منذ بداية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة “حماس”، على خلفية شنّ الأخيرة هجمات مباغتة ضد إسرائيل، تزايدت المخاوف من قيام التنظيمات الإرهابية والجهادية، بما فيها تنظيم “داعش”، باستغلال الوضع لشنّ هجمات متفرقة بين الحين والآخر في عدة مناطق ومدن من دول العالم.

وبالفعل، نفذ تنظيم “داعش” الإرهابي العديد من الهجمات في سوريا والعراق، بالإضافة إلى أن التنظيم يحاول استغلال الحرب في غزة لحشد مقاتلين جدد وإعادة الانتشار، وهو ما يثير مخاوف من تجدد الهجمات في أوروبا أيضا، بحسب “إرم نيوز” نقلا عن موقع “آر تي أس” السويسري.

“داعش” في أوروبا

نحو ذلك، أفاد التقرير الذي نشره الموقع الإخباري السويسري، أنه “منذ بدء الحرب في غزة عادت الأحداث المرتبطة بالتنظيم المتطرف في أنحاء من أوروبا”.

وفي الـ16 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي في بروكسل، وعلى هامش مباراة كرة قدم بين بلجيكا والسويد، أطلق رجلٌ النار على مشجعين سويديين؛ ما أدى لمقتل اثنين في الحادث الذي أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عنه.

وطبقا للسلطات البلجيكية، فإن “القاتل من أصل تونسي كان يقيم بشكل غير قانوني في بلجيكا”. وفي فرنسا، قبل 3 أيام، تعرَّض مدرس للطعن على يد طالب سابق “متطرف” في أراس.

والهجومان وقَعا في سياق دولي وأوروبي محدد للغاية، وفق الباحث في العلوم الجيوسياسية هوغو ميشيرون، الذي بيّن أن الشبكات المتطرفة تستغل “هذه اللحظات المهمة لحشد نشطاء جدد، وهي فترة يصفها بانخفاض المد الجهادي، مقارنة بالمد العالي عام 2015، إذ انتقل مركز الثقل إلى منطقة الساحل والصومال”.

“داعش” في الشرق الأوسط

منذ اشتعال الحرب في غزة، وينشط “داعش” في كل من سوريا والعراق، عبر تنفيذ عدة هجمات ضد الحكومة السورية والعراقية، و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد). وفي هذا السياق، داهمت قوة مشتركة من القوات الأمنية العراقية وعمليات صلاح الدين للحشد الشعبي، اليوم الاثنين، مقرا لفلول تنظيم “داعش” في قرية مكيشيفة بمحافظة صلاح الدين شمالي العراق.

ووفق ما ذكره “هيئة الحشد الشعبي” في بيان نقلته وكالة الأنباء الوطنية العراقية “نينا” أن “المقر كان يتخذه الإرهابيون ملاذا لهم وتم تدميرها بالكامل”. وتقوم القوات العراقية بعمليات أمنية متكررة لملاحقة عناصر التنظيم، ويوم السبت الماضي ألقت القبض على عنصرين من عناصره في الأنبار ونينوى.

زيادة وتيرة هجمات “داعش” في سوريا والعراق- “إنترنت”

في غضون ذلك، أصدرت المحكمة الجنائية المركزية في العراق حكما بالإعدام على أربعة من عناصر “داعش”، بتهمة تصنيع طائرات مسيّرة وعبوات ناسفة. وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى بالعراق، أن الإرهابيين قدموا دعما لوجستيا لـ”داعش” بهدف استهداف القوات الأمنية العراقية.

ووفق تقارير صحفية محلية، قتل وأصاب العشرات من قوات حكومة دمشق و”المجموعات الرديفة لها” وفصائل موالية لإيران، خلال اشتباكات في اليومين الفائتين، قال إنها مع خلايا “داعش” في البادية السورية وريف دير الزور.

وخلال الأسابيع الماضية، قُتل حوالي 39 عنصرا من القوات السورية في هجمات متفرقة لـ”داعش”، ففي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، شنّ عناصر التنظيم هجوما عنيفا على مواقع عند مثلث الرقة – حمص – دير الزور. ويعتبر هذا الهجوم هو الأكثر دموية منذ بداية العام 2022، حيث قُتل ما يقارب 34 جنديا، إضافة إلى هجومين متتاليين نُفّذا يوم الأربعاء 14 الشهر الجاري، على عدة حواجز أمنية تابعة للقوات الحكومية في بادية حمص، أسفرا عن مقتل 5 جنود وإصابة آخرين.

بالعودة إلى الباحث الذي تحدث للموقع السويسري، فإن “الوضع الحالي في الشرق الأوسط يَخلق الكثير من التفاعل، فعلى سبيل المثال، بدَت مستويات التفاعل حول الصراع في غزة، على وسائل التواصل الاجتماعي، أعلى مما رأيناه فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، بعد 15 يوما من اندلاعه”.

تنظيم “داعش” يحاول دائما إرسال إشارات من خلال عملياته الفردية أو حرب العصابات و”الذئاب المنفردة”، للتأكيد مجددا على أنه لا يزال حيّا.

كما ويشير الباحث إلى أن “المتشددين، مثل داعش، يسعون إلى استغلال لحظة الاشتباك القوية هذه لمحاولة دفع عدد معين من الأفراد إلى شن هجمات”، مضيفا “هذا المنطق الذي يولّد الاستقطاب والانقسام لا يمكن أن يشجع على التحرك وتنفيذ هجمات فحسب، بل يفيد أيضا منافسي أوروبا، ولا سيما روسيا والصين وإيران”.

بينما أشار محللون لموقع “الحل نت”، في وقتٍ سابق حول ذات الموضوع، إلى أن تنظيم “داعش” يحاول دائما إرسال إشارات من خلال عملياته الفردية أو حرب العصابات و”الذئاب المنفردة”، للتأكيد مجددا على أنه لا يزال حيّا فضلا عن محاولة إحياء قدراته العسكرية، وأنه لا يزال يشكّل تهديدا مستمرا بسبب بنيته اللامركزي وقدرته على تنظيم هجماتٍ متنوعة ومعقّدة، وأنه موجود بشكل حيوي وعملياتي ومستمر في الاحتفاظ بقدرات قتالية رغم فقدِه لقادته، خاصة أنه يحظى بحاضنة شعبية جيدة حتى يومنا هذا.

عوامل انبعاث “داعش”

بيد أن ازدياد وتيرة العمليات الأخيرة للتنظيم الإرهابي، يعود إلى عدة عوامل وظروف في هذه الفترة، كان بدايتها انشغال “قوات سوريا الديمقراطية” بالاشتباكات مع الفصائل الموالية لتركيا، فضلا عن الهجمات الأخيرة التي نفذتها أنقرة ضد مناطق وبُنى تحتية في مناطق شمال شرقي سوريا، وبذلك أعطى كل ذلك للتنظيم فرصة أكبر لأن يحيا في تلك المناطق.

والعامل الآخر هو انشغال قوات الحكومة السورية وروسيا بعملياتهما في مناطق شمال غربي سوريا، ومن ثم جاءت حرب غزة بين إسرائيل و”حماس”، وانشغال العالم كله بهذه الحرب.

كما أن الهجمات والاعتداءات التي نفذها الميليشيات الإيرانية ضد القواعد الأميركية في سوريا والعراق، عزز فرص ظهور “داعش” وانتعاشه من جديد، والقيام بعمليات متعددة في المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات