في سوريا، عدد كبير من الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، خصص لبيع مختلف أنواع المنتجات التموينية من أغذية ومستلزمات شخصية ومنظفات وملابس، بالإضافة إلى بيع أجهزة ومعدات كهربائية وصولا لأثاث المنازل.

هذه الصفحات تغري الزبائن بطرح أفضل المنتجات بأسعار تنافسية في الأسواق، كما يتم مثلا عرض أثاث غرف الصالون بـ 900 ألف ليرة فقط، وأيضا على سبيل المثال، قد يكلف معطف شتوي 80 ألف ليرة، وهو ما لا يتجاوز 50 بالمئة، من سعره في السوق، وفقا للعديد من المواطنين، فإن الدافع وراء الشراء عبر الانترنت، هو أنها أقل تكلفة من الأسواق، ووسيلة مضمونة للهرب من الأسعار المرتفعة.

الفرق السعري

في هذا الصدد، كشف أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، في تصريحات لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأربعاء، أن الاتجاه نحو التسوق عبر الإنترنت ظهر بسبب تفاوت الأسعار بين المنتجات المعروضة على صفحات “الفيسبوك”، وتلك المعروضة في المحلات.

وقال حبزة، “إضافة إلى بعض الإغراءات والإعلانات التي قد تكون مخادعة بطبيعتها، ولأن بعض هذه المواد غير معروف المصدر وتفتقر إلى الفواتير الرسمية أو كشوف التكاليف، ولأن قوة الشراء المنخفضة هي التي تشجع المواطن على شرائها بصرف النظر عن جودتها، فمن الواضح أن التعامل مع هذه المواد وكأنها في السوق أمر ضروري”.

من جهته، اعتبر مصدر من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أن القرار رقم 8 لسنة 2021 ينظم التجارة الإلكترونية عبر عدة مواد، حيث نصت المادة 30 من المرسوم على أنه يحظّر الإعلان أو الترويج بأي وسيلة للمواد أو المنتجات أو السلع المزيفة أو رموز أو أشكال أو مواصفات لا تتفق مع الواقع، مما يؤدي إلى غش أو خداع المستهلك.

وأضاف المصدر، أن “المادة 52 حددت العقوبات الموجبة لذلك، إذ يعاقب بالحبس سنة على الأقل وبغرامة مليون ليرة، كل من خدع المتعاقد معه في المواد أو المنتجات أو السلع بأي وسيلة كانت”، مشيرا إلى أن عدد الشكاوى منذ إصدار المرسوم لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

ووفقا للمصدر، فقد أسفرت شكوى أخيرة عن ضبط إحدى الشركات التي تعمل على الإنترنت وتبيع منتجات غير معروفة المصدر، فإذا قدمت شكوى ضد شخص يبيع على الإنترنت وهو في مكان مجهول يتم التوجه له بالتعاون مع وزارة الاتصالات للتعرف على العنوان عن طريق صفحة الـ”فيسبوك”، أو رقم الهاتف، فيتم تحويله إلى وزارة الداخلية لتحوله بدورها إلى القضاء.

“الفيسبوك” وبيروقراطية الحكومة

عن مكافحة التسوق الإلكتروني، قال حبزة، إنه يجب التأكيد على ما ورد في المرسوم رقم 8 بشأن التسوق الإلكتروني وتسريع التحول الرقمي وإضفاء الشرعية على التجارة الإلكترونية بشروط ومعايير أفضل من الشروط والمعايير القائمة، “وحتى الآن لم يتم تنفيذ ضبط العرض ولا يزال اهتمام الأجهزة الرقابية الحكومية منصبا على الأسواق فقط”.

ولمراقبة هذا العمل الذي يُعد صعبا بسبب عدم القدرة على إحصاء عدد الصفحات التسويقية العديدة، طالب حبزة، نيابة عن الجمعية، بتفريغ بعض العاملين المدربين في الوزارة لمراقبة هذا العمل على الرغم من صعوبته، لافتا إلى أن الوزارة غير مطلّعة على ظاهرة التجارة الإلكترونية، ولذلك ستكون هناك فجوات رقابية.

أما الدكتورة ريم رمضان، الخبيرة في التسويق الإلكتروني والأستاذة في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، فردت في حديثها للصحيفة قائلة، إن النمو السريع في التجارة الإلكترونية يرجع لعدد من العوامل، أولى هذه التحديات، هي التطور السريع للتكنولوجيا، حيث يُقبل الجيل الجديد كل ما له علاقة بهذه التكنولوجيا بسبب قربها منه، إضافة إلى الإيجارات المرتفعة والموافقات المعقّدة التي يحتاجها السجل التجاري، فتكون صفحة الـ”فيسبوك”، بمنزلة متجر مجاني معفى من الضرائب والجمارك والقيود المفروضة على المحلات.

ورأت رمضان، أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاجزة عن تنظيم هذا النوع من التجارة، لأنها تشترط تقديم سجل تجاري لإضفاء الشرعية عليه، وهذا يتطلب الكثير من الإجراءات المعقدة والروتينية، معتقدة أنه لو تم تسهيل هذه العملية وتشجيعها لتقدم الكثير من المواطنين للترخيص والعمل بشكل نظامي، مشيرة إلى أن أحد أبرز سلبيات هذه النوع من التجارة، هو تعرّض المستهلك للوقوع في الغش.

التجار في مأزق

على الرغم من قلة الإمكانيات وضعف خدمات الإنترنت في سوريا، لاقت التجارة الإلكترونية مؤخرا رواجا واسعا في البلاد، ما جعل التّجار يتخوفون من انتشار هذه التجارة التي تهدد عمل التجارة التقليدية، لا سيما مع توجه فئة واسعة من الزبائن للشراء عبر الإنترنت.

في حديث سابق مع “الحل نت”، قال أحمد سعد، وهو طالب جامعي في حلب، إنه يشتري بعض الأشياء عبر الإنترنت، لكن في الغالب لا تكون الجودة جيدة، مثل التي يحصل عليها في متاجر الأسواق، “الأسعار جيدة جدا، لكن الجودة تكون غالبا شبه معدومة.. لا توجد متاجر رسمية ولها سمعة جيدة عبر الإنترنت، جميع الأعمال تكون فردية، وبالتالي أنت تغامر عندما تشتري من الإنترنت“.

وتنتشر التجارة الإلكترونية في سوريا بشكل غير منظّم وقانوني، وغالبا ما تقوم على مجموعات في منصات التواصل الاجتماعي، غير معروفة المصدر، حيث يتم الاتفاق على المنتج والسعر، من ثم تحويل سعر المنتج إلكترونيا، وإرسال السلعة عبر شركات الشحن.

من جانبهم أبدى التجار تخوفهم من انتشار التجارة الإلكترونية، ونقلت صحيفة “الوطن”، في وقت سابق عن تاجر قوله، إن: “التسوق الإلكتروني ميزة تنافسية على حساب التاجر المحلي، خاصة أن هذه التجارة لها مزايا متعددة مثل إعفاء السلع المستوردة إلكترونيا من الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات“.

ومؤخرا انتشرت مجموعات التجارة الإلكترونية بكثرة على منصات التواصل الاجتماعي، كأكثر طرق الشراء عبر الإنترنت في البلاد، لا سيما “واتس اب”، و”فيسبوك” وفي جميع المناطق السورية، ويلجأ الشباب إلى الشراء عبر الإنترنت في سوريا، بسبب رخص الأسعار وسهولة عمليات الشراء والتوصيل، في حين يرى البعض أن الشراء عبر الإنترنت والانخفاض في الأسعار، يكون على حساب الجودة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.