الحرب السورية، التي طالت جميع القطاعات في سوريا، خلال السنوات الماضية، أدت إلى إغلاق عدد كبير من شركات السفر والسياحة، فضلا عن الخطر الموجود في البلاد نتيجة الوضع الأمني غير المستقر، ما أدى إلى تفكك القطاع السياحي بشكل كبير حيث قُدرت حجم الخسائر في قطاع السياحة في سوريا بأكثر من 1.5 مليار دولار أميركي، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالآثار والمواقع الأثرية التي لا يمكن حصرها. لكن بسبب وجود النفوذ الإيراني في سوريا، لم تنخفض السياحة الدينية الإيرانية إلى مستويات ضعيفة، إذ ظلت مستمرة ولو على فترات متقطعة.

60 رحلة طيران أسبوعيا

وكالة “تسنيم” الإيرانية، أكدت يوم أمس الأحد، عودة الرحلات الجوية بين مدينة مشهد الإيرانية، ومدينة دمشق، حيث نقلت عن المدير العام للمطارات الدولية بمحافظة خراسان الإيرانية، محمود أماني بني قوله إنه “بمناسبة يوم الثالث من شعبان، ذكرى ولادة الإمام الحسين… تنطلق اليوم، رحلة مباشرة من مشهد إلى دمشق عند الساعة السادسة مساء”.
وأكد المسؤول الإيراني أنه من المقرر حاليا استمرار رحلة (مشهد- دمشق) و (دمشق- مشهد) ليوم واحد في الأسبوع.

بدوره، قال مدير النقل الجوي بالمؤسسة العامة للطيران المدني السوري، فادي جنيدي، في تصريح لوكالة “سانا“، أنه تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين المؤسسة العامة للطيران المدني السوري، والطيران الإيراني، تسمح لكل طرف بتشغيل 60 رحلة طيران أسبوعيا واستخدام مطارات البلدين.

وأردف جنيدي للوكالة المحلية، أنه تم منح شركات الطيران الإيرانية الموافقة لتنفيذ رحلات من المطارات الإيرانية لدمشق واليوم حسب مدير عام الطيران الإيراني سيتم تنفيذ رحلة طيران على (مقطع مشهد.. دمشق).

السياحة الدينية الإيرانية في سوريا

رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية، صرح لوكالة “فارس” الإيرانية، في وقت سابق خلال شهر كانون الثاني/يناير الماضي، بأن الرحلات الإيرانية ستستأنف اعتبارا من الشهر الأول لسنة 2022 حيث ستضم كل قافلة 25 سائح إيراني لزيارة ضريحي السيدتين زينب ورقية في دمشق، وأن هذه الرحلات قد استؤنفت بعد عامين من انقطاعها بسبب جائحة فيروس “كورونا”.

وتابع تصريحه قائلا بأن هذه الرحلات ستسير في الأسبوع مرتين، انطلاقا من مطار “الإمام الخميني” في طهران إلى دمشق مباشرة، مبينا أن هذه الزيارات حاليا ستقتصر على زيارة دمشق فقط.

وفي وقت سابق من العام الماضي، قال رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية، أن إيران وقعت مذكرة تفاهم مع حكومة دمشق تفضي بإرسال 100 ألف حاج إيراني إلى سوريا سنويا.

يذكر أن استئناف الرحلات الإيرانية إلى سوريا جاء بعد اجتماع ضم كل من السفير الإيراني في دمشق، ووزير السياحة السوري، وأعلن الأخير أنه تم وضع برامج وخطط لتحفيز السوريين على التوجه إلى إيران بقصد السياحة.

ولم تكن تلك التصريحات هي الأولى من نوعها، حيث كان هناك تصريحات لوزير السياحة السوري عام 2017 تحدث فيها بأن السياحة الدينية في سوريا قد ارتفعت بمعدل ثلاثة أضعاف عن العام 2016، وأن قيمة عائدات شركة النقل قد وصلت حينذاك إلى 150 مليون ليرة سورية.

قد يهمك: تدهور اقتصادي جديد في إيران.. أزمة الأسعار ليست المشكلة الوحيدة

الهدف من السياحة الدينية

وبحسب مراقبين، فإن الرحلات لم تتوقف بين دمشق وطهران ولكن ليس للحج بل لزيادة التموضع الإيراني في سوريا، فإذا ما أراد شخص من إيران زيارة سوريا للحج فإن ذلك سيكلفه ما يقارب 650 دولار، وهذا المبلغ ليس بالبسيط للمواطنين الإيرانيين، بخاصة وأن الوضع الاقتصادي في إيران متدهور، وذلك في ظل معاناة البلاد هناك من ارتفاع التضخم بشكل كبير نتيجة العقوبات الدولية عليها، لاسيما وأن أكثر من ثلث السكان الإيرانيين تحت خط الفقر. فكيف للمواطن البسيط في إيران أن يتحمل عبئ تكاليف السفر إلى سوريا وهو يعاني من الفقر في وطنه.

وتعاني إيران من أزمة اقتصادية خانقة، خاصة بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018، وإعادة العقوبات الأميركية، لتشهد البلاد بعد ذلك موجات احتجاج متلاحقة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، وازدياد الأسعار الكبير.

من جانبه الخبير الاقتصادي سمير طويل، وخلال تصريحه لـ”الحل نت” في تقرير سابق، قال إن مثل هذه الرحلات السياحية الإيرانية إلى سوريا لا يمكن أن تضيف قيمة مضافة على الاقتصاد السوري، سواء بالحجوزات الفندقية أو بعمليات الإنفاق، وعلل ذلك بأن أغلب هؤلاء السائحين يقومون باستئجار شقق مفروشة، أو يقيمون عند أشخاص تربطهم بهم صلة معرفة أو قرابة.

أما عن الاستفادة منهم من خلال عمليات الإنفاق التي يمكن أن يقوموا بها، فأشار طويل إلى عدم وجود فائدة منها، بسبب أن هؤلاء الأشخاص يقومون باصطحاب ما يحتاجون من مواد استهلاكية من إيران، بل على العكس يمكن أن يكلفوا حكومة دمشق تكاليف يتم إنفاقها عليهم لأنهم يحملون امتيازات مختلفة، وفق قوله.

أما من جانب حكومة دمشق، ربما تقوم بهذا الأمر في سبيل ترويج اعلانات السياحة والدعوة لزيارة البلاد، سعيا منها لإعادة تأهيل صورتها الدولية، وتطلعها للاستفادة من النقد الأجنبي الذي يمكن أن يدخل للبلاد، بخاصة أن مثل هذه الرحلات يمكن أن تكلف السائح الواحد 2000 دولار أميركي على أقل تقدير.

وكانت الإحصائيات الرسمية لحكومة دمشق تشير إلى أن السياحة في سوريا كانت تشكل 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، وكانت تخلق وظائف لـ 11 بالمئة من عمال البلاد، وبحسب صحيفة “ديلي بيست” فإن 8.5 مليون سائح زاروا سوريا عام 2010. إلا أن تلك العائدات قد انخفضت لأكثر من 98 بالمئة خلال فترة الحرب.

قد يهمك: النفوذ الثقافي الإيراني بسوريا: لماذا تدعم الجامعات الإيرانية طلاباً فاشلين؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.