أغفلت الضربات الإسرائيلية على المواقع العسكرية للفصائل الموالية لإيران وأبرزها حزب الله اللبناني في سوريا، الرؤى أمام تحليلات وتوقعات المراقبين حول جدوى هذه الضربات في انسحاب إيران وعودة، الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى الحضن العربي والمجتمع الدولي.

والجدير ذكره، أنّه خلال الفترة الأخيرة، سارعت الكثير من الدول لتصنيف الحزب كمنظمة إرهابية وأخرها أستراليا في الأسبوع الفائت، ولذا فإن موقف الحزب من المجتمع الدولي موقف عداء كما هو موقف المجتمع الدولي منه. وهذا الأمر له استحقاقات كثيرة تمثلت في عقوبات سواء من الولايات المتحدة أو من دول أخرى على حزب الله.

التحليلات والتوقعات لم تكن في على اطلاع أنّ بدء الحزب في ترتيب أوراقة داخل سوريا، وتأثيره على الواقع اللبناني. جاء بعد خطوات عربية في البداية، ومن ثم دولية خضعت خلالها طهران وموسكو لضغوط من أجل إنجاح ذلك. ولكن السؤال الأهم، هل يلتزم حزب الله بالخطة الدولية؟

خطة انسحاب قادة حزب الله من سوريا

كشفت مصادر دبلوماسية عربية، أنّ بداية طرح خروج أفراد الحزب الفاعلين في سوريا، تم طرحها في فبراير/شباط 2021. وتم التحرك بها من قبل موسكو في مارس/آذار الفائت.

وأوضحت المصادر، لـ(الحل نت)، أنّ وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أبلغ وفد الحزب برئاسة، عمار الموسوي، أنّ اتفاق عربي وأميركي جرى بضرورة تقليص أعداد قادة وعناصر الحزب الفاعلين في سوريا.

وأوضحت المصادر، أنّ اتفاق ثلاثي بين رؤساء موسكو وطهران وأنقرة، خلال سبتمبر/أيلول الفائت، نص على تخفيف التواجد الإيراني يبدأ بانسحاب طفيف لعناصر الحزب من أبرز المواقع السورية.

وعن فاتورة الحزب في حربه من الحكومة السورية، أكدت المصادر أنّ الطرح جاء تنفيذا للورقة الأردنية. والتي طالبت فيها بانسحاب فعلي لحزب الله والفصائل الموالية لإيران من جنوب البلاد. وأيدت هذه الورقة إسرائيل، والتي طالبت بانسحاب كامل للعناصر الموالية لإيران واقتصار وجود الجيش السوري في المنطقة.

اقرأ أيضا: “ضربة تحت الحزام” لـ “حزب الله”.. النفوذ الإيراني يترنح في لبنان؟

الانسحاب تحت بند المصلحة الإيرانية

يقول الخبير والمحلل السياسي، الدكتور منذر الحوارات، لـ(الحل نت)، إنّ حزب الله مرهون بعلاقات استراتيجية مع دولة وحيدة بالعالم. هي القادرة فقط على أن تملي عليه قراراته سواء الآنية أو الاستراتيجية المستقبلية، وهي هنا إيران. سوريا حضوره فيها متعلق بالدور الإيراني، وأيضا في لبنان حضوره في لبنان يتعلق بالأجندة اللبنانية.

وبالتالي، ووفقاً لحوارات، فالحزب يتوافق مع القرارات الدولية أو يرفضها بقدر توافق تلك القرارات الدولية مع الأجندة الإيرانية. ففي سوريا مثلا هو موجود لأنه يخدم بقاء حكومة دمشق لمصلحة إيران. ويخدم التواجد الإيراني لمصلحة الإستراتيجية الإيرانية التي تريد أن تكون موجودة في المنطقة حاضرة في ملفاته الرئيسية.

وتستغل إيران الحزب في تشكيله كأداة ضغط لتمارس مفاوضاتها مع المجتمع الدولي سواء فيما يخص برنامجها النووي أو برنامجها الصاروخي أو نفوذها وتوسعها بالمنطقة. 

وعليه فإن التزام حزب الله أو إذعانه للقرارات الدولية مرتبط فقط بالرؤية الإيرانية والتوجه الإيراني إذا خدم هذه الرؤية. والتوجه باعتقاد الخبير السياسي، سيضع لها لأن إيران تريد ذلك. 

اقرأ المزيد: أستراليا تصنف حزب الله بأسره “منظمة إرهابية”.. توسيع لنطاق العقوبات!

هل ينضبط الحزب في انسحابه؟

لا تشير التوقعات إيجابية الحزب في تنفيذ القرارات الدولية، حتى لو كان الخطة وعوداً دولية بتمكين الحزب في الحياة السياسية اللبنانية، كما ذكرت المصادر الدبلوماسية لـ(الحل نت).

وفي السياق ذاته، ذكر حوارات أنع في الوضع السوري هنالك ضغوط دولية لإنهاء حالة الصراع والاقتتال. وهذه الضغوط من الأطراف العربية والإقليمية التي تحاول أن تشد الدور السورية عن أن الحالة الإيرانية أو عن التحالف مع إيران.

ولذلك فإنّ هذا سينعكس على حزب الله وتواجده في سوريا. وعليه توقع المحلل السياسي، أن يمارس الحزب رد فعل قوي ورافض لهذا التقارب، ورد فعل يرفض الانخراط في هذه الرغبة الإقليمية في التصالح مع دمشق.

وأوضح الحوارات، أن هذا التصالح وإيجاد حل للأزمة السورية، سوف يكون على حساب تواجد الدور الإيراني وتوابعه ومنها حزب الله. لأن شرط المصالحة الدولية وشرط إعادة تأهيل النظام في سوريا هي إنقاص أو تخفيض أو إلغاءه. 

واختتم الحوارات حديثه، «أتصور أن يقف حزب الله موقف الضد من أي قرار دولي أو إقليمي غايته إعادة تأهيل سوريا ونظامها لمصلحة إخراج إيران وحلفائها من تلك المنطقة. ولذا ربما يصعد الحزب بالمرحلة المقبلة على الأرض السورية حتى يستطيعوا إيجاد حالة من التوتر تسمح لهم بالبقاء وتنهي فرص السلام الحقيقية. 

ولا شك أنّ تواجد حزب الله مرتبط بالفوضى. فاستمرار الفوضى تعني أنها تغذي وتعطي الروح لتواجد الحزب وإيران وأذرعها في سوريا وفي غير سوريا.

للمزيد: حزب الله في القصير: هل بات ريف حمص صالحاً للحياة بعد أعوام من انتهاء المعارك؟

انسحاب أم إعادة تموضع؟

كشفت مصادر إعلامية لبنانية، الجمعة الفائت، عن عملية انتشار جديدة لعناصر حزب الله اللبناني على الأرض السورية. وبدء تجميع عناصره في مدينة القصير باستثناء قلة منها بقيت في إدلب لتقاتل إلى جانب قوات الحكومة لاسترجاع السيطرة على المنطقة.

وذكر موقع “ليبانون فايلز” اللبناني، أن عددا من عناصر حزب الله في سوريا انسحبوا إلى لبنان. وذلك إثر تكثيف الطيران الإسرائيلي غاراته وضرباته لمواقع الحرس الثوري الإيراني والحزب.

من هنا تضيف المصادر جاء قرار الحزب بنقل عديده وعتاده إلى مدينة القصير والمناطق القريبة من الحدود اللبنانية. وذلك بعد استحداث المخازن اللازمة وإقامة الخرسانات المطلوبة لتخزين الدقيق والثقيل منها.

وكان رئيس “التيار الوطني الحر” اللبناني، جبران باسيل، قد أكد في تصريح غير مسبوق، في سبتمبر/أيلول الفائت، خلال مؤتمر صحفي له، أن حزب الله بدأ يفكر بالعودة من سوريا، مشددا على أن اللبنانيين يدعمون هذا القرار.

ويبدو أن حديث باسيل، جاء بالتزامن مع التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان، وتزايد الضربات الإسرائيلية على مواقع لإيران وحزب الله في سوريا، وهذا يدل على أنّ هنالك مؤشرات على أن الحزب في وضع محرج على مختلف المستويات.

قد يهمك: تمويل حزب الله: كيف أصبحت سوريا المركز الأساسي لإمبراطورية الحزب المالية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.