بين حين وآخر تحظى مملكة البحرين بدعم خليجي في مختلف المجالات، حيث يشكل هذا الدعم علاقة قوية ومتينة بين دول الخليج العربي، إذ لا تزال البحرين تعاني تراجعا في الأداء الاقتصادي رغم أنها انتعشت بعض الشيء خلال العام الماضي مع الصعود الكبير لأسعار النفط، وهو ما يجعلها بحاجة لمزيد من الدعم الخليجي تحديدا.

مؤخرا كشفت الرياض عن تخصيص صندوق استثماري لضخ 5 مليارات دولار في المنامة، وأكدت أنها تعمل على تسريع العمل بمشروع الجسر الموازي بين البلدين لتعزيز حركة السياحة، بحسب موقع “العربية نت”، حيث سبق وأن دعمت السعودية والإمارات والكويت المملكة الخليجية بـ10 مليارات دولار لتصحيح أوضاعها الاقتصادية التي تأزمت على مدار سنوات.

وفقا لـ”جريدة العرب الاقتصادية الدولية” تضمن الدعم الخليجي للبحرين جوانب عدة، أبرزها الدعم الاقتصادي، وذلك من خلال تقديم المساعدات المالية والاستثمارات في المشاريع الاقتصادية والتنموية، بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في المنامة، إلى جانب الدعم الأمني والدفاعي عبر التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتوفير التدريبات والتجهيزات اللازمة، لحماية المصالح المشتركة وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

إضافة إلى ما ذُكر، تحظى المنامة كذلك بدعم اجتماعي وثقافي إلى جانب الدعم السياسي، وذلك عبر التواصل الدبلوماسي والتشاور المستمر في القضايا الإقليمية والدولية، لتحقيق الاستقرار والسلم، وتعزيز التعاون والتضامن بين الدول الخليجية، وفقا للجريدة.

مبادرات عديدة

خلال عقد اجتماع مجلس التنسيق السعودي البحريني الثالث في العاصمة البحرينية المنامة في 14 من الشهر الجاري، أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، عن إنشاء مجلس التخطيط الحضري السعودي البحريني، وإقامة منتدى سعودي بحريني سنوي، مع وجود بوابة خاصة للمستثمرين البحرينيين ذات أولوية، بحسب ما نقلته صحيفة “عكاظ” السعودية.


استقبال المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني البحريني/ وزارة المالية والاقتصاد الوطني
استقبال المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني البحريني/ وزارة المالية والاقتصاد الوطني

الاجتماع تضمن مناقشة الجسر الموازي بين البلدين، وآلية تسريع وتيرة العمل لإنجاز هذا المشروع، الذي يشمل كذلك ربط سكك حديدية بين المملكتين، إلى جانب مناقشة 13 مبادرة أخرى، وفق الفالح، الذي نوه بتفعيل التكامل السياحي بين البلدين أيضا.

أما ما يخص مذكرات التفاهم بين البلدين، ذكر الفالح أنه سيتم توقيع مذكرتي، الأولى بين المركز الوطني لإدارة النفايات في السعودية والمجلس الأعلى للبيئة في البحرين في مجال الإدارة المستدامة للنفايات، والثانية مذكرة بين شركة البحرين للتطوير الزراعي والجهة المعنية بالسعودية في مجال الأمن الغذائي.

الفالح أكد على الدور البارز الذي تضطلع به المشاريع الاستثمارية البحرينية السعودية في القطاع الخاص، باعتبارها ذراعا اقتصاديا ومحركا فاعلا لدعم النمو الاقتصادي، منوها بمستويات التعاون الاستثماري بين السعودية والبحرين، وأهمية مواصلة تعزيزه بما يحقق التطلعات المشتركة، ويعود بالنماء والازدهار على البلدين والشعبين الصديقين، وفق تعبيره.

 في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي نمر أبو كف إن السعودية تولي اهتماما للبحرين لوجود روابط مشتركة عدة بين الدولتين، حيث تعزز هذه الروابط التفاهم والتعاون المشترك بينهما، فهي تحاول تقوية وضع الحكومة استنادا للنمو المتوقع لاقتصاد المنامة.

أبو كف يشير إلى أن الدعم السعودي الأخير للبحرين، يأتي بسبب ضعف اقتصاد الأخيرة وطبيعتها السكانية الخاصة، كما يرى بأن الصندوق السعودي الجديد يأتي أيضا في سياق سياسة الرياض لتوسيع صناديقها الاسثتمارية، حيث سبق لها إنشاء 5 صناديق مماثلة في دول أخرى، مع ملاحظة خصوصية وضع المنامة.

إلى جانب ذلك فإن المنامة تمتلك قوانين أكثر انفتاحا من تلك الموجودة في الرياض، كما أن البلدين يحاولان الاستفادة من قطاع السياحة بشكل متبادل من خلال عمل جسر موازٍ وسكك حديدية أيضا، بحسب أبو كف، والذي يرى أن الأمر يخدم أيضا رؤية تنويع الاقتصاد السعودي، التي تقوم بالأساس على استغلال موارد النفط حاليا لتعزيز موارد أخرى، في مقدمتها قطاع السياحة داخليا وخارجيا.

حزمة مساعدات

في أكتوبر 2021، جددت الدول الخليجية الداعمة للبحرين بشكل أساسي السعودية والكويت والإمارات، دعمها جهود “برنامج التوازن المالي” البحريني، في خطوة كانت تهدف لدعم جهود المنامة لدخول سوق السندات.

الدول الثلاث مددت آنذاك حزمة مساعدات كانت قدمتها للبحرين عام 2018 بقيمة 10 مليارات دولار لتجنب التراجع الائتماني، بعد أن أجلت الحكومة البحرينية، في أيلول/سبتمبر 2021، مستهدفات التوازن المالي إلى 2024 بسبب جائحة “كورونا” وأعلنت خططا لزيادة ضريبة القيمة المضافة لتعزيز إيرادات الدولة، وذلك بحسب ما نقله موقع “الشرق الأوسط”.

في سياق ذلك يشمل “برنامج التوازن المالي” سلسلة إصلاحات تهدف إلى الموازنة بين الإيرادات والمصروفات، وهو مرتبط بحزمة الدعم المقدمة من الدول الخليجية الثلاث.

من جهتها كانت مؤسسة “ستاندارد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية، قد توقعت أن تبلغ نسبة عجز الموازنة العامة في البحرين 5 بالمئة بالمتوسط خلال الفترة من 2021 إلى 2024، بالمقارنة مع 16.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2020، باستبعاد أثر زيادة محتملة لضريبة القيمة المضافة.

الخبير الاقتصاد نمر أبو كف يرى بأن دول الخليج وخاصة السعودية حريصة على تقديم الدعم للبحرين نظر لأهميته السياسية على الرغم من صغر حجمه وضعف اقتصاده، إلا إنه يمثل خاصرة خليجية في مرمى إيران، وفق تعبيره.

وضع متدن

بخلاف دول الخليج التي يعيش مواطنوها حياة اقتصادية جيدة بفضل قوة اقتصاداتها ودعمها المستمر لهم، يواجه مواطنون بحرينيون صعوبات في العيش، مع تدني المستوى المعيشي في البلاد بما في ذلك ارتفاع للأسعار وقلة الوظائف، وتزايد أعداد العاطلين عن العمل، فضلا عن فرض ضرائب مالية عليهم، وارتفاع المخالفات المالية الموثقة في تقارير “ديوان الرقابة المالية الرسمية”، وذلك وفق لما نقله موقع “الخليج أونلاين”.

فندق فورسيزونز خليج البحرين/مواقع بحرينية
فندق فورسيزونز خليج البحرين/مواقع بحرينية

 في موازاة ذلك، سعت البحرين إلى زيادة إيرادات الدولة وتقليص العجز في موازنتها، حيث قررت بداية عام 2022، مضاعفة ضريبة القيمة المضافة من 5 بالمئة إلى 10 بالمئة، وإلغاء نسبة 3 بالمئة من الزيادة السنوية للمتقاعدين، وهو ما أثر على حياة مواطنيها وزاد من معاناتهم.

إذ تعد البحرين أقل دول الخليج إنتاجا للنفط، حيث تنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يوميا، وهو ما يعد أحد الأسباب في تراجع الحياة المعيشية لسكانها، وعدم حصولهم على فرصة جيدة للعيش كباقي دول الخليج التي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط بموازاة تعزيز قطاعاتها غير النفطية.

حيث تعتمد المنامة اعتمادا رئيسيا على قطاع النفط والغاز في توفير إيرادات البلاد؛ إذ يستحوذ القطاع على 63 بالمئة من إجمالي إيرادات الدولة، ولا تظهر أرقام رسمية في البحرين حول معدل الفقر، أو عدد العاطلين عن العمل، ولكن سبق أن أكد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبد القادر الشهابي، أن أكثر من 14699 عاطلا عن العمل سجلوا بياناتهم في البرنامج الوطني لتسجيل العاطلين الذي أطلقه الاتحاد، بحسب ما نقلته صحيفة “الأيام” البحرينية.

نسبة البطالة، وفق حديث الشهابي خلال مؤتمر صحفي، في كانون الأول/ديسمبر 2021، وهي آخر الأرقام المنشورة بشكل غير رسمي، 10 بالمئة، يشغل الشباب منها ما نسبته 84 بالمئة، ثلثاهم من الإناث بنسبة 63 بالمئة، فيما بلغت نسبة الذكور 37 بالمئة.

أخيرا، تعتبر البحرين جزءا من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتسعى الدول الأعضاء في المجلس إلى المحافظة على الاستقرار الإقليمي وتعزيز التعاون والتضامن بينها. بالتالي، يأتي الدعم الخليجي للبحرين كجزء من هذه الجهود المشتركة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. حيث يرى مراقبون بأن أي تهديد لاستقرار البحرين يمكن أن يؤثر سلبا على الأمن الإقليمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات