وسط الحرب المستمرة منذ أكثر من 100 يوم في قطاع غزة، والتي أودت بحياة أكثر من 25 ألف ضحية حتى الآن، في أعقاب هجمات “حماس” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي ضد إسرائيل، تتحدث الصحف الغربية عن وجود مقترحات وخطط من الوسطاء (مصر وقطر بدعم أميركي)، بشأن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى “حماس”، ومن ثم التوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب بشكل كامل.

ومنذ وقف إطلاق النار الأخير في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تتعثر المفاوضات بين طرفي الصراع. ويعود ذلك إلى تشبث كل طرف بشروطه وإصراره عليها.

بالإضافة إلى ذلك، كلما شنت “حماس” هجوماً عنيفاً على إسرائيل، فإن إسرائيل تتذرع وتصبح أكثر إصراراً على مواصلة القتال حتى يتم القضاء على “حماس”، وفق ما تقوله علناً.

مقترحات لإنهاء الحرب في غزة

بحسب ما قاله المشاركون في محادثات الوساطة بين إسرائيل و”حماس” لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، فإن مصر وقطر، بدعم أميركي، تدفع طرفي الصراع إلى “الانضمام إلى عملية دبلوماسية على مراحل، تبدأ بالإفراج عن الرهائن، ويؤدي في النهاية إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وإنهاء الحرب كلياً”.

استعداد إسرائيل و”حماس” للمناقشة كان “خطوة إيجابية”- “الصورة من الإنترنت”

ومن المقرر أن تستمر المفاوضات في القاهرة خلال الأيام المقبلة، حسبما ذكرت مصادر للصحيفة الأميركية، حيث يمثل الاقتراح “نهجاً جديداً لنزع فتيل الصراع، يهدف إلى جعل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين اختطفتهم حماس جزءا من صفقة شاملة، يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الأعمال العدائية”.

وبحسب أحد الأشخاص المطلعين على المحادثات، فإن استعداد الطرفين للمناقشة كان “خطوة إيجابية”، مضيفاً: “الوسطاء يعملون الآن على سد الفجوة”.

من جانبه ذكر موقع “أكسيوس” الأميركي، على لسان مسؤولين إسرائيليين، دون أن يكشف عن هويتهما، أن إسرائيل قدمت لـ”حماس” اقتراحاً من خلال وسطاء مصريين وقطريين، يتضمن وقفاً للقتال لمدة تصل إلى شهرين، كجزء من اتفاق متعدد المراحل يشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة.

ما تم ذكره على لسان مصادر مطلعة على المفاوضات في “وول ستريت جورنال”، تحدث موقع “الحل نت”، عنه في عدة تقارير سابقة له، منشورين قبل نحو أسبوعين، وذلك وفق مصادر مطلعة على ملف المفاوضات ومقرّبة من الأوساط المصرية، بالإضافة إلى محللين سياسيين، وأجمعوا على أنه ستكون هناك هدنة مؤقتة مطلع العام الجديد، ومن ثم تدريجياً ستبدأ القاهرة والدوحة وبدعم من واشنطن في الدخول في مشاورات ومفاوضات أكبر بغية التّوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وليس هُدن مؤقتة، حتى لو تحقق ذلك بشروط قد لا يتفق عليها طرفا الصراع حالياً، ولكن حتى ذلك الوقت سيكون الأمر ممكناً، نظرا لتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة من جهة، وتزايد الضغوط الداخلية على حكومة نتنياهو.

اتفاقية قريبة!

وفق مصدر سياسي مصري لـ”الحل نت”، فإنه من المتوقع حدوث هدنة في ظل مساعي عديدة تقودها دول الوساطة على رأسهم مصر التي تملك خطة للخروج من مأزق الحرب من خلال وقف إطلاق النار والإفراج التدريجي والمرحلي عن الأسرى بما يؤدي في النهاية لغلق ملف الحرب وإنهاء دائرة الصراع.

يبدو أن الصفقة الجديدة المتوقع قبولها ودخولها حيز التنفيذ في الأفق القريب تتماثل مع الرؤية المصرية التي تحدثت عن بدء تدريجي للإفراج عن المحتجزين حتى الوصول لنتيجة آمنة للأوضاع ووقف الحرب.

غير أن الحديث الأخير هو الهدنة المتوقعة والمحتملة تعكس إشارات واضحة بخصوص نجاح الوسطاء (في مصر كما في الدوحة) في نقل رسالة من تل أبيب لحماس مفادها وقف إطلاق النار لمدة شهرين، وتتضمن في تلك الفترة البدء في الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى الحركة بغزة، وهذا المقترح يتزامن مع عودة بريت ماكغورك مستشار الرئيس جو بايدن من زيارته للقاهرة والدوحة بشأن متابعة ملف المفاوضات حول الرهائن.

وفي ما يبدو أن الصفقة الجديدة المتوقع قبولها ودخولها حيز التنفيذ في الأفق القريب تتماثل مع الرؤية المصرية التي تحدثت عن بدء تدريجي للإفراج عن المحتجزين حتى الوصول لنتيجة آمنة للأوضاع ووقف الحرب، وفق ما يضيفه المصدر السياسي المصري لـ”الحل نت”.

وهذا ما برز من خلال موقع “أكسيوس” الأميركي والذي كشف عن جزء مما تتضمنه الاتفاق الجديد ومفاده إطلاق سراح الرهائن على مراحل وعودة جثث القتلى بشكل تدريجي كذلك، فيما تشهد المرحلة الأولى السماح بعودة النساء والرجال الذين هم فوق 60 عاماً، فضلاً عمن يعانون أمراضاً مزمنة وفي أوضاع طبية حرجة، ومن ثم المرحلة التالية تشمل إطلاق سراح المجندات والمدنيين تحت عمر الـ60 عاماً.

وفي مقابل ذلك ستتفق إسرائيل مع حركة “حماس” على عدد المطلوب الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية مقابل كل أسير، وهو ما قالته صحيفة “وول ستريت جورنال” أيضاً.

رفض الطرفين!

وقال مسؤولون مصريون، وفق الصحيفة الأميركية، إن من بين المواضيع المطروحة على الطاولة أيضاً، “تشكيل صندوق دولي لإعادة إعمار غزة، وضمانات أمنية لقادة حماس السياسيين”.

في مقابل ذلك، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، قبل يومين، عبر مصادر مطلعة، إن هناك رفضاً من الطرفين للمقترحات التي قدمها الوسيطان المصري والقطري.

من جانبه، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، يوم الأحد الفائن، شروطاً قدمتها “حماس” لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن تتضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل، وترك الحركة على رأس السلطة في غزة.

حيث قال نتنياهو في بيان “مقابل الإفراج عن رهائننا، تطالب حماس بوقف الحرب وانسحاب قواتنا من غزة والإفراج عن جميع القتلة والمغتصبين.. وعدم المساس بحماس”، مضيفاً “أرفض جملة وتفصيلا شروط استسلام وحوش حماس”.

لكن، مسؤولون مصريون، قالوا للصحيفة الأميركية، إن “العائق الرئيسي في المحادثات، هو الخلافات الداخلية في حماس”.

وأضافوا أن مسؤولي حماس “الذين يتخذون من الدوحة مقرا لهم، قادوا المحادثات مع قطر ومصر، ويسعون لإبقاء حماس بعد انتهاء الحرب، وقد أبدوا استعدادهم لنزع السلاح من غزة، وهو أمر يعارضه زعيم الحركة في غزة، يحيى السنوار بشدة”.

وقال المسؤولون إن “السنوار والزعيم السياسي لحركة حماس في الدوحة، إسماعيل هنية، لم يتواصلا بشكل مباشر منذ شهر تقريبا”، مضيفين: “إن ذلك جعل التقدم في الاتفاق صعباً”.

لكن في العموم، من المتوقع أن تساهم قطر ومصر بدور في الوصول لمقاربة مرنة سياسية تؤدي للتهدئة الإقليمية بعيداً عن وجهات النظر المتشددة من الطرفين في ظل تنامي العمليات والتصعيد في غزة كما في جبهات أخرى مثل اليمن وعسكرة جماعة “الحوثي” اليمنية للملاحة الدولية بالبحر الأحمر وتهديد مصالح الغرب وواشنطن ثم في العراق وأربيل.

Friends and family mourn Israeli soldier Sergeant Major Ilay Levy, 24, who was killed in the Gaza Strip amid the ongoing ground operation of the Israeli army against Palestinian Islamist group Hamas, at his funeral in Tel Aviv, Israel, January 23, 2024. REUTERS/Tyrone Siu

هذا فضلاً عن ما يجري بلبنان وسوريا، ولهذا ستتجه دول الوساطة لضمان رعاية تهدئة مؤقتة وعمل هدنة جديدة للتفاوض على الأسرى والموقوفين بالسجون الإسرائيلية، فضلاً عن أن المسألة لم تعد في قضية الرهائن بقدر التوصل لصيغة تامة على عدة ملفات بعضها يتصل بغزة والحكم فيها والسلاح في يد الفصائل الفلسطينية، والبعض الآخر يتصل بمجال الصراع الذي امتد عملياً لخارج القطاع.

وبالتالي هذا الصراع ككل بات يحتاج لمقاربة جديدة، فالطرف الإيراني لديه مصالح وأجندة مع أطراف الصراع يحتاج لبدء المفاوضات حولها وكسب امتيازات و”حزب الله” اللبناني بالتبعية لديه تصورات تتعلق بترسيم الحدود البرية ومنها النقاط الحدودية المتنازع عليها، وتحديد قواعد اشتباك جديدة منوّها إلى أن إسرائيل لن تسمح بوضع غزة ما قبل السابع من أكتوبر، لكن في كافة الأحوال مع تمادي الصراع لحدود تصعيدية ستكون في الأفق محطة تهدئة متوقّعة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات