يواصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التهديد بغزو أوكرانيا بحشد عسكري كبير بالقرب من الحدود الروسية الأوكرانية واللغة العدوانية. نشرت روسيا أسلحة وأنظمة هجومية على مسافة قريبة من أوكرانيا، بما في ذلك دبابات القتال الرئيسية ومدافع “الهاوتزر” ذاتية الدفع ومركبات قتال المشاة وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة.

بعد تحذير واشنطن من غزو روسي قريب لأوكرانيا. تتقلب التساؤلات على المستوى المحلي والعالمي، عمّا هي تبعات أي تصعيد عسكري روسي، وماذا عن اشتعال جبهات أخرى بسبب هذا الغزو المحتمل، وهل تتحطم كل العلاقات الغربية مع روسيا؟

الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ في أي يوم

حذرت الولايات المتحدة من أن روسيا يمكن أن تغزو أوكرانيا “في أي وقت”، وينبغي على المواطنين الأميركيين المغادرة على الفور. ودفع البيان الأميركي دول العالم إلى إصدار تحذيرات جديدة لمواطنيهم في أوكرانيا، بعد أن قال البيت الأبيض يوم الجمعة الفائت، إن الغزو قد يبدأ بقصف جوي يجعل المغادرة صعبة ويعرض المدنيين للخطر.

يقول المحلل السياسي الروسي، أليكاس موخين، في حديثه لـ”الحل نت”، أن الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى، أوضحت أنها لن تنشر قواتها في أوكرانيا لصد الغزو الروسي، حتى لو توصل الدبلوماسيون إلى اتفاق. وقد أظهر بوتين استعدادا لتصعيد الحرب في أوكرانيا ولخفضها والتهديد بتوسيع الحرب، مما يجعل التهديد الروسي مستمرا.

وأشار موخين، إلى أن الغزو قد يمثل تغييرا مهما في السياسة الدولية، ويخلق “ستارا حديديا” جديدا يبدأ على طول حدود روسيا مع فنلندا ودول البلطيق ويتحرك جنوبا عبر أوروبا الشرقية والشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا.

ولم يستبعد موخين، من حدوث المخاوف الأميركية في امتداد الحرب الأوكرانية، لا سيما بعد تحذير الجنرال، إريك كوريلا، أن “غزو روسيا لأوكرانيا سيمتد إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا”، وذلك أثناء جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بالكونجرس بشأن ترشيحه لمنصب القائد العام للقيادة المركزية الأميركية.

وأوضح المحلل السياسي، أنه لا يمكن للولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين السماح لروسيا بضم أوكرانيا. إذ إن قبول الغرب لموسكو عندما ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014 شجع القادة الروس لغزو أوكرانيا. وبالإضافة إلى ذلك، سيؤدي ضم روسيا لجزء أو كل أوكرانيا إلى زيادة القوى العاملة الروسية والقدرة الصناعية والموارد الطبيعية إلى مستوى قد يجعلها تهديدا عالميا.

للقراءة أو الاستماع: رئيس وزراء العراق السابق يعلق على أحداث أوكرانيا: الغرب لن يهزم!

الأهداف السياسية الروسية لغزو كييف

يعتقد موخين، أن هدف الكرملين من غزو كلي لكييف، هو ضمان أن بيلاروسيا وأوكرانيا وجورجيا لن تنتمي أبدا إلى كتلة عسكرية أو اقتصادية غير تلك التي تسيطر عليها موسكو. وأن روسيا ستكون الراعي النهائي للسياسة الخارجية والأمنية للدول الثلاث.

وفي جوهر الهدف السياسي، يود الكرملين الإشارة إلى أن هذا الصراع يدور حول أنه لا يمكن للجمهوريات العرقية السابقة، بعد 30 عاما من انهيار الاتحاد السوفيتي، أن تعيش كدول مستقلة وذات سيادة، ولا يزال يتعين عليها الاعتراف بأن موسكو الوصي على سيادة الحكم السياسي لهذه الدول.

وظاهريا، ووفقا لموخين، فإن الطلب على منطقة نفوذ في أوروبا الشرقية وجنوب القوقاز هو تلبية للمصالح الأمنية الروسية. فصور الكرملين توسع الناتو إلى الشرق على أنه المعضلة الأساسية لسوء العلاقات الدولية مع الغرب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والتي يجب تصحيحها الآن.

وعلى الرغم من الحقائق والتفسيرات البديلة والمخاوف الأمنية للدول ذات السيادة المتساوية، تدعي موسكو أنه بدون هذه الضمانات، ستستخدم القوة العسكرية لحماية مصالحها الأمنية.

للقراءة أو الاستماع: هل اقترب التصعيد الروسي على أوكرانيا؟

الخيارات العسكرية الروسية

وتنبأ مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، بستة خيارات عسكرية محتملة على الأقل لدى الكرملين، ومن بين هذه الخيارات الستة، فإن الخيارين الأولين هما الأقل احتمالا لفرض عقوبات دولية كبيرة، لكن فرصتهما محدودة لتحقيق انفراجه في قضايا الناتو أو اتفاقيات مينسك بسبب طبيعتها القسرية.

فيما تجلب جميع الخيارات الأخرى عقوبات دولية كبيرة وصعوبات اقتصادية. وستؤدي إلى نتائج عكسية لهدف إضعاف الناتو أو فصل الولايات المتحدة عن التزاماتها تجاه الأمن الأوروبي. حيث بدت الخيارات كالآتي:

  1. إعادة نشر بعض قواتها البرية بعيدا عن الحدود الأوكرانية – مؤقتا على الأقل – إذا نجحت المفاوضات لكنها استمرت في مساعدة المتمردين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
  2. إرسال القوات الروسية التقليدية إلى منطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين “كقوات حفظ سلام” أحادية الجانب. ورفض سحبها حتى تنتهي محادثات السلام بنجاح وتوافق كييف على تنفيذ اتفاقيات مينسك.
  3. الاستيلاء على الأراضي الأوكرانية في أقصى الغرب مثل نهر دنيبر. لاستخدامها كورقة مساومة أو دمج هذه الأراضي الجديدة بالكامل في الاتحاد الروسي.
  4. الاستيلاء على الأراضي الأوكرانية حتى نهر دنيبر، والاستيلاء على حزام إضافي من الأرض (يشمل أوديسا). الذي يربط الأراضي الروسية بجمهورية ترانسدنيستريا الانفصالية ويفصل أوكرانيا عن أي منفذ إلى البحر الأسود. وهنا سوف يدمج الكرملين هذه الأراضي الجديدة في روسيا ويضمن بقاء الدويلة الأوكرانية وغير القابلة للحياة اقتصاديا.
  5. الاستيلاء فقط على حزام من الأرض بين روسيا وترانسدنيستريا (بما في ذلك ماريوبول وخيرسون وأوديسا). لتأمين إمدادات المياه العذبة لشبه جزيرة القرم ومنع وصول أوكرانيا إلى البحر، مع تجنب القتال الرئيسي حول كييف وخاركيف.
  6. الاستيلاء على كل أوكرانيا، والإعلان مع بيلاروسيا عن تشكيل اتحاد سلافي ثلاثي جديد للروس العظمى والصغيرة والبيضاء (الروس والأوكرانيون والبيلاروسيون).

للقراءة أو الاستماع: سوريون في أوكرانيا برعاية “فاغنر” الروسية 

هل اقترب التصعيد؟

ويرى المحلل السياسي الروسي، أن العلاقات بين موسكو ودول الغرب ستشهد توترا. ولا سيما بعد اندلاع الحرب التي باتت على وشك الاندلاع. فلا علامات في الأفق تشير إلى أن هنالك تفاهما دبلوماسيا سيوقف نار الحرب وخصوصا مع حشد جميع الأطراف لقواها العسكرية.

وحشدت موسكو مؤخراً أكثر من 100 ألف جندي قرب أوكرانيا، وتم نقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى القاعدة في أواخر عام 2021. قبل أن تختفي – بما في ذلك حوالي 700 دبابة وعربة قتال مشاة وقاذفات صواريخ باليستية.

وقال وزير الدفاع البولندي، ماريوش بلاشتاك، الخميس الفائت، إن طائرات أميركية إف-15 هبطت في قاعدة جوية بولندية. في الوقت الذي يعزز فيه حلف شمال الأطلسي وجوده العسكري عند خاصرته الشرقية. وسط توتر بشأن مواجهة بين أوكرانيا وروسيا.

ووصلت الطائرات مع انتشار المزيد من القوات الأميركية والبريطانية في بولندا، التي زارها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تعبيرا عن التضامن.

وغرد بلاشتاك على موقع تويتر: “وصلت مقاتلات إف-15 الأميركية إلى القاعدة الجوية في لاسك. وسوف تدعم الخاصرة الشرقية كجزء من مهمة الحماية الجوية لحلف شمال الأطلسي”. بينما لم يذكر وزير الدفاع عدد طائرات إف-15 التي هبطت في القاعدة. وقد أرسلت طائرات أميركية من الطراز نفسه إلى دول البلطيق.

وقال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، إن لندن قد ترسل مزيدا من القوات للمساعدة، في دعم حلفائها في شرق أوروبا إذا لزم الأمر، بعد الإعلان عن نشر 350 جنديا في بولندا يوم الاثنين الفائت.

كذلك وصلت قاذفات أميركية استراتيجية من طراز بي-52 إلى بريطانيا للمشاركة في مناورة “مخطط لها منذ فترة طويلة” مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي. وسط توتر بين الغرب وروسيا، حسبما أعلن سلاح الجو الأميركي في بيان.

ووصلت القاذفات التي لم يحدد عددها، من قاعدة مينوت الأميركية في داكوتا الشمالية. وهبطت في قاعدة فيرفورد الجوية البريطانية على بعد 150 كيلومترا غرب لندن. وفق ما ذكرت قيادة القوات الجوية الأميركية في أوروبا ومقرها ألمانيا.

وحتى اللحظة يراهن الخبراء على عدم نية الحكومة الروسية بدخولها الحرب. لإنها وفق تحليلاتهم ستكون باهظة الثمن، ومحفوفة بالمخاطر محليا، وعلى عكس عام 2008، ستجعل روسيا منبوذة تماما على المسرح الدولي. في حين ستكون المفاوضات حلا أنظف بكثير لجميع الأطراف المعنية، والحكومة الروسية تدرك ذلك جيدا.

للقراءة أو الاستماع: أوكرانيا.. قرع طبول الحرب واحتمالات التصعيد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.