مباركة دولية لإعادة تعيين عبد الله حمدوك رئيسا للحكومة.. هل انتهى انقلاب السودان؟

مباركة دولية لإعادة تعيين عبد الله حمدوك رئيسا للحكومة.. هل انتهى انقلاب السودان؟

لم تنتهِ حكاية السودان السياسية منذ الإطاحة بحكم عمر البشير وحتى اليوم، رغم اتفاق البارحة بين عبد الله حمدوك والبرهان، الذي لم ينل هو الآخر رضا الجميع.

بعد زهاء شهر من انقلاب عسكري شهده السودان بقيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أدى لخلع رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، عاد الأخير لمنصبه أمس، باتفاق مع الأول.

ووقع الطرفان الاتفاق أمام الإعلام، وشمل 14 نقطة، أهمها الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، والمضي نحو انتخابات تستكمل المسار الديمقراطي المنشود.

وشهد الاتفاق، مباركة دولية من قبل العديد من الدول، على رأسها أميركا وبريطانيا والقاهرة والرياض والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن الشارع السوداني لم يرض به.

وزراء وساسة أبعدوا عن العملية السياسية، أعلنوا هم أيضا رفضهم للاتفاق الجديد، واعتبروه «محاولة لشرعنة الانقلاب»، والابتعاد عن المسار الديمقراطي.

كيف بدأت الأزمة في السودان؟

في 25 أكتوبر المنصرم، أعلن الجيش السوداني بقيادة البرهان حل الحكومة، والقبض على حمدوك وأخذه لمكان مجهول، ثم أعيد بعد يوم واحد لمنزله، لكن تحت الإقامة الجبرية.

قال البرهان حينها، إن ذلك التصرف جاء «كمحاولة لمنع حدوث حرب أهلية في السودان»، بالتزامن مع تظاهرات واسعة تجتاح البلاد، ضد الفساد والمعاناة الاقتصادية والعسكر.

الحكم في السودان يتم عبر مجلس سيادة انتقالي، تأسس بعد الانتفاضة السودانية التي أطاحت بعمر البشير في أبريل 2019، الذي حكم البلاد لثلاثة عقود.

المجلس السيادي تمثله قيادة عسكرية بزعامة البرهان وقيادة مدنية بزعامة حمدوك، والهدف من المجلس الوصول لانتخابات ديمقراطية في يوليو 2023، تكون الأولى بعد حكم البشير.

للقراءة أو الاستماع: السودان.. “البشير” إلى السجن في إصلاحية .. هل ستطوى أحكام الجنايات الدولية؟

انتفض السودانيون في ديسمبر 2018 ضد المعاناة الاقتصادية التي يعيشونها، خاصة مع شح البنزين وارتفاع أسعار الوقود، والتضخم والبطالة.

استمرت الانتفاضة 5 أشهر، حتى أعلن الجيش الذي أيدها، الإطاحة بحكم البشير وإيداعه السجن في 11 أبريل 2019، ليتشكل لاحقا مجلس السيادة الانتقالي.

حكومتان والأزمة بتفاقم!

وفي أغسطس 2019، تشكلت حكومة تكنوقراط سودانية بقيادة حمدوك ضمت 18 وزيرا، تأمل منها الشارع أن تحل أزماته.

قال حمدوك علانية: «لا أملك عصا موسى (…) لكنني سأسعى لوضع الاقتصاد على الطريق السليم»، ولم تحل الأزمة، بل تفاقمت مع التدخل العسكري في الحكم.

خرج الشارع مرة أخرى، وقال إنه انتفض ضد البشير وحكم العسكر؛ كي تأتي حكومة مدنية ديمقراطية، لا يعود العسكر من جديد.

توصل الطرفان – القيادة العسكرية والمدنية – لحكومة أخرى في فبراير 2021، ضمت 25 وزيرا، لكن الانتقادات لم تتركها، فهي جاءت «حكومة حزبية محاصصاتية».

مع ذلك، تأمل السودانيون منها الخير، والنتيجة ذاتها بل الأسوأ، إذ تجاوزت معدلات التضخم 260 %، ناهيك عن تراجع قياسي لقيمة الجنيه السوداني.

وما زاد من الطين بلة، هي الديون الخارجية للخرطوم، التي بلغت حو 60 مليار دولار أميركي. إضافة إلى تزايد متواصل بأسعار الوقود والكهرباء والخدمات.

الاتفاق الجديد: ترحيب واحتجاجات!

دفعت كل تلك المشاكل الاقتصادية بالشارع إلى الاحتجاج مجددا، وكانت ذروتها في 21 أكتوبر المنصرم، تزامنا مع ذكرى أول حكومة أطاحت بحكم العسكر في السودان، عام 1964.

ولأن العسكر شريك في الحكم الانتقالي، ولديه صلاحيات تعادل صلاحيات حكومة حمدوك وتتجاوزها، وخشية على مكتسباته، قمع التظاهرات بعنف، وعزل حمدوك.

للقراءة أو الاستماع: في السودان.. انقلاب أم تحرك لحفظ مخرجات الثورة؟

أسفرت التظاهرات منذ أكتوبر المنصرم وحتى أمس الأحد، عن مقتل 41 سودانيا، ناهيك عن عشرات الجرحى، قبل أن يأتي الاتفاق الجديد، المرغوب به دوليا، وغير المرحب به كليا بالداخل السوداني.

الضغط الدولي والأممي نحو تسوية الخلافات وإبعاد السودان عن النزاعات، دفعت البرهان لإعادة حمدوك وفق مخرجات الاتفاق الذي ذكر أعلاه.

لكن العديد من السودانيين الذين يطالبون بإبعاد العسكر عن مفاصل الحكم بشكل نهائي، ورغم أن جلهم مع حمدوك، رفضوا الاتفاق، وقالوا إن الأخير وافق عليه «تحت تهديد السلاح».

أخيرا، سيستمر مجلس السيادة بشقيه العسكري والمدني المضي بالحكم الانتقالي حتى الوصول لانتخابات يوليو 2023، في وقت خرجت دعوات لإحياء تظاهرات مليونية رفضا للاتفاق الأخير.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.