مع استمرار الحراك الشعبي في محافظة السويداء جنوبي سوريا للمطالبة بالتغيير السياسي في البلاد، تسعى السلطات في دمشق منذ اليوم الأول للاحتجاجات قبل نحو شهرين، إلى اختراق الاحتجاجات والعمل على إنهائها بدون اللجوء إلى العنف والحلول الأمنية.

خلال الأيام الماضية، شهدت مظاهرات السويداء حالة من التضامن مع ضحايا الحرب في غزة، وقد حاولت السلطات السورية اختراق هذه التظاهرات من بوابة التضامن مع غزة، وذلك بهدف تحويلها إلى مسيرات داعمة للرئيس السوري بشار الأسد.

على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، دعت العديد من الصفحات المناصرة للسلطة إلى مسيرات حاشدة داعمة لغزة، وقد خصّت الدعوات في مدينة السويداء، إلا أن أهالي المدينة كانوا ينظّمون مظاهراتهم المعتادة المناهضة للسلطة.

دور حزب “العث”

مجموعات حزب “البعث” واللجان الشعبية، نظّمت عشرات المسيرات في المدن السورية تضامنا مع غزة، وغالب هذه المسيرات تحوّلت بعدها إلى مسيرات داعمة للسلطة وللرئيس السوري بشار الأسد، وتحولت الهتافات إلى دعم للرئيس ورافضة لكل التظاهرات التي تدعو لإزاحته بوصفها دعوات “لإثارة الفتنة”.

Made with LogoLicious Add Your Logo App

على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت  دعواتٌ للطلاب والموظفين للخروج في وقفة تضامنية في مدينة السويداء ، للتضامن مع غزة، دعا إليها عدد من النقابات والاتحادات التابعة للحكومة السورية، وبحسب ما جاء في التعميم، فإن رئيس الاتحاد الرياضي السوري العام فراس معلا، المعروف بولائه للسلطة، سيحضر إلى محافظة السويداء للمشاركة في الوقفة التضامنية قرب ساحة “الكرامة”.

في السويداء حاول العديد من الأشخاص خلال مظاهرة الإثنين، استغلال الهتافات الداعمة للضحايا المدنيين في غزة، وتحويلها إلى هتافات داعمة للرئيس السوري بشار الأسد، باعتباره “رمزٌ للمقاومة ضد إسرائيل”، إلا أن غالبية المتظاهرين رفضوا هذه الهتافات.

قد يهمك: “كيف حتدبروا حالكم عالغدا“.. نقاش الطبقة “المسحوقة” اليوم في سوريا 

“كانت هناك محاولات مقصودة لاستغلال دعم غزة”، قال فادي مسالمة، وهو أحد الناشطين المنظّمين لمظاهرات ساحة الكرامة في مدينة السويداء، مؤكدا أن وقوف أهالي السويداء مع ضحايا الحرب في غزة، لا يعني أبدا تغيير موقف الأهالي من الحكومة ورموز السلطة في سوريا.

مسالمة أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “غزة حاضرة في مظاهراتنا منذ عدة أيام، ولا تنتظر دعوات حزب البعث، التي تهدف بالدرجة الأولى إلى استغلال الحدث وتحويله لدعمٍ للسّلطة، كما حصل في دمشق وحلب واللاذقية وطرطوس، المظاهرات في السويداء لم تتوقف ولا ليوم واحد، والمطالب نفسها المتعلقة بالتغيير السياسي وفق القرارات الأممية”.

الحراك مستمر

الاحتجاجات في السويداء تواصلت بعد أن دخلت شهرها الثالث، حيث اندلعت الاحتجاجات لأول مرة في السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي، للمطالبة بالتغيير السياسي وفق قرار مجلس “الأمن الدولي” رقم 2254، كذلك يطالب المتظاهرون برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

الانتفاضة في السويداء، أربكت السلطات في دمشق التي ما تزال تبحث عن طريقة لمواجهة هذه الاحتجاجات، خاصة في ظل عدم توجّه الحكومة لمواجهة الاحتجاجات باستخدام العنف، فبدأت تلجأ لأساليب أخرى، كخلقِ حالةٍ موالية في شوارع السويداء.

السلطات السورية استخدمت وسائل عدة لاختراق احتجاجات السويداء، كتحريض وسائل إعلامها من أجل مهاجمة المتظاهرين، واتهامهم في بعض الأحيان بالسعي للانفصال عن سوريا، الأمر الذي فشلت به بعدما أكد المتظاهرون خلال وقفاتهم ولافتاتهم على وحدة الأراضي السورية وعدم وجود أي مطلب يتعلق بالانفصال.

التعامل مع السويداء مؤخرا كان مختلفا تماما، فعلى الرغم من عدم تجاوب السلطة مع أي من مطالب المحتجين المتعلقة بالسياسات الاقتصادية أو التغيير السياسي، لم يكن هناك توجيهٌ للبنادق نحو المتظاهرين، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب تغيير السلطة لسياساتها في التعامل مع التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء، عمدت السلطات السورية كذلك إلى مواجهة المظاهرات عبر استمالة بعض وجهاء المحافظة، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، أو خلق فئة موالية لتعزيز فكرة الانقسام بين الأهالي.

هذه المساعي لم تنتهِ بهدف إثارة الانقسام في السويداء، على المستويين الديني والاجتماعي، خاصة في ظل عدم اتجاه السلطة لاستخدام العنف والحل الأمني لمواجهة المحتّجين، وقد سعت دمشق خلال الأسابيع الأخيرة إلى خلق الفئة الموالية في المدينة، فهل تنجح.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات