اضطرابات عسكرية وسياسية متواصلة يشهدها السودان منذ عدة سنوات بسبب الخلافات بين الجيش الحكومي و”قوات الدعم السريع” في البلاد، وكان أشدها المعارك الأخيرة التي اندلعت السبت الماضي ومازالت مستمرة. وقد قُتل إزاء هذا الصداع العسكري أكثر من 97 شخصا وإصابة المئات بجروح حتى الآن، في حين تسود مخاوف من انجرار هذا الصراع إلى حرب واسعة، قد يؤخر حالة الانسداد السياسي لسنوات أطول ويعمّق الفلتان والفوضى في البلاد.

بالرغم من التوقيع على “الاتفاق الإطاري” المدعوم دوليا مع الأحزاب السياسية، مطلع كانون الأول/ديسمبر العام الماضي بين قوى مدنية والجيش لبدء عملية جديدة للانتقال السياسي وإحياء التحول الديمقراطي في البلاد، إلا أن توقيع الاتفاق النهائي للمرحلة الانتقالية تأجل مرتين نتيجة لخلافات حول ما إذا كان سيخضع الجيش لإشراف مدني وحول خطط دمج “قوات الدعم السريع” في الجيش الحكومي.

استمرار التوترات والخلافات بين قائد رئيس “مجلس السيادة”، والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وزعيم “قوات الدعم السريع”، ونائب رئيس “مجلس السيادة” الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، حوّل السودان بين ليلة وضحاها إلى ساحة حرب، بعد تصعيد في الخلافات السياسية في الأسابيع الأخيرة في شأن دمج “قوات الدعم السريع” في الجيش في إطار مرحلة انتقالية نحو الحكم المدني.

معارك طاحنة بالسودان

يوم الخميس الماضي قال “الجيش السوداني” إن تعبئة قوات “الدعم السريع” تنطوي على خطر حدوث مواجهة. وبعدها بيومين، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجانبين في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى. وتدعي قوات “الدعم السريع” إنها سيطرت على مواقع استراتيجية رئيسية، لكن الجيش ينفي ذلك.

صورة جوية لدخان يشتعل في مطار الخرطوم الدولي “رويترز”

الجيش السوداني قال إن القتال اندلع بعد أن حاولت قوات “الدعم السريع” مهاجمة قواتها في الجزء الجنوبي من العاصمة، متهمة الجماعة بمحاولة السيطرة على مواقع استراتيجية في الخرطوم، بما في ذلك القصر. في حين، اتهمت قوات “الدعم السريع”، في سلسلة من البيانات، الجيش بمهاجمة قواتها في إحدى قواعدها بجنوب الخرطوم، وزعمت أنها استولت على مطار المدينة وسيطرت بالكامل على القصر الجمهوري بالخرطوم، مقر رئاسة البلاد.

منذ يوم السبت، والمعارك بالأسلحة الثقيلة مستمرة، وتدخل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقرات “قوات الدعم السريع”، حيث تنتشر هذه القوات التي ترتدي الزي العسكري ومدجّجة بالسلاح، في الشوارع وتقاتل من أجل السيطرة على المنشآت العسكرية والمقار الحكومية في البلاد.

الصحف والقنوات الإخبارية تقول إنه في الوقت الحالي يصعب تشخيص الوضع الميداني بدقة، جرّاء تبادل الاتهامات بين طرفي الصراع، إذ أعلنت قوات “الدعم السريع” سيطرتها على مطار “مروي” وأنها دخلت القصر الرئاسي، منذ يوم السبت الماضي، الأمر الذي ينفيه الجيش الحكومي، مؤكدا في السابق وصباح اليوم الإثنين عبر بيان أنه يسيطر على المقر العام لقيادته العامة، واصفا ادعاءات الجانب الآخر بـ”الأكاذيب لتضليل الرأي العام”، مؤكدا أن قواته تسيطر تماما على جميع مقراتها بما في ذلك “القيادة أو بيت الضيافة أو القصر الجمهوري”.

قد يهمك: بعد محادثات “الحوثيين” والسعودية المباشرة.. هل جاء وقت انتهاء الحرب باليمن؟ – الحل نت 

البيان ذاته أوضح أن محيط القيادة العامة ووسط الخرطوم يشهدان حاليا اشتباكات محدودة، وأن “القوات الجوية الحكومية” نفذت ضربات ضد عدد من الأهداف المعادية وسيتم مواصلة ذلك حتى تصفية آخر جيب للميليشيات المتمردة بالعاصمة التي بدأت تقوم فيها بممارسة أعمال سلب ونهب متفرقة تحت التهديد لممتلكات المواطنين العُزّل، طبقا للبيان الحكومي.

بعثة “الأمم المتحدة” في السودان  أعلنت موافقة البرهان و”حميدتي” على وقف القتال لمدة ثلاث ساعات، بدءا من الرابعة مساء يوم أمس الأحد بالتوقيت المحلي للسماح بعمليات الإجلاء الإنسانية، إلا أنه تم تجاهل الاتفاق إلى حد كبير بعد فترة وجيزة من الهدوء النسبي. وبحلول ليل الأحد، أفاد السكان بوقوع قصف مدفعي وضربات جوية في كافوري بالخرطوم بحري، حيث توجد قاعدة لقوات “الدعم السريع”. وإزاء خرق الهدنة أعرب الممثل الخاص للأمين العام لـ”لأمم المتحدة” في السودان ورئيس البعثة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان، فولكر بيرتس، عن خيبة أمله الشديدة من عدم الالتزام التام بوقف الأعمال العدائية لأغراض إنسانية، موضحا أن الاشتباكات اشتدت صباح اليوم الإثنين. وحث بيرتس جميع الأطراف على احترام التزاماتها الدولية، بما في ذلك ضمان حماية جميع المدنيين.

فجر اليوم الإثنين، دعا “الجيش السوداني”، في بيان رسمي، منتسبي قوات “الدعم السريع” إلى الانضمام لصفوفه، مؤكدا لهم أنهم سيجدون ما يستحقونه من تأهيل وتقدير، ولن يتم تسريحهم، كما اعتذر الجيش في البيان “عن الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا خلال هذه الأيام”، ملقيا باللوم على “تمرد قيادة الدعم السريع غير المبرر على الدولة”.

الكاتب والمحلل السياسي المصري، رامي شفيق، يقول إن القراءة المنطقية لأحداث السبت الأسود في السودان حيث الانزلاق نحو نفق المواجهات المسلحة بين “قوات الجيش” بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وميليشيا قوات “الدعم السريع” بقيادة حميدتي، إذ تعتبر تلك العمليات المسلحة إحدى تجليات الأزمة السياسية المعقدة التي عرفتها الخرطوم منذ قرارات تشرين الأول/ أكتوبر 2021 بإنهاء الشراكة بين العسكريين والمدنيين.

غير أن  التوصل إلى “اتفاق  إطاري” خلال كانون الأول/ ديسمبر الفائت لم يستطع أن يزيح بؤر الصراع الكامنة والطافحة بين الطرفين، الأمر الذي عقّد الشروع نحو إنجاز فعل الانتقال السياسي وتنظيم سلطة مدنية تعمل على تجاوز الأزمة السياسية في البلاد، حسبما أوضح شفيق من المشهد العام لما يجري في السودان لموقع “الحل نت”.

انقلاب عسكري؟

في غضون ذلك، نشرت قوات “الدعم السريع” اليوم الإثنين، فيديو تقول إنه يظهر اقتحام قواتها لمنزل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، في مقر القيادة العامة في الخرطوم. في حين نفى مصدر في الجيش السوداني لقناة “العربية” هذه المزاعم، موضحا أن “الاشتباكات جرت حول مقري البرهان وحميدتي وتم إبعادها”.

الكاتب والمحلل السياسي، يرى أن الاشتباكات العنيفة التي تندلع في السودان ولا سيما، الخرطوم ومناطق أخرى تعكس بلا ريب الأزمة العميقة في الداخل السوداني وتداعيات ذلك على الوضع الإقليمي والدولي، هذا فضلا عن كونه أداة رئيسية في تفجير عوامله وإطلاق كافة مظاهره نحو السطح كعنصر وظيفي يتم استخدامه من كافة القوى الفاعلة إقليميا ودوليا صوب هندسة الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط والاستفادة من حالة السيولة السياسية والميدانية والوقوع في نمط الدول الفاشلة لتوظيف تلك الأوضاع للهيمنة والنفوذ الإقليمي والدولي وكذلك استخدام ذلك كأوراق ضغط.

هذا ويبدو أنه منذ اكتشاف النفط في السودان في سبعينيات القرن الماضي، باتت البلاد دائما مسرحا لشكل من أشكال الصراع، حيث أدى تنافس الأطراف المختلفة سياسيا ودينيا وعرقيا إلى اضطرابات مستمرة، مع فترات هدوء نسبي. غير أن المعارك التي تشهدها السودان هذه الأيام مختلفة، حيث إنها المرة الأولى التي يجري فيها القتال في عاصمة البلاد، بين طرفين ينتميان نظريا إلى الحكومة ذاتها.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقول إن المعارك كانت عادة تجري على أطراف البلاد، بدلا من العاصمة. وبالإضافة إلى الاختلاف الجغرافي عن الصراعات الأخرى، فإن أطراف الصراع هذه المرة مختلفة أيضا، ففي الوقت الحالي، تتنافس مجموعتان للسيطرة على البلاد هما “الجيش السوداني” بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع”، وهي مجموعة شبه عسكرية قوية بقيادة، حميدتي.

صحيح أن الجنرالان؛ البرهان وحميدتي سيطروا على البلاد في انقلاب عام 2021، لكنهما يقاتلون الآن بعضهم البعض. ويقول بعض المحللين إن ما يسمى قوات “الدعم السريع” تحاول إحداث انقلاب عسكري على الحكومة هناك، خاصة وأنها في بادئ الأمر كانت مجرد ميليشيات يطلق عليها اسم “الجنجويد” ومعناه “جن يمتطي جوادا”، وهذه الميليشيات تشتهر بسمعة سيئة، على إثر اتهامها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وعمليات تطهير عرقي، عندما تصدّرت المشهد السوداني في إقليم دارفور عام 2003 حين استخدمها نظام الرئيس السابق عمر البشر في معاركه ضد الحركات المسلحة هناك.

لإضفاء الطابع الشرعي على هذه الميليشيات، ألحقها البشير بقيادة جهاز الأمن والاستخبارات عام 2013 وأصبحت تعرف باسم قوات “الدعم السريع”. وتمكنت المجموعة من حسم المعركة وإنهاء التمرد وتحقيق انتصار كبير على المتمردين والسيطرة على الوضع في إقليم دارفور.

مع توسعها العسكري، عملت قوات “الدعم السريع” على بناء إمبراطورية اقتصادية لزيادة مواردها من خلال سيطرتها على مواقع تنقيب الذهب في جبل عامر في دارفور، إضافة إلى مناجم في جنوب كردفان. وأسست شركات استثمارية لدعم مشاريع اجتماعية وخدماتية مثل دعم المتأثرين بالسيول والفيضانات.

عدد “قوات الدعم السريع” يُقدر بـ 100 ألف عنصر، ولديها قوات منتشرة في معظم أرجاء البلاد حيث تمتلك إدارات ومعسكرات في معظم ولايات السودان، إلا أن انتشارها الأكبر هو في ولايات دارفور الخمس، إضافة إلى جنوب وشمال وغرب كردفان. كما أسست مقار عدة في العاصمة الخرطوم.

المفارقة أن الخلاف بين قوات “الدعم السريع” والجيش ليست وليد اللحظة، وإنما يعود لتاريخ تكوين هذه القوات حين رفض الجيش ضمها إليه لأنها تضم مكونات قبلية محددة، الأمر الذي دفع البشير إلى إلحاقها بجهاز الأمن والاستخبارات. إذ يسعى حميدتي لتولي القيادة في السودان، الأمر الذي يرفضه الجيش السوداني.

أبواب التفاوض “موصدة”

في المقابل، دعا وزيرا الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن والبريطاني جيمس كليفرلي، بعد اجتماع على هامش قمة “مجموعة السبع” في اليابان، اليوم الإثنين، إلى وقف فوري للعنف في السودان. وقال بلينكن إن هناك اتفاقا على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المحادثات.

كما دعت الولايات المتحدة والصين وروسيا ومصر والسعودية ومجلس الأمن التابع لـ”لأمم المتحدة” والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية”، يوم أمس الأحد، إلى إنهاء فوري للأعمال القتالية التي تهدد بتفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة تشهد توترا بالفعل.

بالعودة إلى المحلل السياسي، فإنه يرى من الصعوبة استقراء نتائج العمليات العسكرية حاليا نتيجة تعدد السيناريوهات المرجحة للاشتباكات، بيد أن الأكثر ترجيحا في تقديره “هو استمرار الاشتباكات لأفق منظور وإن كان يتوقع خروج ميليشيا الدعم السريع من العاصمة نظرا لعدم تمتعها بظهير اجتماعي في الخرطوم ورغبتها في الارتكان، حيث المناطق التي تعودت القتال فيها ومن ثم التواصل مع بقية الفرق التابعة لها وإدارة التفاوض مع الجيش الحكومي”.

سحب الدخان تتصاعد من المعارك قرب جسر حلفايا في أم درمان “رويترز”

كما لا يمكن تدبر تباين ردود الفعل سواء الإقليمية أو الدولية جراء الاشتباكات المسلحة الأخيرة نتيجة أن الجميع يسعى للاشتباك مع كافة الأطراف والعمل على فحص الواقع وسيناريوهاته وأطر التعامل معه، خاصة أن تفجر الأحداث ميدانيا لطالما يصنع حدودا جزرية فيما سبق وما يلحق به وبالتالي يمكن القول بحسم إن الجميع يدرس الموقف بعناية وهو يتحرك عبر كافة آلياته وأجهزته ويضبط مسارات حركته بناء على سيناريوهات المستقبل القريب، وفق ما يحلله ويراه المحلل السياسي.

بينما لا تزال الاشتباكات العسكرية مستمرة في الخرطوم وعدة مناطق أخرى، يبدو أن باب المفاوضات بين الطرفين موصد، على الرغم من المبادرات الإفريقية والأممية والدولية والمحلية لوقف القتال الفوري، حيث يسعى كل طرف لحسم المعركة لصالحه.

التداعيات على السودان

الاشتباكات توسعت وامتدت إلى مدن نيالا في جنوب دارفور والفاشر في شمال دارفور وزالنجي في وسط دارفور، مما أجبر كثيرا من الناس على الفرار من مخيمات النازحين ومنازلهم في تلك البلدات. ويهدد اتساع الصراع بانزلاق البلاد في حرب أهلية واسعة، لن تكون الحرب الأولى من نوعها التي تندلع في السودان.

قد يهمك: تهريب إيران السلاح لـ”الحوثيين” عبر عُمان..  تصعيد وتمويل للإرهاب – الحل نت 

“نقابة الأطباء” في السودان قالت عبر بيان خلال وقت مبكر من اليوم الإثنين إن 97 مدنيا على الأقل قتلوا وأصيب 365 آخرون منذ اندلاع الاشتباكات في البلاد، في وقت يحاول سكان الخرطوم العيش تحت النيران بلا ماء ولا كهرباء في ظل المواجهات بين الجيش وقوات “الدعم السريع”.

تقرير لـ”فرانس برس“، يقول إن الأسوأ لم يأت بعد. إذ لم يعد من الممكن الانتقال بالسيارة بين الخرطوم وضواحيها والجسور والمحاور الرئيسية إما أغلقها الجيش أو يتعذر استخدامها لأنها مسرح للمعارك. ويوم السبت الماضي، عادت القطارات الآتية من أقاليم أخرى الى الخرطوم أدراجها قبيل الوصول الى العاصمة مع تواتر الأنباء عن اندلاع القتال.

هذا ومن دون وسائل إنتقال، ستختفي السلع الغذائية في بلد يعاني من تضخم جامح ومن الفقر، الأمر الذي أدى إلى تقليص قدرة صغار التجار على الشراء والتخزين، حيث إن مخزون الدقيق لدى بعض الخبازين لن يكفي أكثر من 48 ساعة إذا لم تستطع شاحنات نقل المواد الغذائية التحرك.

المراقبون يرون أن ما يحدث من اشتباكات هو صراع على النفوذ في السلطة بالسودان، والخاسر من هذه المعادلة هم السودانيون.

كما وثمة مخاوف من اتساع الصراع وانزلاق البلاد لحرب أهلية واسعة، كما حدث في السابق وأدت تلك الحرب المميتة بين المقاتلين الانفصاليين في الجنوب والحكومة في الخرطوم في الشمال السوداني بحياة أكثر من مليوني شخص، إلى أن تفاوض الجانبان في نهاية المطاف على اتفاق سلام قسم البلاد في عام 2011 بعد أن صوت الجنوبيون في استفتاء على أن يصبح جنوب السودان دولة جديدة.

إجمالا، على الرغم من اختلاف القتال العسكري هذه المرة عن الحرب الأهلية والإبادة الجماعية التي حدثت في دارفور في الماضي، إلا أن أحد الشخصيات الرئيسية في الصراع الحالي، هو الفريق محمد دقلو، الملقب بـ حميدتي، الذي كان قائدا سابقا لميليشيا “الجنجويد” سيئة الصيت والتي صارت بعد ذلك قوات “الدعم السريع” ونفذت بعضا من أسوأ الفظائع ضد المدنيين هناك، وهذا يعني أن مسارات التهدئة والمفاوضات قد لا تنجح خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيقود البلاد إلى مسارات معقدة من الفوضى والانقسامات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات