في رسالة وجهتها للصحفيين، دعت الخارجية الكازاخية إلى تغطية الجلسة العامة للمشاركين في اجتماع جولة “أستانا 18″، التي ستبدأ يوم الأربعاء المقبل، وستضم وفودا “رفيعة المستوى”، المسار الذي انطلق منذ عام 2017، أعطى ضوءا أخضر للدول الضامنة للتحايل على الحل السياسي في سوريا من خلال جلسات المحادثات، والتي لم تقدم أي شيء على الإطلاق لحل الصراع في سوريا، ولكنها بدلا من ذلك قدمت غطاء لهذه الدول لتحقيق المزيد والمزيد من المكاسب وتعقيد الطريق لأي تغيير سياسي حقيقي في البلاد.

قد تكون التوقعات الأبرز حول ما يمكن أن يؤثر على هذا الاجتماع هو الخلافات بين الدول الضامنة بعد التهديدات التركية بالعملية العسكرية في الشمال السوري، ولربما تكون هناك خلافات بين روسيا وتركيا وإيران حول أهداف ومصالح كل منهم بسوريا، وتأثرها بالعملية العسكرية التركية المحتملة، ولكن ما الذي ستقدمه الجولة الجديدة من “أستانا”.

ما الجديد في الجلسة 18؟

 بطريقة جديدة، أي من خلال تحليل الخطاب لوزراء خارجية الدول الثلاث الضامنة (تركيا، روسيا، إيران)، يمكن استنتاج ما سيتم الاتفاق عليه في الجولة الجديدة من مسار “أستانا”، والتي سيحضرها مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، غير بيدرسن.

بالنسبة لهذه الجولة، يرى الباحث في الشؤون السياسية السورية، يمان دابقي، أن هذه الجلسة مختلفة عن الجلسات السابقة، والتي جاءت في ظل النقاش الأهم عن موضوع تفشي وباء “كورونا” والملف الإنساني وملف المساعدات وملف المعتقلين، وبالتالي لم تخرج الجولة بجديد وبقيت المشاكل العالقة.

وعن سبب اختلاف هذه الجولة، أشار دابقي، في حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن التطورات الميدانية والسياسية ما بين ضامني مسار “أستانا”، و خصوصا بعد مباحثات وزير الخارجية التركي والروسي الأسبوع الفائت، التي لم تنته باتفاق على المستجدات على الأرض أو حتى على العملية التركية، لأن النقاط الخلافية ما زالت موجودة.

وبالتالي وبحسب دابقي، تم إرجاء النقاط الخلافية من خلال الأطراف الروسية لنقاشها في “أستانا”، لأنها ستعرض المخاوف والأهداف لكل منهما، وعليه ستكون نافذة لنقاش آلية تنسيق أو محاولة لتقييم وجهات النظر ما بين الأطراف الثلاثة، وربما يتم تحقيق اختراق كون أن تركيا وروسيا هما أقرب فيما بينهما للتفاهمات أكثر من إيران الرافضة تماما، لأن أي عملية تركية جديدة وتوسع جديد في غرب الفرات سيكون على حساب إيران.

ولكن السيناريو التركي الروسي، يتم العمل عليه لتخفيف وتبرير المخاوف وتقريب وجهات النظر، كون أن المذكرات السابقة لم يتم تنفيذها فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة التي تريدها تركيا، وروسيا الآن تحاول إقناع الجانب التركي بعدما استثمرت مخاوف “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بأن يتم إقناعها بعودة القوات النظامية وعلى حساب إبعاد القوات الروسية.

ووفقا لحديث دابقي، فإن هذا السيناريو الذي تدرسه تركيا الآن، وستكون أولوية المحادثات بين الضامنين للحفاظ على ديمومة هذا المسار كونه جزء كما يعتقدون من ضمن إطار الحل السياسي في سوريا، وعلى الأرجح ستساهم هذه الجولة في نزع فتيل العملية التركية أو ربما تأجيلها كما حدث في المباحثات السابقة.

خيبة أم قفزة جديدة؟

على الرغم من أن جميع جولات مسار “أستانا” الـ17 السابقة، تسببت بخيبة أمل كبيرة للشارع السوري، إلا أن الباحث في الشؤون السياسية السورية، يرى أن هذه الجولة قد تخرج باتفاق لتطبيق المذكرات التي تعتقد تركيا بأن روسيا وبقية الأطراف لم يلتزموا بها.

ولكن مع ذلك، لا يتوقع دابقي، خروج حل لكامل الخلافات، إنما حدوث اختراق نسبي على الصعيد السياسي، يتم به تبريد الجبهة مرة أخرى، لأخذ حساسية إيران في الموضوع، إضافة إلى بقية الملفات بالنسبة للملف الإنساني أو حتى المعتقلين أو ملف اللجنة الدستورية، وفي حال لم تفض الجولة إلى شيء ستزداد قناعة أنقرة ببدء عمل عسكري وفرض أمر واقع جديد.

من جهته، يؤكد المحلل السياسي السوري، فراس علاوي، أن الاجتماع القادم هو بروتوكولي أكثر من أنه سيعطي نتائج، فعلى عكس ما هو متوقع، فإنه لا توجد خلافات بين الدول الضامنة، وفق علاوي، بل هناك توافق روسي تركي ربما على جزء من العملية، فروسيا لم تمنع العملية والدليل هو حضور وزير الخارجية الروسي إلى أنقرة، يوم الأربعاء الماضي.

ولذلك يستبعد علاوي في حديثه لـ”الحل نت”، وجود خلافات تؤثر على العملية العسكرية، باستثناء يمكن أن يكون هناك “فيتو” على عمقها ومدتها، مضيفا “الجولة الجديدة لن تقدم شيء، هي ستكرر ذات الكلام بأنها حريصة على وحدة سوريا، وبأن الحل السياسي هو الحل في سوريا، والتأكيد على جميع النقاط التي ذكرت في الاجتماعات السابقة”.

“أستانا 18”

وزارة خارجية كازاخستان، أعلنت أن الاجتماع ضمن مسار “أستانا” بشأن سوريا سيُعقد الأربعاء المقبل في 15 من حزيران/يونيو الجاري، ويستمر يومين. وفي رسالة وجهتها للصحفيين، دعت الخارجية إلى تغطية الجلسة العامة للمشاركين في اجتماع “أستانا 18″، التي ستعقد الخميس المقبل في 16 من حزيران، وستضم وفودا “رفيعة المستوى”.

وكان مسار “أستانا” مهدد بعدم الانعقاد، بعد أن اجتاحت كازاخستان، في كانون الثاني/يناير الفائت، أعمال شغب إثر احتجاجات على رفع أسعار الوقود، إذ تعتبر كازاخستان مخزن للغاز بكلفة تقدر نحو 34 مليار دولار أميركي.

وأعلنت السلطات الكازاخية حينها، حالة الطوارئ على كامل أراضيها، بعد استقالة الحكومة، كما حظرت مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة، بما في ذلك فيسبوك، وواتساب، وتلجرام، ولأول مرة التطبيق الصيني “وي تشات”.

وفي تصريح مثير للجدل، قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية حينها، إن سوريا تدعو إلى اعتماد لغة الحوار في معالجة الوضع الراهن في كازاخستان. وبأن سوريا تعرب عن بالغ الأسف للأحداث الجارية والتي من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار، ولا تخدم بأي حالة معالجة المطالب المشروعة للمتظاهرين.

أعاد هذا التصريح للأذهان مستقبل مسار “أستانا” الذي تحتضنه العاصمة نور السلطان منذ 2017، بعدما كانت آخر جولة قد انعقدت في كانون الأول/ديسمبر الفائت، والتي انتهت مثل سابقاتها من الجولات، دون إحراز أي تقدم يذكر في الملف السوري.

ولكن في 24 من أيار/مايو الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية في كازاخستان، ايبيك صمادياروف، إن بلاده وجهت الدعوات للدول الضامنة للمحادثات والمراقبين.

وسبق أن ذكر نائب وزير الخارجية الروسي وممثل الرئيس بوتين الخاص إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، أن موسكو “تعتمد على إحراز تقدم حقيقي على أجندة اجتماع أستانا بشأن سوريا”، مشيرا إلى أن هناك “مجموعة كاملة من القضايا” على جدول أعمال الاجتماع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.