بناء على العلاقة الشخصية الوثيقة بين بنيامين نتنياهو وناريندرا مودي، هناك فرصة للارتقاء بالعلاقة بين البلدين بقوة متجددة. فقد اكتسبت الشراكة بين إسرائيل والهند زخما خلال السنوات الأخيرة، وسط مشهد عالمي وإقليمي سريع التغيير. ويجب على كلا البلدين، مع أداء الحكومة الإسرائيلية الجديدة لليمين، أن يتطلعا إلى تحسين علاقتهما التي أصبحت أكثر أهمية.  

وقد أحيت العواقب الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 من جديد الاهتمام بالشرق الأوسط الغني بالطاقة، وسلط التنافس بين الولايات المتحدة والصين الضوء على الدور الرئيسي الذي يمكن أن تلعبه الهند على المسرح العالمي، مما قد يؤدي إلى قلب التوازن بين القوتين الخارقتين. 

لقد شهد الشرق الأوسط أيضا تغيرات تكتونية تجلت بشكل واضح في اتفاقيات “أبراهام”. واستغلت الهند الفرصة لزيادة نفوذها الإقليمي وتقوية تعاونها مع الولايات المتحدة، من خلال الانخراط في شراكة “I2U2” مع إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. ومع تجنب الاختلافات الإستراتيجية، ينصب تركيز الشراكة على تعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال تنشيط التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في مجالات التكنولوجيا والطاقة الجديدة والبنية التحتية والصحة والفضاء والابتكار. 

ومع سعي كل من إسرائيل والهند على تنمية علاقاتهما في الخليج، أصبحت علاقات الهند التقليدية الجيدة مع دول الخليج أقوى خلال السنوات الثماني الماضية. وستكون المهمة المشتركة هي توسيع التعاون الإقليمي من خلال “I2U2” والتجمعات الأخرى. كما أن هناك فرصة لتعزيز العلاقة بين البلدين بقوة متجددة، ذلك بناء على العلاقة الشخصية الوثيقة بين رئيسي الوزراء بنيامين نتنياهو وناريندرا مودي. 

الابتكار المشترك للمستقبل 

يتركز تنافس القوى العظمى على التقنيات المتقدمة بشكل متزايد، مع قيود التصدير الجديدة من قبل الولايات المتحدة تليها الإجراءات المضادة التي اتخذتها الصين. ونظرا لكون كل من الهند وإسرائيل رائدين في مجال التكنولوجيا والابتكار، فلديهما الكثير للاستفادة من زيادة التعاون في مجال التكنولوجيا، فيما يرجح أن تكون فترة مستمرة من عدم الاستقرار العالمي. 

فخبرة الهند واقتصادها الكبير والمتنوع تتمم قدرات البحث والتطوير والابتكار في إسرائيل. علاوة على ذلك، ومن خلال الدفع المشترك للبحث والتطوير والابتكار، يمكن لإسرائيل والهند خلق فرص إضافية لتوسيع شراكتهما إلى دول إقليمية أخرى، لاسيما في مجال إدارة المياه ومكافحة الإرهاب والتقنيات الجديدة. 

كما أن إمكانات التعاون بين الهند وإسرائيل كبيرة في مجال تطوير التكنولوجيا المتقدمة. وتحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والطاقات المتجددة والرعاية الصحية والزراعة، ما هي إلا بعض المجالات التي يمكن أن تحقق فيها المشاريع المشتركة فوائد كبيرة لكلا البلدين، الأمر الذي يتيح لهما التموضع في مناصب قيادية في هذه المجالات. 

ويجب أيضا إتاحة الأولوية لدفع محادثات اتفاقية التجارة الحرة بين الهند وإسرائيل (FTA) بما في ذلك قطاع الخدمات. وإن بقي حجم التجارة بين الهند وإسرائيل أقل من الإمكانات على الرغم من العلاقة الوثيقة، فإن من شأن اتفاقية التجارة الحرة أن توسعها بشكل كبير. وسجلت الصادرات الهندية أعلى مستوى لها على الإطلاق بلغ 400 مليار دولار في عام 2021. ومن خلال اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الكبرى، تأمل الهند في تجاوز رقم 1 تريليون دولار بحلول عام 2030، بما في ذلك هدف 100 مليار دولار لمنطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد. 

وهناك نقطة أخرى يجب أن تكون على رأس جدول الأعمال، وهي توسيع المشاركة والفرص بين النظم البيئية لبدء التكنولوجيا في البلدين. فمع وجود أكثر من 100 شركة يونيكورن، شهدت الهند إنشاء 46 شركة يونيكورن في عام 2021 وحده، وجمعت شركاتها الناشئة أكثر من 42 مليار دولار. وفي العام ذاته، شهدت إسرائيل إنشاء 33 شركة يونيكورن وجمعت أكثر من 25 مليار دولار. ومن خلال توحيد القوى، يمكن أن يحقق كلا النظامين البيئيين المبتدئين مكاسب كبيرة. 

كذلك فإن استحواذ مجموعة “أداني” الهندية على ميناء حيفا العام الماضي يمهد الطريق بين الهند وإسرائيل لتعاون أكبر في مشاريع البنية التحتية الكبيرة، مما يوفر المزيد من الفرص لاستكشاف أوجه تآزر جديدة بين البلدين. 

وبالنظر إلى المستقبل، ستبقى العلاقات الدفاعية والأمنية مهمة في مواجهة تزايد حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين العالمي. ولكن يبقى الأهم من ذلك، أن القضايا الواقعة في قلب السباق التكنولوجي العالمي المتصاعد، مثل شبكات الجيل الخامس والتي بدأت الهند في طرحها مع اعتماد أكبر على التكنولوجيا المحلية، وإنتاج أشباه الموصلات المتقدمة والتي يمكن أن تصبح قاعدة للمستقبل للشراكة الإسرائيلية الهندية المزدهرة. 

من الشركاء الإستراتيجيين إلى القادة الإقليميين 

من شأن توقيع اتفاقيات أبراهام والأهمية المتزايدة للهند، في المنطقة وعلى المسرح العالمي، خلق سبل جديدة للتعاون بين إسرائيل والهند. 

ومن خلال التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) مع الإمارات العربية المتحدة في 88 يوما قياسيا، تكون الهند والإمارات العربية المتحدة مثالا ممتازا. وقد حذت إسرائيل والإمارات حذوهما بإبرام اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) الخاصة بهما. ويمكن لإسرائيل والهند والإمارات العربية المتحدة أن يخطو خطوة إلى الأمام وأن يبرموا اتفاقية تجارة حرة ثلاثية من شأنها أن تعود بالنفع على الاقتصاد الإقليمي. 

وفي الواقع، تم مؤخرا توقيع العديد من اتفاقيات التعاون التجاري الثلاثية بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والهند في المجالات التكنولوجية، بما في ذلك التطوير والإنتاج المشترك لتكنولوجيا التنظيف بروبوتات الطاقة الشمسية واتفاقية تهدف إلى إنشاء أول منشأة هندية لتصنيع أشباه الموصلات. ولتسريع هذا الاتجاه، سيكون من المفيد توسيع الرحلات الجوية المباشرة بين إسرائيل والهند، بما في ذلك إلى بنغالور، مركز الشركات الناشئة في الهند. 

وكان تشكيل I2U2 (الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة) تقدما حاسما نحو تعزيز التعاون الحكومي الدولي. وقد أعلن التجمع بالفعل عن شراكات في مجال التكنولوجيا الزراعية تركز على تعزيز الأمن الغذائي وأمن الطاقة ومشاريع البنية التحتية. 

بات من الضروري بناء علاقات طويلة الأمد في مشهد عالمي سريع التغير. والثقة مهمة بشكل خاص عند التعاون على أحدث التقنيات والابتكار. وسيؤدي التعاون القوي في التقنيات المتطورة إلى تعزيز موقع كل من إسرائيل والهند للعب دور رائد ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضا في تشكيل المستقبل في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.