الطيران المسير التركي في أوكرانيا لدعم كييف على حساب موسكو، اعتبر في وقت سابق بوابة لخلافات روسية تركية في ملفات أخرى قد يكون أبرزها الملف السوري، حيث زادت روسيا من تصعيدها العسكري والسياسي في شمال البلاد منذ وقت قريب.

كما طرحت تقارير إسرائيلية مؤخرا، سعي إيران لدعم موسكو بطيران مسير في أوكرانيا خلال معارك الغزو الروسي، من أجل أن تدعم روسيا حضور إيران في سوريا، وتضغط على إسرائيل لتخفيف قصفها المستمر، والذي يستهدف النفوذ الإيراني هناك، فهل تغير حرب الطائرات المسيرة شكل التفاهمات بين الأطراف الفاعلة في الملف السوري؟

“الدرون”.. أدوات للتأثير

باتت السماء السورية تعج بالطائرات المسيرة للعديد من الدول التي انخرطت في الملف السوري، ليس من أجل مجابهة الإرهاب واقتناص رموزه، والذي أصبح مقتصرا فقط على قوات “التحالف الدولي ضد تنظيم داعش”، بل أصبح الأمر امتدادا لبسط نفوذ هذه الدول.

في السنوات السابقة، قادت تركيا الطريق للصورة التي تتكون اليوم في الأجواء السورية، حيث قدمت مثالا تحاكيه الدول الحليفة لها والمنخرطة في سوريا، فجنت أنقرة الفوائد الجيوسياسية من إنتاج وبيع الطائرات بدون طيار، وأدرجت ذلك تحت بند الأمن والردع، بحسب حديث الخبير العسكري، إياد معلوف، لـ”الحل نت”.

وعلى سبيل المثال، استخدمت تركيا الطائرات بدون طيار لحماية مصالح سياستها الخارجية في سوريا وشرق البحر الأبيض المتوسط ،ولتوسيع نفوذها خارج المنطقة، وفقا لحديث معلوف، وذلك من خلال دعم ليبيا وأوكرانيا وأذربيجان، مما ساعد الأخيرة على الفوز في صراعها مع أرمينيا عام 2020 بشأن إقليم كاراباخ.

وأوضح معلوف، أن دول أخرى حذت حذو أنقرة الآن، وبدأت بطرح قدراتها في سوريا وخارجها وتوظيف ذلك من أجل توسيع وتثبيت مصالحا داخل سوريا مثل إيران، والتي زادت من تدريب وتصنيع هذه المعدات مؤخرا، خصوصا في مطاري “التيفور” و”الضمير” العسكريين.

وبحسب الخبير العسكري، تستعد المنطقة لتصبح واحدة من أكبر محاور الطائرات بدون طيار في العالم، دون وجود قيود قانونية وأخلاقية، وستستفيد هذه الدول (تركيا وروسيا وإيران)، في المنطقة من الطائرات بدون طيار، والذخائر لزيادة مساحة المناورة عندما تفشل الدبلوماسية في تحقيق النتائج.

وطبقا لتوقعات معلوف، فإنه سيكون لهذا الاتجاه عواقب ليس فقط على الأمن في والحل السياسي في سوريا، ولكن أيضا على منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، وكيفية تعامل هذه الدول التي ليس لديها نفس المعايير الأخلاقية مثل الدول الأوروبية.

تخوف من الطائرات الإيرانية

موقف إيران في المعسكر المعادي للغرب، اعتبره تقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، ذا عواقب بعيدة المدى على إسرائيل والولايات المتحدة. حيث وصفت إمداد روسيا بالطائرات بدون طيار في وقت الحرب، بأنه يضع طهران في مواجهة مباشرة مع حلف “الشمال الأطلسي” (الناتو) والدول الأوروبية، التي تعتبرها حتى الآن شريكا.

وبحسب الصحيفة، يمكن لهذه الخطوة أن تعرض حرية إسرائيل بالعمل الجوي في سوريا ولبنان للخطر، إذ إن الطائرات بدون طيار الإيرانية التي سيتم نقلها إلى روسيا، كما تقدر الولايات المتحدة، هي بمثابة إعلان حرب على “الناتو”، مشيرة إلى أن مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة، جاك سوليفان، كان سيتحدث استعداد طهران لتزويد روسيا بطائرات بدون طيار، لغرض القتال في أوكرانيا، إلا أنه لم يكن واثقا من صحة المعلومات.

ووفقا للتقرير الإسرائيلي، فإنه حتى لو لم تتحقق صفقة الطائرات بدون طيار بين إيران وروسيا، فسيكون تغييرا جذريا في مكانة إيران ومواقفها، ليصبح تهديدا مباشرا لدول “الناتو” والاتحاد الأوروبي. إذ إن هذه هي المرة الأولى التي تقف فيها إيران مع الصراع بين القوى إلى جانب روسيا، في خضم المواجهة العنيفة الجارية حاليا في أوروبا. وهذا يعني، أن إيران اصطفت مع المعسكر الذي تقوده روسيا والصين.

إيران على الحدود الأوروبية

تتزامن هذه التقارير مع قمة طهران الثلاثية المرتقبة التي ستجمع رؤساء روسيا وإيران وتركيا. فبحسب ما هو معلن، سيعقد الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، والإيراني إبراهيم رئيسي، قمة في 19 تموز/يوليو الجاري، وذلك بعد أيام معدودة من زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن إلى المنطقة.

وفي نهاية تقريرها اعتبرت الصحيفة، أنه “من الآن فصاعدا، إيران ليست فقط تهديدا محتملا للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط بسبب برنامج الأسلحة النووية الذي تطوره، والعمليات التي تشنها من خلال وكلائها في المنطقة، ولكن أيضا لاعب مهم في مواجهة الولايات المتحدة، بقيادة معسكر ديمقراطي ليبرالي في أوروبا وأماكن أخرى”.

وسيكون لهذه الخطوة عواقب كثيرة، قد يؤدي من بين أمور أخرى، إلى تشديد موقف الولايات المتحدة بشأن إمكانية تطوير إيران وإنتاجها لأسلحة نووية، حيث إنها من الآن فصاعدا تهدد ليس فقط جيرانها في الشرق الأوسط، ولكن أيضا أوروبا والولايات المتحدة.

حيث سيسمح تشغيل الطائرات بدون طيار الإيرانية من قبل الروس في أوكرانيا للإيرانيين باكتساب الخبرة، وتحديث وتحسين نظام طائراتهم الذي تم تطويره مؤخرا من خلال التجارب في سوريا والعراق واليمن، ومن المرجح أن يتمركز المستشارون الإيرانيون في الأراضي الروسية، بالقرب من خط المواجهة مع أوكرانيا لمساعدة متدربيهم الروس على تشغيل أنظمة الطائرات الإيرانية.

ومن المحتمل، أن حقيقة موافقة روسيا على تلقي المساعدات من إيران قد تؤثر على سلوك الروس في سوريا فيما يتعلق بالنشاط الإسرائيلي في إطار تصديها للنفوذ الإيراني في سوريا ولبنان عبر القصف بالطيران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.