مع اقتراب “عيد الأضحى”، يتجدد معه حماس الجماهير للتوجه إلى دور العرض السينمائية، في رحلة مثيرة تأخذهم إلى عوالم مليئة بالأبطال الخارقين والمغامرات، وهو موسم يجعل شركات الإنتاج المصرية تدور في حلبة البحث عن الصيغة السحرية لاستعادة الحضور الجماهيري التي شهدتها السينما في الماضي.

فالأفلام التي لا يحضرها أحد والتي يضطر صنّاعها لسحبها بسرعة لتفادي خسائرهم المتزايدة، أصبحت مشهدا معتادا في هذا الزمان. فالانتقادات المتعلقة بجودة المحتوى الفني أصبحت تلهم فرق الإنتاج للتفكير بشكل جدي في طرح أفلام “أكشن” مميزة تسير على خطى السينما الأجنبية المحبوبة التي تجذب قطاعا واسعا من الشباب والمراهقين.

موسم “عيد الأضحى” لهذا العام في مصر يشهد منافسة شرسة بين الكوميديا المحببة والأكشن المثير، حيث تتسابق أربعة أفلام لجذب أكبر عدد من المتفرجين إلى شباك التذاكر، أغلبها يمزج بين الأجواء الفكاهية الخفيفة مع لحظات التشويق والإثارة، في سباق محموم يجمع بين نجوم الصف الأول.

الشخصيات الخارقة والكوميديا

في الموسم الحالي، تتجلى روعة السينما المصرية بكل مجدها، وتستقطب العرب بأبطالها الخارقين وقصصها المثيرة، إن شركات الإنتاج تبحث عن الحل السحري لكسب قلوب الجماهير وإعادة الحضور الجماهيري إلى دور العرض، وذلك في وقت يشهد فيه تراجعا ملحوظا في حضور الأفلام وتنامي الانتقادات بشأن جودة المحتوى الفني.

إعلان فيلم "مستر إكس" بطولة أحمد فهمي - إنترنت
إعلان فيلم “مستر إكس” بطولة أحمد فهمي – إنترنت

الشباب هم الفئة الأساسية لجمهور السينما في مصر، وهذا ما يحفز شركات الإنتاج على مواكبة تطلعاتهم. لم تعد الأفلام الكوميدية التقليدية تكفي لجذب هؤلاء الشباب، وبالتالي يتطلب الأمر تجديدا شاملا يركز على أفلام الأكشن المعاصرة، مع قصص مشوّقة وتصورات جديدة وأبطال غير مألوفين.

اهتمامات السينما المصرية تتنوع بين الكوميديا والأكشن، حيث تتنافس الأفلام في موسم “عيد الأضحى” على جذب أكبر عدد من المتفرجين. وهنا تبرز أسماء نجوم الصف الأول مثل تامر حسني وأحمد فهمي وأمير كرارة وكريم عبد العزيز، إلى جانب فنانات مثل هنا الزاهد وياسمين صبري، لتشد الأنظار بأدوارهم المميزة.

الشخصيات الخارقة التي تقدمها الأفلام المصرية ترتبط بالجوانب الكوميدية وتبقى المؤثرات البصرية والتطورات التكنولوجية الهائلة المستخدمة في تقديم هذا النوع من الأفلام مسألة صعبة بالنسبة لشركات الإنتاج التي تواجه خسائر على مستوى الأعمال السينمائية، بحسب صحيفة “العرب” اللندنية، ومن الصعب عليها ضخ الملايين من الدولارات لتقدّم عملا واحدا يمكنه ألا يجذب الجمهور في نهاية الأمر.

شركات الإنتاج المصرية وجدت نفسها بين خيارين، إما أن تقدم أفلاما بإمكانيات هائلة وقصصا قادرة على مجاراة ما تقدمه السينما العالمية كي تخاطب عقول الشباب التي تنجذب إلى هذه الأفلام المعروضة بدور العرض في مصر، أو أن تتجه نحو تقديم أعمال خفيفة ذات طابع كوميدي يطغى على غالبية الأعمال التي عرضت في السنوات الماضية، أو تقدم نماذج لأبطال خارقين، ويشكل ذلك بديلا مناسبا لجذب فئات من الجمهور التي طالما ارتبطت بالأفلام الكوميدية.

فرص النجاح تبقى في التركيز على خيار الأفلام الخارقة كبيرة، لكنها بحاجة إلى مجازفة مادية، فالمحتوى الذي يريده الشباب يجب أن يكون مصحوبا بمضمون محلي مصري ينافسها، وأثبتت التجربة أن تقديم السينما المصرية أفلاما تحمل جودة فنية عالية يجذب شريحة كبيرة من الجمهور بأطيافه المختلفة.

أربعة أفلام في موسم “عيد الأضحى”

أسماء نجوم الصف الأول أو “السوبر ستار” مثل تامر حسني، وأحمد فهمي، وأمير كرارة، وكريم عبد العزيز، إلى جانب فنانات مثل هنا الزاهد وياسمين صبري، تبرز في إعلانات أفلام “عيد الأضحى”.

شركات التوزيع السينمائي، وبحسب صحيفة “الشرق الأوسط”، أكدت مشاركة أربعة أفلام حتى الآن، وهي “مستر إكس”، و”تاج”، و”البعبع”، و”بيت الروبي”. فيما اعتذرت الشركة المنتجة لفيلم محمد رمضان الجديد “ع الزيرو”، عن عدم المشاركة في هذا الموسم؛ لعدم الانتهاء من أعمال ما بعد التصوير مثل المونتاج، والمكساج والموسيقى التصويرية.

إعلان فيلم "دليلة" بطولة ياسمين صبري - إنترنت
إعلان فيلم “دليلة” بطولة ياسمين صبري – إنترنت

تم الإعلان عن عرض فيلم “تاج”، وهو من تأليف وبطولة المطرب تامر حسني، وتدور قصة الفيلم حول مدرس موسيقى يكتشف بالصدفة أنه يمتلك قوى خارقة تجعله بطلا. ويشارك في بطولة العمل كل من دينا الشربيني وساندي ومحمد أبوداوود وأحمد بدير وهالة فاخر، وسيتولى إخراجه سارة وفيق.

أيضا تصوير فيلم “دليلة” للفنانة ياسمين صبري يقترب من الانتهاء، وتدور قصة الفيلم حول شخصية سيدة بقوى خارقة، ويعتبر أول فيلم يمزج بين الأكشن والخيال العلمي للفنانة المصرية التي اشتهرت بأدوارها الرومانسية في الدراما.

الفيلم يقدم شخصيات غير تقليدية في السينما المصرية تتجاوز القدرات البشرية العادية. وتجسد ياسمين صبري شخصية “دليلة” التي تتحول من الضعف إلى القوة، ويهدف المخرج بيتر ميمي إلى تقديمها كجزء من سلسلة “المستضعفون”، والتي قدم منها فيلمي “موسى” بطولة كريم محمود عبد العزيز و”الهرم الرابع”.

ياسمين ظهرت في إعلان ترويجي للفيلم يصورها وهي تركب دراجة نارية وترتدي قناعا جلديا على وجهها، وذلك بعد أن تدربت على مشاهد فنون القتال مع مدربين مصريين وأجانب.

من جهته الفنان المصري أحمد فهمي أعلن عن بدء التحضير لفيلم “الرجل العناب” الذي سيجسد فيه دور بطل خارق، وجرى تقديم الفكرة في مسلسل حمل الاسم نفسه، عرض منذ عشرة أعوام، بطولته وشيكو وهشام ماجد، حول شاب مهووس بالأبحاث العلمية يكتشف تركيبة مشروب “العناب” الذي يحوله إلى بطل خارق، ويواجه العديد من التحديات في إطار كوميدي.

فيلم “البعبع” يستثمر في شهرة أمير كرارة كنجم أكشن، حيث حقق نجاحا في أفلام مثل “حرب كرموز” و”كازابلانكا”، وتدور أحداث الفيلم الجديد في أجواء من الحركة والتشويق، حيث يتعقب “سلطان” عصابة كان يكون عضوا فيها ويواجه تحديات من ماضيه. كما تجسد ياسمين صبري دور طبيبة صيدلانية، ويضيف نجم “مسرح مصر” محمد عبد الرحمن لمسة كوميدية للفيلم.

أما فيلم “بيت الروبي” يمزج بين الكوميديا والأكشن، حيث يتناول قصة إبراهيم الروبي التي يقوم بدوره كريم عبد العزيز، ويعيش في مدينة بعيدة عن القاهرة في هدوء، ولكنه يضطر للعودة ويواجه العديد من المغامرات مع أخيه الأصغر الذي يجسد شخصيته كريم محمود عبد العزيز.

انتقادات واتهامات بالترويج للبلطجة

حكايات الأبطال الخارقين في صناعة السينما تحظى بشعبية كبيرة بين فئة الشباب في المرحلة العمرية بين 16 و30 عاما. ويشكل هؤلاء الشباب الجزء الأكبر من جمهور السينما في الوقت الحالي، ولذا قامت شركات الإنتاج بإجراء دراسات لفهم اهتماماتهم، وتبين أن هذه الأعمال تشكل أحد عناصر الجذب الرئيسية بالنسبة لهم.

إعلان فيلم "البعبع" بطولة أمير كرارة - إنترنت
إعلان فيلم “البعبع” بطولة أمير كرارة – إنترنت

مع ذلك، فإن هذه الأعمال تواجه انتقادات واتهامات بالترويج لـ “البلطجة” والعنف في المجتمع. ويرى بعض النّقاد أن هذا النوع من المحتوى يمكن أن يؤثر سلبا على الشباب ويشجعهم على العنف أو السلوك العدواني، وتعتبر هذه الاتهامات موضوع جدلي وتعكس وجهات نظر مختلفة.

شركات الإنتاج تقول بدورها، أن توجه جهودها لمواجهة هذه الانتقادات وتحاول تقديم هذه الأعمال بطرق تروّج للقيم الإيجابية وتعزز التسلية والترفيه بدلا من العنف الزائد. وتعمل على توفير رسائل إيجابية وتحفيزية للجمهور، بالإضافة إلى تسليط الضوء على جوانب أخرى من شخصيات الأبطال الخارقين مثل الشجاعة والتضحية والعدالة.

أما الرأي الآخر فيعتقد أن مصطلح “السينما النظيفة” الذي اقتحم عالم الأفلام المصرية منذ ربع قرن اختفى، حيث كان هذا المصطلح يشير إلى أنه يجب أن يتم تغيير في صناعة السينما، لأنها قد تكون “ملوثة”.

في تلك الفترة، ظهرت مجموعة من الأعمال السينمائية التي تحمل قيما أخلاقية وتركز على الجانب الإيجابي للحياة، وتجنبت بعض العناصر المثيرة للجدل مثل العنف الزائد أو المشاهد الجنسية. وقد كان هدف هذه الأفلام هو تقديم محتوى يلائم فئة الجمهور التي تفضل الأفلام ذات الطابع العائلي والمحتوى الهادف.

مصطلح “السينما النظيفة” أثار ردود فعل مختلفة في الجمهور والمجتمع السينمائي. بينما قد رحب البعض بتلك الأفلام التي تناسب ذوقهم وتقدم قيما إيجابية، أثارت تلك الأفلام جدلا فيما إذا كانت تمثل تغييرا حقيقيا في صناعة السينما أم مجرد ظاهرة مؤقتة.

مع مرور الوقت، تطورت السينما المصرية لكنها أدخلت العنف بشكل كبير فيها لتلبية تطلعات جمهور مختلف، ولذلك بدأت عودة الاهتمام بالمحتوى النظيف والمقبول للعائلات مجددا، ولكن بطرق تفصيلية ومتنوعة تتناسب مع تطور الاحتياجات الجماهيرية وتعددية الاهتمامات.

وعليه نجد أن السينما المصرية تمتلك الإمكانات الكبيرة لاستقطاب الجماهير العربية من خلال أفلام الأبطال الخارقين، فبالرغم من أن هذا النوع من الأعمال قد يكون غالبا مرتبطا بالثقافة الأميركية، إلا أنه يمكن للسينما المصرية تقديم رؤية مميزة وملهمة لهذا النوع من الأفلام تلبي تطلعات الجمهور العربي، ولكن نجاح التجربة مرتبط برأي الجمهور.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات