تحذيرات متكررة من الواقع الكارثي والخطير للمباني المنهارة والمهدمة في حلب، وكذلك الأبنية المخالفة، ورغم المطالبات العديدة بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية، وكذلك اتخاذ تدابير لضمان السلامة العامة من أجل منع وقوع الحوادث البشرية، والكوارث الإنسانية، التي لم يكن أولها انهيار مبنى سكني في حي الفردوس، والذي راح ضحيته 11 مواطنا، غير أن هذا الملف بقي على أهميته وأولويته الساخنة مؤجلا، ومرحّلا من عام إلى عام.

مخالفات بالآلاف

لا شك أن مأساة انهيار المبنى السكني، والأحداث المماثلة التي وقعت قبله في عدد من أحياء حلب التاريخية في السنوات السابقة، والخسائر البشرية المفجعة التي نتجت عن ذلك، أثارت من جديد العديد من التساؤلات المحيّرة حول طبيعة المهام الموكّلة إلى مجالس المحافظات والمدن، وكذلك لجنة السلامة العامة.

المهندس أحمد رحماني، نائب رئيس مجلس المدينة، قال لصحيفة “البعث” المحلية، أمس الجمعة، إن ثلث مساحة حلب من المناطق المعرضة للخطر والانتهاكات، والتي تحتاج إلى معالجة عاجلة من خلال إجراءات صارمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة، خاصة وأن هناك أكثر من 10200 مبنى سكنيا مخالفا في هذه المنطقة، مضيفا، أن ” لا يبرر وجود تقصير وربما أكثر من ذلك، وبالتالي المحاسبة هنا واجبة وضرورية”.

وبيّن رحماني، أنه تم تشكيل لجنة لدراسة الملابسات المحيطة بانهيار المبنى، وشرح أسباب انهياره والتعرف على عمره، وجميع العوامل الأخرى ذات الصلة وتقديم تقرير خلال 24 ساعة. واستنادا إلى نتائج التحقيق، ستحدد اللجنة كيفية المضي قدما ومن سيخضع للمساءلة.

لا سكن بديل

ردا على تصريحات رحماني، طالب سكان المناطق التي تحدث فيها حوادث الانهيار، بالمشاركة الحكومية على مستوى عال من أجل وقف ارتفاع عدد القتلى، وحرصا على درء المخاطر الآنية، ومنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة التي خلّفت في قلوب الجميع الكثير من الآلام والحزن والأسى، طالب السكان بتقديم العون الفوري للذين يعيشون في هذه المناطق، مع توفير السكن البديل المؤقت لحين تنفيذ عمليات التأهيل والترميم.

وبموازاة ذلك، ذكر بعض المراقبين والمهتمين بشؤون الخدمات، أن على الحكومة واجب التصرف فورا، وإطلاق تحقيق شفاف، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة الإنسانية الثامنة في السنوات الأخيرة، بسبب اتساع دوائر الفساد المالي والإداري في حلب، وعدم قدرة السلطات المعنية على مكافحتها والقضاء عليها.

وبحسب الصحيفة، فإنه يجب المساءلة المباشرة بدءا من مجالس المحافظة مرورا بلجنة السلامة العامة، وعدم الانتهاء من مديرية الخدمات المكلفة بالحي، خاصة بعد أن تبيّن أن المبنى المنهار كان مخالفا وقد تم تشييده منذ عامين، ولا يندرج ضمن فئة المباني المتضررة والمنهدمة، مما يستوجب دراسة وفحص ملف الهندسة والبناء.

آلاف المباني مهددة بالانهيار

منذ عام 2019، و”الحل نت”، يتابع أول بأول ملف المباني السكنية المتضررة والتي لا تصلح للسكن، ورغم الوعود الحكومية منذ ذلك الحين إلا أن الحال على ما هو عليه، وبقي “الموت المجاني”، وجهة العوائل المحدودة الدخل.

منذ عام 2016، آلاف المباني السكنيّة في مدينة حلب مهددة بالانهيار فوق رؤوس ساكنيها، وبحسب المصادر الحكومية، فقد شمل التقييم 36 حيا من مدينة حلب، بلغ مجموع الأبنية المصابة بضرر معماري خفيف بنحو 10176 بناء، أما الأبنية المتضررة ضررا إنشائيا، فقد بلغ 8031 بناء طابقيا.

وأعلن مجلس المدينة منذ ذلك الوقت، أن نحو أربعة آلاف عائلة في مدينة حلب، يقطنون في مبان معرضة للانهيار في أية لحظة، مضيفا أنه تم تشكيل لجنة لإخلاء الأبنية الخطرة في المدينة، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.

الجدير ذكره، أن العشرات من الأحياء في مدينة حلب، التي تعرضت للقصف بأنواع الأسلحة كافة، وذلك خلال سيطرة فصائل المعارضة على ما يقارب نصف المدينة، حيث تعرضت تلك المناطق للقصف بمئات الصواريخ، ما تسبب بدمار مئات المباني السكنية وتصدع الآلاف منها خلال عمليات القصف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.