سخرية على نطاق واسع تكتظ بها مواقع “التواصل الاجتماعي” في العراق، بعد تداول صور تظهر رئيس الحكومة العراقية الأسبق، نوري المالكي، وهو يمتشق سلاح نوع “كلاشنكوف”، فما هي القصة؟

بدأت القصة بعد انسحاب أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، ليلة الأربعاء، من المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، إثر توجيه من زعيمهم الصدر، فسُرّبت عدة صور تظهر المالكي مسلحا بجانب عدد من حمايته في الخضراء.

https://twitter.com/saifsalahalhety/status/1552380112775122947?t=7PC63ZbOIuKH_oiVYH6Q6Q&s=19

خوف المالكي؟

ظهور المالكي وهو يحمل الرشاش كان بالقرب من منزله في المنطقة الخضراء، وعلّق متفاعلون بسخرية، أنّ “الخوف يبدو واضحا على وجه المالكي، الذي اضطر إلى حمل سلاح شخصي إثر تأخر الصواريخ العابرة للقارات”.

كذلك تداول رواد مواقع “التواصل الاجتماعي” صورة تظهر المالكي وهو يحمل “الكلاشنكوف” من داخل منزله مرتديا بزة عسكرية، وقالوا بسخرية: “يبدو أنه يخشى اقتحام منزله من قبل المحتجين”.

مصادر على صلة بمكتب المالكي، قالت إن “الصورة تعود إلى العام 2014، حين هم رئيس مجلس الوزراء حينها بالخروج إلى منطقة قريبة من تواجد عناصر تنظيم داعش”، غير أن ذلك لم يقنع الناس.

متفاعلون سخروا من رواية مكتب المالكي، وأشاروا إلى قنينة كحول للاستخدام الطبي تظهر في الصورة، ما يعني أنّها التقطت حديثًا في ظل جائحة “كورونا”، بحسبهم.

وكان المالكي أصدر في وقت سابق من يوم أمس الأربعاء، بيانا يدين احتجاجات “التيار الصدري” في المنطقة الخضراء والبرلمان، ويعدها “إهانة لهيبة الدولة”.

ودعا المالكي في بيانه، حكومة مصطفى الكاظمي إلى التدخل فورا لـ “ردع” متظاهري أتباع الصدر “تجنبا لإراقة الدماء”، كما دعا أنصار الصدر إلى الانسحاب.

الأربعاء، خرج أنصار مقتدى الصدر، باحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد، ثم اقتحموا المنطقة الخضراء، مقر الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية الدولية، فضلا عن اقتحامهم لمبنى البرلمان العراقي.

حراك أتباع زعيم “التيار الصدري”، جاء بعد تغريدة مطولة للصدر عبر “تويتر”، بمناسبة حلول شهر محرم، وذكرى “واقعة الطف” التي شهدت مقتل الإمام الحسين، قائلا فيها: “اتخذوا ثورة الطف نموذجا لرفض الباطل والظلم والفساد”.

“جرة إذن”

رئيس الحكومة العراقية، القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، كان قد دعا من خرجوا من المحتجين إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والانسحاب الفوري من الخضراء.

بعد 4 ساعات من الرعب عاشها “الإطار التنسيقي” في العراق، طلب الصدر من أنصاره في تغريدة عبر “تويتر”، ليلة الأربعاء، الانسحاب من المنطقة الخضراء، معتبرا احتجاجات أمس، “جرة إذن”، فانسحبوا فعلا.

قبل ذلك وصف “الإطار التنسيقي” في بيان، احتجاجات آنصار الصدر بأنها “فتنة” ويراد منها الفوضى وضرب السلم الأهلي، واتهم الحكومة العراقية، بتسهيل عملية اقتحامهم للمنطقة الخضراء.

وقال “الإطار” في بيانه، إنه بعد أن أكمل الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفق بالإجماع على ترشيح شخصية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، رصد تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي.

“الإطار” أضاف، أن ماجرى من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية، وعدم قيام القوات المعنية بواجبها، يثير الشبهات بشكل كبير.

احتجاجات أنصار مقتدى الصدر، أتت بعد أن أعلن “الإطار التنسيقي” المقرب من طهران، في بيان رسمي له، الاثنين الماضي، ترشيح رئيس “تحالف الفراتين”، محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة.

شياع السوداني، من تولد محافظة ميسان جنوبي العراق عام 1970، ويملك بكالوريوس في العلوم الزراعية، وبدأ مشواره في السياسة بعد سقوط نظام صدام حسين في ربيع 2003.

من المناصب التي شغلها السوداني، قائمقمام مدينة العمارة 2004 ومحافظ ميسان 2005، ووزير حقوق الإنسان 2010، ورئيس الهيئة العليا للمساءلة والعدالة وكالة 2011، ووزير الزراعة وكالة 2013.

كان السوداني أيضا، رئيس مؤسسة السجناء السياسيين وكالة 2014، ووزير الهجرة والمهجرين وكالة 2014، ووزير المالية وكالة 2014، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية 2014، ووزير التجارة وكالة 2015، ووزير الصناعة وكالة 2016.

السوداني رغم انتمائه بعد 2003 لـ “حزب الدعوة” بقيادة نوري المالكي قبل أن ينسحب منه لاحقا، إلا أنه من القيادات الداخلية، فلم يسبق له العمل ضمن المعارضة لنظام صدام حسين في الخارج، ولا يمتلك إقامة غربية، ولم يسبق له العمل في مناصب أمنية.

ما مبتغى “الإطار”؟

“الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، يسعى إلى تشكيل حكومة توافقية، بعد استقالة “التيار الصدري” من البرلمان بتوجيه مباشر من زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي وصف مؤخرا قوى “الإطار” بأنها “أذرع إيران” لأول مرة في تاريخه السياسي.

في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية“.

“التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا، ثم انسحب من البرلمان العراقي، الشهر المنصرم.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكّل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و“السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن“، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي“.

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

عاش العراق -ويعيش- في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة، فانسحب الصدر ولم ينته الانسداد بعد.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

الفشل ذلك، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.