لتعزيز مطالبها الإقليمية وبناء “أدلة” لدعم ادعاءاتها في حالة حدوث أي خلاف حول “سيادتها” المزعومة أمام المحاكم الدولية، تحدث تقرير لموقع “فويس أوف أميركا“، وترجمه موقع “الحرة“، عن محاولات الصين بإعادة تسمية المواقع المتنازع عليها في آسيا.

وبيّن التقرير الذي تابعه موقع “الحل نت“، أن بكين تستخدم أسماء جديدة وأنظمة ترميز خرائط مغايرة، لدعم مطالبها في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، وامتد ذلك مؤخرا، لأجزاء من الجبال التي تتنافس عليها مع الهند.

بحيث أن وزارة الشؤون المدنية الصينية قد أعلنت في 29 أيلول/ديسمبر الماضي، أنها استخدمت الأحرف الصينية “لتوحيد” أسماء 15 مكانا في ولاية أروناتشال براديش، التي تسيطر عليها الهند في شمال شرق البلاد، حسبما أفاد موقع “غلوبال تايمز” الإخباري الصيني، المملوك إلى الدولة، في حين تستخدم الهند بدورها الأسماء الخاصة بها لتعريف تلك المواقع.

موقع “غلوبال تايمز” نقل كذلك، عن الخبير الصيني في مركز أبحاث علم التبت في بكين، ليان شيانغمين، قوله إن الأسماء الخمسة عشر تتناسب مع ما وصفه بـ“الجهد الوطني لتوحيد إدارة أسماء الأماكن” بما في ذلك المواقع التي “كانت موجودة منذ مئات السنين” حسب زعمه.

لكن في مقابل ذلك، قال المحللون لموقع إذاعة “فويس أوف أميركا“، إن القادة الصينيين أعادوا تسمية تلك المواقع لتذكير مواطنيهم بادعاءاتهم مع الاستمرار في الضغط على خصومهم في النزاعات حول آسيا، وحسبما أكدوا أن، الصين تريد أن تستخدم تلك الأسماء في التحضير لأي محاكمة دولية أو جلسات استماع عالمية بالخصوص.

اقرأ/ي أيضا: اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.. ما تبعاته وتأثيره؟

الصين والحرب السردية

تعضيدا لذلك، قال كبير علماء السياسة في واشنطن في مجموعة أبحاث مؤسسة “راند“، سكوت هارولد، إن وجهة النظر الصينية تقوم على أن الحرب السرديّة، جزء من تشكيل رواية حول ماهية الصراع.

وتابع في حديث لموقع “فويس أوف أميركا“، أن بكين تحاول أن تُوهم خصومها بسردها الخاص أنهم في الموقف الخاطئ، مبينا أن مبدؤها هو وضع خصمها أو المنافس لها في موقف مرتبك، في حين تستخدم الصين كذلك، تعزيزات عسكرية وعلاقاتها الاقتصادية لدعم مطالباتها بالسيادة على المناطق المتنازع عليها.

وردّا على تلك السياسية المستخدمة من قبل بكين، أعادت دول آسيوية أخرى تسمية المناطق المتنازع عليها أيضا، بما في ذلك تسمية مانيلا بحر الصين الجنوبي بـ “بحر الفلبين الغربي“، وفي عام 2016، فازت مانيلا، بقضية محكمة عالمية ضد بكين بشأن مطالبات بحر الصين الجنوبي.

ومنذ ٢٠١٠، تبرز الصين جهودها لتوسيع نطاقها البحري، وغالبا ما تستخدم التفوق العسكري لكسب ميزة في النزاعات الإقليمية وإثارة قلق جيرانها وكذلك حلفائهم الغربيين، وهو ما صاعد من حدة التوتر على الحدود الصينية الهندية في عام 2017 ولا يزال الوضع رهين الخلاف السياسي العسكري بين البلدين.

فيما تسعى الصين إلى الاستفادة من التاريخ الذي كان أثناؤه الناس يتنقلون بين الدول بشكل أكثر مرونة ويسمون المعالم بشكل عابر، قبل فرض الحدود على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم بعد القرن السابع عشر، وفقا لهارولد، ويوافق هذا الرأي، ألان تشونغ، وهو أستاذ مساعد في مدرسة “راجاراتنام” للدراسات الدولية، ومقرها سنغافورة.

اقرأ/ي أيضا: حركة “غضب اجتماعي” متوقعة في فرنسا.. ما الأسباب؟

تأكيدات أسيوية

 تشونغ قال في حديث لموقع “فويس أوف أميركا”، إن صانعي الخرائط الصينيين يختارون الأسماء التي تتفق مع الدور التاريخي للصين في المناطق التي تستهدفها، وعلى سبيل المثال أن بيكين تقول قوارب الصيد الخاصة بها أبحرت في بحر الصين الجنوبي منذ حوالي ألفي عام، وبالتالي سُمّيت جزر البحر الصغيرة لتعكس هذا التاريخ.

ومن بين 15 مكانا في “أروناتشال براديش” أعادت الصين تسميتها، هناك ثماني مناطق سكنية وأربعة جبال ونهران وممر جبلي، كما أعادت الصين أيضا، تسمية ستة أماكن أخرى في نفس المنطقة قبل خمس سنوات، ومن بين الأسماء الصينية زانغنان، والتي تعني “جنوب التبت” بلغة الماندرين.

كذلك أعادت بكين تسمية الأرخبيلين الرئيسيين لجزر سبراتلي وجزر باراسيل في بحر الصين الجنوبي، على الرغم من اعتراض العديد من دول جنوب شرق آسيا، ويقول متابعون، إن الصين تستخدم أيضا ألوان خرائط موحدة منذ فترة طويلة لتضخيم مطالبتها بتايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

ويؤكد كبير علماء السياسة في واشنطن في مجموعة أبحاث مؤسسة “راند“، أن بكين كانت تفعل ذلك طوال الوقت، إذ تعمد رسم لون تايوان مثل لون الصين، مشيرا إلى أن هذه هي طريقتهم لإظهار أن تايوان جزء من الصين.

ولفت إلى أن بكين أعادت تسمية جزر سينكاكو غير المأهولة التي تسيطر عليها اليابان باسم “دياويو”، بعد منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، بينما تتنازع بكين على الجزر مع طوكيو وتايبيه في بحر الصين الشرقي، وحول ذلك يقول خبراء إن الأسماء الجديدة ستذكّر الجماهير الصينية في الداخل والخارج، بمطالبات الصين بالأراضي المتنازع عليها.

ما غاية الصين من الأسماء الجديدة؟

الأسماء الجديدة هذه وغيرها من ترميز الخرائط يتم وضعها في نهاية المطاف على جوازات السفر الصينية، وقد تسبب ذلك في عدة مشاكل للصينيين أنفسهم.

التقرير أشار إلى أنه مثالا على ذلك، ما نقلته وسائل إعلام دولية عن إحدى الحالات، حيث أغضب 14 سائحا صينيا شرطة الهجرة الفيتنامية عندما وصلوا إلى فيتنام في عام 2018، بقمصان تصور خطا تستخدمه بكين لتمييز مطالباتها البحرية التي تتداخل مع حدود هانوي.

لكن بالنسبة لألكسندر فوفينغ، الأستاذ في مركز آسيا والمحيط الهادئ للدراسات الأمنية في هاواي، أنه في نهاية المطاف يمكن للصين استخدام الأسماء التي تريدها للحصول على ميزة في النزاعات الإقليمية، لكن الحجة القانونية لا تعترف بذلك.

وأضاف “فوفينغ “يمكنك تسمية المناطق كما تشاء، لكن في النهاية عليك إثبات أنك تدير المكان لتستطيع السيطرة عليه، ويتابع بالقول، إنه بإمكان الصين أن تكون بصدد التخطيط لاستخدام هذه التسميات في النزاعات القانونية المستقبلية.

واختتم: “قد يوافقون على الوضع الراهن في الوقت الحالي، لكن بعد 50 عاما من الآن قد يقررون فجأة الذهاب إلى المحاكم الدولية وبعد ذلك سيبدؤون في الإشارة إلى حقيقة أن لديهم خرائط ووثائق أخرى تكشف عن إطلاق أسماء صينية على هذه المنطقة قبل 50 عاما“.

اقرأ/ي أيضا: لماذا تتوتر العلاقات الأميركية-الجزائرية.. ما تأثيرها على الأوضاع شمالي إفريقيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.