مرة أخرى، تخرج ذي قار في احتجاجات تتزامن مع درجات حرارة لاهبة، لتؤكد على أنها أم الاحتجاجات في العراق، ولا قوة تستطيع منعها وقمعها، منذ “ثورة العشرين”، وليس انتهاء بـ “انتفاضة تشرين”.

اليوم، شهدت مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، احتجاجات واسعة للآلاف من الخريجين والكسبة، احتجاجا على البطالة وعدم وجود فرص عمل لهم، وعدم شمولهم في قانون “الأمن الغذائي”.

وأغلق المحتجون 12 مؤسسة حكومية في ذي قار، وأحرقوا الإطارات في الشوارع، وكانت “بلدية الناصرية” و”مديرية تربية ذي قار” و”ديوان المحافظة”، من أهم المؤسسات التي تم إغلاقها.

الجهات المعنية لم تتمكن حتى الآن من احتواء الاحتجاجات، وهي قلقة من استمرارها وتمدد رقعتها، وفي حال عدم انتهائها، فإنه من المحتمل أن يتم تعطيل الدوام الرسمي في ذي قار، غدا الاثنين، حسب مصادر “الحل نت” الخاصة.

ذي قار لم تهدأ

كانت ذي قار هي الشرارة التي اندلعت منها “ثورة العشرين” ضد الاحتلال البريطاني للعراق في عام 1920، لتسفر فيما بعد عن خروج بريطانيا وتأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1921.

ذي قار أيضا، هي آخر محافظة عراقية انتهت فيها الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجت في “انتفاضة تشرين” في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 في بغداد والوسط والجنوب العراقي.

بعد انتهاء الانتفاضة التي استمرت 5 أشهر ونصف، تحديدا في 15 آذار/ مارس 2020، أبت ذي قار التراجع واستمرت لوحدها في الاحتجاج حتى منتصف عام 2021.

ومنذ منتصف 2021، تشهد ذي قار احتجاجات غاضبة بين الفينة والأخرى، نتيجة نقص الخدمات والبطالة والفساد السياسي، وآخرها اليوم؛ بسبب عدم شمول الخريجين في قانون “الأمن الغذائي”.

يذكر أن البرلمان العراقي، صوت في مطلع حزيران/ يونيو الحالي، على قانون “الأمن الغذائي”، وتم تشربعه بشكل رسمي، وتضمن ميزانية قدرها 25 ترليون دينار عراقي.

القانون تضمن تخصيص 15 ألف درجة وظيفية بصفة عقد لمحاضري وخريجي البكالوريوس، لمدة 3 سنوات، وبراتب شهري قيمته 300 ألف دينار عراقي.

ماهية القانون

العقود سيتم توزيعها بين 15 محافظة عراقية، أي باستثناء محافظات إقليم كردستان العراق، وذلك ضمن تخصيصات تنمية الأقاليم، وفق ما ورد في نص قانون “الأمن الغذائي”.

يعتمد قانون “الأمن الغذائي”، على الوفرة المالية المتحققة من ارتفاع أسعار النفط، وفق تصريح لعضو “اللجنة المالية”، ناظم الشبلاوي أدلى به في وقت سابق لوكالة الأنباء العراقية “واع”.

وفق الأسباب الموجبة للقانون، فإن النشريع هو “من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بالمستوى المعيشي لهم بعد انتهاء نفاذ قانون الموازنة، ناهيك عن خلق فرص العمل وتعظيم استفادة العراقيين من موارد الدولة، إضافة إلى دفع عجلة التنمية واستئناف العمل بالمشروعات المتوقفة والمتلكئة بسبب عدم التمويل، والسير بالمشروعات الجديدة”.

يجدر بالذكر أن رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، دعا في نيسان/ أبريل المنصرم، الكتل السياسية، إلى “الإسراع في التصويت على قانون “الأمن الغذائي” لعدم وجود موازنة ولتلبية التزامات الحكومة تجاه الشعب”، بحسبه.

وكان من المفترض، أن يشرع البرلمان السابق قانون موازنة عام 2022 المالية، لكن إجراء الانتخابات المبكرة، وعدم تشكيل حكومة جديدة بعد، منع تشريع الموازنة.

وجرى التفكير بقانون “الأمن الغذائي” كحل ومخرج لمأزق الموازنة، ليكون أشبه بقانون “موازنة مالية مصغر”، من أجل تمشية الأمور الضرورية وخاصة المعيشية المتوقفة على إقرار الموازنة المالية العراقية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.