تبدل من أوضاع “المستضعفين”، إنما ساءت الأمور أكثر فأكثر، لدرجة الإفقار وعدم التنمية وتفشي القمع والتهميش، فإن الثروات تتراكم بقدر ما تتسع مساحات النفوذ الجيوسياسي، وتمتلئ الصناديق التي تحمل اسم “المستضعفين” في طهران لتموّل الميليشيات العسكرية والقوى الميدانية الولائية، ليظل الاسم له دوره التعبوي الدعائي لتمرير سياسات وأهداف مشبوهة ومن دون أن تصل الحقوق لأصحابها.

ولا تخرج كذلك فكرة “المستضعفين” عن نطاق كونها ضمن أدوات إيران البراغماتية لتحقيق طموحاتها التوسّعية على مبدأ “تصدير الثورة”، وإيجاد الذرائع التي تجعلها تتمدد في المناطق الجيواستراتيجية التي تمثّل ما يُعرف بـ”الهلال الشيعي”.

صناعية المظلومية بشكل انتهازي في أدبيات التيار الإسلامي السّني والشيعي، تكاد أن تكون استراتيجية لا يتم التخلي عنها. حتى أنهم في أحايين كثيرة يضغطون من أجل التصعيد لإحداث صورة دموية للتخفي خلفها والتملّص من المساءلة عن الجرائم الضالعة فيها أو الإخفاقات والمسؤولية السياسية عن الأحداث التي جرت وتداعياتها. فتحت وطأة العنف والعنف المضاد في غزة، وتضاعف أعداد القتلى والجرحى والإصابات، بشكل يومي، ناهيك عن تدمير البُنى التحتية والمستشفيات، توظّفه حركة “حماس” لصالحها حتى لا تواجه المساءلة والمحاسبة عما اقترفته من هجوم مباغت من دون أن توفّر حماية للمدنيين أو تجعلهم بعيداً عن مرمى النيران والضربات العسكرية، فضلاً عن ندرة المواد الغذائية والطبية نتيجة الحرب وتعقيدات دخول المساعدات الإنسانية.

بالتالي، لم يكن عفوياً أو أمراً عادياً أن يجيء قرار الخميني عام 1979، بأن يكون يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان الذي له رمزيته في التاريخ الإسلامي ولدى المسلمين لـ”نصرة القدس” والإلحاح على العِداء المطلق لإسرائيل من هذه الزاوية الدينية.

المشتركات الأيديولوجية بين إيران و”الإخوان”

ويقول الدكتور هاني نسيرة في دراسة بعنوان: “إيران والإخوان المسلمين: المشتركات الأيديولوجية والعلاقات التاريخية”، إن هناك جملة من المشتركات الأيديولوجية والعلاقات التاريخية تجسّد “بُنية وهوية التقارب ما بين جماعة الإخوان المسلمين وإيران منذ إرهاصات ‘الثورة الإسلامية’ عام 1979، حيث تتلاقى المفاهيم الأيديولوجية و الأفكار والمرجعيات عند الإسلام السياسي- السّني والشيعي- برغم اختلاف مذاهبه، وتناقلته وأثّرت وتأثّر به طرفا العلاقة. لقد تأثر الإسلام السياسي في إيران بحسن البنا وسيد قطب والمودودي وغيرهم كما انعكست الثورة الإيرانية على نهج ومسارات جماعات الإسلام السياسي السّنية في المنطقة، ويمتلك الطرفان المواقف والتصورات السياسية عينها تجاه العلاقة مع الغرب، والمقاربة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكلاهما يلتقي في محورية البُعد الديني والخطابي والموقف من الدولة الحديثة”.

جماعة “الإخوان” لم تتردد في التلميح والتصريح ضد مصر. وكيل الاتهامات لها لجهة ملاحقتها بالإدعاءات والأكاذيب والشائعات طوال الوقت، مثل وصف النظام المصري “يمنعون الغذاء والدواء عن أهل غزة”.

ويردف: “يَعتبر خصوم إيران، أن التوسعية ونشر أفكار ‘الثورة الإسلامية’ يهيمنان على سياساتها الخارجية، وفق مبدأ ‘تصدير الثورة’ الذي جعله الخميني أول مبادئها وقضاياها، ويرون أنها تستغل بؤر النزاعات والخلافات في منطقة الشرق الأوسط لتثبيت أقدام وكلائها، وتقويض نفوذ خصومها. ويضيفون أن هدفها النهائي هو إنشاء ‘حزام’ موال لها متجاوز للحدود القومية، يمتد من إيران إلى لبنان ويشمل العراق وسوريا، أي شيء مماثل لطموحات الإمبراطورية الفارسية قديماً، لكن هذه المرة بصبغة خاصة تستند إلى كل من أيديولوجيتها الثورية، والولاء للمرشد الأعلى. وهذا سيناريو يثير القلق الشديد لدى جيران إيران، ويدفعهم أحياناً إلى العمل على منع تحقّقه”.

لذا، مع اندلاع هجمات “حماس” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، انبعث من جديدة الخطاب الإسلاموي التقليدي والتعبوي ذاته. فيما تم الإلحاح على أهمية دور “المقاومة الدينية” في مواجهة “الاستبداد” و”الاحتلال”.

اللافت أن التحركات الدعوية لجماعة مثل “الإخوان المسلمين” وتحديداً في الفضاء الرقمي وعبر منصات التواصل الاجتماعي، كانت تتعمد بين الحين والآخر إثارة أو التشويش على الدور السياسي والدبلوماسي لبعض القوى الإقليمية وأبرزها مصر والتقليل من شأن تحركاتها المهمة والجادة للتهدئة وتسوية الأمور سياسياً في إطار هدم الدور الوطني ليظل تسيّد الموقف الديني المسيّس والأيديولوجي بحسب الاستراتيجية الموجّهة في أدبياتهم التنظيمية.

حدث ذلك مع تكرار شائعة غلق معبر رفح وضرورة فتح المعبر وحشد المدنيين والصحفيين والناشطين في تظاهرات لفك الحصار. وهي مزاعم ثبت فشلها وكان الهدف من ورائها تشويه أي دور بهدف أن تكون مظلومية جديدة تراكم رصيداً لحساب القوى الإسلاموية التي تواصل التصعيد لحساباتها الإقليمية والسياسية.

توظيف الحوادث لاستعادة الشعبية

كما أن الأذرع الإعلامية والصفحات التابعة لـ “الإخوان” وقوى أخرى من ذات الاتجاه، كانت تواصل بثّ خطابات مشبوهة تتعلق بتفريط مصر في مساحات من سيناء برفح لتوطين الفلسطينيين وتهجيرهم.

الجوع يخيم على أهالي غزة- “الصورة من الإنترنت”

وذكرت الصفحات “الإخوانية” الرسمية عبارات ومقولات تحمل طابعاً بأن جماعة “الإخوان” هم حوامل القضية الفلسطينية والتي تبدو مثل “سفينة نوح التي تجعلهم ناجين من مرحلة الكمون. ومن بين ما جاء في هذا السياق: “‏فلسطين بالنسبة لنا..

هي عقيدةٌ ودين،

هي محرابٌ وأقصى،

هي قبةُ الصخرة،

هي مُفتتح سورة الإسراء في القرآن الكريم”.

بل إن جماعة “الإخوان” لم تتردد في التلميح والتصريح ضد الحكومة والنظام المصريَين. وكيل الاتهامات لهم لجهة ملاحقتهم بالإدعاءات والأكاذيب والشائعات طوال الوقت، مثل وصف النظام في مصر “يمنعون الغذاء عن أهل غــزة ويمنعون الدواء عن الجرحى والمصابين هم شركاء في الجريمة مع قوات الاحتلال، التي ترتكب كل يوم مجزرة جديدة، وكان آخرها مجـزرة جباليا. افتحوا المعابر لإيصال المساعدات قبل أن يلحقكم عارٌ لن يبرحكم ما حييتم. التحيّة والفخار لرجال المقاومة الأشاوس الذين يصنعون أيقونة الفداء، ويواجهون آلة التدمير التي تقف عاجزة أمام المقاومة، ولا تقوى إلا على مواجهة الأطفال والنساء..! التحية لصمود أهل غــزة الأسطوري.. الذين يتصدَّون لسياسات التهجير والقتل”.

وكان “الإخوان” في مصر وراء نشر صور عن عُلب البسكويت التي زعموا أنها منتهية الصلاحية وظل أثر الشائعة قائماً حتى بعد خروج بيان رسمي من برنامج الأغذية العالمي ينفي ما روّجته مواقع ومنصات جماعة “الإخوان” حول إرسال مصر لبسكويت فاسد ضمن المساعدات المقدمة لغزة.

ومطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي نشرت منصات الجماعة الإسلاموية مقطع فيديو غير حقيقي بخصوص انقلاب شاحنة مساعدات قادمة من مصر، واكتشاف المواطنين الفلسطينيين لوجود علب بسكويت فاسد ومنتهية الصلاحية في داخلها، مضيفة أن البسكويت ستنتهي صلاحيته الشهر الحالي و غالبيتها غير صالح للأكل. إلا أن برنامج الأغذية العالمي قال إن البسكويت المقدّم لسكان غزة تابع له، وهو آمن للاستهلاك خلال الأسابيع المدوّنة على العبوات وذلك حتى أوائل الشهر المقبل حيث سيتم تناوله بمجرد توزيعه قبل هذا التاريخ. وكشف البرنامج أن هذا البسكويت هو الأنسب لحالات الطوارئ، حيث تحتاج الأُسر الفلسطينية إلى تغذية مكثّفة وسريعة بسبب عدم قدرتها على الطهي لنقص الوقود.

ورغم رفض مصر القاطع لضرورات الأمن القومي أي تهجير للفلسطينيينَ، وعدم تصفية القضية، إلا أن “الإخوان” ساهموا في الترويج لقبول مصر بذلك بهدف تحميل الحكومة المصرية صورة مغلوطة بأنهم وراء الضغط على الفلسطينيينَ من جهة وحصارهم في نقطة جغرافية معيّنة فضلاً عن تصوير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنه متعاون مع إسرائيل ضد الفلسطينيينَ وتشويه دور القاهرة بل إنه يقبل بالتفريط في أي شيء مقابل الخروج من أزماته المالية.

مضاعفة أثر المظلومية

هذا الخلط المشبوه لتشويه صورة الدور الوطني السياسي لمصر، له علاقة بالصراع بين رؤيتين للحكم، إحداهما تعتمد على فكرة الإسلام السياسي والأممية التي تجعل المسلمين وحدة سياسية ودينية معاً.

بالتالي، تقوم تلك الجماعات بتشويه الدولة الوطنية ومضاعفة أثر المظلومية التي تعانيها الشعوب أو الجماعات والأفراد نتيجة تحالف النّظم وتصفها بـ”الطاغوت” حيث “لا تحكم بالإسلام” مع الأعداء التاريخيين (اليهود/إسرائيل)، لتصبح القوى الإسلاموية هي المرجعية الوحيدة التي تملك مفاتيح الحرية والعدل والتحرر من الظلم والعدوان والاستبداد وأي احتلال سواء محلي كان أو خارجي.

لا تتوانى الجماعات الإسلاموية عن توظيف أي حادث لاستعادة شعبيتها السياسية أو تفكيك الكتل المعارضة لها.

لذا تتبنى صفحات الجماعة عبر الوسائط الرقمية المختلفة “النفير العام” لتعميم صورة عن قيادتهم لفكرة الجهاد الديني والاستجابة للمعطى الإلهي الذي شكّلته “المقاومة” ضد إسرائيل، الأمر الذي قد يجذب قطاعاتٍ بين أوساط المتدينينَ والمراهقينَ تحت تأثير سمعي وبصري يضاعفه مشاهد قتل المدنيين والعنف المبالغ فيه من قبل القوات الإسرائيلية. فيما لم تتوقف تلك المنصّات عن استغلال أي حادث تحديداً كما جرى مع المراسل وائل الدحدوح التي ذيلها الإخوان عبر منصّاتهم بالآية القرآنية: “وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”.

وفي بيان للمتحدث الرسمي للجماعة قال: “تتوجه جماعة الإخوان المسلمون بنداء إلى كل أحرار العالم أن يهبوا لنجدة أكثر من 2 مليون فلسطيني يتم إبادتهم وحصارهم بصورة وحشية يندى لها جبين كل حُرّ. وعلى الجميع شعوباً وحكومات أن يتداركوا اللحظة الفارقة قبل أن تقع الكارثة!”.

لا تتوانى الجماعات الإسلاموية عن توظيف أي حادث لاستعادة شعبيتها السياسية أو تفكيك الكتل المعارضة لها، وحلحلة مكانتها التي انحسرت تماماً بعد فشلها في الحُكم وقبول الديمقراطية والتعدّد في فترة “الربيع العربي” والتي تحوّلت إلى “عشرية سوداء” في حالات عديدة، كما هو الوضع في تونس بفترة حكمهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات