بوتيرة متصاعدة تدخل الاحتجاجات الشعبية في السويداء شهرها الثاني، والتي بدأت شرارتها بأسباب تتعلق بالوضع المعيشي في البلاد، ثم تحولت المطالب إلى التغيير السياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، في ظل عدم وجود أي رؤية حكومية للتعامل مع مطالب المتظاهرين.

حتى الآن لا يبدو أن هناك قرار من السلطة باتخاذ الحل الأمني لقمع التظاهرات الشعبية في السويداء، فباستثناء بعض حوادث إطلاق النار التي جرت قرب مبنى حزب “البعث” في السويداء، لم يكن هناك هجوم واضح على المتظاهرين من قِبل القوى الأمنية، لاستخدام القوة بهدف إنهاء الاحتجاجات.

بيد أن تحركات عسكرية بدأت اليوم في بعض النقاط العسكرية للجيش السوري في المحافظة الجنوبية، حيث أعدت فتح الملف الأمني، إذ لايزال البعض يخشى منذ اللحظة الاولى لاندلاع الاحتجاجات، من اتجاه السلطة لمواجهة المظاهرات بالقوة، عبر إطلاق النار أو بدأ حملة اعتقالات تستهدف المتظاهرين على غرار ما حصل في احتجاجات 2011.

تحركات عسكرية في السويداء

شبكة “السويداء 24″، أفادت اليوم الثلاثاء بأن الجيش السوري أخلى نقاطا عسكرية صغيرة في الريفين الشمالي والغربي لمحافظة السويداء، خلال الـ 48 ساعة الماضية، وأعاد تجميعها ضمن مواقع أكثر تحصيناً، داخل المحافظة.

بحسب تقرير الشبكة، فإن “ستّ نقاط للفرقة التاسعة كانت تتوزع على أطراف وادي اللوا، شمال السويداء، انسحبت فجر السبت الماضي، إلى ثلاث نقاط رئيسية في نفس المنطقة؛ مطار خلخلة، موقع المجبل، وموقع كوع حدر، حيث كانت هذه النقاط تتمركز قرب  طريق دمشق السويداء.

هذه التحركات العسكرية جعلت البعض يتخوف من تحضير السلطة لعملية عسكرية محتملة ضد محافظة السويداء بهدف إنهاء الاحتجاجات، خاصة في ظل انعدام الأدوات الحكومية للتعامل مع مطالب المتظاهرين، في حين رجّح آخرون أن يكون سبب هذه التحركات هو الـ”تكتيك دفاعي” الذي تتخذه القوات العسكرية، خاصة وأن هذه النقاط صغيرة وتُعد أهدافا سهلة في حال حدوث أي اضطرابات عسكرية أو أمنية.

حتى الآن لم تقدّم دمشق أي تنازلات سياسية أو حتى اقتصادية، تدلّ على أخذ مطالب المحتجين في السويداء بشكل جدّي، في حين يصرّ المتظاهرون على مطالبهم، لا سيما السياسية منها والمتعلقة بتطبيق القرار الأممي 2254 لتحقيق عملية الانتقال السلمي للسلطة في البلاد.

في وقت استمرت التظاهرات الشعبية في المحافظة، حيث خرجت مساء أمس الإثنين مظاهرة في ساحة الكرامة وسط المدينة، للتأكيد على مطالب المحتجين المتعلقة بالتغيير السياسي، وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالحل، فيما شدّد “الشيخ الروحي للطائفة الدرزية” في السويداء، حكمت الهجري، من خلال مقطع مصوّر بثه نشطاء، على أنه “يجب أن نحافظ على كرامة ساحة الكرامة في هذه الوقفة التي تمثّل ضمير الناس”.

مع دخول الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء جنوبي سوريا شهرها الثاني، زخمُ الاحتجاجات لم يتراجع في نقاط التظاهر، رغم أن هذه الاحتجاجات تنطلق بشكل يومي دون أيّ انقطاعٍ خلال هذه الفترة، تنديدا بسياسات الحكومة السورية والمطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد والمُضي في عملية التغيير السياسي.

قد يهمك: العام الدراسي يصدم السوريين.. واقع المدارس يفضي إلى ترك آلاف الطلاب للتعليم

القائمون على الاحتجاجات عملوا على تطوير الحراك في السويداء، فخلقوا استراتيجيات جديدة تكفل الاستمرارية في التظاهر، من خلال تنظيم العديد من النشاطات خلال الوقفة الاحتجاجية، شارك فيها فنانون من مختلف المجالات لا سيما في مجال الرسم والغناء، فأضافت أشكالا جديدة للمظاهرات التقليدية.

ولا يخفى على أحد أن حدّة الاحتجاجات تشهد تراجعا طفيفا خلال أيام الأسبوع أحيانا، وذلك لانشغال الأهالي في أعمالهم، فضلا عن عدم قدرة البعض على تحمّل تكاليف المواصلات إلى نقاط التظاهر، وغالبا ما يعود ارتفاع زخم المشاركة في المظاهرات خلال يومي العطلة الأسبوعية أي الجمعة والسبت.

تفاصيل القرار 2254

قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بسوريا رقم 2254، يؤكد أن الوضع سيستمر بالتدهور في البلاد، في حال استمرار غياب الحل السياسي، ويطالب أن “تتخذ الأطراف جميع الخطوات المناسبة لحماية المدنيين، بمن فيهم أفراد الطوائف العرقية والدينية والطائفية”.

القرار يحمّل السلطة السورية مسؤولية “حماية السكان”، ويشير إلى أن اتفاق جنيف المؤرخ بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2012 بصيغته التي أقرّها القرار، والذي ينصّ على “إنشاء هيئة حكم انتقالية شاملة، يتم تشكيلها على أساس الموافقة المتبادلة”، ما يضمن استمرارية المؤسسات الحكومية.

كذلك ينصّ  القرار على “ضرورة الالتزام بالمبادئ التي حدّدتها المجموعة الدولية لدعم سوريا، بما في ذلك الالتزامات بوحدة سوريا، والحرص على استقلالها وأمنها الإقليمي، وبُعدها عن الطائفية في تسيير المؤسسات الحكومية لحماية حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن العِرق أو الانتماء الديني”.

قرار مجلس الأمن الدولي يؤيد أيضا أن “عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة، والتي من شأنها، وفي غضون 6 أشهر، أن تؤسس حكما موثوقا وشاملا وغير طائفي، يضع جدولا زمنيا لصياغة دستور جديد للبلاد”، كما ينصّ القرار على “إجراء انتخابات نزيهة عملا بالدستور الجديد، تُعقد في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة، وتمرّ بأعلى المعايير الدولية للشفافية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات