يبدو أنها وسيلة ضغط لإحراج القضاء العراقي والسلطات الحكومية، من أجل وضعها أمام الأمر الواقع للاعتراف بما هو معروف لدى الأغلبية، وتوثيقه بشكل رسمي.

ما هو معروف، أن قاتل الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، جرى تهريبه خارج العراق، والمحكمة تؤجل محاكمته كلما حان الموعد، دون اعتراف رسمي بخبر تهريبه الذي يعرفه القاصي والداني.

“يمس حرية الرأي”

الإحراج للقضاء والحكومة، يتمثل بالخطوة التي تحركت بها رئيسة كتلة “الجيل الجديد” في البرلمان العراقي، سروة عبد الواحد، بمطالبتها القضاء العراقي، جعل محاكمة قاتل الهاشمي علنية، وتبثها وسائل الإعلام بشكل مباشر.

تلك المطالبة حصلت بكتاب رسمي وجّهته عبد الواحد إلى رئيس “مجلس القضاء الأعلى” في العراق، فائق زيدان، الأحد، وأرجعت سبب مطالبتها تلك، إلى أن “الأمر لا يخص شخصا واحدا أو عائلة واحدة، بل يمس حرية الرأي”.

وشدّدت عبد الواحد في تغريدة لها عبر حسابها في موقع “تويتر”، هذا اليوم، على أنه “يجب أن يطَلع الرأي العام على تفاصيل المحاكمة”، مردفة: “لهذا أرسلنا كتابا إلى القضاء وننتظر الاستجابة”.

فارقَ الهاشمي، الحياة عن عمر 47 سنة، إثر اغتياله في 6 تموز/ يوليو 2020، وهو بسيارته أمام منزله بمنطقة زيونة شرقي العاصمة العراقية بغداد، على يد مسلّحين كانوا يستقلون دراجات نارية.

يعد الراحل من أبرز الباحثين في مجال الأمن والسياسة. وهو خبير أمني معتمد من قبل وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وعدد من جامعات ودور البحث في العالم.

بعد اغتياله، قال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، مقولته “الشهيرة” من داخل بيت الهاشمي: “لن تنام أعيننا قبل القبض على قتلة الهاشمي والقصاص منهم”.

من القاتل؟

قبل أسبوع حلّت الذكرى السنوية الثانية لاغتيال هشام الهاشمي، ولم تتحقق العدالة بعد، فالحكومة العراقية لم تتمكن سوى من القبض على واحد من منفذي عملية الاغتيال، قبل أن يهرب من داخل السجن لاحقا، حسب تقارير إعلامية متعددة.

بعد اغتيال الهاشمي، هُرّب 2 من المشتركين بعملية اغتياله إلى إيران المجاورة للعراق، وذلك عبر الحدود البرية، وبإسناد “الميليشيات الولائية”، التي أمّنت عملية التهريب، وفق مصادر “الحل نت” الخاصة.

تصريح متلفز للناطق السابق باسم الحكومة العراقية أحمد ملا طلال، أكد تهريب المشاركين بعملية اغتيال الهاشمي إلى خارج العراق، دون ذكره لتفاصيل إضافية.

في 16 تموز/ يوليو 2021، وبعد مرور أسبوع على الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الخبير الأمني العراقي، أعلن رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، القبض على ما اعتبره قاتل هشام الهاشمي، ثم بث التلفزيون العراقي اعترافات المتهم.

ويدعى المتهم أحمد الكناني، وهو من تولد عام 1985. وتعين في سلك الشرطة في العام 2007، وهو ضابط شرطة برتبة ملازم أول في وزارة الداخلية، وينتمي إلى مجموعة خارجة عن القانون، حسب اعترافاته.

الكناني قال في اعترافاته حينها: “لقد تجمعنا في منطقة البوعيثة، وذهبنا بدراجتين وعجلة نوع كورلا لتنفيذ عملية الاغتيال”.

ينتمي لميليشيا “الكتائب”

“البوعيثة” منطقة تقع جنوبي العاصمة بغداد. وسبق وأن اعتقل الأمن العراقي 13 عنصرا ينتمي لميليشيا “كتائب حزب الله” بذات المنطقة، كانوا ينوون استهداف السفارة الأميركية لدى بغداد في آب/ أغسطس 2020، قبل أن يطلق سراحهم لاحقا.

قبل الإعلان الحكومي، كشف الباحث الأكاديمي في شؤون الشرق الأوسط، نبراس الكاظمي، تفاصيل اعتقال الكناني.

قبل بدء إجراءات محاكمة قاتل هشام الهاشمي، قال نبراس الكاظمي في سلسلة تغريدات عبر “تويتر”، إن المتهم الذي يعمل في سلك الشرطة، اعترف بانتمائه لميليشيا “كتائب حزب الله” الموالية لإيران.

وبحسب ما أوضح القاتل، فإن الدافع المزعوم وراء الأمر بالاغتيال هو قرب الراحل من الأميركيين، وفق نبراس الكاظمي.

الكاظمي أشار، إلى أن المتهم اعترف “طوعا” دون أي تعذيب. وكانت تلك المرة الأولى التي يطلق فيها الكناني النار على أي أحد.

بعد القبض على قاتل الهاشمي وبث اعترافاته، جرى تحديد موعد لجلسة محاكمته في كانون الأول/ ديسمبر 2021، ولكن الجلسة أُجّلت لتاريخ 28 شباط/ فبراير 2022.

تأجيل متكرر

عندما حل تاريخ 28 شباط/ فبراير 2022، تم تأجيل جلسة محاكمة قاتل هشام الهاشمي إلى تاريخ 17 أيار/ مايو 2022، وحينها كشفت وسائل إعلام محلية عن تهريب قاتل الهاشمي من السجن لخارج العراق.

لم يصدر أي تأكيد أو نفي رسمي على ما تم كشفه، لكن ما أن جاء تاريخ 17 أيار/ مايو المنصرم، حتى تم تأجيل جلسة محاكمة أحمد ااكناني، قاتل هشام الهاشمي لمرة أخرى، وهي الثالثة ولأجل غير مسمى، لعدم حضور الكناني.

وفق مواقع إخبارية عراقية، فإن قوة من ميليشيا “كتائب حزب الله”، اقتحمت قبل منتصف شباط/ فبراير الماضي، سجن “الوحدة”، جنوبي العاصمة بغداد وهرّبت أحمد الكناني من السجن، دون أي مقاومة أمنية إلى خارج العراق، عبر البر نحو إحدى الدول المجاورة للعراق.

كان الهاشمي من أهم الخبراء بمجال مكافحة “الإرهاب”، وساعد الحكومة العراقية بمئات المعلومات الأمنية والاستشارية في حربها ضد “داعش” بين أعوام 2014 و2017.

يجدر بالذكر، أن عملية اغتيال الهاشمي حصلت؛ لقربه من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، فقد كان أحد مستشاريه الأمنيين، وهي ورقة ضغط من قبل الميليشيات على الكاظمي لإيقافه عن حملته التي شنها ضد الميليشيات وقتئذ.

كان الكاظمي، شن حملة ضد الميليشيات الموالية لإيران التي تتورط بقصف اليعثات الدبلوماسية في بغداد، ونجحت القوات الأمنية باعتقال العشرات منهم، قبل أن تطلق سراحهم لاحقا، بعد اغتيال الهاشمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.