في تطور جديد على الساحة السورية، تم طرح مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع حكومة دمشق” في مجلس الشيوخ الأميركي، وهو ما يعتبر خطوة ثالثة في عملية إقرار مشروع قانون “مناهضة التطبيع” مع الرئيس السوري بشار الأسد لعام 2023.

في ظل جمود التقارب العربي تجاه دمشق، يبدو أن كل الأمور تتحرك ضد تعويم الأسد، خاصة وأن الأخير لم يبد حتى الآن أي تجاوب جدي تجاه المبادرة العربية لحل الملف السوري، إضافة إلى الرفض الغربي للتقارب العربي مع دمشق، وبالتالي فإن مسيرة “التطبيع” العربي مع دمشق يبدو أنها انتهت فعليا.

قانون “مناهضة التطبيع” مع الأسد

نحو ذلك، أعلن “التحالف الأميركي لأجل سوريا والمجلس السوري الأميركي”، مساء يوم أمس الأربعاء، تقديم مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” في مجلس الشيوخ الأميركي.

عضو “التحالف الأميركي لأجل سوريا” محمد غانم كتب تدوينة على منصة “الفيسبوك” أن “التحالف الأميركي والمجلس السوري الأميركي استكمالا للخطوة الثالثة والأساسية في مسيرة إقرار مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد لعام 2023 وذلك بطرح مجلس الشيوخ الأميركي اليوم لنسخته من مشروع القانون وهي نسخة مطابقة للنسخة الأصلية التي طُرحت في مجلس النواب قبل بضعة أشهر”.

غانم لفت أيضا إلى أن هذا المشروع تعرّض منذ لحظة طرحه يوم 11 من أيار/مايو الفائت وحتى اليوم إلى حملة معادية شعواء من جهات وأطراف شتّى ترى فيه عرقلة لمخططاتها لإعادة تأهيل بشار الأسد، أو ترى فيه تهديدا لمصالحها الاقتصادية والعقود التي حصلت أو من الممكن أن تحصل عليها.

لكن غانم نوّه أن “منظّماتنا سعت للتصدي لهذه الحرب الشائنة بكل الوسائل”، مؤكدا على مُضيّ مجلس الشيوخ اليوم بطرح نسخته من مشروع القانون رغم كل الدعايات والمحاولات الحثيثة لإجهاضه دليل على أن المشرعين الأميركيين، وبحضّ ودعم من منظمات الجالية السورية الأميركية، لن يعودوا للوراء ولن يتراجعوا بالنسبة لقضية التطبيع.

رسالة للجميع

إن طرح هذا المشروع يعتبر رسالة أخرى للحكومات والأفراد بأنه لا مستقبلَ سياسيا لسوريا طالما ظلّت الطغمة الحالية فيها متشبثة بالسلطة وبأن جميع من يراهن عليها خاسر في نهاية المطاف، وفق ما ذكره عضو “التحالف الأميركي لأجل سوريا”.

كما وأردف غانم أن نسخة “مجلس النواب الأميركي” اليوم تحظى بدعم 48 عضوا في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مؤكدا سعي الجالية السورية لزيادة العدد، مؤكدا بأن وضع مشروع القانون نسخة مستقلة مطروحة رسميا ومطابقة في مجلس الشيوخ يقرّب أكثر فأكثر من تحقيق هدف إقراره.

بحسب أعضاء “التحالف الأميركي لأجل سوريا”، فإن عضوا مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريتش وهو جمهوري من ولاية أيداهو، والعضو الجمهوري الأبرز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والسيناتور ماركو روبيو، وهو جمهوري من فلوريدا، قدما مشروع القانون الجديد الذي يهدف إلى توسيع وتعزيز قانون “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا.

طبقا للسيناتور روبيو،  فإن قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” يتضمن النقاط التالية “تمديد قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا حتى عام 2032، ويمنع أي وزارة أو وكالة حكومية أميركية من الاعتراف أو التطبيع مع أي حكومة في سوريا بقيادة بشار الأسد”.

كما أن بنود القانون يتضمن “وجوب وضع استراتيجية سنوية لمواجهة التطبيع مع الأسد، تستهدف على وجه التحديد تلك الدول التي اتخذت خطوات للتطبيع مع دمشق، ويوسع العقوبات لتشمل الكيانات التي تحول المساعدات الإنسانية لغير المرسلة لهم أو تصادر الممتلكات من الشعب السوري لتحقيق الرفاهية أو تحقيق مكاسب شخصية، فضلا عن أنه يوسع العقوبات لتشمل مجلس الشعب السوري وكبار مسؤولي حزب البعث العربي الاشتراكي بسوريا”، وفق موقع “كلنا شركاء”.

كذلك يوضح مشروع القانون العقوبات التي تنطبق على معاملات الطاقة بأشكالها المختلفة ويوجه بتحديد ما إذا كانت مؤسسة أسماء الأسد الخيرية، “الأمانة السورية للتنمية”، تفي بمعايير العقوبات بموجب قانون “قيصر”، كما ويأذن لرئيس وكبير الأعضاء في لجنة العلاقات الخارجية بـ”مجلس الشيوخ الأميركي” بطلب قرار من الرئيس بشأن الكيانات المشتبه في ارتكابها انتهاكات لقانون “قيصر”، وأخيرا يوجه بالتحليل والإبلاغ عن مساعدات “الأمم المتحدة” التي تم التلاعب بتحويلها لصالح دمشق، بما في ذلك من خلال التلاعب بالعملة.

بالتالي إذا ما تم اعتماد القانون بشكل رسمي من الإدارة الأميركية، فإن نتائج ذلك ستكون كبيرة على حكومة دمشق وكل من يسعى إلى “التطبيع” معه.

هذا وأعلنت 9 منظمات تعمل في الولايات المتحدة، في 22 من تشرين الأول/أكتوبر 2021 عن تشكيل “التحالف الأميركي من أجل سوريا”، بعد اجتماع عقد في واشنطن ضمّ ممثلي تلك المنظمات، لإقرار النظام الداخلي، ووضع محددات مستقبلية لنشاط التحالف لمدة عام.

يضم التحالف تسع منظمات، هي “أميركيون من أجل سوريا حرة”، و”باك سوريا الحرة”، و”لائحة كيلا باك”، و”مواطنون من أجل أميركا آمنة”، و”منظمة دعم العدالة”، و”سوريون مسيحيون من أجل السلام”، و”مبادرة الأديان من أجل سوريا”، و”المجلس السوري الأميركي”، و”المنتدى السوري”.

تداعيات القوانين الأميركية ضد دمشق

في حزيران/يونيو الماضي، وأثناء التقارب العربي مع دمشق، سعى أعضاء في “مجلس النواب الأميركي” (الكونغرس) إلى تمرير مشروع قانون جديد “كبتاغون 2″، بغية قمع الاتجار غير المشروع بهذا المخدر في المنطقة والتي مصدرها الأساسي، سوريا.

عضو “الكونغرس” الأميركي، فرينش هيل، الذي وضع قانونا جديدا يطالب الوكالات الحكومية الأميركية بمعالجة أزمة “الكبتاغون” في الشرق الأوسط، لفت إلى أنه من الضروري أن تكون أميركا مستعدة للعب دور “الشرطي السيئ” لإجبار سوريا على وقف تدفق المخدرات المسببة للإدمان.

قانون “الكبتاغون”، الذي تم تمريره العام الماضي، ينص على أن تقوم وزارة الخارجية الأميركية و”البنتاغون” والوكالات الفيدرالية الأخرى بوضع استراتيجية ضد شبكات إنتاج المخدرات والاتجار بها المرتبطة بسلطة الأسد.

يرى خبراء ومراقبون أنه يبدو أن “معركة نظام الأسد الرئيسية هي مع مجلسي النواب والشيوخ مجتمعين. ففي ظل الانقسام العامودي السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي والتباعد الحاصل على كافة الملفات، يبقى ملف معاقبة النظام السوري هو الجامع المشترك الوحيد بين النواب الأميركيين”.

كما وثمة محاولة جادة من النواب الأميركيين على ضرب شبكة “الكبتاغون” المصنعة في سوريا والتي تدر على الحكومة السورية ما يقارب ٦ مليار دولار سنويا. وتضم هذه الشبكة أقارب للرئيس السوري والعديد من العناصر الداعمة التي تدور في فلك “حزب الله” اللبناني والموالي لطهران.

بالتالي إذا كان هناك تأييد من قبل أعضاء آخرين في “الكونغرس” الأميركي لهذا القانون الجديد “كبتاغون 2″، فلا يستبعد أن تعتمده واشنطن خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا ما لم يتم كبح تجارة هذه المخدرات على الحدود السورية مع دول الجوار، أي إذا تعثرت جهود الدول العربية في مكافحة هذه التجارة غير المشروعة.

بطبيعة الحال، في حال إقرار هذا القانون “كبتاغون 2″، فإن عمليات تهريب المخدرات ستنخفض، ما سيكون له عواقب سلبية على اقتصاد حكومة دمشق، باعتبار أن مصدرها الاقتصادي الأساسي هو تجارة “الكبتاغون”، حيث تجني منه مليارات الدولارات سنويا.

وسط وجود إجماع دولي على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية ودعم جهود المبعوث الأممي غير بيدرسن وتنفيذ قرار مجلس الأمن “2254” وجمود التحركات العربية لـ”تطبيع” العلاقات مع سوريا بسبب تعنت دمشق بسياستها وعقليتها، يبدو أن مسار التقارب العربي تجاه دمشق يعود أدراجه، الأمر الذي سيبقي الوضع السوري على ما هو عليه، بل ويصبح أكثر تعقيدا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات