بعد سنوات من تراجع الدراما العراقية إلى أدنى مستوياتها، جدد الموسم الرمضاني الحالي الآمال في نفوس المشاهدين العراقيين، بعد ما أظهرته الأعمال الرمضانية التي اكتمل عرض البعض منها، من تطور لافت، وهو ما انعكس على رضاء الجماهير الذين عبروا عن تفاؤلهم بالمستوى المتطور الذي ظهرت فيه المسلسلات العراقية.

خلال الموسم الرمضاني الحالي أُنتج ما يقارب 20 عملا دراميا، وظهر التطور في أداء الممثلين وكتابة السيناريو، وحتى الإخراج والشكل العام للعمل، على أغلب الأعمال، وهو ما استقطب شريحة واسعة من المتابعين.

من بين تلك الأعمال مسلسل “العشرة” من بطولة الممثلة البارزة ألاء حسين، و”الماروت” الذي جمع بين كوكبة من رواد الدراما العراقية، من بينهم محمود أبو العباس، وجواد الشكرجي، وأخرون، إلى جانب مسلسل “خان الذهب” و”بغداد الجديد” اللذين لقيا استحسانا كبيرا من المتابعين.

الدراما العراقية وعصر النهضة

الموسم الرمضاني الحالي بالنسبة للدراما العراقية، مثّل موسما استثنائيا من حيث الغزارة الإنتاجية والوجوه الجديدة، حيث تم زجّ العديد من الممثلين الشباب الذي أظهروا أداء عال، بجانب عودة بعض الوجوه القديمة إلى الشاشة.

اقرأ/ي أيضا: بعد حادثتي بغداد والأنبار.. أسباب وأرقام صادمة وراء انهيار المباني المتكرر في العراق؟

حول ذلك التطور اللافت، كتب الموسيقار العالمي نصير شمة، أحاول متابعة ما قدمته الدراما العراقية في شهر رمضان، فمن الواضح جدا أن نقلة نوعية بدأت تتشكل في الإنتاج العراقي، وأن تحولا بارزا بدأ يحدث استقطابا لوجوه جديدة من الشباب على كافة الصعد المرتبطة بالإنتاج الفني.

شمة قال؛ لا أستطيع متابعة كل جديد، لكن الأعمال المعروضة حاليا بعضها يشكل نموذجا في تبنيه لمواضيع جديدة، معاصرة، جيل جديد من ممثلات وممثلين يجعل الأمل في مستقبل الدراما العراقية يتزايد.

فيما اختتم شمة حديثه قائلا “تحية للمثقف العراقي الذي يدرك أن انتصار العراق في مستقبله سيكون فقط حين يستعيد المكانة العريقة للعراق على خارطة الثقافة في كل الميادين”.

استمرار الثناء 

من جهته، كتب الشاعر والكاتب حميد قاسم، أن “بغداد الجديدة” و”الماروت” و”العشرة” و”غيد” وغيرها من الأعمال؛ بثت الروح في الدراما العراقية بعد سبات طويل، فألف تحية واعجاب للأصدقاء المبدعين؛ باسم قهار، مقداد عبد الرضا، محمود ابو العباس، جواد الشكرچي، رنا جعفر، آلاء حسين، خليل فاضل، آسيا كمال، وسام ضياء، والقائمة تطول، كما وجه تحية مميزة لمخرج مسلسل “بغداد الجديدة”، مهند حيال، ومن معه بالعمل، مهدي طالب ومصطفى الركابي وكل من أسهم في هذه الموجة التي نتمنى لها أن تدوم ولا تخفت.

فيما رأى الشاعر إبراهيم البهرزي أن هناك إعادة للثقة بالدراما العراقية، حيث عملت الدراما هذا الموسم على استقطاب المشاهد العراقي وسرقته من الولع بالإنتاج المصري والسوري والخليجي بشكل واضح من خلال النزعة النقدية المتنامية على صفحات التواصل والتي يراها البعض نزعة متعالية أيضا، بأنها ضرب من الشعبوية الاعتباطية، مبينا أن الأمر عكس ذلك فالإنتاج الفني هو ملك الشعب وما يقوله الإنسان البسيط بصدده يُعد استطلاعا مفيدا لصناع الدراما.

اقرأ/ي أيضا: حلبجة “الجرح الكردي”.. هل تلتحق فعليًا كرابع محافظة في إقليم كردستان؟

البهرزي يؤكد، ظهور أسماء جديدة ومميزة على صعيد الكتابة والإخراج والتمثيل، إضافة إلى انحسار الأداء المسرحي الانفعالي إلى حيز أقل مما كان عليه في السنوات السابقة وهو ما يؤشر على وجود وعي فني عند الممثلين باختلاف الأداء الدرامي عن الأداء المسرحي.

الشاعر البهرزي، بالرغم من إشادته ببعض الأعمال إلا أنه يشخص العملية الإنتاجية، والتي يرى أنها ما زالت بخيلة، ملاحظا ذلك من خلال تعمية المشاهد بالعتمة المبالغ فيها لتغطية فقر الإنتاج أو الاعتماد على الخدع الصورية والديكورات المرسومة بمبالغة مفضوحة، بالتالي فمن الواجب الاهتمام بالممثلين الثانويين والكومبارس.

جدل الدراما العراقية

بالمقابل، يحتدم الجدل في العراق، على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى داخل “البرلمان”، حول ما يوصف بـ الإساءات التي تنطوي عليها أعمال تلفزيونية رمضانية؛ فبالإضافة إلى مسلسل “معاوية” الذي حظر العراق عرضه، أثار مسلسلان آخران ضجة مع بدء عرضهما بداية رمضان الحالي.

المسلسل الأول “دفعة لندن” هو إنتاج قناة “إم بي سي” السعودية،عن قصة كاتبة كويتية، يتحدث عن يوميات طالبات من دول عربية مختلفة في العاصمة البريطانية لندن، ليشعل أحد مشاهد المسلسل الجدل إثر ظهور طالبة عراقية على أنها “خادمة” لزميلاتها الخليجيات. 

ما دفع عراقيون إلى الاعتراض على أساس أن المسلسل “ينتقص” من العراقيات، وتصاعد الجدل ليتحول إلى ما يشبه أزمة علاقات عامة بين العراقيين والكويتيين، واتهم عراقيون الدراما الكويتية بأنها “تتعمد” الانتقاص من العراقيين بشكل ممنهج. 

المسلسل الآخر هو مسلسل درامي عراقي عنوانه “الكاسر” أثار عرضه ضجة بعد أن صور نجل شيخ قبيلة من جنوب العراق في جلسة رقص، وأثار المسلسل ردود فعل وصلت إلى “البرلمان” العراقي حيث طالب نواب هيئة الإعلام والاتصالات بوقف عرضه، ما دفع الهيئة إلى إصدار أمر لقناة “يو تي في” المحلية بوقف المسلسل. 

عرض المسلسل أجج انتقادات من قبل جهات سياسية أغلبها مقربة لإيران، ومنها ميليشيا “عصائب أهل الحق”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات