يبدو أن آثار الأزمة الاقتصادية الحادة في تركيا خلال الفترة الماضية، كانت من أبرز الأسباب في انعطافة تركيا نحو إصلاح علاقاتها مع خصومها الإقليميين السابقين، فبدأت مؤخرا بالإمارات، وحاليا تسعى أنقرة لإعادة علاقاتها مع السعودية بعد قطيعة استمرت لأكثر من أربع سنوات.

زيارة بعد 4 سنوات

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سيزور تركيا الأربعاء، وهي الزيارة الأولى للأمير السعودي، منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2018، وهي الواقعة التي كانت السبب الأبرز في توتر العلاقات بين البلدين.

هذه الزيارة لم تكن مفاجئة، فقد سبقتها زيارة الرئيس التركي، إلى السعودية أواخر نيسان/أبريل الماضي، حيث التقى العاهل السعودي وولي العهد، في خطوة اعتبرها البعض صفحة جديدة في علاقات البلدين.

قد يهمك: توقيع اتفاقية لنقل الغاز من مصر إلى لبنان عبر سوريا.. هل تُنفّذ؟

الاقتصاد والأوضاع الأمنية

الأوضاع الاقتصادية ربما لن تكون المحفّز الأكبر للجانبين على إعادة العلاقات، فالسعودية تسعى مؤخرا لتشكيل حلف في منطقة الشرق الأوسط، بهدف ضبط الأوضاع الأمنية في المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بانتشار الميليشيات الإيرانية في عدد من الدول العربية.

الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، يعتقد أن الجانبين بحاجة لبعضهما البعض في الوقت الراهن، لا سيما في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة، والتي تشكل نقطة التقاء لكل طرف عند الآخر.

ويقول خليفة في حديث خاص لـ“الحل نت“: “بالتأكيد الزيارة ستؤدي لتوقيع اتفاقيات اقتصادية عديدة، والأوضاع الأمنية سيكون لها حصة من اللقاء، فتركيا أصبحت ضالعة بمعظم الملفات الأمنية في المنطقة، لها تواجد في ليبيا وسوريا ولها قاعدة في الصومال، وبالتالي تستطيع السعودية الاستفادة من الجانب الأمني للتعاطي مع الملفات العربية وملفات المنطقة“.

ويرى خليفة أن الملف الأمني في المنطقة, هو ما أسس للزيارة السعودية نحو تركيا، خاصة وأن الرياض تسعى لتشكيل محور يكون نتاجه يتعلق بأمن الشرق الأوسط.

مصالح متبادلة

خليفة اعتبر أن: “الميليشيات التي تتبع لإيران في المنطقة، أصبحت تشكل خطرا على أمن المنطقة، لذلك جزء كبير من اللقاء, أعتقد أنه يتعلق بالجانب الأمني إضافة إلى الجانب الاقتصادي، والسعودية أيضا قد تستفيد، من طائرات البيرقدار التركية وتوقع اتفاقية بهذا الشأن، وتركيا أيضا بحاجة اقتصادية للسعودية. السعودية لم تتأثر بالتضخم، بينما تركيا تعاني كثيرا من التضخم، فهناك مصالح مشتركة للطرفين“.

هذا وتواجه عودة العلاقات بين أنقرة والرياض، تحديات وعواقب عديدة، لا سيما وأن أنقرة بدأت تطمح خلال السنوات الماضية، بتوسيع نفوذها في دول المنطقة.

لكن خليفة يعتقد أن حاجة تركيا للسعودية، لا سيما على المستوى الاقتصادي، ستكون سببا في تمكين, ولي العهد السعودي من صياغة تفاهم جديد لشكل المرحلة القادمة، ويقول حول ذلك: “تركيا لا تستطيع أن تهيمن على المنطقة. نقاط الخلافات سيتم تجاوزها في المرحلة الراهنة“.

التحديات

تبرز استعادة العلاقات الاقتصادية, كأولوية رئيسية لأردوغان الذي يستعد لخوض انتخابات حاسمة منتصف العام المقبل، حيث يسعى إلى إعطاء دفعة قوية للاقتصاد الذي يعاني من صعوبات التضخم, وانهيار سعر صرف العملة، وذلك من خلال البحث عن مزايا الانفتاح على الخصوم الخليجيين السابقين.

من المثير للاهتمام أن السعودية رفعت عشية زيارة الأمير السعودي، الحظر الذي فرضته في وقت على سفر السعوديين إلى تركيا بسبب وباء كورونا، كما تعمل منذ زيارة أردوغان لجدة على إزالة القيود غير الرسمية المفروضة منذ سنوات على صادرات البضائع التركية إلى المملكة.

يذكر أن محكمة تركية أوقفت مؤخرا الإجراءات القانونية ضد 26 سعوديا يشتبه بتورطهم في قتل الصحفي خاشقجي، وأحالت القضية إلى السعودية. ويُعتقد وفق مراقبين أن هذه الخطوة كانت شرطا سعوديا أساسيا للبدء في إصلاح العلاقات.

ربما ستحاول الرياض خلال الفترة القادمة، إدماج أنقرة في حلف إقليمي من شأنه مواجهة إيران، لكن تركيا وكما هو معلوم لديها العديد من الأسباب لرفض الانخراط في هذا الحلف، كالعلاقات الاقتصادية التي تجمعها مع طهران.

كما تملك تركيا سياسة مختلفة عن السعودية، في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وتدعم إعادة إحياء الاتفاق، في حين ترى السعودية أن الاتفاق يعني توسع إيران بشكل أكبر في المنطقة.

اقرأ أيضا: بريطانيا تحذر من حرب عالمية ثالثة بسبب روسيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.