في خطوة فُسّرت على أنها تأتي في سياق ردع النفوذ الروسي حول العالم، قررت الولايات المتحدة الأميركية أمس الأربعاء، نشر طائرات مقاتلة من طراز “إف 22” في الشرق الأوسط، وذلك بسبب ما وصفته بمخاوف بشأن السلوك غير الآمن وغير المهني للطائرات الروسية.

القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” قالت في بيان تلقاه موقع “الحل نت”، إنها نشرت طائرات مقاتلات “إف 22” الشبحية ضمن مناطق مسؤوليتها، وذلك في أعقاب السلوك غير الآمن وغير المهني المتزايد، للطائرات الروسية في المنطقة.

قائد القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم”، الجنرال مايكل كوريلا، قال في بيان، إن “سلوك القوات الروسية ليس ما نتوقعه من قوة جوية محترفة، فانتهاكها المنتظم لقواعد عدم الاشتباك الجوي المتفق عليها يزيد من خطر التصعيد أو سوء التقدير، مضيفا، نحن إلى جانب شركائنا وحلفائنا، ملتزمون بتحسين الأمن والاستقرار في المنطقة”.

دور “إف 22” في الشرق الأوسط

هذه الخطوة الأميركية التي بدت أنها جاءت في إطار الجهود الأميركية في الحد من النفوذ الروسي حول العالم، لاسيما بعد الحرب على أوكرانيا، وتصاعد نشاط جماعة مرتزقة “فاغنر” الروسية في إفريقيا وعدد من دول العالم، الأمر الذي بات يشكل مخاطر عالية تتطلب موقفا حازما؛ تتزامن مع زيادة الطلعات الجوية الروسية العدوانية في المنطقة.

قائد القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم”، الجنرال مايكل كوريلا/ إنترنت + وكالات

فبينما يواصل الجيش الروسي قتاله في أوكرانيا، استمرت الولايات المتحدة في التفاعل مع الطائرات الروسية في الشرق الأوسط، لا سيما في سوريا وما حولها، ففي نيسان/أبريل الماضي، حاول طيارون روس “الاقتتال” مع طائرات أميركية في الأجواء السورية، وقبل ذلك كان الجنرال كوريلا قد أبلغ في آذار/مارس، النواب الأمريكيين، بأن هناك “ارتفاع كبير” في الطلعات الجوية العدوانية من قبل روسيا.

المتحدث باسم القوات الجوية الأميركية، قال إن هناك زيادة خلال الأسابيع العديدة الماضية في السلوك غير المهني للطائرات الروسية، مشيرا إلى أن السلوك غير المهني وغير الآمن يختلف من يوم لآخر ومن طيار إلى آخر، مقارنة بالسلوك قبل عام، أصبح الطيارون الروس غير احترافيين وغير آمنين بشكل كبير في محاولاتهم لتحدي عمليات التحالف المستمرة لهزيمة تنظيم “داعش”، مردفا؛ في السابق كانت القيادة العسكرية الروسية في سوريا على استعداد للامتثال لقواعد عدم الاشتباك المتفق عليها.

على هذا الأساس، أوضحت القيادة المركزية التي يقع مقرها في تامبا بولاية فلوريدا الأميركية، وتتضمن مسؤوليتها مناطق الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، وأجزاء من جنوب آسيا، بما يغطي مساحة 4 ملايين ميل مربع، ويسكنها 560 نسمة من 25 مجموعة عرقية، ويتحدثون بأكثر من 20 لغة؛ بأنها ستنشر سرب طائرات “رابتور إف-22” من قاعدة “لانغلي” الجوية في ولاية فيرجينيا، والذي لديها قدره على إعادة التموضع وتنفيذ ضربات ساحقة في أي لحظة.

ذلك يأتي بينما تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها وروسيا إلى أعلى مستوياتها من التوتر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، بحيث بات البعض يرى أن هناك ملامح حرب عالمية ثالثة يقول خبراء أن الغرب حتى الآن لا يريد الانخراط فيها.

مساعي أميركية لكبح جماح التهديدات الروسية

منذ ذلك الحين تعسى الولايات المتحدة الأميركية لتحجيم النفوذ الروسي في حدوده الطبيعية، بما يضمن عدم اندلاع صراع عالمي، الأمر الذي فتح مواجهات في عدة مجالات، منها ما هو مباشر ويأخذ شكل المواجهة الثنائية، ومنها ما قد يتسع ليصبح خلافا دوليا حول قضايا معينة، ومنها ما قد يوصف بأنه صدام طويل المدى يتعلق بالمصالح الاقتصادية والاستراتيجية، وتبرز ساحات المواجهات هذه في العديد من مناطق غرب آسيا إلى البلقان والقوقاز وصولا الى شمال إفريقيا، والشرق الأوسط.

الولايات المتحدة الأميركية تقرر نشر مقاتلات “إف 22” في الشرق الأوسط تحسبا لتهديدات روسية/ إنترنت + وكالات

وسط هذا المشهد شرح المختص بالعلاقات الدولية رائد المصري، أبعاد القرار الأميركي في إعادة نشر المقاتلات الشبحية في الشرق الأوسط، بالقول إن الولايات المتحدة الأميركية تسعى لتأكيد وجودها في المنطقة وتكثيف وجودها العسكري، بعد تصاعد الحديث عن تصدع العلاقات مع السعودية، مبينا أن، هذا التصدع بين الرياض وواشنطن انعكس على مستوى حماية أمن المنطقة بما فيها إسرائيل ومواجهة روسيا.

المصري وفي حديث لموقع “الحل نت” يرى أنه بناء على ذلك، أن صانعي القرار الأميركي باتوا يعتبرون أن أية مواجهة سواء مع الصين أو روسيا، لا بد من أن تنطلق من الحفاظ على مكانتها في الشرق الأوسط، وهو ما تحاول واشنطن فعله في إعادة الإمساك بزمام تحالفاتها وتكثيف القدرات العسكرية في المنطقة، ومن ضمنها نشر منظومات محدّثة من الطائرات العسكرية، ذلك بعد أن أخذ الصراع أبعادا عسكرية وإخفاقات عسكرية وتفاديا لأي إخفاقات في احتواء الصين ودورها.

خبير العلاقات الدولية، أشار إلى أن، الحضور الأميركي في الشرق الاوسط سيخفف حتما من وهج القوة والقدرة الروسية في المنطقة، وبالتالي من أجل إبقاء روسيا معزولة في مواقعها والتعامل معها وفق الحرب المفروضة مع أوكرانيا؛ عادت واشنطن لترسم سياساتها الخارجية بعد أن تلقت الكثير من اللوم والانتقاد والعتب الأوروبي والعربي وفي الداخل الأميركي.

إلى ذلك، تأتي هذه الخطوة مع زيادة الطلعات الجوية الروسية العدوانية في المنطقة؛ فبينما يواصل الجيش الروسي قتاله في أوكرانيا استمرت الولايات المتحدة في التفاعل مع الطائرات الروسية في الشرق الأوسط، لا سيما في سوريا وما حولها.

قدرات مقاتلات “إف 22” الأميركية

جدير بالذكر، أن هذه الطائرات الشبحية، تعتبر من الأكثر تطورا بين مقاتلات الجيل الخامس في العالم، وهي تمتلك أنظمة متطورة للتخفي والتحليق لتنفيذ مهمات صعبة، وتقول شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية المصنّعة لهذه المقاتلات، إنها أول طائرات شبحية لديها القدرة على الهيمنة الجوية”، إذ إن أنظمتها المتطورة تستطيع التحكم بأسلحتها وبما ينسجم مع معدات الحرب الإلكترونية الأخرى كوحدة متكاملة.

طائرة “إف 22” الشبحية/ إنترنت + وكالات

ناهيك عن حاجتها المحدودة للصيانة مقارنة مع الطائرات المقاتلات الأخرى، بحيث تستطيع “أف 22” التخفي والطيران لمسافات طويلة بسرعات تفوق سرعة الصوت، إذ يمكنها التفوق في مهام “جو – جو” و”جو – أرض”، في حين أعرب سلاح الجو الأميركي، عن رغبته في تطوير طائرة بهذه المواصفات، عام 1981، لتحصل شركة “لوكهيد مارتن” على عطاء تطويرها، في أبريل من عام 1991.

إطلاق أول طائرة من هذا النوع، جرى في نيسان/أبريل عام 1997، وفي سنة 2004، بعد نجاحها في الاختبارات التشغيلية، حصلت على الموافقة لإنتاجها بشكل كامل، حيث تم تسليم أول سرب لقاعدة “لانغلي” في منتصف عام 2005، وتشير الشركة المصنّعة إلى أن، هذه الطائرة تُعد نتاج نجاح شراكة في التطوير بين “لوكهيد مارتن” وشركات “بوينغ” و”برات” و”ويتني.

طاقم الطائرة يتكون من الطيار فقط، ولديها القدرة على حمل أسلحة جانبية وصاروخين يعملان بالأشعة تحت الحمراء، أو ستة صواريخ موجهة “جو- جو”، أو أربعة صواريخ موجهة “جو – أرض، فيما تتراوح تكلفة كل طائرة “أف 22” بين حوالي 206 إلى 216 مليون دولار، ويمتلك الجيش الأميركي قرابة 186 طائرة مقاتلة من هذا الطراز، بينها 130 طائرة داخل الخدمة التشغيلية.

بناء على هذه المعطيات من السياسات الأميركية الخارجية، وقدرات الطائرة العسكرية، فإن الأمر على ما يبدو قد مضى بشكل واضح، تجاه الحد من أي تهديدات أو نفوذ روسي في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال رسم خطة واضحة المعالم، تستند على الدبلوماسية العالية، والقوة العسكرية المتقدمة، في رسالة بأن واشنطن مستعدة لكبح جماح أي مخاطر تواجه مصالحها أو مصالح حلفائها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات