بعد التقدم في المباحثات الاستكشافية التي يرعها العراق بين السعودية وإيران تمهيدا لإعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، رجح تقرير لصحيفة “الصباح” العراقية الرسمية، انفتاح الجانب الإيراني على مصر بهدف إعادة العلاقات المنقطعة بين الدولتين، منذ أكثر من أربعة عقود.

ونقل التقرير الذي نشر صباح اليوم الثلاثاء، عن خبراء بالشأن الإيراني أن تطلب طهران وساطة العراق لإعادة العلاقات بينها وبين القاهرة، فيما أكدوا على أن الخطوة القادمة فيما يتعلق بالمباحثات السعودية – الإيرانية، ستكون لقاء وزيري خارجية الدولتين في بغداد.

وقال الباحث بالشأن الإيراني صالح القزويني، في حديث لـ”الصباح”، تابعه موقع “الحل نت“، أن “لقاء حصل بين وزير الخارجية الإيراني ورئيس الوزراء العراقي لبحث العلاقات بين الأولى والقاهرة، وليس من المستبعد أن تطلب إيران من العراق القيام بدور الوسيط لإعادة العلاقات فيما بينهما“.

القزويني عول على نجاح الوساطة العراقية بين المملكة إيران، بأنها ستصب في صالح مساعي إعادة العلاقات بين مصر وإيران، قائلا إنه “إذا نجحت وتوجت ،وأثمرت عن عودة العلاقات جدة وطهران، فمن المتوقع أن تطلب الأخيرة عودة العلاقات بينها وبين القاهرة، والقيام بجولة مفاوضات مماثلة للمحادثات مع السعودية في العراق، خاصة أن العلاقات العراقية المصرية شهدت تطورا في الآونة الأخيرة وهناك مشاريع مشتركة بين البلدين إضافة إلى الأردن، فمن الممكن أن تسهم الوساطة في التقريب، وإقامة العلاقات بين مصر وإيران“.

وفيما يتعلق بالمحادثات السعودية الإيرانية، أوضح القزويني أن “المفاوضات انطلقت قبل حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، واستمرت المباحثات والمفاوضات لأكثر من سنة، إذ تحولت إلى علنية بعد أن كانت سرية“، مشيرا إلى أن “كل ذلك كان بفضل العراق وحكومته“.

وأضاف أن “هذا الأمر أن دل على شيء فإنما يدل على ثقل العراق، ومكانته لدى البلدين السعودية وإيران وثقتهما بمكانة العراق وأهميته، والتي لولاها لما كانت هناك مفاوضات وتقاربا بين البلدين“.وبيّن أن “هنالك عدة محاولات جرت بين إيران والسعودية من قبل عدة بلدان، لكنها لم تكن ناجحة، بعد أن رفضت السعودية جميع الوساطات إلا أنها وافقت على وساطة العراق“.

يأتي ذلك وسط إصرار إيراني على ضرورة إعادة العلاقات، خاصة أن سياسة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي هي التقارب، وتوطيد العلاقات مع دول الجوار، وهذا حصل عندما ذهب إلى عدد من دول الجوار لإبرام الاتفاقيات معها، في حين جاءت بعض الدول لإبرام الاتفاقيات مع إيران، وفقا للقزويني.

اقرأ/ي أيضا: العراق بذروة الموجة الخامسة من “كورونا”

تقارب دولي

 كما أكد أن “سياسة الرئيس الحالي هي التقارب وإبرام الاتفاقيات وتوطيد العلاقات وتنميتها، وهذا ما أشار إليه في أول مؤتمر صحفي له بعد انتخابه رئيسا لإيران عندما قال: نحن ندعو إلى عودة العلاقات والخطوة الأولى فتح السفارات“.

وألمح إلى أن “إيران ليست لديها مشكلة منذ اليوم الأول ،والاتفاق على كل الملفات ،وإنهاء المشكلات وتصفيرها بين البلدين بعد ذلك تعود العلاقات، أفضل من عودتها ويبقى شيء في نفس البلدين“.

وتوقع أن “تكون الخطوة التالية في المفاوضات هي لقاء وزيري خارجيتي إيران والسعودية، لتعود العلاقات، معربا عن أمله بأن يكون هذا اللقاء قريبا، إلا أنه في الوقت نفسه هنالك ظروف موضوعية، كزيارة الرئيس الأميركي بايدن إلى المملكة العربية السعودية الشهر المقبل، والتوتر بين إيران وإسرائيل، مشيرا إلى أن تسوية الملف النووي ستعجل في قضية العلاقات بين البلدين“.

كما نقل التقرير عن الخبير في الشأن السعودي الدكتور علي العامري قوله، إن “الصراع بين السعودية وإيران هو صراع وجودي، كما أن الصراع بين البلدين على الزعامة الدينية ،وهو صراع وجودي، ومن خلاله على السيادة والمكانة الإقليمية“، مشيرا إلى أن “هذا الصراع أزلي، وكلما يحصل فهو لحظي لموجبات إقليمية وعالمية وأميركية“.

العامري يرى أن “العلاقات يمكن أن تُعاد بين البلدين لكن الصراع يبقى قائماً، منبهاً على أن جولة المفاوضات بين البلدين مستمرة وحسب الظروف التي تحيط بينهما“.

وكانت العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران قطعت إثر توقيع القاهرة معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.وفي وقت سابق أعلنت إيران إن تعزيز علاقاتها مع مصر يصب في مصلحة المنطقة، في وقت تستعد الأخيرة للمشاركة في قمة يعتقد أنها ستبحث مواجهة نفوذ طهران.

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بيان له أواخر العام الماضي، إنه “في إشارة إلى القواسم المشتركة بين إيران ومصر، فإن تعزيز العلاقات بين طهران والقاهرة يصب في صالح المنطقة والعالم الإسلامي“.

اقرأ/ي أيضا: مرضى “الثلاسيميا” في العراق بلا دواء

غزل إيراني 

في غضون ذلك كانت مصر وإيران محور تصريحات مسؤولين كبار، ودبلوماسيين بشأن تحسين العلاقة الحالية بينهما بغرض تطويرها، وجاءت تلك التعليقات قبيل اتصال هاتفي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مؤخرا، قالت وكالة “رويترز” حينها نقلا عن الحكومة الألمانية، إنه تناول الملف النووي الإيراني.

تصريحات وزير الخارجية الإيراني، جاءت على هامش اجتماعات “الجمعية العامة” في نيويورك العام الماضي، حيث نقلت وكالة “مهر الإيرانية” شبه الرسمية حينها عن وزير الخارجية الإيرانية، قوله أثناء لقاء جمعه ووزراء خارجية وممثلين كبار لدول بينها مصر والسعودية، إن “تعزيز وتطوير العلاقات مع الجيران والمنطقة يأتي على رأس أولويات الحكومة الجديدة لجمهورية إيران الإسلامية“.

بالمقابل، لم تعلق الخارجية المصرية على الإفادات الإيرانية، لكن مصادر مصرية مطلعة على ملف العلاقات مع طهران، تحدثت لصحيفة “الشرق الأوسط” قائلة إن “القاهرة تتلقى بشكل شبه مستمر، وبصورة غير معلنة، رسائل من طهران بشأن الرغبة في استئناف العلاقات“.

وأكدت الصحيفة، نقلا عن المصدر الذي لم تكشف عن هويته، بأن هناك اتصالات “من دون وسيط” أجريت خلال الشهرين الماضيين، لكن لا يمكن وصفها بالسياسية، لأنها أجريت على مستوى خبراء ومتخصصين مصريين وإيرانيين، وكانت استكشافية، وتزامنت مع المفاوضات بين القاهرة وأنقرة“.

ومساء أمس الاثنين، أعلن وزير الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة طهران، أن السعودية تريد استئناف المحادثات الدبلوماسية مع طهران.

جاء ذلك بعد يوم واحد من اجراء الكاظمي زيارتين متتاليتين ابتدأها يوم السبت الماضي بزيارة إلى السعودية وتبعها في يوم الأحد التالي إلى طهران، للتشديد على أهمية “ترسيخ السلام واستقرار المنطقة، وبحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك“، وفقا لبيان أورده مكتبه الإعلامي لموقع “الحل نت“.

وفي تعليق عن الزيارة، كشف الدبلوماسي الإيراني السابق ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية، أمير موسوي، يوم الأحد الماضي، عن ملفات بيد رئيس الحكومة العراقية خلال زيارته إلى العاصمة الإيرانية طهران.

موسوي قال في تغريدة على تويتر تابعها “الحل نت“، إن “دولة رئيس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي يصل إلى طهران الآن قادما من السعودية، وبيده ملفات مهمة، منها ملف مساعيه الحميدة لترطيب الأجواء بين طهران والرياض وأربعة ملفات مهمة أخرى“.

المباحثات السعودية – الإيرانية

في 8 حزيران/يونيو الجاري، أعلن الكاظمي أن “المباحثات الإيرانية السعودية التي تجرى في بغداد وصلت إلى مراحل متقدمة“.

وترعى بغداد منذ العام الماضي، مباحثات استراتيجية بين إيران والسعودية جرى آخرها في نيسان الماضي، يسعى من خلالها إعادة تفعيل العلاقة وخفض التوتر في المنطقة، والتوصل إلى تفاهمات بشأن الخلافات القائمة بينهما في عدة ملفات أبرزها الحرب باليمن والبرنامج النووي لطهران.

وعن تلك المباحثات، كان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قد كشف في وقت سابق من شهر نيسان/أبريل الماضي، عن استضافة بغداد للجولة الخامسة من المحادثات الاستكشافية بين إيران والسعودية، مشيرا إلى أن الأجواء كانت إيجابية.

وانتهت الجولة الخامسة من المباحثات بين السعودية وإيران في بغداد بأجواء إيجابية، كما قال حسين لوكالة الأنباء العراقية “واع” وتابعه موقع “الحل نت“، وتركزت على النقاط الخلافية، وأبرزها الحرب على اليمن والبرنامج النووي الإيراني.

واستأنفت طهران والرياض جولات الحوار الاستكشافية في العاصمة العراقية بغداد، بعد تعليقها من قبل إيران في آذار/مارس الماضي، دون إبداء أسباب للقرار الذي جاء في وقت كان من المقرر أن تبدأ فيه جولة جديدة من المفاوضات.

اقرأ/ي أيضا: تفاهم كردي حول مرشح رئاسة العراق.. هل ينهي عقدة تشكيل الحكومة؟

أجواء إيجابية

الجولة الخامسة انتهت من المباحثات بـ“أجواء إيجابية أثارت آمالا لدى البلدين في اتخاذ خطوات نحو استئناف العلاقات“، بحسب المعلومات التي نقلتها مصادر إيرانية حينها.

وعقد الجانبان جولة المحادثات الخامسة بمشاركة مسؤولين عراقيين وعمانيين رفيعي المستوى، لعبوا دورا مهما في ترتيب اجتماعات مشتركة بين الطرفين.

بالمقابل، شارك في الجولة مسؤولون رفيعو المستوى من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ورئيس جهاز الاستخبارات السعودية، بوصفهم ممثلين عن البلدين.

كما أن، الأجواء الإيجابية التي انتهت بها الجولة الخامسة شكلت خطوة نحو استئناف العلاقات الثنائية، وسط ترجيحات بعقد جولة محادثات في المستقبل القريب بين وزيري خارجية إيران والسعودية.

وكان العراق أول من كشف عن عقد مفاوضات مباشرة بين طهران والرياض، حيث أعلن الرئيس العراقي، برهم صالح، في أيار/مايو الماضي، أن بلاده استضافت أكثر من جولة حوار بين السعودية وإيران خلال الفترة الماضية.

اقرأ/ي أيضا: تحذيرات من فيضانات في بغداد.. ما علاقة المياه الملوثة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.