مزارعو الخضار الصيفية في سوريا، يواجهون مصيرا مجهولا هذا العام، إذ يؤكدون أن زراعة الخضار والعديد من الأصناف الزراعية، لم تعد مجدية في البلاد، مع استمرار انخفاض القدرة الشرائية وضعف الطلب على محاصيلهم، في حين شهدت المناطق الزراعية عزوف العديد من المزارعين عن زراعة هذه الأنواع.

خلال الموسم الماضي، اشتكى معظم أصحاب الخضار الصيفية من كساد موسمهم وضعف الطلب على المحاصيل، ما اضطرهم للبيع بأسعار أقل من التكلفة في كثير من الأوقات، حيث أدى انخفاض الطلب إلى تراجع أسعار الخضار الصيفية، في وقت أدى غياب الدعم الحكومي إلى شراء مستلزمات الزراعة من السوق السوداء لا سيما فيما يتعلق بالمحروقات.

موسم بدون زراعة؟

مع قدوم موسم زراعة هذه المحاصيل، أفاد تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أن مشهد الانتكاسات في الأسعار والتي حصلت لبعض محاصيل الخضار الصيفية في المواسم السابقة، يكاد لا يغيب عن أذهان مزارعيها، خصوصاً وهم يتهيؤون للبدء بزراعة موسم جديد تغلّفه التكهنات وتعتريه هواجس الخسائر المحتملة التي باتت تلقي بظلالها على أجواء الموسم.

موسم الخضار الصيفية يتركز على زراعة أصناف مثل الكوسا والخيار والفاصولياء والبامياء والملوخية والباذنجان والفليفلة والبطيخ الأحمر والأصفر وغيرها، إضافة إلى البندورة التي يتم عادة إفرادها بخطة مستقلة، وتعد هذه المحاصيل سلة الأسواق الرئيسة وصمام أمان للأسعار التي تنخفض لمصلحة المستهلك في ذروة الإنتاج.

رئيس دائرة الإنتاج النباتي بمديرية الزراعة في درعا المهندس وائل الأحمد، قال في تصريحات نقلتها الصحيفة المحلية إن المساحات المخططة لزراعة الخضار الصيفية لهذا الموسم تصل إلى 2600 هكتار وتشمل كل أصناف الخضار، هذا فضلا عن الخطة المستقلة لمحصول البندورة، والتي تصل إلى 3000 هكتار.

قد يهمك: ما حقيقة وفاة الممثل محمد قنوع نتيجة خطأ طبي في دمشق؟

“قراري حتى الآن هو عدم زراعة الأرض” أكد صالح كريم، (مزارع يملك أرض في ريف دمشق)، وهو مستاء من خسارته العام الماضي، وذلك بعد غلاء مستلزمات الإنتاج والزراعة وغياب الدعم الحكومي، الذي تلقى وعودا كثيرة من قِبل المعنيين في دمشق.

ظروف الموسم الماضي، وما رافقه من جفاف وارتفاع في تكاليف الزراعة، وغياب المحروقات لتشغيل الآليات الزراعية، جعلت المزارعين يتخوفون من زراعة أراضيهم، على الرغم من الوعود الحكومية بشأن تأمين المستلزمات، إلا أن المزارعين لا يثقون حتى الآن بالوعود الحكومية.

هواجس المزارعين

كريم أوضح في حديثه لـ“الحل نت“، أنه “خلال الموسم الماضي تلقينا وعودا كثيرة من الحكومة، حول تأمين مستلزمات الزراعة والمحروقات بأسعار مدعومة، لم يكن هناك إيفاء بالوعود، لا من ناحية كميات المحروقات، أو تسويق المحاصيل، موسم الحمضيات بعته على خسارة“.

كريم وغيره من المزارعين، يخشون انتكاسة جديدة هذا الموسم، ما قد يعرّض المحاصيل إلى انخفاض في الأسعار وبالتالي عدم تحقيق أي ربح من زراعة الخضار، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الزراعة وغلاء أسعار جميع مستلزمات الإنتاج

حول ذلك أضاف، “العام الماضي تعرضتُ للخسارة في زراعة الخيار والباذنجان، كانت تكاليف زراعته باهظة، ولم أحصل سوى على عشرة بالمئة من احتياجات العامل من المحروقات عبر الجهات الحكومية، واضطررت بعدها لشراء المازوت من السوق السوداء، الأمر الذي تسبب برفع تكاليف الإنتاج”.

فضلا عن تكاليف الزراعة والحصاد، فإن ارتفاع أسعار المحروقات ساهم بشكل كبير في ارتفاع تكاليف نقل المحاصيل إلى الأسواق ومن ثم إلى المستهلك، وهذا يعني ارتفاع كبير في أسعار محصول مثل الخيار أو الباذنجان.

بجدّية واضحة، تحدث كريم عن نيته عدم زراعة أرضه هذا العام، ويزيد بالقول، “ربما أتوجه لزراعة محاصيل أخرى، الفواكه الاستوائية مثلا أسعارها مرتفعة، وقد ازدهرت زراعتها مؤخرا في مناطق الساحل، وأصحاب تلك الأراضي يسوّقون منتجاتهم بأنفسهم دون الحاجة للدعم الحكومي“.

كذلك أكد مزارعون أن غلاء الأسمدة أثّر بشكل كبير على ارتفاع تكاليف إنتاج الخضار الصيفية العام الماضي، ما اضطرهم لشراء النسب الأكبر من السوق وبأسعار مضاعفة، حيث شهد الموسم الفائت انتكاسات سعرية في ذروة إنتاج هذه الأصناف، خاصة فيما يتعلق بالخضار والثوم، الأمر الذي دفع بالمزارعين للمطالبة بوضع سياسة تسويقية وتسعيرية بوقت مبكّر هذا العام.

يضاف إلى ما ذُكر أسعار المبيدات الحشرية، التي أصبحت تحتاج ميزانية مالية سنوية تفوق 4 ملايين ليرة، خاصة وسعر الكيلو الواحد من كبريت الذواب يبلغ في الصيدليات الزراعية 25000 ليرة، علما أن سعره قبل عامين، كان لا يتجاوز الـ 9 آلاف ليرة.

بعد كل الانتكاسات والخسائر التي لحقت بالقطاع الزراعي والتي أثّرت بدورها على الثروة الحيوانية في سوريا، على مدى السنوات الماضية، يبدو أن تغير المناخ والجفاف ليسا السبب الوحيد لذلك، بل تقصير وتهميش المعنيين من السلطات في حكومة دمشق وقراراتها غير المدروسة في إدارة الأزمات، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الأولية والأمور التشغيلية، كلها أسباب مضاعفة أدت إلى تهالك القطاع الزراعي الذي يشكّل حوالي 30-25 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى كونه من أهم ركائز الأمن الغذائي في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات