في خطوة يُتوقع أن تضيّق نطاق “حزب الله” اللبناني، وبشكل غير مسبوق، قررت دول “الاتحاد الأوروبي” الاصطفاف إلى جانب جهود مواجهة الحزب المدعوم إيرانيا، من خلال وكالة تطبيق القانون الأوروبية “يوروبول”، التي عُقد بمقرّها في لاهاي اجتماع دولي موسّع بحث وضع خطط مشتركة لمكافحة الشبكات الإرهابية والمالية لـ “حزب الله”.

الـ “يوروبول” التي تعد شريكا مباشرا لـ”إنتربول”، ووظيفتها حفظ الأمن في أوروبا عن طريق تقديم الدعم للدول الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي” بمجالات مكافحة الجرائم الدولية الكبيرة والإرهاب، كانت قد استضافت بين فترة 22 و23 من الشهر الماضي، الاجتماع الحادي العشر لـ”مجموعة تنسيق إنفاذ القانون” الذي نظّمته وزارتا الخارجية والعدل الأميركيتين.

الاجتماع تمحور حول مواجهة الشبكات الإرهابية والمالية لـ “حزب الله”، وذلك بحسب ما ذكره بيان صادر عن الخارجية الأميركية، حيث ناقش المشاركون الكيفية التي تطورت بها خطط “حزب الله” الإرهابية العالمية، ومخططاته المالية، وشرائه للأسلحة، منذ الاجتماع الأخير لـ “مجموعة تنسيق إنفاذ القانون” في عام 2022.

مواجهة “حزب الله” بإنفاذ القانون

إضافة إلى ذلك، ناقش أعضاء المجموعة أيضا الطريقة التي يعمل بها “حزب الله” عبر مناطق مختلفة، وأشكال إنفاذ القانون أو الأدوات المالية التي تُعد الأكثر فعالية في مكافحة عمليات الحزب داخل أراضيهم، وفق بيان الخارجية الأميركية، الذي أشار إلى أن المجموعة استعرضت بعض الحالات الأخيرة لأنشطة “حزب الله” الإرهابية وغير المشروعة، والإجراءات الحكومية لتعطيل هذه الأنشطة؛ بما في ذلك شبكات تهريب النفط التابعة للحزب، ومؤسسة “القرض الحسن” المرتبطة به، إضافة إلى عدد من المحاكمات الأميركية والدولية الأخيرة لأعضاء في الحركة.

وكالة “يوربول” تشارك بمواجهة أنشطة “حزب الله” المالية والإرهابية/ إنترنت + وكالات

هذا وشارك بالاجتماع أكثر من 35 حكومة في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية وأميركا الوسطى وأوروبا وإفريقيا ومنطقة المحيط الهندي الهادئ وأميركا الشمالية، وذلك إلى جانب “الإنتربول” و”اليوروبول”، و”المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون”، في حين يرتقب -بحسب البيان- أن تعقد مجموعة تنسيق إنفاذ القانون اجتماعها التالي في عام 2024، حيث تعقد المجموعة الدولية اجتماعاتها بصورة منتظمة لمكافحة أنشطة “حزب الله”.

يُشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية كانت قد شاركت في هذا الاجتماع من خلال مسؤولين من وزارة الخارجية ووزارة الخزانة، ووزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي أي”، والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وإدارة مكافحة المخدرات.

ذلك يأتي بينما تستمر واشنطن وحلفاؤها في محاولات تقويض أنشطة “حزب الله” من خلال ملاحقة مصادر تمويله سواء كانت استثمارات أو شخصيات تعمل في تنمية أصول الحزب المالية، واستهدافها بالعقوبات الدولية.

يتوقع أن تتوسع هذه العقوبات وتتصاعد بشكل ممنهج، ضمن أطر زمنية ومراحل محدّدة التنفيذ، لتستهدف شخصيات أخرى، سواء أكانت مرتبطة بشكل مباشر بالحزب أم بشكل غير مباشر، وذلك في سبيل الوصول إلى عقوبات أكثر فعالية من أجل التضييق على الحزب وتجفيف مصادر تمويله الشرعية وغير الشرعية

في هذا الصدد، وحول نجاعة الجهود الأوروبية، يرى الباحث السياسي اللبناني مكرم رباح، أن الجهود الأوروبية لا تزال تتطلب خطوات أكبر، خصوصا وهي الآن لا تزال منقوصة؛ كون فرنسا لا تزال تتعامل مع “حزب الله” باعتباره حزب لبناني، في حين هو ميليشيا تتعاطى الأعمال الإجرامية، ودليلا على ذلك استمرار أنشطته في تصنيع وتصدير المواد المخدرة.

تتبع “اقتصاد الظل”

رباح وفي حديث لموقع “الحل نت”، أشار إلى أن، المقاربة الجدّية للقضاء على أنشطة “حزب الله” المالية والإرهابية، يجب أن تبدأ بمعرفة كيف يتم التعامل مع “اقتصاد الظل” الذي يديره الحزب، والذي تمكّن من تكريسه في كل من لبنان، سوريا، العراق، واليمن؛ إذ يستعمل هذه البلدان من أجل تبيض الأموال والحصول على التمويل بغية استدامة أنشطته العسكرية.

جهود أوروبية جديدة لمواجهة نفوذ “حزب الله”/ إنترنت + وكالات

لذلك، بحسب الباحث السياسي اللبناني، أن وكالة الـ “يوربول” أمام تحديات حقيقية للحد من نفوذ الحزب، لاسيما وأن المنجزات والانتصارات في هذا الجانب ممكنة، في ضوء ما وفّرته الصحافة الاستقصائية التي تمكنت من تفكيك شبكات تهريب المخدرات وتبيض الأموال التابعة للحزب.

فمن خلال نشر الكثير من الدراسات التي تكشف خفايا هذه الشبكة التي يديرها الحزب، تمكنت الصحافة الاستقصائية من كشف خفايا الحزب؛ لذلك أن المطلوب في المرحلة الحالية والمقبلة أن تترجم الأجهزة الأمنية الدولية تلك الدراسات والتحقيقات إلى أفعال ميدانية.

هذا كله بينما تقدِّر وزارة الخارجية الأميركية حجم الأموال التي يحصل عليها الحزب سنويا من خلال الدعم المباشر من إيران، وشركات الأعمال التجارية العالمية، والاستثمارات، وشبكات المانحين، والفساد، وأنشطة غسل الأموال، بنحو مليار دولار وفقا للتعريفات الأميركية.

“حزب الله” يستخدم هذه الأموال لدعم أنشطته المشبوهة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك، نشر أعضاء ميليشياته في سوريا؛ وعمليات مزعومة لممارسة عمليات المراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية في الولايات المتحدة؛ وتعزيز القدرات العسكرية لدرجة أن الحزب يدعي امتلاكه قذائف دقيقة التوجيه.

تموّل شبكة “حزب الله” الدولية المكونة من المؤيدين والأنشطة المالية -أي العوامل المالية التمكينية والبنية التحتية التي تعد بمثابة شريان الحياة للجماعة – هذه العمليات الإرهابية، فيما يتلقى الحزب قدرا كبيرا من الأسلحة والتدريب والتمويل من إيران التي تصنفها وزارة الخارجية الأميركية كراعية للإرهاب.

“حزب الله” منظمة إرهابية

في 8 تشرين الأول/أكتوبر 1997، صنّفت وزارة الخارجية الأميركية “حزب الله” كمنظمة إرهابية أجنبية بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية بصيغته المعدلة، وبعد ذلك، في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2001، صنفت وزارة الخارجية الأميركية الحزب بشكل خاص كتنظيم إرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 بصيغته المعدلة.

“حزب الله” يدعي امتلاكه قاذفات موجهة بدقة/ إنترنت + وكالات

بناء على ذلك، حظرت جميع ممتلكات “حزب الله” وحصصه في الممتلكات الخاضعة للولاية القضائية الأميركية، ويحظر على المواطنين الأميركيين بصفة عامة المشاركة في أي معاملات مع “حزب الله”، إذ إن تقديم الدعم المادي أو الموارد لـ “حزب الله” عن عمد أو محاولة القيام بذلك أو التآمر لتقديم مثل هذه الأمور يعد جريمة.

كذلك تخصص وزارة الخارجية الأميركية عن مكافآت مقابل الإدلاء بمعلومات من شأنها أن تؤدي إلى الكشف عن وتعطيل كل ما يتعلق بمصادر الدخل الأساسية أو آليات التيسير المالي الرئيسية للتنظيم، أو الجهات المانحة الرئيسية لـ “حزب الله” والميسرين الماليين، بالإضافة إلى المؤسسات المالية ومكاتب الصرافة التي تيسّر عن عمد معاملات الحزب المهمة.

ذلك إلى جانب الأعمال والاستثمارات التي يملكها الحزب أو يديرها عليها؛ كما تشمل المكافآت الإدلاء بمعلومات حول الشركات الصورية العاملة في مجال المشتريات الدولية للتكنولوجيا المزدوجة الاستخدام؛ والمخططات الإجرامية التي يتورط فيها أعضاء “حزب الله” وأنصاره الذين يستفيدون منها من الناحية المالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات