الإخفاق البرلماني في العراق بعدم عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة يصوت عليها البرلمان، أدى إلى انسداد سياسي هو الأعسر في عراق ما بعد 2003.

ذلك الانسداد، كانت نتيجته خرق البرلمان العراقي برئاسة محمد الحلبوسي للمدد الدستورية التي تلزمه بانتخاب رئيس للجمهورية خلال 30 يوما بعد انعقاد أول جلسة برلمانية.

عقدت الجلسة الأولى في 9 كانون الثاني/ يناير المنصرم، ومرت قرابة 5 أشهر دون تمكن البرلمان من عقد جلسة انتخاب الرئيس العراقي، ما دفع بالتفكير لإسقاط الحلبوسي عبر حل البرلمان.

النائب المستقل باسم خشان، رفع دعوى قضائية أمام “المحكمة الاتحادية العليا” مؤخرا، ضد الحلبوسي لحنثه في اليمين الدستورية، وعدم التزام مجلسه بالتوقيتات الدستورية.

رافق دعوى خشان، رفع دعوى مقاربة لها من قبل ناشطين وقانونيين، أمس الأحد، أيضا أمام “المحكمة الاتحادية العليا”، للمطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية جديدة؛ نتيجة إخلاله بالتزاماته الدستورية.

الكل يترقب ما ستصدره “المحكمة الاتحادية”، فهل سيأتي حكمها بإسقاط الحلبوسي الذي لم يصدق بعد أنه تمكن من نيل الولاية الثانية لرئاسة البرلمان، وحل المجلس النيابي؟

يسقط.. لا يسقط؟

الباحثة السياسية ريم الجاف، تستبعد حدوث ذلك السيناريو، رغم أنه من الناحية القانونية يجب أن يصدر القرار بحل البرلمان وإسقاط رئاسة الحلبوسي، نتيجة الخرق الدستوري، على حد قولها.

وتضيف الجاف لـ “الحل نت”، أن “المحكمة الاتحادية” سترد الدعوتين على الأغلب؛ لأنها ستنظر لهما من منظور سياسي وتبتعد عن المنظور القانوني، بحسب تعبيرها.

الجاف توضح، أن قرارات “المحكمة الاتحادية” منذ الانتخابات المبكرة الأخيرة، جلها صدرت بطابع سياسي، وراعت فيها كل القوى السياسية، وذات الأمر سيحدث مع الدعوتين المرفوعتبن أمامها ضد البرلمان ورئيسه.

وبحسب الجاف، فإن حل البرلمان لن يسفر عن أي نتيحة إيجابية؛ لأن إجراء انتخابات جديدة سيأتي بنتائج مماثلة لآخر انتخابات، وعدم استطاعة أي حزب الحصول على الأغلبية المطلقة، وبالتالي عودة الانسداد السياسي مجددا.

لذا، فإن “المحكمة الاتحادية” تريد إبعاد زجها أكثر في الأزمة السياسية الحالية، وترى أن الأفضل هو حلها من قبل الفرقاء السياسيين وليس من قبلها؛ لأن حل البرلمان وإسقاط الحلبوسي لا يجلب أي حل، وفق الجاف.

وتردف الباحثة السياسية العراقية، أن هناك نقطة أخرى تخشى “المحكمة الاتحادية” منها، وهي ردة فعل زعيم “التيار الصدزي” مقتدى الصدر، في حال حلها للبرلمان وإسقاطها لحليفه الحلبوسي.

خشية “المحكمة” هي من زج الصدر لأتباعه بتظاهرات ضدها تخرج أمام بوابة المحكمة، وما سيترتب على ذلك من نتائج قد تؤدي إلى إقالة أو استقالة أعضاء “المحكمة” الأساسيين، ولا أحد منهم يفكر بأن يفرط بعضويته، بحسب الجاف.

ما هو المشهد؟

من أجل تجنب أن تنقلب الطاولة ضدها من قبل الصدر، ستبتعد “المحكمة الاتحادية” عن الحكم بإسقاط الحلبوسي، وتترك حل العملية السياسية بيد القوى السياسية نفسها، تقول الجاف مختتمة.

يجدر بالذكر، أن البرلمان العراقي فشل 3 مرات متتالية في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل حكومة جديدة، لتعذر حضور أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 329 عضوا، من أجل عقد الجلسة.

وينقسم المشهد السياسي الحالي في العراق، إلى صراع ثنائي بين تحالف “إنقاذ وطن” بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” بقيادة زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي.

ويضم تحالف “إنقاذ وطن”، كتلة “التيار الصدري” مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني وتحالف “السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

بينما يضم “الإطار التنسيقي”، جميع القوى الشيعية الموالية إلى إيران والخاسرة في الانتخابات المبكرة الأخيرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

ويسعى مقتدى الصدر الفائز أولا في الانتخابات المبكرة، إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدا عن إشراك “الإطار التنسيقي” فيها، بينما يطمح “الإطار” إلى حكومة توافقية يتم إشراكهم بها.

ويعيش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك تحالف الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.