“لا عالبال ولا عالخاطر”. هكذا يمكن وصف طروحات زعيم “تيار الحكمة” في العراق، عمار الحكيم، بدءا من بدعة الوزن السياسي والوزن الانتخابي، وانتهاء بفكرة الحكومة والمعارضة البرلمانية لها.

من خلال حديثه، يؤكد زعيم “تيار الحكمة”، أنه ضد مشاركة الكل في الحكومة العراقية المقبلة، وأنه لن يشترك فيها، ولا يعترف أن توجهه ذلك نتيجة خسارته في الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.

خسر تيار الحكيم في الانتخابات الأخيرة التي شهدها العراق بحصوله على مقعدين نيابيين فقط، ومنذ ذلك يؤكد أنه لن يشترك في الحكومة، في وقت يملك تياره مناصب عليا ويدير محافظات عدة.

يبرّر زعيم “تيار الحكمة”، ذلك الأمر حينما يُسأل عنه، بأن تلك المناصب التي يمتلكها حزبه، هي مواقع دولة وليست مواقع حكومية، وهو ما لم يقتنع به معظم خبراء السياسة في العراق.

بدعة الوزن السياسي والانتخابي

بمناسبة عيد الأضحى، عاد الحكيم، ليؤكد مرة أخرى في كلمة له، أمس الأحد، أنه ان يشترك في الحكومة وضد اشتراك الجميع فيها، وزاد على ذلك بأنه يجب أن تتوفر معارضة برلمانية مقابل الحكومة.

تناسى الحكيم، أن زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، الفائز الأول في الانتخابات الأخيرة، هو أول من طالب بذلك، وأراد منه هو و”الإطار التنسيقي” الذي ينضوي فيه، أن يذهبوا للمعارضة ويتركونه يشكل الحكومة أو العكس.

لم يقبل “الإطار” ااذي يضم كل القوى الشيعية الموالية لإيران والذي التحق به عمار الحكيم، أن يشكل الصدر الحكومة المقبلة ويذهب هو للمعارضة، ولم يشكل هو الحكومة ويترك الصدر يذهب للمعارضة، فاضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية.

خسارة الحكيم في الانتخابات، جعلته يبتدع فكرة أخرى، وهي الوزن السياسي مقابل الوزن الانتخابي، بمعنى أن وزن “تيار الحكمة” السياسي الخاسر في الانتخابات، يتوازن مع الوزن الانتخابي لـ “حركة امتداد” التشرينية الناشئة حديثا، التي تملك 16 مقعدا نيابيا.

تلك البدعة، الهدف منها الموازنة في تقسيم كعكة المحاصصة عند تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب الوزارية، بالموازنة بين الوزن السياسي والوزن الانتخابي، وهي فكرة تذكّر بأغنية الفنان العراقي الراحل، رياض أحمد: “لا عالبال ولا عالخاطر”.

في كلمته المتلفزة أمس، يقول الحكيم، إنه يجب دعم خيار المعارضة وتقويتها من داخل البرلمان نفسه عبر تعزيز العمل النيابي في مسارين، أحدهما يشكل الحكومة ويتحمل تبعاتها، والآخر يتجه نحو المعارضة والمراقبة والتقويم.

عقم سياسي

الحكيم يشدّد في ختام كلمته، على ضرورة الإسراع في تشكيل “حكومة خدمية متوازنة وطنيا”، بما ينسجم مع حجم التحديات الكبيرة التي تحيط بالعراق، وذلك لإنهاء الانسداد السياسي المستمر منذ 9 أشهر ولغاية الآن.

بحسب كثير من المراقبين، فإن الانسداد السياسي بات مزمنا في العراق، فلم تحل عقدته بعد، رغم انسحاب “التيار الصدري” من العملية السياسية وتركه الساحة لـ “الإطار التنسيقي”، لتشكيل حكومة جديدة.

في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية”، لكن شيئا من ذلك لم يحدث بعد.

كان “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا، ثم انسحب من البرلمان العراقي، الشهر المنصرم.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكّل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و”السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن”، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي”.

سبب الإخفاق

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

وعاش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة، ورغم انسحاب الصدر فإن الانسداد لم ينته بعد.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

ذلك الفشل، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

ويسعى “الإطار التنسيقي”، إلى تشكيل حكومة توافقية، بعد استقالة “التيار الصدري” من البرلمان بتوجيه مباشر من زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي وصف مؤخرا قوى “الإطار” بأنها “أذرع إيران” لأول مرة في تاريخه السياسي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.