تزامن مع صدور تعريف حكومي جديد في بريطانيا لـ”التطرف” يهدف إلى شلّ إرادة وقدرة التنظيمات الإسلاموية على الحركة وتنفيذ هجماتها المسلحة، فضلاً عن خلق بيئة معادية تسمح بالكراهية والعدوان، وقوع حادث إرهابي داخل قطار كان في طريقه من جنوب شرق لندن باتجاه العاصمة، وقد باغت أحد الأشخاص الملثّمين راكباً بطعنات متتالية. حادث جديد ضمن سلسلة حوادث “الذئاب المنفردة” المحتملة، له طبيعة دموية ومتوحشة، حتى وإن كانت تفاصيله وملابساته لم تتكشّف حتى اللحظة.

لكن الأكيد أن الأعوام الأخيرة تشهد تحوّلاً في العواصم الأوروبية من ناحية إدراك ضرورة عزل هيمنة القوى الإسلاموية التي تستغل هامش الحرية، وتقليص دورها ونشاطها فضلاً عن توغّلها المرعب في المجتمعات الأوربية، وتمكّنها من عمل خرق لتشكيل مجتمعات موازية لها هويتها المتشددة طائفياً ودينياً.

فيما تتصاعد وتيرة مواجهة أوروبا مع الإسلام السياسي والتنظيمات المتشددة المسلحة بأفكارها الإرهابية التحريضية مع اندلاع حرب غزة وميل التيارات الدينية إلى بلورة خطابات عدائية للغرب. غير أن العام الماضي، ظل مؤشر الإرهاب يلح على تصنيف التهديدات الإسلاموية عند حدود “الأكثر خطورة” في عدة بلدان منها بريطانيا وبلجيكا وفرنسا والسويد، وهي تهديدات تتصل بالتحركات الميدانية وكذا الهجمات الإلكترونية و السيبرانية. ويشير “المركز الأوروبي” لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إلى أن تهديد الجماعات الإسلاموية المتطرفة هو “الأكثر خطورة” في المملكة المتحدة.

الإخوان وخطورة تهديداتهم

وتابع: “(75 بالمئة) من جهود جهاز الاستخبارات مخصص لمحاربتها. يأتي التهديد الرئيسي في المملكة المتحدة من الجماعات الإسلاموية، الذي يمثل حوالي (67 بالمئة) من الهجمات. يمثل الأطفال دون سن (18) عاماً الآن واحداً من كل (5) اعتقالات، وهي زيادة بمقدار (5) أضعاف منذ عام 2019 عندما كانت النسبة (4 بالمئة) فقط. وترتبط جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها “الإخوان المسلمين” بمنظومة من المصالح، سياسية وأمنية واجتماعية، جعلت لهم أهمية للحكومات المتعاقبة، يشمل منظومة الإخوان مجموعة من الجمعيات، وصلت إلى ما يقارب (60) منظمة”.  

تتصاعد وتيرة مواجهة أوروبا مع الإسلام السياسي والتنظيمات المتشددة المسلحة بأفكارها الإرهابية التحريضية مع اندلاع حرب غزة وميل التيارات الدينية إلى بلورة خطابات عدائية للغرب-“إنترنت”

قبل أقل من عام تقريباً، عرضت جماعة “الإخوان المسلمين”، المصنّفة على قوائم الإرهاب في مصر وعدد من البلدان العربية، فيلماً وثائقياً بالأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون، وكان الفيلم كعادة التنظيم محاولة للاستفادة من مساحة الحرية في الغرب بهدف تقديم سردية تلفيقية تعمد إلى تزوير الأحداث وإخفاء الحقائق وطمس وتشويه الخصوم عن قصد. 

الفيلم الذي تم إنتاجه بواسطة التنظيم الدولي لـ “لإخوان” حاول تقديم وجه النظر الإخوانية تماماً عن فض اعتصامهم المسلح في ميدان رابعة العدوية في شرق القاهرة، وهو الاعتصام الذي شهدت منصته قادة التنظيم مع آخرين من تنظيمات جهادية كانت تحرض على العنف والقتل سواء القيادي الإخواني محمد البلتاجي أو القيادات الأخرى الأكثر تشدداً مثل طارق الزمر وعاصم عبد الماجد وكل منهما متهم باغتيال الرئيس السابق محمد أنور السادات، كما تورطوا في حوادث عنف عديدة.

صناعة صورة بصرية تُعد ضمن أهداف ومساعي الجماعة الإسلاموية للتأثير، وبخاصة في الدوائر الغربية، بهدف تشكيل خطاب تضامني معها والتأكيد على مظلوميتها، من دون الإشارة للوجه الآخر للحقيقة، وإخفاء أي صوت نقدي، ولا يهدف “الإخوان” من هكذا فيلم سوى ابتزاز والتشنيع على النظام في مصر، فضلاً عن تبرئة ساحتها من التورّط في العنف. 

فالأجهزة الأمنية بمصر قامت بفض اعتصام الجماعة في منتصف آب/ أغسطس عام 2013 بعد مرور نحو شهر تقريباً على الاعتصام المسلح، وعدم المساس بهم، لكن الوضع كان خطيراً جدّاً، لا سيما مع الخطاب التكفيري والتحريضي على المنصة فضلاً عن ما جرى بحق الأقباط من واعتداء وحرق الكنائس وصعود الإرهاب المسلح في شبه جزيرة سيناء بل إن لحظة الفض لم تستخدم الأجهزة الأمنية السلاح إلا بعد سقوط أول قتيل في صفوفها تم استهدافه من داخل الاعتصام وفق ما وثقت التقارير الصحفية الأجنبية والمحلية وكذا الحقوقية. وكانت عملية الفض معلنة وموثقة وحضرها صحفيون وبدأت بنداء عبر الميكروفونات ووفرت القوى الأمنية ممرات آمنة للخروج لكن بقى من امتنع وبدأ بالمقاومة العنيفة واستخدم السلاح.

التملص من تاريخ العنف

فيلم الجماعة الذي عرض حول فض اعتصام رابعة المسلح وسعى لتبرئة الجماعة من العنف، حتما لا يخاطب المشاهد العربي الذي ما زال قادراً على الوصول إلى اعترافات قادة الجماعة باستعمال العنف ووجود السلاح في ظل الوسائط الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، كما أن ذاكرته سوف تسعفه بمشاهدات ما تزال هي الأخرى حية لا تفارق ذهنه، وكان أحمد المغير الذي هو أحد القيادات الشبابية بالجماعة قد أعلن على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن اعتصام رابعة “كان مسلحاً بالأسلحة النارية كلاشات وطبنجات وخرطوش وقنابل يدوية ومولوتوف”.

وقال إن السلاح كان كافياً لمواجهة عملية الفض المفترضة من قبل قوات الشرطة والجيش، لافتاً إلى أن أحد المولات القريبة من الاعتصام كان معروفاً بأنه المكان الذي يحتشد فيه العناصر الجهادية، وقال: “فبدأ الشباب في طيبة مول بالرد على الرصاص برصاص، كنا متحصنين في المبنى اللي وراء طيبة مول، مع كل دقيقة الحصار بيطوقنا، والشباب بيجري كله ناحية المنصة التفت ورايا وشفت منظر لا يمكن أنساه أبدا، اللي ماسك آلي واللي ماسك خرطوش واللي بيولع مولوتوف وهنكمل باقي الحديث في فترات ورسائل تانية”.

كان “طوفان الأقصى” مدمراً للمساعي المحمومة التي لا تنتهي من الجماعة الإسلاموية لتجميل صورتها في الغرب، وقد برز الوجه المتوحش الدموي في سياق آخر بعدما نفذت “حماس” هجومها على إسرائيل بين ليلة وضحاها.

وانبرى قادة التيارات الجهادية، مثل طارق الزمر بـ”سحق” المعارضة وتهديدها بالقتل وقال: “ستسحقون جميعاً، وسيكون هذا اليوم، الضربة القاضية لكل المعارضة، وقال إن “الذين دعوا لمظاهرات 30 حزيران/ يونيو، كفروا بالصندوق، لقد توعدونا لكنهم سيسحقون جميعاً، وستكون مظاهرات 30 حزيران/ يونيو إسلامية إسلامية، وسيرى العالم مع من سيقف الشعب، مع الثورة أم البلطجية”.

بل إن البلتاجي تجاوز التهديد المباشر إلى الاعتراف بأن ما يجري من تفجيرات وأعمال عنف من تنظيمات وعناصر تابعة لـ”داعش” في سيناء، هو مرتبط ببقائهم في السلطة، وذكر بالنص أن “ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيتراجع فيها الجيش وعودة مرسي إلى مهامه”.

ليس جديداً هذا التملص من تاريخ العنف الذي تورطت فيه الجماعة، لكن هذه المرة لا تسعى الجماعة إلى تبرئة نفسها أمام الشعب أو المجتمع الذي ثار على حكمها وجعلها طريدة شريدة لدرجة أنه حتى عندما حاولت نقل اعتصامها في منطقة مؤثرة وبمحيط اجتماعي يشكل لها حاضنة قوية بوسط القاهرة قد فشلت نتيجة الرفض المجتمعي لها، حيث إن ميدان رابعة هو منطقة عبور لا يحمل هذا الاستقرار المطلوب كونه يشهد تنقلات المارة والسيارات طيلة الوقت، كما من الناحية الديمغرافية والمجتمعية لا يماثل ميدان التحرير والكتلة السكانية بجذورها وارتباطاتها وتجانسها.

وبالتالي كان اختيار الإخوان لهذا الميدان البعيد هو يعكس تهميش المجتمع وتباعدهم التام بينهم وبينه. من ثم، فإن هذه المحاولة انكشاف لعمل الإخوان عبر شبكاتها الدولية التي تريد الاحتماء بالغرب ليظل يوفر لها حاضنة وتتمكن من خلال خطاب مزيف التأثير على دوائر صنع القرار، والاعتقاد أن ذلك سيجعل هناك فرصة لإعادة تعيينها في المجال العام والضغط على الحكومات المحلية.

صورة ارشيفية من فض اعتصام “رابعة” الإخواني-“إنترنت”

بددت هذه المحاولة على ما يبدو اندلاع الأحداث في غزة بعد عرض الفيلم بنحو شهرين تقريباً، وكان “طوفان الأقصى” مدمراً لتلك المساعي المحمومة التي لا تنتهي من الجماعة لتجميل صورتها في الغرب، وقد برز الوجه المتوحش الدموي في سياق آخر بعدما نفذت “حماس” هجومها على إسرائيل بين ليلة وضحاها. وفي ظل تصاعد نبرة الخطاب العنيف من جماعات وقوى الإسلام السياسي وأبرزها “جماعة الإخوان” والتي اصطفت مع “طالبان” و”القاعدة” و”داعش” وغيرهم في نفس الموقف واللهجة مع تباين في الدرجة وليس النوع وتأييد العنف والقتل فضلاً عن العداء للغرب واعتباره خصما وعدوا لدودا لـ”الإسلام”، باغتت بريطانيا الإخوان بوضعها على قوائم التطرف، وهي التي تعد أحد أكثر البلدان في الغرب يتمتع فيها الإخوان بنفوذ هائل وكبير ولها شبكات اقتصادية وثقافية ومراكز دينية فضلاً عن الشبكات الإعلامية تجعل لها هذا الوزن الذي لا يستهان به.

إدراج “الإخوان” على قائمة التطرف

وفي منتصف آذار/ مارس الحالي، أدرجت بريطانيا، “الإخوان” على رأس قائمة التطرف بحسب ما ورد في مقاييسها التعريفية الحكومية الجديدة للتطرف، وهي المقاييس التي تختلف عن ما كان في السابق، فالتعريف الجديد أكثر دقة أو بالأحرى لا يحتمل التأويلات أو العبارات الفضفاضة التي تمكن الجماعة من الالتفاف عليها بشكل أو بآخر فيقول إن التطرف “هو ترويج أو تعزيز أيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية أو التعصب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية، أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج”. بينما التعريف السابق “معارضة صريحة أو فعلية لقيمنا الأساسية”.

وهنا أدرك التعريف الجديد أهمية اقتناص الأنشطة والممارسات التي تبدو طبيعية وعادية إنما تؤدي مآلاتها إلى بيئات حاضنة للعنف، واقترب أكثر فأكثر من طبيعة التحركات الإخوانية وأصابها في مقتل وجمد قدراتها الثعبانية على المراوغة والتّخفي والمناورة، وهي الأنشطة الخدمية والمجتمعية في الدوائر الطلابية أو داخل الضواحي والمدن التي تشكل بيئات انعزالية متشددة ويعتنق أفرادها قيم متشددة تروج للعنف.

وقال وزير المجتمعات المحلية مايكل غوف إن”منظمات مثل الرابطة الإسلامية في بريطانيا، وهي الفرع البريطاني لجماعة الإخوان، ومجموعات أخرى مثل كيج وميند، تثير التوجّس من توجهاتها”. وتابع: “سنحاسب هذه المنظمات وغيرها لتقييم ما إذا كانت تلبي تعريفنا للتطرف، وسنتخذ الإجراء المناسب”. مشيراً إلى أن “الانتشار الشامل للأيديولوجيات المتطرفة يتضح أكثر فأكثر بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر ويشكل خطرا حقيقيا على أمن مواطنينا ديمقراطيتنا”.

التعريف البريطاني الجديد للتطرف يهدف إلى مكافحة “سم” يتسلل إلى الديمقراطية وفق ما صرح رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وقد حذر بشدة من “زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام تهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء”.

أهمية التعريف الجديد هو دوره في منع وحظر الموارد المالية الحكومية، عن تلك الجماعات، فضلا عن اللقاءات بالمسؤولين ودوائر صنع القرار. وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية يتصدى التعريف إلى محاولات “إلغاء أو تدمير الحقوق والحريات الأساسية للآخرين، تقويض أو قلب أو استبدال نظام المملكة المتحدة للديمقراطية البرلمانية الليبرالية والحقوق الديمقراطية، تهيئة ظروف عن عمد تسمح للآخرين بتحقيق النتائج في الهدفين السابقين”.

في النهاية، لا يمكن التأكيد على فعالية القانون في ظل تطويق “الإخوان” المجتمع البريطاني على وجه الخصوص بشبكة تنظيمية معقّدة، تجعل روابطها متينة وقدراتها على التواصل في أعلى مستوياته.

وتقول الحكومة إن القانون الجديد “أضيق نطاقاً وأدقّ” وسيساعد في “التعبير بوضوح” عن كيفية “إثبات” التطرف في السلوكيات، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية. ومع ذلك، تقول إن ثمة “عائقاً كبيراً” أما تصنيفك على أنك متطرف، وإن السياسة لن تستهدف من لديهم “معتقدات خاصة وسلمية”. وإلى جانب إعادة تعريف التطرف، أُنشئت وحدة جديدة وهي مركز التميز لمكافحة التطرف، بهدف جمع المعلومات الاستخبارية وتحديد الجماعات المتطرفة.

في النهاية، لا يمكن التأكيد على فعالية القانون في ظل تطويق “الإخوان” المجتمع البريطاني على وجه الخصوص بشبكة تنظيمية معقّدة، تجعل روابطها متينة وقدراتها على التواصل في أعلى مستوياتها، فضلاً عن ما يوفره ذلك إمكانيات الاتصال والتنسيق والعمل والتأثير في مساحات عديدة وكسب أفراد جدد، وذلك من خلال المساجد والمؤسسات التعليمية كالمدارس والمعاهد والمساجد، يضاف لذلك، المراكز الثقافية وبعضها يرفع شعارات “الحوار بين الثقافات”، وأخيراً المنظمات التنموية والخيرية.

كل ذلك يحتشد في سياق واحد هو تشكيل هوية وشخصية تنتمي للإسلام السياسي وتحتمي بكياناته المؤسساتية التي تقدم له الرعاية الدينية بتفسيراتها المتشددة ويتبنى بالتبعية مواقفها السياسية والأيديولوجية فضلاً عن الرعاية المادية من خلال الموارد المختلفة والمتوفرة بوفرة شديدة، ووجود البرامج التعليمية والدينية بمرجعية الإسلام السياسي والمال في نفس الوقت لا يؤدي سوى إلى مجتمعات بديلة للمسلمين داخل المجتمعات الغربية، وذلك يفاقم العزلة بدلا من الاندماج. 

وتقول الباحثة المصرية في “المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية”، إنه في عام 1997 أسّس “الإخوان”، “الرابطة الإسلامية” كمنظمة غير حكومية في بريطانيا، وذلك بإشراف مباشر من الأمين العام للتنظيم الدولي آنذاك كمال الهلباوي، وتختلف الكتابات حول حجم التواجد “الإخواني” في بريطانيا، حيث تشير بعضها إلى وجود حوالي أحد عشر فرعاً في بريطانيا، فيما تشير أخرى إلى ما يزيد عن عشرين فرعاً. وهذه الرابطة هي بداية الوجود المؤسّسي للجماعة، لكن اعتمدت بعد ذلك على تأسيس مؤسسات مختلفة الأنشطة تجمع بين الأنشطة الخيرية والاقتصادية، وتستثمر برأس مال ضخم في قطاعات مختلفة. 

وفي دراسة بعنوان: “شبكات الإخوان في بريطانيا: تطويق المجتمع واختراقه”، إن المجلس الإسلامي البريطاني: أنشئ عام 1997، وهو يشمل منظمات ومؤسسات إسلامية وطنية وإقليمية ومحلية متخصصة من مختلف الخلفيات الأثنية والطائفية داخل المجتمع الإسلامي البريطاني. الغرض من تأسيس المجلس زيادة التعليم عن الإسلام والعمل من أجل القضاء على المساوئ وأشكال التمييز التي يواجهها المسلمون. حصل المجلس على لقب أشهر وأقوى منظمة من بين العديد من المنظمات التي تأسست بين عام 1990 وعام 2000 لتمثيل المسلمين البريطانيين. يدير المجلس عدداً من المشروعات تهتم بإنتاج مواد تعليمية للمدارس الإسلامية، وتدعيم الروابط بين المجتمعات المسلمة في المملكة المتحدة وتلك الموجودة في ونيجيريا وبنغلاديش والهند.

إن “الإخوان” الإرهابية “يجيدون التكيف مع الظروف المحيطة- “إنترنت”

بالتالي نحن أمام قدرة لافتة لـ “الإخوان” على التلاعب والتكيف مع التناقضات بصورة فجّة وبراغماتية لتحقق أهدافها الاستراتيجية، حيث تتمكن بحسب كل بيئة اجتماعية ووفق قوانين كل دولة أن تبدو وكأنها تعمل وفق هذه الحدود ولا تتمرد عليها بالشكل الذي يحفز ضدها ترسانة التشريعات ويمنعها من الوصول لأغراضها، لكن ذلك يكون مؤقتا، فهي تعلن عكس ما تبطن مرحليا حتى تشكل لنفسها القواعد وتبني الجسور. وفي العمق تحافظ على ثوابتها بخصوص العنف والتكفير والموقف العدائي من الآخر. وتتحين اللحظة حتى تطل برأس الشّر للضغط أو الابتزاز والحصول على مكتسبات في إطار دورها الوظيفي، وذلك ما حدث مع أحداث غزة الأخيرة.

وفي المحصلة تختتم الباحثة المصرية دراستها بإشارة مماثلة لما سبق وتوضيحها بشكل عملي فتقول إن “الإخوان” الإرهابية “يجيدون التكيف مع الظروف المحيطة ففي بلد المنشأ (مصر) يمارسون العنف والإرهاب وينكرونه وينكرون معه القانون ويكفرون المجتمع والدولة، وفي بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية يتعايشون في سلام ويحترمون القانون والمجتمع والدولة وفي نفس الوقت يحرضون على العنف والإرهاب. إن بريطانيا تتعامل بازدواجية مع الإخوان ومعها يجد الإخوان مأمنهم، وكما اعترفت بهم كفاعل سياسي في المجتمع المصري قبل ثورة يوليو 1952 وعملت على الضغط بهم على القوى السياسية الأخرى في ذلك الوقت وفي نفس الوقت كانت تحذر منهم لقدرتهم على التنظيم والحشد. وفي الوقت الراهن مازال الموقف البريطاني مزدوجاً ومنقسم تجاه الإخوان بين من يرونهم مسالمين وذوي دوافع واهتمامات إنسانية، وبين من يدرك الخطر الكامن في وجودهم واسع الانتشار في بريطانيا على المجتمع ذاته أولًا وعلى دورهم في نشر التطرّف وتبرير الإرهاب في العالم كله”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات