بعد دخول اتفاقيات “الممر الآمن” المنفصلة، والموقّعة في 22 تموز/يوليو في العاصمة التركية، اسطنبول حيز التنفيذ، فإن أول سفينة غادرت أوكرانيا مطلع شهر آب/أغسطس، بموجب اتفاق استئناف تصدير الحبوب من البلاد قبل نحو أسبوعين، رست في ميناء طرطوس السوري. كما أن جهاز الإرسال والاستقبال فيها مغلق منذ ساعة مبكرة من يوم الجمعة الماضي أي 12 آب/أغسطس الجاري، بحسب ما تبيّن من خلال صور الأقمار الصناعية ومصادر في قطاع الشحن.

موقعها غير معروف!

سفينة “رازوني”، التي ترفع علم سيراليون، هي أول من أبحرت من ميناء أوديسا الأوكراني في الأول من آب/أغسطس، بموجب الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا، الذي تم برعاية الأمم المتحدة وبواسطة تركيا، لكن موقعها ظل غير معروف في الأيام الماضية على خلفية عدم عمل جهاز الإرسال والاستقبال فيها.

وهذه السفينة تحولت إلى أكثر سفينة استدعت مراقبة العالم عن كثب، ويعود ذلك لأنها أول سفينة تبحر من ميناء أوديسا، بعد توقيع اتفاق بوساطة أممية، حيث عملت تلك الاتفاقية على فتح ممر إنساني يتيح عبور ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية العالقة في الموانئ الأوكرانية، في البحر الأسود.

ولم تتمكن سفينة الشحن، التي تحمل 26 ألف طن من الذرة، من الوصول إلى وجهتها المعلنة بالأساس في لبنان، الذي يعاني أزمة اقتصادية حادة، أدت إلى انعدام الأمن الغذائي لنحو نصف سكانه. لكن، المشتري الأصلي رفض تسلم الشحنة بسبب مخاوف من الجودة ومن ثم أبحرت السفينة إلى تركيا ورست في مرسين في 11 آب/أغسطس، وفق مصدران لوكالة “رويترز” مؤخرا.

الأمر الذي استدعى بيع الشحنة من جديد، بعدما أفرغت تلك السفينة 1500 طن من حمولتها في تركيا، ثم توجهت نحو وجهتها التالية المعلنة في مصر، غير أن جهاز بث الإرسال لديها توقف يوم الجمعة الماضي، وكان آخر ما أرسله الجهاز الذي يبث موقع السفينة ومعلومات تتصل بمسارها ورحلتها، عندما وصلت السفينة قرب الساحل الشمالي الغربي لقبرص، وفق صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.

كذلك، وكالة “رويترز”، أكدت في تقرير لها على أن السفينة أغلقت جهاز الإرسال والاستقبال بها عندما أبحرت مرة أخرى. وأكد مصدران في قطاع الشحن، أحدهما في طرطوس، لـ”رويترز” يوم الأحد الفائت، أن السفينة تقترب من الميناء الواقع في شمال غرب سوريا.

ووفق تقرير الصحيفة البريطانية، فإنه بناء على الصور التي نشرتها مجموعة مخابر الكوكب المتخصصة بالتصوير عبر الأقمار الصناعية، تبيّن أن سفينة تحمل علم سيراليون قد رست في ميناء طرطوس بسوريا يوم الإثنين الماضي، وهذا الميناء ما هو إلا قاعدة بحرية روسية.

كذلك، أظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها وكالة الفضاء الأوروبية، بأن السفينة رست بالقرب من ميناء طرطوس يوم السبت الفائت.

تجنب الإبحار في مياه سوريا

يذكر أن عمليات الاتجار بالحبوب والمواد الغذائية مع سوريا، لا تمثل انتهاكا للعقوبات الغربية المفروضة على الحكومة السورية، إلا أن بعض السفن تتجنب الإبحار في المياه الاقليمية لتلك الدولة والتصريح عن ذلك للعلن، وذلك بسبب الشروط المفروضة على المؤسسات المالية بحسب ما ذكره تجار الحبوب، وفق تقارير صحفية.

والصور التي نشرتها مجموعة مخابر الكوكب تظهر سفينة “رازوني” وهي تصل للموانئ السورية في مرات ثلاث خلال هذا العام، وقد أغلقت بث إشارتها في بعض المرات، أو أصبحت إشارتها قاتمة.

كما وقد انقطع الاتصال بسفينة “رزوني”، إذ إن “فاينانشال تايمز” لم تتمكن من التواصل مع الشركة التي تنتمي إليها، ولا مع طاقمها.

بالإضافة إلى أن مركز التنسيق المشترك الأممي، الذي يشرف على تلك الاتفاقية لم ترد عندما طلبت الصحيفة البريطانية من كادره التعليق على الموضوع يوم الإثنين الماضي، واكتفى بالقول، إن دوره يقتصر على ضمان عبور آمن للسفن التي تحمل صادرات أوكرانية من المواد الغذائية بين الممر المخصص للحبوب وإسطنبول، إلى جانب التأكد من عدم نقل تلك السفن لأي شخصيات غير مسموح لها بالسفر ضمن طاقمها، أو نقلها لشحنات غير مرخص لها، كما أعلن أنه ليس من مهام المركز مراقبة سير الرحلات بعد إبحار تلك السفن من إسطنبول، بما أن الوجهة النهائية يمكن أن تتغير تبعا للنشاط التجاري، وهذا الأمر بالتحديد لا يخضع لسيطرة ذلك المركز.

قد يهمك: سفن محملة بالحبوب والمواد الغذائية تغادر أوكرانيا.. ما وجهتها؟

16 سفينة أبحرت حتى الآن

من جانب آخر، تجدر الإشارة إلى أن 16 سفينة، أبحرت حتى الآن من موانئ أوديسا، وتشورنومورسك، وبيفديني ضمن اتفاقيات “الممر الآمن”، التي وقعت بين أوكرانيا وروسيا وبرعاية أممية، ورست في موانئ عدة دول، بما في ذلك تركيا ولبنان وايرلندا وبريطانيا والصين.

وتعتبر هذه أولى الحمولات التي تغادر رسميا الموانئ الأوكرانية، منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير الفائت، بعد أن جرى توقيع اتفاقيات منفصلة من قبل أوكرانيا وروسيا، برعاية أممية ووساطة تركية، أواخر الشهر الفائت.

وبموجب خطة الأمم المتحدة، فإن أوكرانيا، ستتمكن من تصدير 22 مليون طن من الحبوب، والسلع الزراعية الأخرى التي توقفت في موانئ البحر الأسود، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وبالتالي الأيام المقبلة كفيلة بكشف مدى التأثير الإيجابي لهذه الاتفاقات، فيما إذا كانت قادرة على إحداث انفراجة في أزمة الغذاء.

ماذا ردت أوكرانيا؟

في سياق متّصل، فقد اتهمت أوكرانيا سوريا في وقت سابق باستيراد ما لا يقل عن 150 ألف طن، من الحبوب قالت، إنها مسروقة من مستودعات أوكرانية بعد الغزو الروسي. ونفت روسيا من جانبها سرقة أي حبوب أوكرانية.

وقطعت أوكرانيا العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، في حزيران/يونيو الماضي بعد أن اعترفت دمشق باستقلال منطقتي لوغانسك، و ودونيتسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا.

من جانبها، أعلنت السفارة الأوكرانية في بيروت، أن أول السفينة “رازوني” التي ترفع علم سيراليون، وهي أول سفينة غِلال تغادر أوكرانيا، أعيد بيع حمولتها عدة مرات، ولا معلومات عن موقعها أو وجهتها.

وقالت سفارة أوكرانيا في بيروت، في بيان: “مهمتنا كانت إعادة فتح الموانئ البحرية لشحن الغِلال وقد تم ذلك بالفعل، وحتى الآن غادر أوكرانيا أكثر من 450 ألف طن، من المنتجات الزراعية منذ التوصل لاتفاق بوساطة تركيا، والأمم المتحدة مع كل من روسيا وأوكرانيا”.

وذكرت السفارة الأوكرانية، أن “هذه السفينة هي أول سفينة تغادر أوكرانيا بموجب الاتفاق، ثم اجتازت التفتيش بنجاح في إسطنبول قبل الابحار نحو وجهتها. إلا أنه ليس لدينا أي معلومات عن موقع السفينة أو وجهتها. لدينا أيضا معلومات تفيد بأنه تم إعادة بيع الحمولة عدة مرات بعد ذلك”، مضيفة: “لسنا مسؤولين عن (السفينة) والبضائع، خاصة بعد مغادرتها أوكرانيا، وبعد مغادرتها مجددا من ميناء أجنبي”.

وفي غضون ذلك، قال مسؤول في الأمم المتحدة، إن السفينة “بريف كوماندر”، التي استأجرتها الأمم المتحدة، ستغادر أوكرانيا متجهة إلى إثيوبيا في الأيام المقبلة. وستكون حمولتها أول شحنة مساعدات غذائية إنسانية متجهة إلى أفريقيا، منذ قيام روسيا بإرسال قواتها إلى أوكرانيا.

قد يهمك: عودة تصدير الحبوب الأوكرانية.. انفراجة في أزمة الغذاء؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة