على غرار سابقاتها، تواجه حكومة الكويت الخامسة خلال عام، التي تم تشكيلها منتصف حزيران/يونيو الماضي برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد، نجل أمير البلاد، ذات التحديات القديمة التي أدت لاستقالة الحكومة السابقة مطلع العام الحالي، الأمر الذي يضع مستقبل الحكومة الحالية في صورة قاتمة، إذا ما كانت تمتلك حظوظا لتجاوز السيناريوهات الماضية، أو السقوط مبكرا.

التحديات تجددت على وقع تقديم الحكومة الكويتية الجديدة برنامجها عملها إلى “مجلس الأمة” (البرلمان)، الاثنين الماضي، والذي حمل عنوان ” تعديل المسار .. اقتصاد منتج ورفاه مستدام”، حيث تضمن محاور صبغت جميعها بصبغة اقتصادية وتراوحت بين تعزيز استقرار المالية العامة للدولة إلى تطوير القطاعات ذات الأولوية مرورا بإيجاد فرص العمل وبناء القدرات، ووصولا الي تحقيق الرفاه المستدام والاستثمار في رأس المال البشري.

البرنامج الذي قدم إلى رئيس “مجلس الأمة” أحمد السعدون، اشتمل الكثير من الطروحات والمشاريع الرامية إلى دفع عجلة التنمية؛ ومنها دراسة إطلاق صندوق استثماري سيادي بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي، كما تحدث البرنامج عن تدشين مشروعات عملاقة في قطاعات خدمية مثل افتتاح المطار الجديد واستكمال تطوير ميناء مبارك الكبير وتطوير جزيرة فيلكا وربط سككي خليجي وخط سكة حديد بين الكويت والسعودية.

معارضة برنامج حكومة الكويت

كذلك تحدث البرنامج عن آليات جديدة للاستثمار في أملاك الدولة بما يشجع القطاع الخاص على الانخراط فيها، إلى جانب ترسيخ الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ المشاريع المتعلقة بالقطاعات ذات الأولوية، فيما أشار البرنامج بشكل خاص إلى أهمية إصدار إطار عام للضريبة على الشركات.

على هذا النحو، وجه أعضاء بارزون في “مجلس الأمة” انتقادات حادة لبرنامج عمل الحكومة الذي ناقشته داخل المجلس، والذي يتضمن اقتراحا بإقرار قانون الدين العام الذي طال انتظاره، في إشارة مبكرة إلى أن مسار الحكومة لن يكون معبدا مما يعيق الإصلاحات الاقتصادية، في حين قالت الحكومة، إنها تريد إقرار قانون الدين العام والإطار المنظم له، مع ربطه بمشاريع ذات قيمة اقتصادية مضافة، خلال العام الأول من الخطة الممتدة من 2023 إلى 2027.

خلال مناقشة البرنامج في المجلس، ضمن جلسة خصصت لهذا الغرض، أعرب عدد كبير من النواب عن انتقادهم لقانون الدين العام، معتبرين أنه يكبل الدولة بالديون رغم امتلاكها ثروة نفطية هائلة وامتلاكها أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، حسبما أفادت به “شبكة الدستور” التابعة لـ “مجلس الأمة”.

برنامج عمل الحكومة الكويتية؛ هو خطة ضخمة طموحة يحتاج تنفيذها إلى تمويلات ضخمة وإلى جهود كبيرة وخبرات بشرية، غير أنها تحتاج قبل ذلك إلى توافق مع السلطة التشريعية بما يحقق سلاسة في التنفيذ سيما وإن بعض الطروحات الواردة في البرنامج سبق وأثارت صدامات مع مجالس سابقة.

بيد أن أي مشروع قانون، حتى يصبح تشريعا نافذا، يجب أن يحظى بموافقة “مجلس الأمة” الذي يهيمن عليه النواب المعارضون الذين اعترضوا على مشروعات مماثلة على مدى سنوات، لذا أن الحكومة ستحتاج إلى موافقة “مجلس الأمة” لإقرار قوانين أخرى مهمة أوردتها في برنامج عملها، مثل وضع إطار عام للضريبة على الشركات وعلاج نظام التأمين التقاعدي وتحسين أداء مؤسسة التأمينات الاجتماعية وتدشين المنطقة الاقتصادية الشمالية.

المحلل السياسي الكويتي عابد المناع يقول في حديث مع موقع “الحل نت”، إن وضع الحكومة الحالية في الكويت ليس على ما يرام، لأنها لم تأتِ كما يعتقد النواب بأي شيء جديد، ولذلك ستجد الحكومة صعوبة في التعايش مع مجلس الأمة الحالي.

حكومة الكويت أمام فرصة قبيل المسائلات

لكن وبحسب المناع، فإنه ونتيجة لمجيء الحكومة الحالية بعد صراع سياسي طويل الأمد، ربما ينتظر النواب بعض الوقت لتقديم المسائلات التي ربما تجر أكثر من وزير إلى تقديم الاستقالة، بل وربما استقالة رئيس الوزراء أيضا في حال استجوابه، وبالتالي استقالة الحكومة.

الحكومة الكويتية الخامسة تواجه تحديات أمام تحقيق برنامجها/ إنترنت + وكالات

المناع يردف، أنه سيتم الانتظار لبعض الوقت لأن الحكومة للتو تشكلت، واستقال منها وزيران حتى الآن، وهنا وزير ثالث وضعه غير مشجع على الاستمرار، لذا فأم أمر مساءلة الوزراء من قبل مجلس الأمة قد يتأخر قليلا.

هذا وأدى الخلاف الدائم بين الحكومات والبرلمانات المتعاقبة في الكويت طوال السنوات الماضية إلى إعاقة الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك عرقلة قانون الدين العام الذي يسمح للكويت في حال إقراره بالاستفادة من أسواق الدين الدولية والتحوط لمخاطر الاعتماد الكبير للميزانية العامة للبلاد على النفط.

منذ سنوات تعيش الكويت صراعا مستمرا بين الحكومة و”مجلس الأمة” عطل خطط الإصلاح الاقتصادي والمالي، لا سيما إقرار قانون الدين العام، حيث تعتمد الميزانية العامة على إيرادات النفط في 90 بالمئة من تمويلها، بحسب وكالة “رويترز”.

 “صندوق النقد الدولي” قال في الخامس من الشهر الماضي إن أسعار النفط المرتفعة تساعد الكويت على التعافي من ضغوط الجائحة على المالية العامة، لكن إقرار قانون الدين العام الجديد قريبا هو أمر بالغ الأهمية، وبعد أزمة طاحنة بين حكومة سابقة كان يقودها الشيخ صباح الخالد والمعارضة، حل ولي العهد العام الماضي برلمان 2020 ودعا لانتخابات جديدة، جرت في سبتمبر، فاز فيها أغلبية من النواب المعارضين.

خلال السنوات الماضية الأخيرة، مرت الكويت بفضائح فساد مدوية على غرار قضية “الصندوق الماليزي”، والمشتريات الدفاعية، وقضية ضيافة الداخلي، وقد طفت تلك القضايا في وقت تشهد فيه البلاد أزمات سياسية مركبة، وهو ما أدى إلى إسقاط حكومات وحل “مجلس الأمة” في أكثر من مناسبة. 

سياق الأزمة في الكويت

أزمات سياسية متكررة تعاني منها الكويت يتعلق يعضها بالحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة و”مجلس الأمة” الذي تم حله مرات عدة، وغالبا ما يكون سبب حل المجلس مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.

رئيس الحكومة الكويتة الشيخ أحمد نواف الأحمد/ إنترنت + وكالات

يشار إلى أن الحكومات الأربع السابقة قد التي تشكلت في الكويت منذ أقل من عام، في عملها بسبب صراع مع البرلمان، والكويت من أكبر مصدّري النفط الخام في العالم وهي أول دولة خليجية تعتمد نظاما برلمانيا في 1962، وسط كل ذلك لاتزال التحليلات والتوقعات تتضارب حول إمكانية نجاح الحكومة الجديدة في أداء مهامها وتحقيق استقرار سياسي ينهي جميع الأزمات في الكويت.

الجدير بالذكر، أن صحيفة “القبس” الكويتية، صرحت بأن الحكومة الجديدة حدث فيها تغيير بنسبة بلغت 40 بالمئة مقارنةً بسابقتها، فضلا عن وجود امرأة واحدة هي أماني بوقماز وزيرة الأشغال العامة، كما شهدت دخول 6 وزراء جدد، أبرزهم أحمد الفهد نائبا لرئيس “مجلس الوزراء” وزيرا للدفاع، بعد غياب عن الحكومات دام نحو 12 سنة، بعد مغادرته حكومة 2011.

يذكر أن أحمد النواف الأحمد الصباح قد ولد في عام 1956، وحصل على شهادة بكالوريوس تجارة من “جامعة الكويت”، وتدرج في السلك العسكري حتى وصل إلى رتبة فريق أول، كما شغل منصب وكيل وزارة لشؤون الجنسية والجوازات في وزارة الداخلية، ثم منصب الوكيل المساعد لشؤون التعليم والتدريب بالوزارة.

بعد ذلك تقاعد من وزارة الداخلية وعُيّن محافظا عام 2014، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2020، تولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني بدرجة وزير، وفي آذار/مارس 2022، تم تعيينه نائبا لرئيس “مجلس الوزراء” ووزيرا للداخلية، وفي 24 تموز/يوليو 2022، صدر أمر أميري بتعيينه رئيسا لـ”مجلس الوزراء”، وفي الثاني من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قدم أحمد نواف الأحمد كتاب استقالة الحكومة إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات