وسط تعقد الوضع السوري وضبابية المشهد السياسي وتعنت الحكومة السورية بعقليتها وسياستها الشمولية، انطلقت فعاليات مؤتمر “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) الرابع، في مدينة الرقة شمال وشرق سوريا، تحت شعار “وحدة السوريين أساس الحل السياسي وضمان لتحقيق سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية”، بحضور 400 شخصية، بين أعضاء وضيوف. 

ودعا سياسيون مشاركون في المؤتمر الرابع لـ”مسد” إلى توحيد “المعارضة السورية الوطنية” في الداخل والخارج، والسعي إلى بلورة حل سياسي شامل للأزمة السورية المستمرة منذ نحو 12 عاماً.

مؤتمر “مسد” في سوريا

وبحسب وكالة “أنباء هاوار” المحلية، انطلقت صباح اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر الرابع لـ”مسد”، في الرقة، وبحضور ممثلون عن الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وممثلون عن المكونات (الإيزيديين، والسريان، والأرمن، والكُرد، والتركمان، والشركس)، بالإضافة إلى شيوخ ووجهاء العشائر في المنطقة.

وبدأ المؤتمر بكلمة الرئاسة المشتركة ألقتها أمينة عمر، وقالت: “نعقد مؤتمرنا الرابع في ظروف صعبة للغاية عالمياً ومحلياً، وانسداد أُفق الحل السياسي الناجم عن تعنت واستبداد الحكومة السورية مع غياب القوى السياسية الفاعلة التي تقود الحل في سوريا وانعكاس أزمة النظام العالمي وتعقيداته على الأزمة السورية”.

من مؤتمر مسد في الرقة- “بويير”

وأوضحت أمينة عمر “ما زلنا نحن السوريون نتطلع إلى وقف الحرب وإحلال السلام والاستقرار في بلدنا، مع قناعتنا أن الحل لن يكون إلا بإرادة سورية وقرار سوري مستقل عن الأجندات الخارجية، سواء الإقليمية أو الدولية”.

وأشارت أمينة عمر إلى أن “التدخلات الإقليمية تسعى إلى فرض الاحتلال والتغيير الديمغرافي على الأرض السورية، وتعمل على تأبيد وجودها والاستثمار في الأزمة السورية، بما يخدم أهدافها ويعزز مصالحها وتحولها إلى أمر واقع مع مرور الزمن”.

أمينة عمر أكدت أيضاً أن “قناعتنا أن الحل السياسي لا يمكن أن يتقدم دون الاعتماد على الشعب السوري وقواه الحية، وعلى القرارات الأممية التي تضمن تحقيق الانتقال الديمقراطي والاستقرار في سوريا، بما يمكن أن يساهم في حل الكثير من مشاكل الشرق الأوسط”.

ولفتت أمينة عمر إلى أنه “نحن نرى أن اتفاقنا نحن السوريون على مشروع وطني سوري سيكون بارقة أمل للحل في سوريا، ولذلك اعتمدنا مشروع سوريا لا مركزية ديمقراطية يرتكز في بنائه على الهوية الوطنية الجامعة وحقوق كافة مكونات الشعب السوري بكل أشكاله”.

هذا ومن المفترض أن يتم مناقشة هيكلية “مجلس سوريا الديمقراطية”، ووثيقته السياسية، وخارطة الطريق، والنظام الداخلي، فضلا عن الإعلان عن تشكيل المجلس العام، ثم انتخاب رئاسة مشتركة لـ”مسد”.

دعوات لتوحيد المعارضة

من جهة أخرى، ألقى الرئيس المشترك لـ”مسد”، من العاصمة النمساوية، فيينا، رياض درار كلمة عبر تطبيق “زووم”، حيّا فيها ضيوف وأعضاء المؤتمر، ودعا وفق ما نقلته الوكالة المحلية، إلى المزيد من التعاون والتماسك، لتكون هناك فعالية المكونات من الشعب السوري في هذه المنطقة، تساهم في التجربة السياسية لحل الأزمة السورية، عبر تشكيل الأحزاب والمنظمات دون قيود.

بينما قال بسام إسحاق، ممثل “مسد” في واشنطن، إن مستقبل سوريا يتم مناقشته على المستوى الدولي، ولواشنطن دور مهم في الحوار حول مستقبل سوريا.

وتحدث عن تنافس القوى السياسية لتقديم رؤيتها لسوريا المستقبل، مؤكداً تكثيف عمل مجلس سوريا الديمقراطية في الخارج وخاصة في أروقة السياسة في واشنطن.

ثمة “انطباعاً غير صحيحاً” يصدر إلى الخارج حول إدارة شمال وشرق سوريا.

من جهته، قال حسام علوش، عضو المكتب السياسي لـ”هيئة التنسيق الوطنية”، إن “مسد” جزء من التغيير الديمقراطي المنشود للحل في سوريا، داعياً إلى “تشكيل تجمع وطني ديمقراطي لسوريا، مكون من المعارضة الداخلية ومسد”.

بدوره، قال هفل عبود جدعان الهفل، أحد وجهاء قبيلة العكيدات، إن “انطباعاً غير صحيحاً” يصدر إلى الخارج حول إدارة الشمال السوري، داعياً إلى ضرورة تغيير هذه الفكرة. والهفل، يعيش في الولايات المتحدة منذ 40 عاما وحضر المؤتمر كضيف.

هذا وأعلنت تنظيمات وشخصيات مجتمعية وسياسية ومستقلون، انضمامهم لـ”مسد”، وتبنّي رؤيته السياسية. والتنظيمات المنضمة هي “حركة الشباب السوري غرب الفرات، وحزب الوطنيين الأحرار، ومجلس إدلب الخضراء، ومؤتمر الإسـلام الديمقراطي، وحركة المقاومة الثورية الشعبية”.

أما الشخصيات المستقلة فهي، “السياسي بشار عبدو المقيم في فرنسا، والشيخ هفل الهفل المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وشيخ عشيرة الخواتنة محمد عبود السلطان، والسياسي المستقل من ريف حماة أحمد الداشر”.

دمشق تعتمد على الحل العسكري

على طرف آخر، قال القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، خلال مؤتمر “مسد” الرابع، إن “الحكومة السورية لا تزال تعتمد على الحل العسكري والأمني، وهذا ما ظهر مؤخراً من خلال تحركاتها في دير الزور”.

عبدي دعا إلى “تكثيف جهود المجلس لتنظيم صفوف المعارضة الوطنية في عموم سوريا”، مشيرة إلى أن “المعارضة المرتبطة بأجندة خارجية ليس لديها أي برامج وأصبحت خارج المعادلة”.

فيما، شدد الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، على ضرورة الحوار الوطني لحل الأزمة السورية لإخراج السوريين من المعاناة التي يعيشونها منذ بدء الأزمة السورية.

هذا وصادق المجلس العام للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، مؤخرا، على “عقد اجتماعي” جديد للمنطقة، والذي يضم مقدمة و4 أبواب رئيسة و134 مادة، ليُعدّ دستوراً معتمداً، يحدد من خلاله شكل ونظام الإدارة في المنطقة، وطبيعة عملها وعلاقاتها داخلياً وخارجياً.

وأقرّت بذلك جملة قوانين جديدة غيّرت بموجبها تسميتها الرسمية لتصبح “الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا”، والتوجه نحو توحيد إداراتها المدنية السّبع في إطار “إقليم إداري موحّد” وهو إقليم شمال شرقي سوريا، ويتضمن سبع مقاطعات، وفق وكالة “هاوار” المحلية.

وبحسب الوكالة المحلية، ينصّ “العقد” الجديد على أن اللغات العربية، والكُردية، والسريانية، هي اللغات الرسمية في مناطق “الإدارة الذاتية”، وعلى أن الأخيرة تضمن حقوق “الشعب الكُردي، والشعب السرياني، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والحفاظ على الخصائص التاريخية والبُنى الديموغرافية الأصيلة للمناطق الكُردية، وترفض أي تغيير ديموغرافي في مناطق الشعب السرياني الآشوري”.

وينوّه “العقد” الجديد في المادة 120 إلى أن “شكل العلاقة في جمهورية سوريا الديمقراطية يحدد فيما بين الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال شرقي سوريا مع المركز، (حكومة دمشق)، والمناطق الأخرى على جميع المستويات وفق دستور ديمقراطي توافقي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة