يستمر الاستهداف الإسرائيلي لمواقع عسكرية يتواجد بها النفوذ الإيراني في سوريا، الذي يتوسع هناك من خلال توغل وكلائها المحليين في الأراضي السورية، وذلك فضلا عن التحديات بين القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في سوريا، على وجه الخصوص بين إسرائيل وإيران، بداية العام 2013.

ظهرت آثار ذلك الصراع على مواقف روسيا السياسية والميدانية في سوريا، حليفة حكومة دمشق، وتحديدا في ما يتصل بعدم تصديها للضربات الإسرائيلية.

للقراءة أو الاستماع: تصعيد إسرائيلي قريب ضد إيران.. ما علاقة المفاوضات النووية؟

إسرائيل بمواجهة إيران في سوريا؟


عززت إيران وجودها بشكل كثيف خلال عشرية الحرب السورية، فكانت على وشك الهيمنة على عموم مناطق نفوذ حكومة دمشق، لولا التدخل الروسي، لكن مع ذلك وسعت من دائرة وجودها عبر الميليشيات التي تمولها، مما أدى إلى قيام إسرائيل بضربات عسكرية متعددة على مناطق تواجد إيران ونفوذها الأمني والعسكري في العديد من المحافظات السورية، بشكل دوري حتى أصبح أمرا اعتياديا.

إلى ذلك يشير تقرير بريطاني صادر عن موقع “الحروب الجوية”؛ أنّه في الفترة بين عامي 2013 و 2021، قضى ما لا يقل عن 631 من العناصر المسلحة في سوريا نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، موضحا أن نحو 50 بالمئة من العناصر التي تمت تصفيتها كانت ترتبط بجهات عسكرية مدعومة من إيران.

ويضاف لذلك قيام إسرائيل، منذ مطلع عام 2013، بعدة غارات جوية في سوريا لمواجهة الوجود الإيراني، بينما استهدفت الاعتداءات الإسرائيلية القوات السورية والإيرانية، فضلا عن ميليشيات من دول أخرى متحالفة مع إيران.فجر اليوم، الأربعاء، طال قصف إسرائيلي مواقع في محيط دمشق أدت لمقتل عسكري سوري وإصابة خمسة آخرين، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا”.


بدورها، أكدت تل أبيب هذه الغارات معتبرة أنها جاءت ردا على إطلاق صاروخ مضاد للطائرات من سوريا، مع أن التلفزيون السوري الرسمي تحدث فقط عن أضرار مادية لحقت بأحد الأحياء السكنية.

الرد الروسي وتضارب مصالحه!

تم الاتفاق بين روسيا وإسرائيل على إنشاء خط عسكري ساخن، لتنسيق عمليات القوات الجوية فوق سوريا وتجنب الاشتباكات منذ 2018. لكن في هجومها على سوريا من عمق البحر الأبيض المتوسط غرب اللاذقية إلى ساحة الحاويات في ميناء اللاذقية التجاري، في الشهر الماضي، تسببت إسرائيل في حرائق وخسائر مادية ضخمة، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”.

وبحسب مركز “الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية”، يمكن وصف المتغيرات الطارئة على الموقف الروسي الذي تبدل بشأن الضربات الإسرائيلية ضد سوريا، منذ وصول نفتالي بينيت للحكم، وفقا لعدد من العوامل، من بينها: “تراجع مستويات التنسيق، أو الإخطار المسبق عبر قناة الاتصال المشتركة بين موسكو وتل أبيب حول الضربات الجوية، وفقا لآلية منع التصادم، والتي كانت مفعّلة أيام بنيامين نتنياهو، والتي يفترض أن تبلغ إسرائيل بمقتضاها موسكو بموعد الهجمات قبل شنها”، إذ تشير مصادر إسرائيلية إلى أنه منذ وصول حكومة بينيت للحكم في إسرائيل، فإنّ هذا التنسيق لم يعد فاعلا.

إلى ذلك يقول الكاتب السوري، عمر قدور، إن موسكو وتل أبيب لا تخفي التنسيق بينهما فيما يخص القصف الإسرائيلي لمواقع إيرانية في سوريا، لافتا في حديثه لـ”الحل. نت” إلى وجود مستويين للتنسيق أولهما “المستوى العملياتي وهو متعلق بإبلاغ موسكو مسبقا، ضمن مهلة متفق عليها، بموعد القصف ومكانه”.

ويضيف خلال حديثه لـ”الحل نت”، “هذا المستوى يهدف إلى منع وقوع حوادث أو اشتباكات بالخطأ بين الجانبين، بينما المستوى الآخر هو الاتفاق على الخطوط العريضة للعمليات الإسرائيلية ضد الوجود الإيراني في سوريا، وهذا ما يحدث أو يتم تجديده بينهما من خلال اجتماعات القمة التي تزايدت على نحو غير مسبوق منذ التدخل العسكري الروسي”.

وبحسب قدور فإن “طهران قد لا تكون بعيدة عن معرفة الخطوط العامة للتنسيق الإسرائيلي-الروسي، غير أنها مضطرة للرضوخ له بحكم موازين القوى، وأيضا لأنها تعتبر خسائرها بالقصف الإسرائيلي مقبولة بالقياس إلى عموم مكاسبها في سوريا وصولا إلى الجنوب اللبناني”.

ويشير الكاتب السوري إلى أن “القصف الإسرائيلي لا يمكن اعتباره ضمن ما يوصف بالتنافس بين طهران وموسكو، وإن كانت الثانية لا تمانع في إضعاف الأولى قليلا. ربما العامل الأكثر تأثيرا على القصف الإسرائيلي هو مصير مفاوضات فيينا النووية، فقد تهدأ وتيرته إذا تم التوصل إلى اتفاق يرضي تل أبيب، وقد يحدث العكس فتزيد حدته إذا لم تكن راضية عن الاتفاق، أو إذا فشل المفاوضون في التوصل إليه”.

ويشير قدور إلى أن التفاهم الروسي الإسرائيلي قائم ضمن الخطوط العامة، وأحيانا في التفاصيل يكون هناك تبادل للرسائل. “مثلا طريقة التصدي للقصف الإسرائيلي وتشغيل أنظمة دفاع جوي، وكذا الرد الإسرائيلي الذي حدث بقصف مواقع دفاع جوي للأسد”.

إن ما تغير بالنسبة للضربة الإسرائيلية الأخيرة أنها تأتي مع تأزم الملف الأوكراني، لكن أيضا هناك اتفاق بين موسكو وتل أبيب مفاده ألا تصدر الثانية أسلحة لأوكرانيا، وهذا بالنسبة لإسرائيل له ثمن في الجانب السوري.

حتى الآن إسرائيل خارج الاستقطابات الحادة، ولا أظنها ستكون من ضمنها إلا إذا سار الوضع الدولي إلى تأزم شديد الخطورة”. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، أعلن الجيش الإسرائيلي العام الفائت تخصيص 324 مليون دولار لتدريب وحدات الاحتياط، في إطار الاستعدادات لعملية عسكرية ضد الميليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان خلال عام 2022.

للقراءة أو الاستماع: سفن روسية في طرطوس.. مخطط جديد لموسكو؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.