موسكو تؤمن شحنات أسلحة إيرانية في سوريا.. ما الذي تسعى إليه روسيا؟

منذ بداية التصعيد في غزة بين القوات الإسرائيلية وحركة “حماس”، برزت الجهود الروسية في محاولة للانخراط في الصراع الدائر في الشرق الأوسط والتدخّل أكثر في المنطقة والعبث بأوراق التحالفات في محاولة من موسكو توسيع نفوذها في المنطقة، وإشغال الغرب عن غزوها للأراضي الأوكرانية.

كذلك فقد برزت مؤخرا تصاعد الجهود الروسية لتعزيز التحالف مع الميليشيات الإيرانية في المنطقة لا سيما في سوريا، حيث تزداد رغبة موسكو بالانخراط في التصعيد الحاصل في الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها، وذلك عبر الوقوف بوجه إسرائيل ومن خلفها المحور الغربي مستغلة بذلك نفوذها في سوريا وتحالفها مع إيران ومن خلفها الميليشيات المنتشرة في المنطقة.

قبل أيام وفي مؤشر على انخراط روسيا بالتحالف مع الميليشيات الإيرانية، أعطت موسكو الضوء الأخضر للقوات الإيرانية باستخدام مطار اللاذقية الدولي (مطار حميميم)، حيث تسيطر القوات الروسية على الجزء الأكبر من المطار، ما يوحي بتأمين غطاء روسي لعمليات نقل شحنات الأسلحة إلى سوريا، وذلك بعد أن كانت الميليشيات الإيرانية تستخدم مطاري حلب ودمشق الدوليين، الأمر الذي عرض المطارين لاستهدافات إسرائيلية أسفرت عن خروجهما عن الخدمة في مرات عدة.

إيران تستخدم مواقع روسية

موقع “صوت العاصمة” المحلي، أكد أن طائرة تتبع لخطوط “ماهان إير” المرتبطة بـ “الحرس الثوري الإيراني” نهاية الأسبوع الفائت، في مطار اللاذقية الدولي قادمة من العاصمة الإيرانية طهران، حيث أظهرت بيانات الطائرة عبر مواقع الملاحة الجوية وصولها إلى مطار اللاذقية والبقاء فيه لأكثر من ست ساعات لتعود بعدها إلى طهران.

وفق المعلومات المتوفرة، فإن الطائرة لم تكن تحمل أي ركاب وجرى تفريغها بحماية عسكرية روسية  إيرانية، تلاها خروج أربع سيارات شحن عسكرية من المطار باتجاه الطريق الدولي المؤدي إلى وسط وجنوب سوريا.

العمليات المشتركة وتصاعد وتيرة التنسيق بين روسيا وإيران مؤخرا، يؤكد رغبة روسيا بالانخراط بالتصعيد، لكن ما هو أخطر تعامل روسيا مع الميليشيات الإيرانية المصنفة على قوائم الإرهاب وتزويدها بالأسلحة النوعية تحقيقا للمصالح الروسية، وذلك تسهيلا لتحركاتها في سوريا في ظل احتمالية وصول شظايا التصعيد في غزة إلى الأراضي السورية.

محللون أكدوا أن روسيا تريد إرسال رسائل للدول الغربية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية من وراء تسهيل تحركات الميليشيات الإيرانية، لكنهم حذروا في الوقت نفسه أن تكرار هذه العملية من قبل روسيا، سيعني ربما رد إسرائيلي وقصف هذا المطار بنفس مبدأ التعامل مع المطارات الأخرى، ما يعني أن موسكو تفتح بذلك بابا كبيرا للتصعيد بوجه إسرائيل وحلفائها.

قد يهمك: حرب غزة أثبتت عزلته الدولية.. هل يقتنع بشار الأسد بضرورة الحل السياسي؟

الباحث المختص بالشؤون الروسية طه عبد الواحد، يستبعد أن يكون هناك نية روسية للتهور والانخراط بشكل مباشر في الحرب الدائرة بين القوات الإسرائيلية وحركة “حماس”، عازيا عملية السماح للميليشيات الإيرانية باستخدام مطار حميميم، إلى رغبة روسيا بإرسال بعض الرسائل إلى المحور الغربي، لا سيما بعد وصول البارجات الأميركية إلى البحر المتوسط خلال الأيام الماضية.

تصعيد أم تهدئة؟

ما يعزز فرضية عدم توجه موسكو للتصعيد بشكل مباشر هو حرص الأخيرة على علاقاتها مع إسرائيل، وذلك رغبة باستمرار الحياد الإسرائيلي فيما يتعلق بعمليات الغزو للأراضي الأوكرانية ومنعا لانهيار العلاقات، وهنا قال عبد الواحد في حديث خاص مع “الحل نت”، “لا أعتقد أن يكون هناك تبعات خطيرة على العلاقات الروسية الإسرائيلية، إذ تظهر موسكو وتل أبيب حرصا متبادلا على العلاقات، رغم تبادل الاتهامات والاستياء الإسرائيلي من الموقف الروسي بشأن الوضع في غزة، لكن مع هذا الاتصالات والعلاقات مستمرة، ربما على العكس في حال تزايد مصدر تهديد إسرائيل من الأراضي السورية ستكون إسرائيل بحاجة إلى روسيا من أجل التهدئة”.

ربما روسيا لن تنخرط بالتصعيد الحاصل في الشرق الأوسط بشكل مباشر، لكن تقارير مؤخرا أكدت أن روسيا تسعى لتغذية الصراع الحاصل في غزة بأيادي غير روسية، مستغلة نفوذها على الأراضي السورية وسيطرتها على القرار السيادي لسوريا.

في إطار سعيها لإشعال التوترات في المنطقة وزيادة تحالفها مع الميليشيات الإيرانية، فإن روسيا تسعى إلى تزويد بعض الميليشيات الإيرانية بمنظومات دفاع جوية، وذلك عبر جعل الرئيس السوري بشار الأسد، وميليشيا “فاغنر” كوسطاء بين روسيا وهذه الميليشيات، وبذلك تتنصل أمام المجتمع الدولي من تهمة دعم الميليشيات الإرهابية التي ستسعى إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة.

معلومات استخباراتية كشفت الخميس، عن تكليف ميليشيا “فاغنر” الروسية بإيصال نظام دفاع جوي إلى “حزب الله” اللبناني، وذلك وفق ما نشرت شبكة “سي إن إن” وصحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر مطّلعة على تقارير استخباراتية أميركية.

روسيا تزود الميليشيات بالأسلحة

بحسب ما نقلت الصحيفة الأميركية، عن مسؤولين أميركيين استعانوا بتقارير استخباراتية. فإن منظومة “إس إي 22″، الذي تخطط المجموعة لإرسالها تستخدم صواريخ مضادة للطائرات ومدافع دفاع جوي لاعتراض الطائرات، وقال مسؤول أميركي إن واشنطن لم تؤكد إرسال النظام بعد، لكن المسؤولين يراقبون المناقشات بين “فاغنر و”حزب الله”، ويشكّل التسليم المحتمل مصدر قلق كبير.

وفق التقارير الأميركية، فإن عملية الإرسال ستكون عبر الرئيس السوري بشار الأسد، الذي سيلعب دور الوسيط في هذه العملية ما يطرح التساؤلات عن دور الأسد في تعزيز التحالف الروسي الإيراني، وانعكاسات ذلك على سوريا في ظل التوترات التي تعصف بالمنطقة، والمخاوف المتعلقة بأن تتحول سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.

محللون أكدوا أن موافقة بشار الأسد على الانخراط بهكذا عملية، ستكلّف سوريا الكثير خلال الفترة القادمة، فاستخدام “حزب الله” لهذه المنظومة ضد القوات الأميركية أو الإسرائيلية، سيعني فتح جبهات إضافية ضد دمشق، وذلك على اعتبار مشاركة الأسد في عملية تزويد المجموعات المصنّفة على قوائم الإرهاب بأسلحة نوعية، إضافة إلى انتشار هذه الميليشيات أصلا على الأراضي السورية.

حتى الآن لا تبدو واضحة معالم الخطة الروسية للتعامل مع التصعيد الحاصل في المنطقة، لكن محللين حذروا من استخدام روسيا لنفوذها في سوريا وتحالفها مع الميليشيات الإيرانية، لمحاولة إشعال المنطقة وتغذية الصراع خلال الفترة القادمة، وذلك في ظل الجهود الدولية التي تسعى إلى التهدئة وإنهاء المواجهات الدامية بما يضمن وقف التصعيد في غزة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات