في اجتماع للمجلس الأعلى للاتحاد، في دولة الإمارات، انتخب أمس السبت، بالإجماع محمد بن زايد آل نهيان رئيسا للبلاد، بعد يوم من وفاة أخيه الأكبر، الشيخ خليفة بن زايد، الذي كان رئيسا للبلاد منذ عام 2004، وتولى محمد بن زايد حكم البلاد مؤقتا منذ عام 2014، عندما أصيب أخوه رئيس الإمارات وحاكم أبو ظبي خليفة بجلطة دماغية.

خلال الفترة الأخيرة، شهدت العلاقات السورية الإماراتية تطورا ملحوظا، على عكس ما جرى منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، وسحب أبوظبي لسفيرها من دمشق أسوة بالبيت الخليجي، فقد جرى الإعلان عن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات في الثامن عشر من آذار/مارس الفائت، وهي أول زيارة يقوم بها الأسد منذ العام 2011 إلى بلد عربي، في أجواء غابت عنها البروتوكولات الرسمية. كما سبق الزيارة اتصالان بين حكومتي البلدين. فضلا عن زيارة عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق، ولكن مع تولي بن زايد لمقاليد الحكم، فما الشكل الذي ستكون عليه العلاقات بين البلدين؟

سوريا والإمارات في العهد الجديد

خارجة عن السرب الخليجي وفي تحد للتحذيرات الأميركية بإعادة العلاقات السياسية مع دمشق، استقبلت الإمارات على أراضيها في الـ18 من آذار/مارس الفائت، الرئيس السوري بشار الأسد، في زيارة أثارت الكثير من الجدل والتصريحات، فضلا عن غرابة الحدث المفاجئ والذي كان خارج التوقعات، رغم أن تقديرات محللين ذهبت للتقليل من أهمية وأثر الزيارة لأسباب عدة.

خبراء في الشأن السياسي، رأوا أن استقبال الأسد في أبو ظبي بدون بروتوكولات رسمية كان أمرا طبيعيا. نظرا لأن هذا هو العرف السائد في استقبال الزعماء القادمين من دول تندلع فيها الحروب. ولا علاقة له بأهمية الزيارة، بل يرتبط بالجانب الأمني، إذ يخشى الزعماء القادمون من مناطق الحروب عادة من قيام انقلابات داخلية ضدهم عندما يكونون خارج البلاد. لذلك تم الإعلان عن الزيارة بعد حصولها بيومين.

سبقت زيارة الأسد للإمارات بأشهر قليلة، زيارة قام بها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى تركيا، وصفها مراقبون بأنها “اختراق استراتيجي للعلاقة الصعبة والمعقدة بين البلدين”.

إلا أن لقاء الأسد جاء بعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، إلى موسكو في اليوم السابق، حيث التقى بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهنالك حث بوتين، الذي نشرت بلاده قواتها في سوريا عام 2015 لدعم الحكومة السورية، الدول العربية على تطبيع العلاقات مع دمشق.

زيارة الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة، كانت قيد الإعداد لفترة طويلة، وفقا لتحليل خبراء، لكن توقيتها له علاقة بالغزو الروسي على أوكرانيا، والاستئناف الوشيك على ما يبدو لخطة العمل الشاملة المشتركة- أو الاتفاقية النووية لعام 2015 – بين دول مجموعة 5 + 1 وإيران.

قرار الإمارات باستضافة الأسد، اعتبره محللون في الشأن الخليجي، يعكس “عدم الرضا عن السياسة الدولية الحالية مع سوريا”، مما دفع الإمارات إلى تولي زمام الأمور، إذ إن إعادة تأهيل الأسد تدخل في صميم اتفاقية استراتيجية روسية إماراتية تم توقيعها في 2019.

بن زايد نحو إعادة دمشق للجامعة العربية؟

بعد زيارة الأسد للإمارات، والتي سبقها إعادة فتح سفارتها في سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2018، وإرسال وزير خارجيتها إلى دمشق في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، “نشعر بخيبة أمل عميقة ومنزعجين من هذه المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية على بشار الأسد”.

باتت الإمارات، ولا سيما بعد أن تولى محمد بن زايد حكم البلاد مؤقتا، هي الفاعل الرئيسي في مجلس التعاون الخليجي الذي يعمل على تسريع إعادة اندماج دمشق في الحظيرة الدبلوماسية في العالم العربي، بعد سنوات من العزلة النسبية في المنطقة.

أوضحت الأستاذة المساعدة لسياسة الشرق الأوسط في جامعة نيويورك، مونيكا ماركس، أن أبو ظبي تنظر إلى واشنطن على أنها أولوية استراتيجية، وهي علاقة لا يمكن الاستغناء عنها، مضيفة “لا أعتقد أن الإماراتيين يحاولون استبدالها، لكنهم يحاولون تنويع محفظتهم بما يعود بالنفع عليهم، لتقديم مصالحهم الخاصة”.

وبفضل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، من بين عوامل أخرى، تتمتع الإمارات بقدر هائل من النفوذ، ومن المرجح أن يمكنها هذا النفوذ من مواصلة التحالف الوثيق مع روسيا فيما يتعلق بسوريا وليبيا والملفات الحساسة الأخرى في العالم العربي.

أما عن الوجه الآخر للعلاقة الجديدة بين محمد بن زايد وبشار الأسد، فيشير رجل الأعمال، منير الزعبي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن لدى كل من سوريا والإمارات العربية المتحدة أسباب اقتصادية لتحسين العلاقات مع بعضهما البعض، بالنظر إلى أن علاقات دمشق الاقتصادية مع روسيا وبيلاروسيا تعاني منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، بينما تحتاج الإمارات إلى تحسين العلاقات مع كل من سوريا وإيران لمساعدتها على ذلك، ولتقليل تعرضها للصراع والاستهداف من قبل الحوثيين في اليمن.

وأوضح الزعبي، أن قمة الجامعة العربية، المقرر عقدها في الجزائر، من المتوقع أن تنظر في إعادة مقعد سوريا في الجسد العربي، لا سيما وأن الرئيس الجزائري وخلال زيارته للقاهرة لمناقشة الوضع في سوريا، قال إنه يمكن أن يكون هناك تغيير في الوضع الراهن.

من هو الشيخ محمد بن زايد؟

محمد المولود في 11 آذار/مارس عام 1961، هو الابن الثالث للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي شغل منصب حاكم أبوظبي من عام 1966 إلى عام 2004 ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة من عام 1971 إلى عام 2004.

ويقول موقع حكومة الإمارات إنه “في سن الثامنة عشر من عمره، أتم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سنواته الدراسية بين مدينتي العين وأبوظبي”.

ويعد الشيخ محمد بن زايد، الرئيس الثالث لدولة الإمارات العربية المتحدة، وحاكم أبوظبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات. ويُنظر إليه على أنه القوة الدافعة وراء السياسة الخارجية التدخلية لدولة الإمارات.

في كانون الثاني/يناير 2014، عندما أصيب أخوه غير الشقيق خليفة، الرئيس السابق للإمارات، بجلطة دماغية، أصبح محمد الحاكم الفعلي لأبو ظبي، ويسيطر تقريبا على كل جانب من جوانب صنع السياسات في البلاد، إذ تم تكليفه بمعظم عمليات صنع القرار اليومية لإمارة أبوظبي بصفته ولي عهد أبو ظبي.

وصف الأكاديميون محمد، بأنه الزعيم القوي للنظام الإماراتي، وفي عام 2019، وصفته صحيفة “نيويورك تايمز”، بـ”أنه أقوى حاكم عربي وأحد أقوى الرجال على وجه الأرض”، كما تم تسميته كواحد من أكثر 100 شخص تأثيرا لعام 2019.

تخرّج من أكاديمية “ساندهيرست” العسكرية الملكية في المملكة المتحدة عام 1979، حيث تلقى تدريبه هناك على سلاح المدرعات والطيران العمودي والطيران التكتيكي والقوات المظلية وثم انضم إلى دورة الضباط التدريبية في إمارة الشارقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة