يبدو أن عودة العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، ستشكل مرتكزا أساسيا لتعزيز أمن واقتصاد منطقة الشرق الأوسط بشكل أساسي وبدرجة أقل على مستوى العالم، لاسيما مع تعقيد ملف النووي الإيراني، ونظرا لما يشكله الجانبان من دور محوري في جهود تعزيز الأمن والسلم الدوليين انطلاقا من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية، والمصالح المشتركة بينهما في تلك المجالات.

مصالح مشتركة

الرئيس الأمريكي  جو بايدن، قال إن اجتماعه في السعودية تطرق إلى وقف إطلاق النار في اليمن الذي يناقش منذ 4 أشهر، ولكن لأول مرة منذ سنوات تلتزم السعودية بالحديث حول وقف إطلاق النار في اليمن مع عملها على توصيل المساعدات الإنسانية لليمنيين.

وأوضح بايدن، في مؤتمر صحفي بالمملكة العربية السعودية، أن اجتماعه تضمَّن أيضا مناقشة حماية السعودية من أي تهديدات دولية ولا سيما التهديد الإيراني وأذرعه.

مشاريع الاتصال والبنية التحتية

بايدن أشار إلى أن الجانبان توصلا لاتفاقات على العقود المقبلة التي سوف تستثمر خلالها السعودية، في تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس والسادس بالتعاون مع الشركاء من أجل الاستثمار أيضا في مشروعات البنية التحتية بما يضمن تنافسية حقيقية ضد الصين.

وشدد الجانبان على أن انتقال الطاقة، واعتبارات الأمن القومي، لكل من الرياض وواشنطن يتطلبان سلاسل إمداد مستقرة ومتنوعة.

قد يهمك: 6 ملفات سياسية واقتصادية على مائدة جدة.. شرق أوسط جديد؟

الباحث في العلاقات الدولية إياد المجالي، يعتقد أن التعاون في مشاريع تكنولوجيا المعلومات بين السعودية والولايات المتحدة، هو جزء من التعاون الاقتصادي المشترك بين الجانبين، واستكمالا للمشاريع الأميركية التي تهدف إلى تلبية حاجات السوق في المنطقة ضمن إطار هذه التكنولوجيا، فضلا عن مواجهة الجانب الصيني المتمدد نحو أسواق المنطقة

ويقول المجالي في حديث خاص لـ“الحل نت“: “تصدر السعودية لهذا القطاع في المنطقة هو هدف استراتيجي لصانع القرار السعودي، في ظل شراكة قوية مع أميركا تعتمد على المصالح المشتركة لتطوير هذا القطاع في الشرق الأوسط“.

ويضيف: “حجم التبادل التجاري بين أميركا والسعودية يؤشر إلى شكل من أشكال التوافق الاقتصادي بين الجانبين، إضافة إلى عمق العلاقات السياسية بينهما ما يعزز من مكانة السعودية على الصعيد الإقليمي“.

ورحبت الولايات المتحدة في هذا الصدد بدعم السعودية لمبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار، التي أعلن عنها الرئيس بايدن في قمة مجموعة الدول السبع في 26 حزيران/ يونيو الماضي.

وتهدف كل من الولايات المتحدة والسعودية، من خلال هذه الشراكة التاريخية، إلى الاستثمار بشكل استراتيجي في المشاريع التي تدعم الاتصال الرقمي، واستدامة سلسلة التوريد، وأمن الطاقة والمناخ، مع التركيز على الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

الحد من خطر إيران

وعلى الصعيد السياسي تشترك كل من السعودية والولايات المتحدة في رؤية متوافقة تجاه أهمية ردع سلوكيات إيران المُزعزعة لأمن واستقرار المنطقة والعالم، وتحييد خطر الميليشيات الإرهابية المدعومة من طهران، فضلا عن نشاط إيران النووي الذي يهدد أمن الشرق الأوسط.

وبالتالي يدرك الجانبان أهمية التعاون فيما بينهما، للتوصل إلى اتفاقيات من شأنها تحقيق مصالح الطرفين، فالسعودية تسعى للحد من خطر إيران، وهي رؤية تتفق مع مصالح أميركا، كما أن الأخيرة تسعى للحد من نشاط الصين على المستوى التقني في الشرق الأوسط وإفريقيا، وبالتالي وجدت من السعودية شريك استراتيجي لتغطية هذه الفجوة في المنطقة.

وحول استراتيجية الولايات المتحدة المتعلقة بالملفات المذكرة، يوضح المجالي بالقول: “أعتقد أن السياسة الخارجية الأميركية أعادت تأهيل استراتيجيتها في المنطقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، فعادت لتحمي تحالفاتها السياسية، أعتقد أن الرئيس بايدن حث من خلال الزيارة العرب على زيادة إنتاج النفط لمواجهة النقص. هذا النقص دفع أميركا إلى مواجهة التكتل الاقتصادي بين الصين وروسيا وإيران، الأمر الذي جعل من المشهد السياسي والاقتصادي أكثر تعقيدا“.

زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية، أكدت أيضا أن الاختلاف في وجهات النظر مع السعودية، لا يجب أن يقف عائقا أمام تطوير العلاقات لتحقيق المصالح المشتركة، إقليميا أو دوليا، كما أن أهمية الزيارة تأتي من كونها أول زيارة لبايدن.

علاقات اقتصادية قوية

السعودية وأميركا تربطهما علاقات اقتصادية قوية ومثمرة، حيث يعمل في السعودية نحو 742 شركة أميركية، في قطاعات مختلفة، وهناك أكثر من 21034 علامة تجارية أميركية في السوق السعودية حتى 2022.

وتعد الولايات المتحدة الشريك التجاري الرابع للسعودية في حجم التجارة، والثاني في قيمة الواردات، والسادس في قيمة الصادرات، بينما تحتل المملكة المرتبة 28 كشريك تجاري لصادرات الولايات المتحدة للعالم، والمرتبة 31 كشريك تجاري لواردات الولايات المتحدة للعالم (2021).

اقرأ أيضا: ابتزاز روسي لأوروبا في ملف الطاقة.. الغاز سلاح سياسي لموسكو؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.