مرحبا.. من منكم يعرف لحظات ما قبل مقتل قاسم سليماني في العراق؟ كيف عاشتها الإدارة الأميركية في “البيت الأبيض”؟ لا أحد بالطبع؛ لأن دائرة ترامب بذاتها لم تكن تعرف، لكن اليوم ستعرفون.

“الطريقة التي أمر فيها دونالد ترامب باغتيال سليماني في العراق، جاءت دون أن يعرف أي أحد من فريقه”، يقول جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي وقتئذ.

سليماني هو قائد “فيلق القدس” التابع إلى “الحرس الثوري” الإيراني. مقتله حدث في السويعات الأولى من ليلة 3 كانون الثاني/ يناير 2020، بأمر مباشر من رئيس الولايات المتحدة الأميركية حينها، ترامب.

“العملية جرت بسرية كاملة”، هكذا قال كوشنر في مذكراته التي حملت اسم “كسر التاريخ”، ونشرها مؤخرا، بحسب تقرير لشبكة “سي أن إن” الأميركية.

“حان الوقت”

كان يجلس ترامب مع فريق حملته الانتخابية آنذاك في تحضيره للانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر من ذات العام، وفجأة دخل
مستشار الأمن القومي، روبيرت أوبراين إلى الغرفة.

“سيدي الرئيس، حان الوقت”، قال أوبراين. وقف ترامب وتبعه إلى خارج الغرفة. قبل أن يخرج التفت ترامب إلى فريقه وقال: “انتظروا هنا يا رفاق.. سأعود”، على حد تعبير كوشنر.

كان فريق ترامب يراجع إعلانا يخطط لإذاعته خلال بث مباريات كرة القدم الأميركية، وسيصل الإعلان إلى 80 بالمئة من الناخبين، لكن الرئيس سيخسر الانتخابات، ليأتي جو بايدن خلفا له.

كوشنر هو صهر الرئيس الأميركي آنذاك. يقول في مذكراته: “قلت لهم لن يعود قبل مضي وقت”، ويردف أن السيناتور ليندسي غراهام أخبره قبل ليلة من ذلك، أن ترامب يخطط للقيام بخطوة “ستغير اللعبة”.

لم يعرف كوشنر عما كان يتحدث به غراهام؛ لأنه لم يوضح له أي تفاصيل، قبل آن يعرف لاحقا مثله مثل كل العالم، أن المخطط هو قتل الجنرال الإيراني. وعرف ذلك عبر منصات “التواصل الاجتماعي”.

“في وقت أقصر مما توقعت عاد الرئيس إلى الغرفة”. طلب ترامب بحسب صهره، إكمال العمل على الإعلان، دون أن يتحدث عن سبب خروجه المفاجئ من الغرفة.

مستشار ترامب يقرأ الخبر

لحظة مقتل سليماني، كنت -أنا معد هذه المادة- أغطي التظاهرات في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد. كنت أجلس مع رفاقي في إحدى مخيمات نفق التحرير، وفجأة سمعنا الخبر.

دقائق معدودة، ثم يهرع المتظاهرون من خيامهم وينزلون إلى الساحة ويرفعون العلم العراقي، ويهتفون بفرح لسماعهم ذلك الخبر. “لقد تخلّصنا من أهم رجل يتحكم بمصير العراق”، هكذا كان يتحدث بعض المتظاهرين.

كان العراق يعيش تظاهرات عارمة آنذاك، تعرف بـ “انتفاضة تشرين”، خرجت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ومن بين مسببات تلك الانتفاضة العديدة، هو التدخل الإيراني في الشأن العراقي.

لحظات ليس إلا على عودة ترامب إلى الغرفة، ويقرأ مستشاره السابق، دان سكافينو خلال تصفحه “تويتر” التالي: “هناك صور عن انفجار في العراق. الناس تقول إنه قرب المطار”.

هنا أمر ترامب مستشاره بالآتي: “تابع الأمر عن كثب وأخبرني إذا ما حدث شيء مثير للاهتمام”، حسب قول كوشنر.

بعد مضي 5 دقائق قال سكافينو: “عليكم أن تروا هذا.. نشر صحفي من إيران تغريدة تحمل صورة ليد متضررة بشدة ويغطيها الرماد. اليد يزيّنها خاتم يحمل حجرا أحمر كبيرا بلون الدم”.

بجانب تلك الصورة وللمقارنة كانت هناك صورة جديدة لقائد “فيلق القدس”، قاسم سليماني، تظهره يمسد لحيته، وقد ارتدى الخاتم نفسه في يده، وفق مذكرات كوشنر.

المهندس مع سليماني

بعيد الفرح في ساحة التحرير بنحو 10 دقائق، هاجم ملثمون المتظاهرين لانزعاجهم من ردة فعلهم. أنا أحد الناس هربت حافي القدمين راكضا صوب أزقة البتاوين الملاصقة للتحرير ودخلت بأحد الفنادق. اختبأت فيه لمدة وجيزة.

دقائق قبل أن يعم الهدوء في الساحة. خرجت من البتاوين، فوجدت أن كل شيء على طبيعته، غير أن البعض من المتظاهرين جرحوا إثر اعتداء عدد من الملثمين عليهم بالسكاكين. جاء الصباح، وعدت إلى منزلي خشية من ردود الفعل.

قتل سليماني بضربة جوية أميركية انطلقت من إحدى القواعد العسكرية الأميركية في قطر. الضربة وقعت عند مطار بغداد الدولي، في 3 كانون الثاني/ يناير 2020، ولم يكن سليماني وحده المقتول.

كان نائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي”، أبو مهدي المهندس، هو الآخر قتل مع قائد “فيلق القدس”، صدفة دون أي تخطيط مسبق من قبل “البيت الأبيض”.

حصل مقتل المهندس؛ لأنه كان في المطار يستقبل سليماني القادم من دمشق برحلة سرية آنذاك. خرجا من مطار بغداد في سيارة واحدة بطريقهما نحو منطقة الجادرية، لتقع الضربة ويُقتلا على الفور.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.