وسط استمرار مأساة سكان غزة، ومع اقتراب حلول شهر رمضان، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن إسرائيل وافقت على وقف هجومها في غزة، خلال شهر رمضان، في إطار اتفاق لوقف لإطلاق النار تجرى مفاوضات في شأنه.

فيما ما تزال “حماس” تدرس مسودة المقترح، وفق الذي تلقته من محادثات باريس عن هدنة لمدة 40 يوماً ومبادلة سجناء فلسطينيين برهائن إسرائيليين بنسبة عشرة إلى واحد، بحسب مصدر كبير مقرب من المحادثات لـ”رويترز” اليوم الثلاثاء.

وقال بايدن خلال مقابلة مع برنامج الفكاهي سيث مايرز على شبكة “أن بي سي” الأميركية إن شهر “رمضان يقترب وكان هناك اتفاق بين الإسرائيليين على عدم الانخراط في أنشطة خلاله من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن” المحتجزين لدى حركة “حماس”.

وكان بايدن أمل أن يبدأ وقف إطلاق النار في غزة بحلول بداية الأسبوع المقبل. وفي إجابته على سؤال أثناء زيارة إلى نيويورك عن الموعد المحتمل لبدء وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس”، قال بايدن إن “مستشاري للأمن القومي يقول لي إننا قريبون، نحن قريبون، ولم ننته بعد. وآمل أنه بحلول الإثنين المقبل سيكون هناك وقف لإطلاق النار”.

غزة وأبرز بنود المقترح

بحسب مصدر وكالة “رويترز”، فإنه بموجب وقف إطلاق النار المقترح، سيتم إصلاح المستشفيات والمخابز في غزة وإدخال 500 شاحنة مساعدات إلى القطاع يومياً.

والالتزام بتوفير 200 ألف خيمة و60 ألف وحدة إيواء متنقلة، بجانب وقف عمليات الاستطلاع الجوي فوق غزة لمدة ثماني ساعات في اليوم.

فلسطيني يجلس على أنقاض مبنى دمرته غارات إسرائيلية في رفح بجنوب قطاع غزة في 9 أكتوبر 2023- “رويترز / إبراهيم أبو مصطفى”

وإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين من النساء والأطفال دون 19 عاماً ومن هم فوق 50 عاماً والمرضى مقابل تبادل السجناء الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين بنسبة 10 إلى واحد، أي مقابل 40 رهينة مدرجين في الفئة الإنسانية السابقة سيجري إطلاق سراح ما يقرب من 400 معتقل فلسطيني.

وأضاف المصدر بحسب “رويترز”، أن “مقترح باريس” يسمح بالعودة التدريجية للمدنيين النازحين إلى شمال قطاع غزة باستثناء الذكور في سن الخدمة العسكرية. وبعد بداية المرحلة الأولى، ستعيد إسرائيل تمركز قواتها بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان في قطاع غزة.

كما وتوافق إسرائيل على دخول الآلات والمعدات الثقيلة لإزالة الركام والمساعدة في الأغراض الإنسانية الأخرى مع توفير شحنات الوقود اللازمة لهذه الأغراض وبحسب الكميات التي سيتم الاتفاق عليها شريطة زيادتها مع مرور الوقت. وتتعهد “حماس” بألا تستخدم الآلات والمعدات في تهديد إسرائيل.

ولا تنطبق الترتيبات التي تم الاتفاق عليها في المرحلة الأولى على المرحلة الثانية والتي بدورها ستخضع لمفاوضات منفصلة لاحقة.

هدنة مرتقبة!

وبحسب وسائل الإعلام، تبذل إدارة بايدن جهوداً جادة لمحاولة التوصل إلى صفقة لإطلاق رهائن لدى “حماس”، يمكن أن تؤدي إلى توقف القتال في غزة لمدة ستة أسابيع قبل بداية شهر رمضان في غضون أسبوعين.

غير أن التوصل إلى اتفاق بحلول الاثنين المقبل “سيكون على الأرجح معركة شاقة” وفق موقع “أكسيوس” الأميركي، الذي أثار “الاختلافات الكبيرة” في وجهات النظر بين إسرائيل و”حماس” في المفاوضات غير المباشرة بينهما.

وضمن هذا الإطار، قال قيادي بحركة “حماس”، إن تصريحات بايدن حول وقف القتال في غزة سابقة لأوانها ولا تتطابق مع الوضع على الأرض، وفق ما نقلته “رويترز”.

وأشار القيادي في “حماس” إلى أنه “لا تزال هناك فجوات كبيرة يجب التعامل معها قبل وقف إطلاق النار”. لكنه لم يتطرق لمزيد من التفاصيل حول هذه الفجوات التي يسعى الوسطاء في مصر وقطر إلى ردمها وتضييقها بما يفضي إلى هدنة وشيكة بين طرفي الصراع في غزة.

وفي وقت سابق، قال مصدر لـ”رويترز” إن مسؤولين إسرائيليين توجهوا، أمس الاثنين، إلى قطر، للعمل على بنود اتفاق التهدئة في غزة والإفراج عن الرهائن، في خطوة نحو التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تقول واشنطن إنه أصبح قريباً.

وتزامن زيارة الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة، الذي ضم قيادات من جهاز المخابرات “الموساد” والجيش، بحث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الاثنين، مع رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية، جهود التوصل إلى اتفاق لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة.

طالما أن مواقف الوسطاء، وتحديداً مصر والولايات المتحدة، متقاطعة مع بعضها البعض، فإنهم سيبذلون جهوداً كبيرة لتحقيق استراتيجية لتأمين سياق جديد يفض الصراع.

وبالنظر إلى أن “حماس” ليست إيجابية حتى الآن في ردها على مسودة المقترح، فإن كل هذا يشير إلى أنها لا تزال تناور بحجة التمسك بمطلبها وهو وقف دائم لإطلاق النار، وهي تدرك جيداً أن إسرائيل لن تقبل بهذا الشرط، على الأقل في المرحلة الحالية. ولذلك يجب على الوسطاء (مصر وقطر) محاولة إقناع “حماس” بمطالب أخرى، مثل إطلاق سراح بعض السجناء البارزين الذين تطالب بهم مقابل التراجع عن مطالبها، وذلك لوقف الحرب التي تودي بحياة العشرات كل يوم في غزة، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية وهجرة الآلاف منهم، ونفاذ الغذاء والمياه والمواد الطبية.

ما التوقعات؟

بحسب مصادر أمنية مصرية، فإن محادثات غير مباشرة يشارك فيها وفدان من إسرائيل و”حماس” ستُعقد هذا الأسبوع أولاً في قطر ثم في القاهرة لاحقاً. وسيجتمع الوفدان مع الوسطاء في المدينة نفسها، ولكن ليس وجها لوجه، وفق تقارير صحفية.

وفي ضوء كل ذلك، أعلنت الرئاسة الفلسطينية، الاثنين، أن الرئيس محمود عباس قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية.

ويبدو أن استقالة حكومة اشتية تشير إلى احتمالات وخطط متباينة، لكنها تؤكد حتماً واقعاً جديداً يرتسم يتعلق بمرحلة اليوم التالي بعد الحرب في غزة، خاصة وأن الوسطاء المصريين والقطريين، وبدعم أميركي، يبذلون حالياً جهوداً حثيثة للتوصل إلى هدنة جديدة قد توقف المأساة المستمرة هناك.

وتدعيماً لذلك، أشارت واشنطن قبل أيام قليلة إلى أن ثمة “تقدم ملحوظ” في المفاوضات بين طرفي الصراع بشأن إطلاق سراح الرهائن والاتفاق على هدنة طويلة الأمد.

الفلسطينيون الفارون من الشمال عبر طريق صلاح الدين في منطقة الزيتون على المشارف الجنوبية لمدينة غزة، يسيرون أمام دبابات الجيش الإسرائيلي في 24 نوفمبر 2023، بعد وقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام. “محمود همس / أ ف ب”.

في العموم، طالما أن مواقف الوسطاء، وتحديداً مصر والولايات المتحدة، متقاطعة مع بعضها البعض، فإنهم سيبذلون جهوداً كبيرة لتحقيق استراتيجية لتأمين سياق جديد يفض الصراع، ويزيل السياق الميداني المحتدم، ويفتتح سياقاً سياسياً يبقي جميع الأطراف على حدودها الآمنة والمستقرة.

كما أنه بات من الملح وفق دوائر صنع القرار في واشنطن وكذا شركائهم الإقليميين سواء بمصر أو في الإقليم بشكل عام أنه من الضروري حل الدولتين، وعمل خطة تفصيلية وشاملة بمقدورها تحقيق السلام والذي لن يتحقق سوى بتدشين دولة فلسطينية.

لذا، فإن سعي واشنطن مع مصر وقطر من شأنه إنجاح وقف إطلاق النار الأولي، ثم بعد ذلك تكون هناك فرصة في سياق تلك التهدئة أن يتم العمل والتفاوض من أجل إنهاء أزمة الرهائن قبل شهر رمضان المتوقع أن يبدأ في 11 آذار/ مارس المقبل، والدخول في مهمة تعيين حكومة فلسطينية مؤقتة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات