وسط أزمات اقتصادية طاحنة، واستحقاقات سياسية مهمة على الأبواب، يعيش لبنان حاليا ثلاث أزمات متمثلة بالمياه وتأمين الغذاء، وإفلاس البنوك، مما يعني أن البلد الشرق أوسطي لن يخرج منها بسبب انعدام أفق الحل فيه.

في أحدث تصعيد، أعلنت جمعية المصارف اللبنانية، أمس الجمعة، أن البنوك ستبدأ إضرابا عن العمل اعتبارا من يوم الاثنين المقبل الموافق 8آب/أغسطس الجاري، بسبب ما وصفته “بالمواقف المضرة والشعبویة على حسابها وحساب الاقتصاد اللبناني”.

شح المياه يعصف بلبنان

في سياق انهيار البنية التحتية داخل لبنان، أشارت التقارير الأممية، إلى أن قطاع المستشفيات والمراكز الصحية بالإضافة إلى المدارس في البلاد، تأثرت بشكل مباشر وكبير بمشكلة المياه.

وفي دراسة حديثة بعنوان “صعوبة الحصول على المياه”، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، من أن وجود أزمة الطاقة لفترة طويلة يجعل من الصعب ضخ ما يكفي من المياه، ويؤدي في بعض الحالات إلى توقف الضخ تماما.

وأوضحت المنظمة، أن آفاق التوصل إلى حل ستظل قاتمة بينما تستمر أزمة الطاقة، لاسيما أن شبكة المياه على وشك الانهيار بسبب إهمالها منذ أكثر من عام.

وقال دوارد بيجبيدر، ممثل المنظمة في لبنان، “في حين تم تفادي الانهيار الشامل لشبكات إمدادات المياه العامة حتى الآن، غير أنه لم يتم حل الأزمة بعد. ويتأثر حاليا ملايين الأشخاص في البلاد من محدودية توافر المياه النظيفة والآمنة. إن معالجة هذه القضية في غاية الأهمية من أجل ضمان صحّة الأطفال والعائلات في لبنان”.

ووصل متوسط تكلفة 1000 ليتر من المياه المنقولة بالصهاريج الى 145 ألف ليرة لبنانية في نيسان/ أبريل 2022، أي بزيادة قدرها 50 بالمئة تقريبا مقارنة بشهر نيسان/ أبريل 2021، وبزيادة تعادل ستة أضعاف عما كانت عليه في العام 2019.

تضخم أسعار الغذاء

في ضوء شعور اللاعبين في الحياة العامة اللبنانية بأنهم عاجزون تماما. الكثير من اللبنانيين لم يكونوا متفاجئين من تقرير البنك الدولي الذي صدر الأسبوع الفائت، إذ أن موقع لبنان على رأس لائحة تضخم أسعار المواد الغذائية، هو تأكيد ثابت على قلة كمية وجودة المواد الغذائية، وهذا مؤشر على نهاية فترة الازدهار وبداية فترة التكيف مع الواقع الاقتصادي في لبنان.

وفي ضوء ذلك، يعاني لبنان حاليا من عدد من المشاكل المترابطة، ونتيجة مباشرة للمعاناة الغذائية والصحية، صنف البنك الدولي لبنان أولا بين الدول العشر التي حققت أعلى معدلات تضخم في أسعار المواد الغذائية، قبل زمبابوي وفنزويلا وتركيا وإيران وسريلانكا والأرجنتين وسورينام وإثيوبيا ومولدوفا. فقد شهدت الدول معدلات تضخم كانت أعلى من 30 بالمئة.

إن توافر الغذاء للزراعة والإنتاج بعيدا عن قضايا المناخ والجفاف، وتأمين الغذاء دون حواجز مثل الصراعات أو نقص الأموال اللازمة للحصول عليه، إلى جانب الجودة ونوعية الغذاء، هي ثلاثة عناصر للأمن الغذائي. وبالتالي فإن أي خلل للعناصر الثلاثة يؤدي إلى عرقلة سلاسل التوريد.

مدير عام الحبوب في وزارة الاقتصاد اللبنانية، جريس برباري، قال في حديثه لصحيفة “اندبندنت” العربية، أمس الجمعة، “نحاول العمل قدر الإمكان، ولكن ظروف العمل تزداد صعوبة في ظل غلاء المحروقات. أما الأسباب الأخرى فتعود إلى عدم توافر الدولارات والنقد الأجنبي في خزانة الدولة، بالتالي فإن تأمين الأموال للدعم بات أمراً في غاية الصعوبة”، لافتا إلى أن “الرغيف بات الملاذ الأخير للمواطن اللبناني الذي أصبح عليه شراء كل السلع وفق سعر السوق الحرة المدولر”، ومشيرا إلى أن “الدعم بات يقتصر على 36 ألف طن من القمح من أجل تأمين 28 ألف طن طحين لصناعة الخبز”.

إضراب البنوك

في سياق متصل، يرى الخبير الاقتصادي اللبناني، زياد ناصر الدين، إن إعلان الإضراب عن العمل في المصارف اللبنانية والذي تزامن مع تقرير البنك الدولي، وتحطم الواقع الاقتصادي، هو مؤشر على أن هذه المصارف أفلست.

إعلان الإضراب، جاء بعد اجتماع أمس الجمعة، حسب بيان من جمعية المصارف اللبنانية، والذي تم فيه النظر في ملف الدعاوى “المغرضة” ضد المصارف، التي صدرت فيها “بعض الأحكام التعسفية استنادا إلى مراجع اختارها المدعون سلفا”.

كل الإضرابات والاحتجاجات التي يشهدها القطاع العام حاليا، في رأي الخبراء الاقتصاديين، لن تؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر ولن توفر حلا للمسألة.

ويأتي إعلان المصارف في وقت ينفّذ فيه موظفو القطاع العام إضرابا طويلا، قال عنه وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، هيكتور الحجار، أنه يحدث شللا عاما في الدولة اللبنانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.