بعد أقل من أسبوعين من فوز المعارضة بالانتخابات التشريعية في الكويت، والتي تشهد أزمات سياسية متلاحقة، تم تشكيل حكومة جديدة أُعلن عنها أمس الأحد، إذ تُعد الخامسة خلال أقل من عام واحد، حيث يأمل الشعب الكويتي، أن تسهم الحكومة الجديدة بتحقيق الاستقرار السياسي وإنهاء جميع الأزمات في البلد.

من جانبها ذكرت وكالة الأنباء الكويتية “كونا” أنه صدر مرسوم أميري بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح، وتضمّ 15 وزيرا، وهذه الحكومة هي الثامنة خلال ثلاث سنوات والخامسة التي يؤلفها نجل أمير البلاد منذ تكليفه رئاسة الوزراء لأول مرة قبل أقل من عام. هذا وارتفع عدد أفراد الأسرة الحاكمة في الحكومة من وزيرين إلى أربعة، وقد أُسندت إليهم حقائب الداخلية والدفاع والخارجية والشؤون الاجتماعية.

الحكومة الجديدة تأتي بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السادس من حزيران/يونيو الحالي وأسفرت عن مشهد برلماني معقد فاز فيه غالبية من النواب المعروفين تقليديا بمواقفهم المعارضة للحكومات السابقة.

استقالات متتالية

طبقا لأحكام الدستور، استقالت الحكومة السابقة غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات التي دعا إليها أمير الكويت الشهر الفائت بعد حلّه البرلمان على خلفية إبطال السلطات القضائية نتائج انتخابات العام الماضي التي فازت بها المعارضة أيضا، بحسب ما نقله موقع “فرانس 24”.

جانب من مجلس الأمة الكويتي في العاصمة الكويت، 16 فبراير 2022 - AFP
جانب من مجلس الأمة الكويتي في العاصمة الكويت، 16 فبراير 2022 – AFP

في سياق ذلك، صدر في السابع من الشهر الجاري، قرار أميري بقبول استقالة حكومة مجلس 2020 مع استمرارها في تصريف الأعمال، وذلك عقب إعلان نتائج الانتخابات التي أسفرت عن فوز معظم المعارضين لحكومات النواف السابقة والأخيرة الرابعة التي عينت في نيسان/أبريل الماضي.

بينما تضمن التشكيل الجديد للحكومة الجديدة، تعيين الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع، مع بقاء الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية، والشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح وزيرا للخارجية.

إلى ذلك تولى النواف منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى في تموز/يوليو 2022، وتكررت استقالته وإعادة تكليفه أكثر من مرة إثر خلافات مع مجلسي 2020/ 2022، وكانت الحكومة الكويتية الثالثة قدمت استقالتها لولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في الـ23 من كانون الثاني/يناير لغياب التعاون اللافت بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتعطيل العمل السياسي، بحسب مانقله موقع “أندبندنت عربية”.

اشتداد المنافسة

كلا من رئيس مجلس الأمة 2022 المبطل أحمد السعدون ورئيس مجلس 2020 المنحل مرزوق الغانم، يتنافسان الآن على رئاسة مجلس الأمة، حيث سيتم الكشف عن نتيجة هذه المنافسة خلال الجلسة الافتتاحية، وقد ترشح النائب مرزوق الحبيني نائبا للرئيس السعدون، فيما تم ترشيح محمد المطير من قبل الغانم.

من جانبه أدلى الحبيني بتصريحات صحفية بأن هناك من يزج باسمه كوزير في حكومة النواف الجديدة، معتبرا ذلك نوعا من المناورة. كما رفض خمسة نواب كويتيين توزيرهم في وقت سابق من هذا الأسبوع.

فيما يتعلق بالتشكيلة الحكومية الجديدة، توجد مطالب شعبية لعدم عودة وزراء سابقين واختيار وجوه جديدة، مما يشكل تحد أمام عملية التشكيل، ويقف رفض بعض النواب لتعيين بعض المرشحين كوزراء، عائق أمام اكتمال تشكيلة الحكومة.

في نهاية المطاف، سيكون على الحكومة الجديدة تقديم برنامجها لمجلس الأمة وفق الدستور، لتسير نحو تحقيق أهدافها والسير قُدما نحو الأمام بعيدا عن الانتكاسات، وحول ذلك يرى المحلل السياسي الكويتي عايد المناع، أنه ليصبح الأعضاء نوابا في المجلس الحالي، يتوجب على الحكومة الجديدة أن تقدم برنامجها لمجلس الأمة وفق المادة 98 من الدستور، ودون ذلك لا يمكن أن تتحقق أي عملية.

المناع استبعد خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن تكون هناك منافسة على رئاسة المجلس بين الرئيسين أحمد السعدون ومرزوق الغانم، لأن الأخير لن يدخل منافسات لا جدوى منها وهو يعلم بأن المجلس المنتخب ليس مجلسه، بينما المنافسة ستكون على منصب نائب رئيس المجلس وستدور بين محمد المطير ومرزوق الحبيني، إذ يرجح المناع فوز الأخير بسبب علاقاته المتينة مع نواب كثر، ويوضح بأنه لن تحدث إشكاليات كبيرة حول المنصب الأخير لأن نائب رئيس المجلس له دور محدود جدا.

في خضم المؤشرات الأولية عن مستقبل عمل السلطتين، يرى المناع، بأن المجلس الحالي سيكون أكثر استقرارا ورغبة في تحصيل المزيد من الأصوات، لأن النواب استفادوا من التجارب السابقة باستقالة الحكومة وعدم حضور أعضائها الجلسات، وأشار إلى أن النواب تنازلوا عن قضية القروض التي كانت من أولويات الكويتين.

تعطيل الإصلاحات

منذ سنوات تعيش الكويت صراعا مستمرا بين الحكومة والبرلمان عطّل خطط الإصلاح الاقتصادي والمالي، لا سيما إقرار قانون الدين العام، حيث تعتمد الميزانية العامة على إيرادات النفط في 90 في المئة من تمويلها، بحسب وكالة “رويترز”.

صورة جماعية للحكومة الكويتية الجديدة في الكويت، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2019 رويترز
صورة جماعية للحكومة الكويتية الجديدة في الكويت، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2019 رويترز

من جهته قال “صندوق النقد الدولي” في الخامس من الشهر الجاري إن أسعار النفط المرتفعة تساعد الكويت على التعافي من ضغوط الجائحة على المالية العامة، لكن إقرار قانون الدين العام الجديد قريبا هو أمر بالغ الأهمية، وبعد أزمة طاحنة بين حكومة سابقة كان يقودها الشيخ صباح الخالد والمعارضة، حل ولي العهد العام الماضي برلمان 2020 ودعا لانتخابات جديدة، جرت في سبتمبر، فاز فيها أغلبية من النواب المعارضين.

من جهة أخرى صرحت صحيفة “القبس” الكويتية، بأن الحكومة الجديدة حدث فيها تغيير بنسبة بلغت 40 بالمئة مقارنةً بسابقتها، فضلا عن وجود امرأة واحدة هي أماني بوقماز وزيرة الأشغال العامة، كما شهدت دخول 6 وزراء جدد، أبرزهم أحمد الفهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للدفاع، بعد غياب عن الحكومات دام نحو 12 سنة، بعد مغادرته حكومة 2011.

كما يأتي تشكيل الحكومة الجديدة قبل ساعات من افتتاح ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، غدا الثلاثاء، أولى جلسات مجلس الأمة بعد انتخابه مؤخرا.

أزمات سياسية متكرّرة تعاني منها الكويت يتعلق يعضها بالحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تم حله مرات عدة، وغالبا ما يكون سبب حل البرلمان مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.

هذا وفشلت الحكومات الأربع التي تشكلت في الكويت منذ أقل من عام، في عملها بسبب صراع مع البرلمان، والكويت من أكبر مصدّري النفط الخام في العالم وهي أول دولة خليجية تعتمد نظاما برلمانيا في 1962، وسط كل ذلك لاتزال التحليلات والتوقعات تتضارب حول إمكانية نجاح الحكومة الجديدة في أداء مهامها وتحقيق استقرار سياسي ينهي جميع الأزمات في الكويت.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات