في استطلاع لآراء الشارع السوري، فيما يخص أفضل المسلسلات الرمضانية وأقربها لهم حتى الآن، اتجهت معظم آراء الجمهور نحو “الزند – ذئب العاصي”، حيث يؤدي الممثل السوري الوسيم تيم حسن دور البطولة فيه. وبالطبع هذا لا يعني أن بقية الأعمال الدرامية التي تُعرض حاليا في السباق الرمضاني لم تكن محط متابعة واختيار الآخرين الذين شملهم الاستطلاع المصور من قبل منصة “كيو بروكرام“.

المسلسلات الأخرى التي نالت إعجاب الناس في تقرير مصور يرصد فيه آراء الشارع السوري، هي “النار بالنار و”زقاق الجن” و”العربجي” ومسلسل “وأخيرا” المشترك، السوري اللبناني.

“الزند” الأفضل؟

مجمل آراء الشارع السوري اجتمعت حول مسلسل “الزند”، وأنهم الأفضل ويشاهدونه في موسم دراما رمضان 2023، رغم اختلاف بعض الناس حول الأفكار التي تدور في العمل، فيما يتعلق بأعمال قطاع الطرق وغيرهم. لكن المسلسل من وجهة نظرهم يقدم نوعا جديدا من الدراما ويروي حكاية شعبية تاريخية معينة، وباللهجة المحلية “الساحلية”، وهذا ما شدهم وجذبهم للمتابعة، حسب الآراء.

كذلك، ربما لكون فكرة المسلسل مستوحاة من قصة حقيقية حدثت في القرن الماضي، فأثار اهتمام المتابعين وحقق نسبة عالية من المشاهدات، وما يميز المسلسل أيضا أنه باللهجة المحلية “الساحلية” التي ينتمي إليها الممثل تيم حسن، والذي تعود أصوله إلى قرية “الشيخ بدر” في ريف مدينة طرطوس، إضافة إلى تمكّن تيم حسن من تقمّص ذات شخصية السكان المحليين للمنطقة الساحلية من خلال إتقان اللهجة، وتربية شاربه، وطريقة مشيته، وفق بعض الآراء.

هذه اللهجة الساحلية رغم صعوبة فهمها من قبل المشاهد في الوطن العربي، لاقت قبولا واسعا، وخير دليل على هذا الرأي هو مسلسل “ضيعة ضايعة” المسلسل الكوميدي السوري الساخر الذي كان بلهجة أهل الساحل السوري في اللاذقية ودارت أحداثها في ضيعة بسيطة وفقيرة اسمها “أم الطنافس الفوقا”، الذي حقق نجاحا باهرا.

النقاد يعتقدون أن المسلسل حقق نسبة مشاهدة عالية لأنه أول مشاركة لتيم حسن في عمل مختلف عن مسلسل “الهيبة” منذ سنوات، ولأنه يظهر من خلاله في دور جندي سابق يحاول تصحيح أخطاء ماضيه وردّ الحقوق لأصحابها، فضلا عن تناول العمل في إطاره الأساسي، حقبة الإقطاعيين خلال الحرب العالمية الأولى، ونضال الفلاحين لاستعادة أراضيهم، وأنه يروي معاناة الطبقة الكادحة من القهر والظلم وهو ما يعبّر عن آلام وأوجاع المشاهدين في الوطن العربي ولا سيما سوريا ولبنان.

كما استحوذت شارة “الزند” على قلوب المشاهدين لأنها مستوحاة من ثقافة أحد مكونات المجتمع السوري؛ الساحل السوري، ولكونها من “العتابا الساحلية” القديمة والمتداولة حتى اليوم.

بالنظر إلى أن القائمين على المسلسل جددوا الشارة وأعطوها بريقا آخر بإضافة لمسات موسيقية جديدة إلى جانب أداء الفنانة اللافت، فإن هذا ما ميزتها عن باقي شارات الأعمال الدرامية الأخرى ربما. كما ولا يمكن التغاضي عن جمال كلمات الشارة التي توحي بوجود قصة ظلم وحب كبيرين تقف وراءها.

اللافت في الأمر أن العديد من الفنانين أشادوا بالعمل واعتبروه عملا فنيا حقيقيا، إضافة إلى كونه يمثل فخرا للدراما السورية. عزا كثير من المشاهدين نجاح المسلسل حتى الآن إلى أداء تيم حسن، الممثل الشاب، الوسيم، الذي فاز بجائزة أفضل ممثل عربي لعدة أعوام، وأنه كالعادة يخلق وضعا خاصا ومستقلا يتماشى مع شخصية “عاصي” بطل مسلسل “الزند” الحالي، فضلا عن أداء التصوير والإخراج المتمكن، الذي حقق أداءً متكاملا من كل فريق العمل، وفق وصف المتابعين.

حكاية “الزند”

مسلسل “الزند”، احتل مكانا متقدما في السباق الرمضاني منذ الحلقة الأولى، وتصدّر الترند في عدة دول عربية، وتدور أحداثه في المنطقة الواقعة بين سوريا ولبنان، على ضفاف نهر “العاصي”.

أما بداية الحكاية فتبدأ برواية قصة والد “عاصي الزند” الذي كان يسعى لتسجيل ملكية أرضه الزراعية لأبنائه في “الطابو”؛ وذلك لضمان عدم الاستيلاء عليها من قبل “نورس باشا”، أنس طيارة، الذي كان يستولي على أراضي السكان في المناطق الساحلية بسوريا إبان الحكم العثماني، وفي زمن الإقطاع تحديدا.

تاليا، يرسل “نورس باشا” أحد رجاله واسمه “إدريس”، إلى بيت والد عاصي من أجل الحصول على “الطابو” ليستولي على الأرض، وعلى إثر مقاومته له، قام إدريس بقتل والد عاصي، الذي حاول بدوره أن يقتل إدريس من خلال ضربه بالسكين في عينه ثم هرب.

بعد مرور نحو عقدين من الزمن، يعود “عاصي”، إلى قريته من أجل الانتقام لوالده بعد انتهاء أداء خدمته العسكرية، ومن أجل الالتقاء بشقيقته “عفراء” وهي الوحيدة المتبقية من أسرتها بعد وفاة والديها، لتروي له ما عانته في غيابه، بعد ذلك يجد نفسه في مواجهة “نورس باشا” الذي يمتلك نفوذا وسلطة قوية في المنطقة.

المراقبون يقولون إن فكرة المسلسل ليست فانتازيا تاريخية، أو مجرد محض خيال، بل هي مستوحاة من شخصية “عاصي الزند” تاريخيا وتمّت معالجتها دراميا. وهذه الشخصية عن رجل يدعى أبوعلي شاهين ولقبه الفهد، عاش في أربعينات القرن العشرين، في مناطق ريف مصياف في جبال الساحل السوري، وتعرض لمواجهة حادة بينه وبين رجال البيك، وصلت حدّ العنف الجسدي.

العمل من بين عشرات الأعمال التي عُرضت على شاشات العديد من القنوات العربية، واستطاع أن يأخذ مكانه في المقدمة، وأصبح واحدا من أكثر المسلسلات متابعة وتأثيرا، وهو من بطولة تيم حسن ومنى واصف ودانا مارديني وأنس طيارة وفايز قزق وطارق عبده ويحيى مهايني، ومن تأليف عمر أبو سعدة، وهو تعاون جديد يُضاف إلى الشراكة الفنية الناجحة بين تيم حسن والمخرج سامر البرقاوي.

الأعمال الأخرى

في المقابل، ثمة أعمال أخرى تجذب اهتمام ومتابعة الجماهير وتتنافس فيما بينها في السباق الرمضاني الحالي، ولعل أبرزها، مسلسل “العربجي” و”زقاق الجن” و”وأخيرا”، من حيث الحكايات وأداء الممثلين فيه.

“النار بالنار”، أيضا يحظى حتى الآن بنسبة متابعة كبيرة من المشاهدين، ذلك لأنه عمل استثنائي يروي الحكاية والعلاقة التاريخية التي تجمع بين سوريا ولبنان، كما يتناول العلاقات التي تربط بين الشعبين أدبيا وفنيا، وثقافيا، وجغرافيا وتاريخيا. ويتمحور حول وجود اللاجئين السوريين في لبنان، وتسليط الضوء على أوضاعهم المعيشية، وطبيعة علاقتهم باللبنانيين وما طرأ عليها من تحوّلات على مدار أكثر من 11 سنة.

كذلك، ربما لكونه عملا يتطرق إلى الوجود السوري في لبنان، والتغير الديموغرافي الذي يُفرض على اللبنانيين في أحيائهم. مسلسل “النار بالنار” كل حلقة منه تحمل معها مشهدا يفتح باب النقاشات نظرا لواقعية معالجة الأحداث إلى حد ما، ففي أحد حلقاته السابقة، تصدّر مشهد يجمع بين “عزيز”، يؤدي دوره الفنان اللبناني، جورج خباز، و”مريم”، التي تؤدي دورها الفنانة السورية كاريس بشار، الترند وحقق تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفه البعض بـ”العنصري والجريء”، فيما اعتبره البعض الآخر تعبيرا عن حقيقة واقعية.

أما مسلسل “زقاق الجن”، فلا يمكن التغاضي عن نسبة المشاهدة الكبيرة له أيضا، الذي ينتمي للدراما الاجتماعية، وهو من تأليف محمد العاص وإخراج تامر إسحاق، أما البطولة فلكل من أيمن زيدان وشكران مرتجى وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري. وتدور أحداث العمل في العاصمة دمشق وتستعرض مجموعة من الصراعات الاجتماعية بين أبطال العمل الذين يسكنون أحد الأزقة القديمة، في إطار درامي يعكس شرور النفس البشرية ودواخلها. وحكاية المسلسل لا تهدف إلى التسلية والامتاع فقط بقدر ما تحمل دعوة في قالب درامي جذّاب إلى التوقّف عن تخويف الأطفال والعبث بصحتهم النفسيَّة وصناعة أشخاص غير أسوياء.

في العموم، يعتبر مسلسل “الزند” بحسب آراء الشارع السوري ورواد وسائل التواصل الاجتماعي الأفضل والأكثر مشاهدة حتى الآن، بالإضافة إلى كونه ضمن المسلسلات الـ10 الأكثر مشاهدة لهذا العام على المنصات الإلكترونية، مثل منصة “شاهد”. لكن لا يمكن التكهن وتقييم أفضل المسلسلات حتى الآن، بالنظر إلى أن السباق الرمضاني لم ينته بعد، بالإضافة إلى أن المنصات الفنية ونقاد الدراما لم يبدوا رأيهم في أي رأي نهائي بخصوص دراما هذا العام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات